دراسة جديدة لمركز الأهرام تتناول المرحلة الانتقالية في سوريا
صدر عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، دراسة تفصيلية عن المرحلة الانتقالية في سوريا، للباحث في شؤون الأمن الإقليمي محمد فوزي.
واعتبر الباحث في دراسته أن التطورات الأخيرة في سوريا تعد متغيراً شديد الأهمية على مستوى تموضع الفاعلين المسلحين من دون الدول في إطار المعادلات السياسية والأمنية في العالم، وخصوصاً في دول الأزمات، لا سيما وأن هذا المتغير جاء بعد 5 سنوات تقريباً من سيطرة حركة طالبان على مقاليد الحكم في أفغانستان.
وتناولت الدراسة العوامل البنيوية التي أدت إلى سقوط النظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد، خصوصاً ما يتعلق باستشراء الفساد في مؤسسات الدولة، وتحول سوريا إلى دولة منبوذة، وحالة الإنهاك الاقتصادي على وقع العقوبات بالإضافة إلى استنزاف الجيش الوطني السوري على مدار سنوات، وتراجع الدعم من قبل بعض حلفاء الأسد.
كذلك أشار الباحث إلى أن هيئة تحرير الشام والمجموعات المسلحة المتحالفة معها تبنت تغييرات تكتيكية وبراجماتية كبيرة، فضلاً عن تطوير استراتيجياتها العسكرية والقتالية، بالإضافة إلى بعض أوجه الدعم العسكري والدبلوماسي الذي حظيت به هذه الفصائل من بعض الأطراف.
ولفت "فوزي" في دراسته إلى أن الحرب في غزة وتداعياتها الإقليمية أثرت بشكل كبير على مجريات الأحداث في سوريا، والإطاحة بنظام الأسد، خصوصاً وأن الحرب كانت قد أنهكت الحليف الأقوى للنظام السوري السابق ممثلاً في حزب الله اللبناني، وقد كان لافتاً وفق "فوزي" أن عملية ردع العدوان التي أطاحت بالأسد انطلقت في نفس اليوم الذي وقع فيه حزب الله اللبناني اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل.
وذهب "فوزي" في دراسته إلى أنه غلب على تعامل الإدارة السورية الجديدة مع الملفات والتحديات الراهنة في سوريا مجموعة من السمات الرئيسية، والتي عبرت إجمالاً عن عدم القدرة بشكل كبير على تجاوز منطق الجماعة أو الفصيل المسلح والانتقال إلى منطق السلطة أو الدولة، ما تجسد في غلبت لون وطيف واحد على مفاصل الإدارة السورية الجديدة، واستحواذ قائد هذه الإدارة على صلاحيات واسعة ما دفع العديد من التقديرات إلى طرح تخوفات مرتبطة بإعادة إنتاج حكم الفرد في سوريا، كذلك كان هناك إشكالات كبيرة على مستوى تعامل هذه الإدارة مع ملف العدالة الانتقالية، والتعامل مع الأقليات العرقية المتنوعة في سوريا، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بالتموضع على المستوى الخارجي، وشكل التحالفات وأنماط التعاطي مع العديد من التهديدات المرتبطة بالعامل الخارجي على غرار التعامل مع الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للسيادة السورية.
ووفق الدراسة، فإنه وباستقراء الأوضاع في سوريا خلال المرحلة الانتقالية وفي ظل حكم الإدارة الحالية، برزت العديد من التهديدات التي جمعت بين عوامل عديدة، حيث طفا إلى السطح مجموعة من الأزمات المرتبطة بالإرث الذي خلفه حكم "البعث" في سوريا، فضلاً عن أزمات مرتبطة بالطابع العقائدي والدوجمائي للإدارة السورية الجديدة، بالإضافة لأزمات ذات طابع بنيوي مرتبطة بالحالة السورية نفسها على غرار أزمات الأقليات والعرقيات، ويُضاف إليها الأزمات المصاحبة للتدخلات الخارجية الإقليمية والدولية في الملف السوري، وهنا يبرز التحدي الإسرائيلي كأحد أبرز التهديدات التي تواجه الدولة السورية في الحقبة الحالية.
ويعد الباحث محمد فوزي واحداً من الباحثين الشباب الذين بزغوا في السنوات الأخيرة، سواءً من خلال تحليلاته المكتوبة أو ظهوره الإعلامي، إذ يركز على القضايا الأمنية في الشرق الأوسط، والتطورات في المنطقة العربية، وصدر له من قبل دراسات عديدة على غرار "تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على ظاهرة الإرهاب في العالم"، ودراسة "فاجنر نموذجاً: أبعاد تصاعد أدوار الشركات الأمنية الخاصة في النظام العالمي"، ودراسة "الجهاد الاقتصادي: أبعاد حضور العامل الاقتصادي لدى التنظيمات الإرهابية".