السبت، 20 أبريل 2024 03:32 ص

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامى: قيم الإسلام تدعم تحالف الحضارات وضد صدامها وصراعها

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامى: قيم الإسلام تدعم تحالف الحضارات وضد صدامها وصراعها رابطة العالم الاسلامى
الأربعاء، 26 أكتوبر 2022 05:58 م
كتب إسماعيل رفعت

بحضور ناهز الـ3500 مدعو ووسط مخاوف من أزمات عالمية خطرة، وتهديدات تحولات سوء التفاهم وما ينشأ عنه من كراهية وعداء وحروب، شارك الأمين العام لرابطة العالم الإسلامى، رئيس هيئة علماء المسلمين، الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، باعتباره ممثلاً لجهود الدبلوماسية الإسلامية وإسهامات القيادة الدينية فى معالجة القضايا المعاصرة، فى الجلسة الافتتاحية لـ "الاجتماع الدولى المتنوع من أجل السلام"، إلى جانب رئيس الجمهورية الإيطالية سيرجيو ماتاريلا، ورئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، والذى تستضيفه العاصمة الإيطالية روما، بدعم الفاتيكان ومشاركة البابا، وكبار الزعماء الدينيين، وممثلى الشعوب والثقافات من جميع أنحاء العالم.

 

66672215-A4E8-4554-807D-FD92DEE1D69B

 
وكان الدكتور العيسى، أعلن مؤخراً عن إطلاق مبادرة عالمية ستعمل عليها رابطة العالم الإسلامى بكل إمكاناتها، بعنوان: "تعزيز الصداقة والتعاون بين الأمم والشعوب"، كما أعلن، باعتباره الرئيس المشارك لقمة الأديان لمجموعة العشرين، عن تأسيس منتدى "بناء الجُسور بين الشرق والغرب: من أجل عالمٍ أكثرَ تفاهماً وسلامًا، ومجتمعاتٍ أكثرَ تعايشًا ووئامًا"، تحت رئاسة مجموعة التواصل لقمة الأديان لمجموعة العشرين (R20)، مؤكداً أن المنتدى المُزمع إطلاقه سيكون جزءًا من مجموعة تواصُل الأديان لمجموعة العشرين، التى اعتمدتها مؤخرًا رئاسة (G20)، ليكون جزءاً من مجموعة (R20)، يُعنى بطرح القضايا المعاصرة الأكثر إلحاحاً فى مجالات اختصاصه.
 
وينعقد هذا الاجتماع الدولى بعنوان: "صرخة من أجل السلام"، ويشهد تغطية إعلامية عالمية واسعة النطاق، وحضوراً دولياً كبيراً ركَّز على القيادات الدينية والفكرية والمجتمعية البارزة حول العالم مع ضيفى شرف المؤتمر وهما الرئيسان الإيطالى والفرنسي.
 
 
0877C271-237A-447A-B054-3E4DBF0E7703
 
 
ويتضمن الاجتماع من أجل السلام أربعة عشر منتدى نقاشياً، تهدف إلى تحقيق التكامل بين الجهود، من أجل تأسيس بنية أقوى للحوار والصداقة بين الشعوب والثقافات، تسهم فى دعم رسالة السلام، وتعزز تأثيرها فى السياقات المعاصرة، فى ظل تهديدات معقدة متعددة.
 
وألقى رئيس الجمهورية الإيطالية  سيرجيو ماتاريلا كلمة الدولة المضيفة، رحب فيها ب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامى رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ د. محمد العيسى والمشاركين على منصة جلسة الافتتاح من القيادات الدينية للأديان الثلاثة، مؤكداً أن السلام عملية مستمرة وليس لحظة فى التاريخ؛ فالسلام يستلزم الشجاعة والإصرار والإرادة السياسية والالتزام الفردي.
 
وشدّد على الدور الأساسى للأديان وقادتها فى هذه العملية، مضيفاً: "ومن الصواب وجود احترامٍ متبادل بين المجتمعات الدينية المتعددة، واحترامٍ لكرامة كل فرد وكل شعب؛ فالأديان جزء من الحل من ناحية التعايش المشترك الأكثر تناغماً، مع التأكيد على مبدأ الأخوة، ومبدأ التضامن الذى يجب أن يُلهم النظام العالمي".
 
من جانبه ألقى د. العيسى كلمة تطرق فيها إلى وحدة الإنسانية فى الأصل والتكريم الإلهى حيث فضّل الخالق سبحانه الإنسان عن سائر الخلق، مؤكداً أن هذا التميّز الذى اختص الله البشر به لا يأتى دون مسؤوليات، بل إن الإنسان عليه اِلتزام إيمانى وأخلاقى حتمي.
 
وتابع: "عالمنا اليوم يسوده الصراع فى معارك مستمرة، يتصارع فيها إخوة تجمعهم مشتركات خاصة وعامة وكان حرياً أن يحضر صوت الحوار والحكمة بفاعلية وتأثير لمصلحة الجميع".
 
 
0877C271-237A-447A-B054-3E4DBF0E7703
 
 
وقال: قيم الإسلام تدعم تحالف الحضارات وضد أى أسلوب من أساليب صدامها وصراعها".
 
