يناقش برلمان موريتانيا مجموعة من مشاريع القوانين التي تهدف – نظرياً – إلى تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد، وسط جدل واسع يشكك في مدى جدية هذه الخطوة، خاصة في ضوء الصيغة المثيرة للجدل التي جاءت بها بعض المواد.
الجلسة البرلمانية خُصصت لنقاش مشروع القانون رقم 25-009 المتعلق بمكافحة الفساد، ومشروع القانون رقم 25-010 الذي يعنى بالتصريح بالممتلكات والمصالح، وهما مشروعا قانونين يُفترض أن يشكلا ركيزتين أساسيتين في جهود بناء دولة القانون والمؤسسات، غير أن محتواهما أثار ردود فعل متباينة، سواء في الأوساط السياسية أو بين النخب القانونية والحقوقية.
وكان من اللافت أن مشروع القانون المتعلق بالتصريح بالممتلكات استثنى رئيس البرلمان والنواب من إلزامية التصريح، في وقت أدرج فيه مسؤولون آخرون وُصفوا بأنهم أقل نفوذاً ورتبة بروتوكولية ضمن الفئات الملزمة بالإفصاح. هذا التناقض أثار تساؤلات جوهرية حول المعايير المعتمدة، ومدى تماسك النصوص مع مبادئ العدالة والمساواة أمام القانون.
التأجيل السابق لنقاش هذه المشاريع من قبل مؤتمر الرؤساء في البرلمان، والذي تم في أبريل الماضي، عزز المخاوف من وجود تردد أو رغبة في تمرير النصوص دون توافق وطني، أو على الأقل دون إشراك جدي للرأي العام في نقاشها.
في ظل هذا السياق، تبدو معركة مكافحة الفساد في موريتانيا مهددة بأن تتحول إلى مجرد شعارات قانونية، ما لم تُراجع النصوص المقترحة بروح إصلاحية حقيقية، تُعلي من شأن المساءلة والمساواة، وتُبعد الاعتبارات السياسية والانتقائية عن أدوات محاربة الفساد. فهل يتمكن البرلمان من اغتنام هذه الفرصة لإثبات جديته في الإصلاح؟ أم أن الجدل القائم مجرد مقدمة لإقرار قوانين محصنة سياسياً؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.