الحاجة ربيعة - الأم المسنة المعتدى عليها
قالوا في الأثر: "أن أبا هريرة لم يكن يحُج حتى ماتت أمه، لصُحبتها".. هذا ما تعلمناه بشأن بر الوالدين، وبالأخص بر الأمهات، وفى سورة الأسراء أية "23"، قال الله تعالى: "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا"، وفى الحديث النبوى قال رسول الله: قال رسول الله: "خاب وخسر من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ولم يدخل الجنة"، وغيرها الكثير والكثير من الأحاديث والروايات التي تحُث وتوصى الإنسان بـ"بر والديه"، وهكذا هو حال كل الشرائع السماوية وغير السماوية توصى بـ"بر الوالدين".
كتب التراث في حقيقة الأمر تحمل لنا وما نسمعه في الواقع المعاش الكثير من القصص التي تتحدث وتُسهب – قدر المستطاع - في تصوير "حنان الأم"، وتعظم تضحياتها من أجل أن يكبر أبناؤها ويترعرعون في خير عيش، وفى حياة أفضل، كما تحمل لنا بالمقابل قصصاً أخرى عن أبناء قابلوا هذا الحنان بالعقوق، وفضلوا شهواتهم وغرائزهم على أمهاتهم، وبلغ بهم الأمر إلى حد الإيذاء الجسدى، حيث أصبحنا نسمع عن أم يضربها ولدها بالأسلاك، وأخرى يسبب لها نزيفاً داخلياً وابن يستغفل والدته لدار المسنين.. هذا هو قلب الأم، ولكن الغلظة والعتو والعقوق قد تجعل من الولد حيواناً بل وحشاً كاسراً ينتفض على أمه مُقدماً ومُفضلاً غرائزهُ على من بيدها جنة السماوات والأرض، وهنا نضع بين أيديكم واحدة من القصص والمآسى التي تشيب لها الرؤوس وتقشعر منها الأبدان لإبن عاق استحلى الاعتداء على مقام الأمومة.
السيدة المعتدى عليها
مقابلة "بر الأم" لولدها بالجحود والنكران
لاقت الحاجة "ربيعة. أ"، 70 عاماً، الآمرين من ابنها العاق "مصطفى. ع"، 35 سنة، الذي وقع في فخ المخدرات بسبب أصدقاء السوء، ورغم محاولات أهله لعلاجه وإبعاده عن هذا الطريق؛ إلا أنه فضل طريق الإدمان على طريق الاستقامة؛ فأصبح يمثل خطراً على كل من حوله، ووصل به الحال إلى سرقة أمه والتعدي عليها بالضرب والخنق أكثر من مرة؛ ليأخذ منها معاشها الذي تعيش منه وتشتري منه علاجها، هذه السيدة التي تبلغ من العمر 70 عاما، وقد أفنت حياتها في تربية أولادها وتعليمهم، ومع هذا قابل هذا الابن العاق إحسانها بجحود ونكران، رغم أن أمه ساعدته في الزواج، واشترت له شقة، وتزوج وأنجب طفلا، وبعد 5 سنوات من الزواج قامت زوجته بخلعه؛ بسسب تعاطيه للمخدرات، وعدم الإنفاق على البيت، وهو يريد الانتقام منها هي الأخرى.
ورغم أن هذه الأم المُسنة المغلوبة على أمرها تركت لهذا الإبن العاق شقتها مبتعدة عن مشاكله، وقامت بتأجير شقة في منطقة أخرى، إلا أنه لم يتركها ولم يرحمها، وظل يتردد عليها في مسكنها الجديد ليحصل على المال ليشتري به هذا السم، ولما رفضت اعتدى عليها بالضرب، وأحدث لها كدمات خطيرة في الوجه والعينين والرقبة، وتركها على هذه الحالة يوماً كاملاً، وقام بالهرب، ولولا تدخل الأهل والجيران الذين قاموا بسرعة التدخل، وذهبوا بها إلى المستشفى وهي فاقدة الوعي تماماً، وتعاني من صدمة نفسية كبيرة بسبب ما رأته من جحود وقسوة من ابنها الوحيد، الذي جحد فضلها، وأنكر كل ما قدمته له من رعاية وتربية.
"الأم" تطالب بضرورة القبض على نجلها
وفى تلك الأثناء - تم تحرير محضر بقسم الجمالية برقم 8056 إدارى الجمالية، وعمل تقرير طبي بالمستشفى بـ21 يوماً - وحتى الآن - لم يتم ضبط المجرم، وهو يمثل خطراً على أهله، والسيدة الآن تعاني من صدمة نفسية، ولا تستوعب ما حدث لها، لأنه من شدة الضرب أصيبت بشبه ارتجاج في المخ، فهذه الحالة الإنسانية تستحق الدعم؛ ونطالب الأجهزة المعنية بسرعة التدخل لضبط هذا المجرم تحقيقا للعدالة؛ خاصة لأنه أصبح يمثل خطراً على أهله وأسرته، وكل كلامه عن القتل والانتقام، وقد تحدث مع أهله أكثر من مرة أنه بحوزته بندقية خرطوش، وسينتقم من الجميع.