وشدّد على أن ابتعاد مُكوّنات عالمنا "بعضها عن بعض"، يُشكّل منطقة فراغ، تنشأ عنها أفكارٌ وتأويلات سلبية، ينتج عنها فى نهاية المطاف قناعات وقرارات قد تكون فادحة الخطورة والتعقيد. أما الحوارات الحكيمة والنوايا المخلصة والوعود الصادقة، مع قدر من التسامح المتبادل، فهذه لا تَحُول دون نشوب الصراعات فقط، بل ينشأ عنها ثقة وصداقة وتعاون وسلام مستدام.
 
وتساءل عن الدور الذى لا بُدّ أن يقوم به أتباع الأديان وغيرهم فى صنع السلام، وأجاب بأن الله كلف الإنسان مسؤولية عمارة الأرض وهذه تعنى القيام بما يجب من المحافظة على سلام عالمنا.
 
وتابع: "الإيمان الدينى عقيدة والانتماء الوطنى هوية والتزام، والقيام بعمارة الأرض والحفاظ عليها مسؤولية، والإحساس بهذه المسؤولية من واقعِ إيمانٍ وشعورٍ بالمساءلة أمام الخالق من أهم محفزات استدعاء المخاطر وتغليب منطق الحكمة والتسامح المتبادل ويدعم ذلك النوايا الصادقة والحوار المنطقى والفعال".
 
وكشف د. العيسى أن العالم قد عانى من مضاعفات محاولة التلاعب بالدِّين، وأن البشرية قد شهدت دماراً وهجماتٍ بشعة بسبب ذلك، مضيفاً "لقد قاسى العالم عبر تاريخه الطويل من مرارة الصراع بين بعض أتباع الأديان والحضارات، ومن تعميق الانقسامات التى تجاهلت الكثير من المشتركات باعتبارها كفيلةً لضمان سلام العالم ووئام مجتمعاته الوطنية. فالدِّين ليس مشكلة فى أصله كما يروج له البعض، وإنما المشكلة فى فهمه وتطبيقه. كما أن المشكلة أيضاً فى توظيفه وتحريف أهدافه النبيلة لمصالح مادية كثيراً ما تخرج عن الوصف الإنسانى والأخلاقي".
 
ورأى أن استغلال الدين هو أسوأ أشكال الاستغلال، حيث يتحدث الكذابون باسم الخالق سبحانه وتعالى ويُسَوِّقون لذلك أمام قطيعهم الذى لا يدرى ما هى الحقيقة بسبب الخداع والكذب. ودعا إلى إدراك أن البشر مختلفون ومتنوعون، وأن هذه هى الطبيعة الحتمية للحياة التى نشأت بإرادة إلهية، لذا فإن على البشر معرفة أن الإرادة الحكيمة للخالق لم تُرِد بهم شراً حينما جعلت هذا العالم متنوعاً، وأما من يمتلك الحقيقة فعليه أن يقدمها للآخرين فى قالب الإهداء والتلطف والمحبة.
 
وقال إن رابطة العالم الإسلامى -التى تتخذ من مكة المكرمة مقراً رئيساً لها- قد قطعت على نفسها وعداً بأن تحترم الجميع وتخدم الإنسانية، وأن تنشر الوعى بأهمية ضبط العواطف الدينية وجعلها أكثر استنارةً وحكمةً. إن هذا ينبع من إيماننا بأن فى الإنسان بذرة خير لا بد أن تظل حيةً فى الوجدان، وأن تَنشط فى الخارج بالأعمال الطيبة.
 
ثم ختم د. العيسى كلمته بالتأكيد على أن الجميع يريد السلام العالمى، ولا سلام إلا بالسلام الداخلى والتفاهم الحكيم والأخوي. وبهذا سيخرج العقلاء الحكماء منتصرين على أى اختراق لقيمهم المشتركة: "الدينية والوطنية والإنسانية".
 
رئيس الجمهورية الفرنسية  إيمانويل ماكرون، قال إن التحديات التى تواجهها أوروبا حالياً –وتعانى منها الكثير من المناطق الأخرى فى العالم– تدفع الجميع للتساؤل عن مدى ما يمكن للأديان فعله للحد من عواقب الحروب الحالية، ومنع وقوع حروبٍ مستقبلية.
 
وشدد الرئيس ماكرون على أن للأديان دوراً رئيساً فى نشر السلام، لكونها قادرةً على بناء نسيج المجتمع وتقوية الروابط بين الأفراد، وهذان الأمران بالغا الأهمية. "فالأديان وقادتها يستطيعون مقاومة حماقات عصرنا، من خلال عدم دعم أى مشروع سياسى يتضمن حرمان البشر من كرامتهم. إن الأديان هى وحدها القادرة على إبراء ذمة البشر"، والقيت بعد ذلك كلمة ممثلى بقية الأديان الثلاثة وختم بابا الفاتيكان المؤتمر بحديث تطرق لأهم محاوره، جدير بالذكر أن المؤتمر حضره كافة طوائف الديانات الثلاث والتنوع الثقافى والفكرى حول العالم، وتم اختيار أمين عام رابطة العالم الإسلامى رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور العيسى لإلقاء كلمة ممثلى الدين الإسلامي.

print