في خطوة مهمة تعكس إصرار الدولة على تحديث سياساتها المالية وتطوير مناخ الاستثمار، أعلنت الحكومة إطلاق الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية التي تمثل تحولًا نوعيًا في منهج الإدارة الضريبية، وتؤسس لمرحلة جديدة من الشفافية وبناء الثقة مع القطاع الخاص.
وتؤكد تصريحات عدد من النواب والسياسيين على أن هذه الحزمة لا تستهدف فقط تخفيف الأعباء على الممولين، بل تسعى لخلق بيئة اقتصادية أكثر مرونة، وتعزيز نشاط الشركات، وتوجيه الاستثمار نحو مسارات أكثر ديناميكية وقدرة على دعم الإنتاج والتشغيل.
وتكشف الحزمة أيضا عن إرادة سياسية واضحة لتوسيع قاعدة الاقتصاد الرسمي، وتسهيل الإجراءات، واعتماد أدوات تحفيزية حديثة تشجع الالتزام وتدفع عجلة النمو.
التسهيلات الضريبية الجديدة خطوة جريئة لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وفتح آفاقا واسعة للنمو
وفي هذا السياق أكد الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، أن الحزمة الثانية للتسهيلات الضريبية التي أعلنتها وزارة المالية تمثل خطوة استراتيجية تعكس وعي الدولة بضرورة تطوير منظومة السياسات المالية بما يتماشى مع التغيرات الاقتصادية العالمية، مشيرا إلى أن هذه الحزمة بمثابة تحولا نوعيا في فلسفة التعامل مع المستثمرين والممولين، فضلا عن دورها في الترسيخ لمرحلة جديدة من بناء الثقة بين الدولة والقطاع الخاص.
وقال «محسب» إن طرح الحزمة للحوار المجتمعي قبل اعتمادها يُعد مؤشرا قويا على رغبة الحكومة في إشراك مجتمع الأعمال في صياغة سياسات تمس مصالحه المباشرة، وهو ما يحقق أحد أهم مبادئ الإصلاح الاقتصادي الشامل، وهو صنع القرار القائم على المشاركة، مؤكدا أن هذه الخطوة وحدها كافية لإحداث نقلة في مناخ الاستثمار، لأنها تعطي رسالة واضحة بأن الدولة تستمع وتستجيب وتبني سياساتها بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن أبرز ما يميز الحزمة الجديدة هو توجهها نحو دعم الشركات الملتزمة عبر إنشاء "قائمة بيضاء" و"كارت تميز" ، وهي أدوات تعكس نهجا حديثا في الإدارة الضريبية، يقوم على التحفيز بدلا من العقاب، وعلى التمييز الإيجابي للملتزمين بدلا من المعاملة المتساوية التي كانت تُضعف روح الامتثال الضريبي، معتبرا أن التعهد برد ضريبة القيمة المضافة خلال أسبوع واحد للمنضمين للقائمة البيضاء سيُحدث انفراجة حقيقية في السيولة داخل الشركات، وهو ما يؤثر مباشرة على توسعاتها وقدرتها الإنتاجية.
وأكد «محسب» أن الحزمة الجديدة تخدم هدفا اقتصاديا أوسع يتعلق بتوسيع القاعدة الضريبية دون فرض أعباء جديدة، من خلال دمج الاقتصاد غير الرسمي وتحفيز رواد الأعمال على الدخول طوعا في المنظومة الضريبية، خاصة في ظل التسهيلات التي تتعلق بإصدار بطاقة ضريبية مؤقتة خلال أربعة أشهر، وتبسيط إجراءات تأسيس الشركات، وإطلاق منصة إلكترونية للمشورة الضريبية.
وفيما يتعلق بالبورصة، أوضح «محسب»، أن التحول من ضريبة الأرباح الرأسمالية إلى ضريبة الدمغة خطوة مدروسة تعالج أحد أهم أسباب ضعف السيولة في السوق، وتعيد البورصة المصرية للمسار الصحيح كأداة تمويل رئيسية للاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى أن منح الشركات المقيدة حوافز ضريبية لمدة ثلاث سنوات سيشجع المزيد من الكيانات على الطرح وزيادة رؤوس أموالها، ما يخلق دورة إنتاج واستثمار أكثر ديناميكية.
