الإثنين، 06 أكتوبر 2025 03:59 م

سؤال برلمانى بشأن واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة "خنتى كا" بمنطقة آثار سقارة

سؤال برلمانى بشأن واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة "خنتى كا" بمنطقة آثار سقارة النائبة مها عبد الناصر
الإثنين، 06 أكتوبر 2025 01:00 م
سمر سلامة

تقدمت الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى بطلب إحاطة موجه لكل من: رئيس مجلس الوزراء، ووزير السياحة والأثار، بشأن واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة "خنتى كا" بمنطقة آثار سقارة بمحافظة الجيزة.

أكدت النائبة أن التراث الأثرى المصرى يمثل ثروة قومية وإنسانية لا تقدر بثمن، وهو الركيزة الأساسية للهوية الوطنية ومصدر فخر للمصريين جميعًا أمام العالم، والحفاظ عليه واجب وطنى وأمانة تاريخية، وأى تقصير أو تهاون فى صونه يعد إخلالًا خطيرًا بمسؤولية الدولة تجاه حاضرها ومستقبلها.

وفى هذا السياق، أصدرت وزارة السياحة والآثار بيانًا رسميًا بشأن ما تم تداوله عبر عدد من المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الإجتماعى حول اختفاء لوحة أثرية من الحجر الجيرى من مقبرة “خنتى كا” بمنطقة آثار سقارة، حيث أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وإحالة الواقعة إلى النيابة العامة للتحقيق، وتشكيل لجنة أثرية لجرد محتويات المقبرة والتحقق من القطع الموجودة بها.

وأكدت عبد الناصر أن هذه الواقعة تثير العديد من التساؤلات الجوهرية التى لا يمكن التغاضى عنها، فى مقدمتها كيف يمكن أن تختفى قطعة أثرية من موقع مغلق منذ عام 2019 يُستخدم كمخزن للآثار منذ خمسينيات القرن الماضي؟ وأين كانت منظومة التأمين والمتابعة خلال هذه الفترة؟ ولماذا لم يُكتشف الأمر إلا بعد أن تم تداوله إعلاميًا؟ إن وقوع مثل هذه الحوادث داخل مواقع أثرية مغلقة وتحت إشراف مباشر من المجلس الأعلى للآثار يشير إلى خلل مؤسسى فى الرقابة والتأمين، ويستدعى وقفة حازمة لإعادة تقييم الإجراءات الداخلية والإدارية داخل الوزارة والمجلس الأعلى للآثار.

كما أكدت أيضا أن خطورة ذلك الأمر تتضاعف بالنظر إلى أن الواقعة ليست الأولى من نوعها خلال فترة قصيرة، إذ سبقها منذ أسابيع قليلة حادثة سرقة إسوارة أثرية من داخل معمل ترميم المتحف المصرى بالتحرير، وهو المكان الذى يُفترض أنه الأعلى تأمينًا والأكثر خضوعًا للمراقبة المستمرة.إن تكرار هذه الحوادث فى فترات متقاربة يعكس وجود ثغرات هيكلية فى منظومة الحماية والإشراف، ويدعو إلى التساؤل حول مدى فاعلية أنظمة المتابعة الداخلية ومدى التزامها بالمعايير الأمنية والإدارية المتعارف عليها فى المؤسسات المتحفية العالمية.

وأشارت عبد الناصر إلى أن هذه الوقائع تأتى فى وقت تعلن فيه وزارة السياحة والآثار عن تنفيذ خطط للتحول الرقمى الشامل فى إدارة المواقع والمتاحف والمخازن الأثرية، الأمر الذى يفرض تساؤلًا مشروعًا حول مدى واقعية هذا التحول وجدواه، إذ إن غياب قاعدة بيانات رقمية موحدة تضم جميع القطع الأثرية وتتابع حركتها منذ اكتشافها وحتى عرضها أو تخزينها، يجعل الحديث عن الرقمنة مجرد شعارات لا تعكس الواقع.إن الرقمنة ليست رفاهية إدارية بل أداة أساسية للرقابة والشفافية، وأى تأخير فى تطبيقها يفتح الباب أمام الفقد والعبث والسرقة دون إمكانية التتبع أو المساءلة.