العقوبات المقررة بسبب "عقوق الوالدين"
وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض حسام حسن الجعفرى – أن هناك فراغ تشريعى في مسألة "عقوق الوالدين"، وقد سبق وأن تقدمت نائبة بمشروع قانون حول معاقبة كل من تسول له نفسه "عقوق والديه"، ولكن لم تتم الموافقة عليه بعد، إلا أن الأفعال التي قام بها هذا الإبن العاق تتنافي مع القيم الإسلامية وقيم المجتمع والقانون، وتمثل عدة جرائم بشأن عقوق الوالدين تمثل جريمة التنمر، وبشأن الاعتداء علي الأم وتحرير تقرير طبي يمثل جريمة الضرب.
وبحسب "الجعفرى" في تصريح لـ"برلماني": التنمر هو أحد أشكال العنف الذي يمارسه شخص أو مجموعة من الأشخاص ضد شخص آخر، أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة ويتمثل في أشكال عديده كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة الشخص المُتنمَّر عليه بدنيًا أو لفظيًا، وهناك أنواع من التنمر منها اللفظي والمعنوي والجسدي، وعادة ما يشعر الشخص الذي يتعرض إلى التنمر إلى الكثير من الشعور السلبية، ويجب على الأهل أن يكونوا منتبهين بشكل كبير لأولادهم فمن أشكال التنمر علي سبيل المثال لا الحصر
1-عقوق الوالدين.
2-التنمر على الشخص من ذوي الإعاقة.
3-الحط من شأن الطفل وتخويفه ممن يتولى تربيته.
4-استعراض قوة أو سيطرة للجاني.
5-استغلال ضعف للمجني عليه.
6-وضع الشخص في موضع سخرية.
7-امتناع الحاضنة عن تحديد الحالة الصحية للصغير بناء على رغبة الأب في حاله انفصال الوالدين.
ما هو تعريف التنمر وعقوبته وفقا لقانون العقوبات؟
ويضيف "الجعفرى": ووفقا للمادة 309 مكرر(ب) من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 185 لسنة 2023:
1-"يعد تنمراً كل قول أو استعراض قوة أو سيطرة للجاني أو استغلال ضعف للمجني عليه أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسئ للمجني عليه كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوي الإجتماعي بقصد تخويفة أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شأنه أو إقصائه من محيطه الاجتماعي.
2-ومع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، يعاقب المتنمر بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنية ولاتزيد علي ثلاثين ألف جنية ، أو بأحدي هاتين العقوبتين.
3-وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا ارتكبت الجريمة فى مكان العمل أو فى إحدى وسائل النقل أو من شخصين أو أكثر أو إذا كان الجانى من أصول المجنى عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان مسلمًا إليه بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائى أو كان خادمًا لدى الجانى، أما إذا اجتمع ظرفان أو أكثر من الظروف المشددة السابقة يضاعف الحد الأدنى للعقوبة.
4-وفي حالة العود، تضاعف العقوبة في حديها الأدني والأقصي .
ما هي عقوبة التنمر بالقول أو استعراض القوة؟
ويؤكد "الجعفرى": نصت المادة 309 مكرر(ب) عقوبات المعدله بالقانون رقم 185 لسنة 2023:
1-يعد تنمراً كل قول أو استعراض قوة أو سيطرة للجاني أو استغلال ضعف للمجني عليه أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسئ للمجني عليه كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوي الإجتماعي بقصد تخويفة أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شأنه أو إقصائه من محيطه الاجتماعي.
2-ومع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، يعاقب المتنمر بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنية ولاتزيد علي ثلاثين ألف جنية ، أو بأحدي هاتين العقوبتين.
3-وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا ارتكبت الجريمة فى مكان العمل أو فى إحدى وسائل النقل أو من شخصين أو أكثر أو إذا كان الجانى من أصول المجنى عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان مسلمًا إليه بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائى أو كان خادمًا لدى الجانى، أما إذا اجتمع ظرفان أو أكثر من الظروف المشددة السابقة يضاعف الحد الأدنى للعقوبة.
4-وفي حالة العود، تضاعف العقوبة في حديها الأدني والأقصي .
