شهدت الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، المنعقدة اليوم الاثنين خلال مناقشة الدراسة المقدمة من الدكتور هانى سرى الدين بشأن الأثر التشريعى لبعض مواد قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، تأييد برلمانى التعديلات المقترحة لتعزيز مناخ الاستثمار، وتفعيل أدوات العدالة الناجزة، ومعالجة القصور فى آليات تنفيذ أحكام التحكيم، إلى جانب المطالبة بجهة رقابية تشرف على مراكز التحكيم الخاصة، وتضمن التزامها بالمعايير القانونية.
وفى هذا السياق، طالب الدكتور نبيل دعبس، رئيس لجنة التعليم والبحث العلمى والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس الشيوخ، بتشكيل لجنة متخصصة تتولى دراسة الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف أو النقض فى القضايا المتعلقة بالعقود التجارية والنزاعات المالية والاستثمارية، بهدف تسريع حسم الخلافات، على أن تكون قرارات هذه اللجنة نهائية وملزمة.
وقال دعبس إن العقود التجارية والاستثمارية غالبا ما تنص على اختصاص محاكم معينة بنظر النزاعات، وفى الواقع العملى، تكون أحكام هذه المحاكم شبه نهائية، حيث تقتصر درجات الاستئناف أو الطعن بالنقض على الجوانب الإجرائية فقط، وليس على موضوع النزاع ذاته.
وفى سياق متصل، دعا النائب إلى نشر قوائم بالمراكز المتخصصة ذات الخبرة فى قضايا التحكيم بمختلف المجالات، لتيسير الأمر على المتقاضين وتسهيل اختيار الجهات المؤهلة للفصل فى النزاعات، بما يحقق الشفافية والسرعة فى حسم القضايا
من جانبه، أكد النائب طارق عبد العزيز، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد بمجلس الشيوخ، أن مناقشة الأثر التشريعى لقانون التحكيم تُعد بمثابة تحريك للمياه الراكدة، مشدداً على أن السرعة فى إنجاز قضايا التحكيم أصبحت فرض عين لا يحتمل التأجيل، لاسيما فى ظل ما تواجهه المنظومة من معوقات وتباطؤ أثّر سلبًا على سمعة التحكيم المصرى.
وقال طارق عبد العزيز، إن تحقيق العدالة بين الأطراف المتنازعة لا يقل أهمية عن سرعة الفصل، لافتاً إلى أن أحكام التحكيم نهائية ما يستوجب إحاطتها بضمانات قانونية وإجرائية واضحة تحمى حقوق جميع الأطراف وتدعم مصداقية التحكيم.
وانتقد عبد العزيز، توجه بعض التعديلات المقترحة لإسناد النظر فى دعاوى التحكيم إلى محكمة النقض، التى تنظر بالفعل عدد ضخم من القضايا، متسائلًا: "كيف تسند إليها دعاوى ابتدائية، وهى محكمة تنظر فى الأصل كجهة طعن وليس كدرجة أولى".
وشدد رئيس برلمانية الوفد على أن العدالة ليست مجرد سرعة فى الفصل، بل تحتاج إلى قواعد رقابية، قائلا : " بحاجة إلى جهة رقابية تشرف على مراكز التحكيم، لأن بعضها أصبح عائقًا أمام تحقيق العدالة، ولدينا نماذج كثيرة لذلك، من يسيء للتحكيم يُسيء لمصر".
بدوره، أكد النائب طارق رسلان، نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المؤتمر بمجلس الشيوخ، أن توجه الدولة المصرية فى ظل الجمهورية الجديدة، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، يضع جذب الاستثمارات الدولية فى صدارة الأولويات، ما يستوجب توفير بيئة قانونية محفزة وآمنة للمستثمرين.
وأشار رسلان إلى وجود تخوفات حقيقية لدى بعض المستثمرين بشأن فعالية تنفيذ الأحكام الصادرة عن هيئات التحكيم، وهو ما يتطلب إصلاحات جادة تسهم فى تعزيز ثقتهم واستقرار تعاملاتهم داخل السوق المصرى.
وفى ختام كلمته، أعلن النائب موافقة حزب المؤتمر على ما خلصت إليه الدراسة من توصيات، مشددًا على دعم الحزب الكامل لـ تقليص مدد التقاضى وتسريع إجراءات التحكيم، باعتبارها خطوة ضرورية لتحسين مناخ الاستثمار فى مصر.
فى السياق ذاته، أعلن المستشار فرج حافظ الدرى، عضو مجلس الشيوخ، تأييده الكامل لما خلصت إليه الدراسة المقدمة بشأن الأثر التشريعى للمادتين (3) و(9) من قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994، مؤكدًا أن المشروع المقترح يُسهم فى تحسين مناخ الاستثمار وترسيخ العدالة الناجزة، ومعالجة أبرز العقبات المتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم.
وثمن المستشار فرج الدرى الجهد المبذول من اللجنة، مشيدًا برئاسة الدكتور هانى سرى الدين، وبما تضمنه التقرير من رؤية قانونية دقيقة، تواكب متطلبات المرحلة، وتستهدف تعزيز الثقة فى منظومة التحكيم كإحدى أدوات تسوية المنازعات بعيدًا عن تعقيدات التقاضى التقليدى.
كما أشاد الدرى بترحيب المجلس بوزير العدل المستشار عدنان الفنجرى، مؤكداً ثقته الكاملة فى ما يتمتع به من كفاءة ونزاهة وخبرة طويلة فى مختلف المناصب القضائية، والتى جعلت منه محل ثقة القيادة السياسية.
وفيما يخص مضمون التعديلات، أشار المستشار فرج الدرى إلى أهمية حصر منح الصيغة التنفيذية لأحكام التحكيم فى محكمة استئناف القاهرة، لما تتمتع به من خبرات قضائية متخصصة، وكذلك النص على جواز الطعن أمام محكمة النقض، مما يضمن الشفافية ويعزز الثقة فى إجراءات التحكيم.
وفى ختام كلمته، أعلن المستشار فرج الدرى موافقته على تقرير اللجنة من حيث المبدأ، داعيًا إلى استكمال الجهود التشريعية بما يحقق الغايات المرجوة ويعزز موقع مصر كمركز إقليمى للتحكيم والاستثمار.