وأشار إلى أن تخفيض ضريبة القيمة المضافة على الأجهزة الطبية وإعفاء مستلزمات الغسيل الكلوي يعكس رؤية اجتماعية موازية للرؤية الاقتصادية، حيث تذهب الحكومة في اتجاه دعم القطاعات الحيوية وتقليل تكاليف العلاج على المواطنين، إلى جانب دعم الصناعة الطبية كأحد القطاعات الواعدة، لافتا إلى أن الإجراءات الخاصة بتجارة الترانزيت وإعفاء السلع العابرة من ضريبة القيمة المضافة أيضا ستعزز تنافسية الموانئ المصرية وتضاعف العائد اللوجستي، وهو ما ينعكس على موقع مصر كمركز إقليمي لحركة التجارة.
وشدد الدكتور أيمن محسب، على أن الحزمة الثانية للتسهيلات الضريبية بمثابة رسالة سياسية واقتصادية بأن الدولة ماضية في تحديث بنيتها المالية، وتبسيط الإجراءات، وجذب رؤوس الأموال، وتحقيق التوازن بين العدالة الضريبية والنمو الاقتصادي، مؤكدا أن هذه الخطوة ستكون لها انعكاسات مباشرة على معدلات الاستثمار والتشغيل، وستدفع الاقتصاد الوطني نحو مرحلة أكثر استقرارا وازدهارا خلال السنوات المقبلة.
"القائمة البيضاء" و'كارت التميز" نقلة نوعية في فلسفة التحفيز الضريبي
ومن جانبه أكد المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ، أن الحزمة الثانية للتسهيلات الضريبية التي أعلنها وزير المالية أحمد كجوك طيب تمثل خطوة جوهرية في مسار الإصلاح الاقتصادي، وتعكس رؤية الدولة نحو بناء بيئة ضريبية أكثر مرونة وعدالة، بما يدعم الاستثمار ويعزز قدرات الاقتصاد الوطني على تجاوز التحديات الراهنة، موضحا أن ما تضمنته الحزمة يعكس إدراكا واضحا لاحتياجات مجتمع الأعمال، وحرصا من القيادة السياسية على تهيئة مناخ جاذب للمستثمرين، يقوم على الشفافية، وتبسيط الإجراءات، وتحفيز الممولين الملتزمين.
وقال"الجندي" ، إن أهم ما يميز الحزمة الجديدة هو توسيع نطاق الشراكة بين الدولة والمجتمع الضريبي، وفتح باب الحوار المجتمعي حول بنودها قبل إقرارها، وهي خطوة تعكس تحولا كبيرا في منهجية إدارة السياسات الضريبية، إذ لم تعد اللوائح تصدر بمعزل عن أصحاب المصلحة، وإنما تُبنى وفق احتياجات ورؤى القطاع الخاص، بما يرسخ مبادئ الشفافية ويعزز بناء الثقة، لافتا إلى أن تخصيص قائمة بيضاء وكارت تميز للممولين الملتزمين يمثل نقلة نوعية في فلسفة التحفيز الضريبي، لأن منح امتيازات حقيقية للفئات الأكثر التزاما سيُحدث فارقا ملموسا في مستوى الانضباط الضريبي، وسيشجع الشركات والأفراد على الانتظام في السداد، خاصة في ظل التعهد برد ضريبة القيمة المضافة خلال أسبوع واحد للمنضمين إلى القائمة البيضاء، وهو ما يسهم في تعزيز السيولة داخل الشركات، ويضع حدا لمشكلة تأخر الرد، التي كانت تمثل عبئا كبيرا على مجتمع الأعمال.
وأضاف عضو مجلس الشيوخ، أن قرار الانتقال من ضريبة الأرباح الرأسمالية إلى ضريبة الدمغة أيضا خطوة بالغة الأهمية لدعم البورصة المصرية وتعزيز نشاط التداول، نظرا لكون الضريبة المقترحة أكثر بساطة وأقل عبئا على المستثمرين، فضلا عن منح حوافز ضريبية للشركات المقيدة بالبورصة لمدة ثلاث سنوات يبرهن على توجه الدولة لدعم الاستثمار المؤسسي، وضمان وجود سوق قادر على جذب استثمارات محلية وأجنبية، مضيفا أن الإجراءات المتعلقة بتسهيل تأسيس الشركات ومنها إصدار بطاقة ضريبية مؤقتة لمدة أربعة أشهر ستساهم أيضا في معالجة واحدة من أكبر التحديات التي تواجه رواد الأعمال، وتفتح الباب أمام توسع الشركات الصغيرة والمتوسطة، فيما يعزز إطلاق منصة إلكترونية للمشورة الضريبية من مبادئ الشفافية والمسؤولية المشتركة بين الدولة والممولين.