ما هو رأى دار الإفتاء في التنمر؟
أوضحت دار الإفتاء، في فتوى لها، أن التنمر سلوك عدواني يهدف للإضرار بشخصٍ آخر عمدًا؛ سواء كان العدوان جسديًّا أو نفسيًّا؛ وهو بهذا الوصف عمل مُحَرَّم شرعًا، ويَدُل على خِسَّة صاحبه وقلة مروءته؛ وذلك لأنَّ الشريعة الإسلامية حَرَّمت الإيذاء بكل صوره وأشكاله؛ قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ (الأحزاب: 58). ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ دِماءكم وأَموالَكم وأَعراضَكم عليكم حَرامٌ كحُرمةِ يَومِكم هذا في بَلَدِكم هذا في شَهرِكم هذا".
وأن التَّنَمُّر يشتمل على جملة مِن الإيذاءات النفسية أو الجسدية الحاصلة من الـمُتَنَمِّر، والتي يحصل بسببها ضررٌ على الـمُتَنَمَّر عليه؛ وقد جاءت الشريعة الإسلامية لحماية الإنسان مِن كل ما يمكن أن يصيبه بالضرر؛ ففي الحديث الذي رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ"؛ فحَرَّمت الشريعة عليه كل ما يضره، وجرَّمَت إيصال الضرر إليه بشتى الوسائل؛ والإيذاء والاعتداء الحاصل من الـمُتَنَمِّر تجاه الآخر هو من الإضرار بالغير الممنوع شرعًا.
أما بشأن جريمة الضرب، فتحدد العقوبة، وفقا للإصابات الوارده بالتقرير الطبي، ووفقا لمدة العلاج وبيان عما إذا كانت تشكل عاهه مستديمة أو ضرب بسيط بدون إصابات، ونظم ذلك المواد الآتية من قانون العقوبات:
ماهي عقوبة العاهة المستديمة؟
نصت المادة 240 من قانون العقوبات:
1-كل من أحدث بغيره جرحا أو ضربا نشأ عنه قطع أو انفصال عضو فقد منفعته أو نشأ عنه كف البصر أو فقد إحدى العينين أو نشأ عنه أى عاهة مستديمة يستحيل برؤها يعاقب بالسجن من ثلاث سنين إلى خمس سنين .
2-أما إذا كان الضرب أو الجرح صادرا عن سبق إصرار أو ترصد أو تربص فيحكم بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى عشر سنين .
3-ويضاعف الحد الأقصى للعقوبات إذا ارتكبت الجريمة تنفيذا لغرض إرهابى".
ماهي عقوبة من أحدث بغيره جرحا أو ضربا نشأ عنه مرض أو عجز عن الأشغال الشخصية مدة تزيد على عشرين؟
نصت المادة 241 عقوبات:
"1-كل من أحدث بغيره جرحا أو ضربا نشأ عنه مرض أو عجز عن الأشغال الشخصية مدة تزيد على عشرين يوما يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين أو بغرامة لا تقل عن عشرين جنيها ًمصرياً، ولا تجاوز ثلاثمائة جنيه
2-أما إذا صدر الضرب أو الجرح عن سبق إصرار أو ترصد أو حصل باستعمال أية أسلحة أو عصى أو آلات أو أدوات أخرى فتكون العقوبة الحبس .
3-وتكون العقوبة السجن الذى لا تزيد مدته على خمس سنوات إذا ارتكبت أى منها تنفيذًا لغرض إرهابى".
ماذا إذا لم يبلغ الضرب أو الجرح درجة الجسامة؟
نصت المادة 242 عقوبات:
"1-إذا لم يبلغ الضرب أو الجرح درجة الجسامة المنصوص عليها فى المادتين السابقتين يعاقب فاعله بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تجاوز مائتى جنيه مصرى .
2-فإن كان صادرا عن سبق إصرار أو ترصد تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تجاوز ثلاثمائة جنيه مصرى .
3-وإذا حصل الضرب أو الجرح باستعمال أية أسلحة أو عصى أو آلات أو أدوات أخرى تكون العقوبة الحبس .
4-وتكون العقوبة السجن الذى لا تزيد مدته على خمس سنوات إذا ارتكبت أى منها تنفيذاً لغرض ارهابى".
ماذا إذا حصل الضرب أو الجرح بواسطة استعمال أسلحة أو عصى أو ألات أخرى؟
نصت المادة 243:
"1-إذا حصل الضرب او الجرح المذكوران فى مادتى 241/ 242 بواسطة استعمال أسلحة أو عصى أو ألات أخرى من واحد أو أكثر ضمن عصبة أو تجمهر مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل توافقوا على التعدى والإيذاء فتكون العقوبة الحبس .
2-وتكون العقوبة السجن الذى لا تزيد مدته على خمس سنوات إذا ارتكبت أى منها تنفيذاً لغرض إرهابى".