كما أشارت أيضًا، إلى أن غياب الشفافية فى إعلان نتائج التحقيقات السابقة يثير قلقًا واسعًا، ويضعف ثقة المواطنين فى قدرة الوزارة على حماية التراث القومي، فالمواطن المصري، الذى يعتبر الآثار جزءًا من ذاته وهويته، من حقه أن يعرف ماذا يحدث داخل المؤسسات المسؤولة عن حفظ إرث أجداده، ومن واجب الدولة أن ترد بوضوح وتتحمل مسؤوليتها أمام الشعب والبرلمان.

وأوضحت النائبة المصرى أن هذه الوقائع المتكررة لم تعد حوادث فردية، بل مؤشر خطير على قصور مؤسسى يتطلب إعادة النظر فى البنية الإدارية والأمنية للمنظومة الأثرية برمتها، حيث أن المطلوب اليوم ليس فقط تحقيقًا فى واقعة هنا أو هناك، بل إصلاحًا جذريًا يبدأ من إعادة هيكلة منظومة التأمين والحصر الرقمي، وتدريب الكوادر البشرية، ووضع آليات رقابة فاعلة على مدار الساعة، بحيث تُرصد أى حركة غير مأذون بها لأى قطعة أثرية فورًا، وتُوثق جميع البيانات إلكترونيًا بشكل لا يقبل التلاعب أو التراخي.

كما شددت على ضرورة تفعيل مبدأ الردع العام كأداة أساسية لحماية التراث الأثري، فالردع لا يتحقق إلا من خلال وضوح العقوبة وسرعة تطبيقها وإعلان نتائجها للرأى العام.إن الصمت أو التباطؤ فى المحاسبة يشجع على التكرار، بينما الحزم والشفافية يخلقان وعيًا عامًا بأن أى تقصير أو تجاوز فى هذا المجال سيواجه بإجراءات صارمة لا تهاون فيها.إن الردع العام هو الضمان الحقيقى لصيانة التراث الوطني، لأنه يرسخ فى أذهان الجميع أن مسؤولية حماية الآثار ليست عملًا روتينيًا، بل واجب وطنى مقدس.

وقالت النائبة: "إن مصر التى تمتلك ثلث آثار العالم، لا يجوز أن تكون عرضة لحوادث متكررة بهذا الشكل، فهذه القطع ليست مجرد حجارة أو تحف فنية، بل شواهد على تاريخ الإنسانية بأكملها.وحماية هذا التاريخ مسؤولية وطنية تتطلب إرادة سياسية قوية، وإدارة مؤسسية منضبطة، وتشريعات حازمة تغلظ العقوبات وتغلق كل الثغرات المحتملة".

وتابعت: "فالحفاظ على الآثار المصرية هو حفاظ على سمعة الدولة وهيبتها أمام العالم، والتهاون فى ذلك يضر بمكانة مصر الدولية ويضعف ثقة المجتمع الدولى فى منظومة حمايتها للتراث الإنسانى".

واختتمت الدكتورة مها عبد الناصر طلب الإحاطة مُطالبة الحكومة بتوضيح الإجراءات المتخذة للتحقيق فى الواقعتين المشار إليهما، وبيان خطة الوزارة لتأمين المواقع والمتاحف والمخازن الأثرية على مستوى الجمهورية، وتوضيح الخطوات التنفيذية لمشروع الرقمنة الشاملة لقواعد بيانات القطع الأثرية، مع تحديد الجدول الزمنى للتنفيذ، وآليات المتابعة والمساءلة.

كما طالبت أيضًا بضرورة تفعيل الردع العام وتطبيق العقوبات الرادعة بحق كل من يثبت تورطه فى إهمال أو عبث أو سرقة تتعلق بالآثار، تحقيقًا للانضباط ومنعًا لتفاقم هذه الظاهرة التى تهدد تراث الأمة المصرية وهويتها التاريخية.


الأكثر قراءة



print