وأشاد المهندس حازم الجندي بالقرارات الخاصة بتخفيض ضريبة القيمة المضافة على الأجهزة الطبية وإعفاء مستلزمات الغسيل الكلوي منها، حيث يمثل ذلك دعما مباشرا للقطاع الصحي، بما يساهم في تخفف تكاليف تقديم الخدمة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، مشددا على أن الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية تجسد رسالة ثقة من الدولة إلى مجتمع الأعمال بأنها شريك في التنمية، وأن الإصلاح الاقتصادي يسير في اتجاه واضح نحو التيسير والتحفيز ودعم النمو، بما ينعكس إيجابا على عجلة الاستثمار وفرص العمل والتنمية الشاملة.
التسهيلات الضريبية الجديدة تعيد رسم خريطة الاستثمار في مصر
وفي ذات الصدد، قال اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر أستاذ العلوم السياسية، إن إطلاق الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية التي أعلنتها وزارة المالية يعكس التزام الدولة الواضح بتنفيذ توجيهات القيادة السياسية الرامية إلى تخفيف الأعباء عن المواطنين و الممولين، وتوفير بيئة اقتصادية أكثر مرونة وقدرة على دعم النشاط الإنتاجي والاستثماري خلال المرحلة الراهنة مشيرا إلى أن هذا التحرك يعكس إدراكا حقيقيا لأهمية تحديث الإدارة الضريبية بوصفها أحد المفاتيح الأساسية لدعم الاستثمار وتحفيز النشاط الاقتصادي.
وأشار فرحات إلى أن أهمية الحزمة الجديدة جزءا من رؤية أشمل تعتمد على بناء علاقة أكثر توازنا بين الدولة و الممول، تقوم على المصالحة، وإنهاء التشوهات القديمة، ووضع آليات واضحة وشفافة للتعامل الضريبي و هذا التوجه يبعث برسالة طمأنة لكل من يعمل داخل السوق المصري، مفادها أن الدولة تستهدف بيئة اقتصادية مستقرة وقابلة للتنبؤ، وهو ما يعد من أهم عوامل جذب الاستثمارات.
وأكد نائب رئيس حزب المؤتمر أن الحزمة تدعم فلسفة الحكومة في توسيع قاعدة الاقتصاد الرسمي، من خلال تشجيع الأفراد والمنشآت على تسوية ملفاتهم والاندماج في المنظومة القانونية، وهو ما ينعكس على زيادة حجم الاقتصاد الكلي ورفع قدرة الدولة على التخطيط المالي الدقيق و هذا النهج يسهم أيضا في تقليل فجوة الثقة القديمة بين الممول ومصلحة الضرائب، واستبدالها بتعاون قائم على الوضوح والمسؤولية المشتركة.
وأوضح فرحات أن هذه الخطوات ستحدث تأثيرا مباشرا على مناخ الاستثمار، لأنها تزيل العديد من العوائق الإجرائية التي كانت تشكل عبئا على المستثمرين، وتحد من سرعة توسعهم مشددا على أن أي إصلاح اقتصادي حقيقي لا يكتمل دون وضع نظام ضريبي سهل الفهم، خال من التعقيدات، ويعتمد على التكنولوجيا الحديثة في إدارة البيانات، وهو ما بدأت الدولة بالفعل في تنفيذه.
وأضاف أن إطلاق الحزمة الثانية يؤكد وجود إرادة سياسية واضحة لتهيئة مناخ اقتصادي قادر على استيعاب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتوفير بيئة تنافسية عادلة كما يعكس التزام الحكومة بتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، بوصفه شريكا أساسيا في عملية النمو، وليس مجرد ممول للخزانة العامة، داعيا إلى استمرار تطوير التشريعات والإجراءات المرتبطة بها، وتوسيع قنوات التواصل مع مجتمع الأعمال، لضمان تحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه القرارات، بما يخدم الاقتصاد الوطني ويعزز مسار التنمية خلال الفترة المقبلة.