عبدالله رشدى وأمنية حجازى - أرشيفية
"عبد الله رشدي كتب في قسيمة زواجه شرطًا خاصًا يقيد الزوجة من طلب الخلع، وإن فكرت تعمل خلع لازم ترجع الذهب والمهر والمؤخر بسعر اليوم، مع عدم وجود قائمة منقولات".. هذه الجملة أو المقولة الأكثر رواجاً وانتشاراً خلال الساعت الماضية بعد أن طفت على السطح أزمة طلاق الداعية عبدالله رشدى، وزوجته أمنية حجازى، تلك الجميلة التي تجعلنا نتطرق للإجابة على السؤال هل حق الخلع يُقيد بإتفاق؟ وهل هناك اتفاق فاسد واتفاق صحيح؟ وهل هناك ما يطلق عليه التعسف في استعمال الحق ما يجعله مُهدداً بالبطلان؟
فالواقع والحقيقة يؤكدان أن القانون المصري يسمح بوجود شروط خاصة في عقد الزواج طالما لا تخالف النظام العام أو أحكام الشريعة، بمعنى أدق من الممكن أن يكتب شرط عدم العمل أو السفر أو حتى شروط مالية معينة، لكن الشرط الذي يُقيد حق الخلع أو يفرغه من مضمونه يُعتبر باطل قانونًا وشرعًا – ليه ؟ - لأن المادة (20) من قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 بتنص على إن الخلع بيتم مقابل رد مقدم الصداق فقط، وليس المؤخر ولا الشبكة ولا المهر بسعر اليوم.
شروط الزواج بين الحرية والتقييد
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في شروط الزواج بين الحرية والتقييد، ففي الأيام الأخيرة انتشر حديث عن قسيمة زواج تضمّ شرطًا غير معتاد، كتبه أحد الأزواج المشاهير، ينصّ على أنه في حال طلبت الزوجة الخلع، فعليها أن ترد الذهب والمهر والمؤخر بسعر اليوم، مع الإشارة إلى أنه لا توجد قائمة منقولات، ورغم أن الصيغة تبدو مالية في ظاهرها، إلا أن مضمونها يحمل تقييدًا مباشرًا لحق الخلع – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض حسن شومان.
أولًا: الشروط في عقد الزواج مش محرّمة.. لكن مش مطلقة
في البداية – كما ذكرنا من قبل القانون المصري يسمح بوجود شروط خاصة في عقد الزواج طالما لا تخالف النظام العام أو أحكام الشريعة، بمعنى أدق يجوز أن يُكتب شرط بعدم عمل الزوجة، أو بعدم سفرها إلا بإذن الزوج، أو حتى اشتراط أمور مالية، بشرط أنها ما تكونش مخالفة للشرع أو القانون، وهذا ما أكدت عليه محكمة النقض لما قالت: "الشروط في الزواج جائزة ما لم تُحل حرامًا أو تُحرّم حلالًا" – لكن - لما الشرط يمسّ جوهر حق شرعي أصيل مثل حق الخلع، والقانون والشرع يقفوا عنده فورًا – وفقا لـ"شومان".
ثانيًا: المادة 20 من قانون الأحوال الشخصية حسمت الموضوع
المادة (20) من القانون رقم 1 لسنة 2000 واضحة جدًا: للزوجين أن يتراضيا على الخلع، فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه، افتدت نفسها وردت للزوج مقدم الصداق الذي أعطاه لها، وتحكم المحكمة بتطليقها"، يعني المشرّع المصري قالها صريحة: "الفدية في الخلع هي رد مقدم الصداق فقط ليس المؤخر، ولا الذهب، ولا الشبكة بسعر اليوم"، وبالتالي أي شرط يغيّر هذه المعادلة يعتبر شرطًا فاسدًا وباطلًا، لأنه بخالف نصًّا آمرًا في القانون ومبدأً شرعيًا ثابتًا، يعني لو اتكتب الشرط فعلًا في القسيمة، المحكمة ستعتبره شرطًا فاسدًا لا يُعتد به، ولن يمنع الزوجة من استعمال حقها في الخلع، لأن هذا حق مقرر شرعًا وقانونًا، وليس عناك اتفاق يستطيع إلغاؤه – هكذا يقول "شومان".
ثالثًا: ما يجوز رده في الخلع.. وما لا يجوز
صحيح إن الزوج من حقه يثبت إن الذهب جزء من مقدم الصداق، وفي الحالة دي يُعتبر مالًا يجب رده في الخلع، لأن الزوجة تفتدي نفسها برد مقدم الصداق المتفق عليه، سواء كان مالًا أو منقولات أو ذهبًا، وهذا من الممكن إثباته بالعقد أو البينة أو الشهود – لكن – الذى لا يصح هو القول إن الزوج له حق استرداد كل الدهب والمهر والمؤخر "بسعر اليوم" لمجرد وجود شرط أو لأن الزوجة طلبت خلع – الكلام للخبير القانونى.
القانون واضح: الفدية محددة برد مقدم الصداق فقط ليس تقييم الذهب الحالي ولا المؤخر
ويضيف: أما لو الزوج قدر يثبت أن الذهب ليس جزءا من الصداق، بل هدية مشروطة أو "هبة لغرض معين"، ففي الحالة يستطيع رفع دعوى مستقلة لاسترداده، مثل دعوى استرداد منقولات أو هبة مشروطة برجوع الشيء الموهوب، لكن هذه دعوى مدنية منفصلة لا تؤثر على حق الزوجة في الخلع بأي شكل، والقانون أيضاً واضح وصريح فإن الفدية محددة برد مقدم الصداق فقط ليس تقييم الذهب الحالي ولا المؤخر.
رابعًا: سوء النية في استعمال الحق.. نظرية صعبة التطبيق
وبعض الأزواج يحاولوا يدّعوا إن الزوجة استخدمت الخلع بسوء نية أو بقصد الإضرار، لكن من الناحية العملية، إثبات سوء النية في دعاوى الخلع شبه مستحيل، لأن المحكمة لا تبحث في نية الزوجة، بل تكتفي بإقرارها أمام القاضي بأنها "تبغض الحياة الزوجية ولا سبيل لاستمرارها"، وهذا وحده كافٍ قانونًا لقبول الدعوى، حتى لو الزوج يرى إنها تستغل الحق لمصلحتها.
خامسًا: الشرط الفاسد لا يُفسد العقد.. لكنه يُلغى أثره
حتى لو الشرط مكتوب وموقّع عليه، المحكمة لن تعتد به، ولن توقف دعوى الخلع بسببه، والشرط في هذه الحالة يُعتبر "شرطًا فاسدًا في عقد صحيح"، يعني الزواج صحيح، لكن الشرط يُلغى تلقائيًا، وكأنه لم يكن، وبالتالي الزوجة تستطيع تطلب الخلع، والمحكمة ستحكم لها برد مقدم الصداق فقط، وليس بقيمة الذهب ولا المؤخر ولا الشبكة بسعر اليوم.
الخلاصة:
وفى الأخير يقول "شومان": من يكتب شرط بهذا الشكل سواء بدافع الغيرة أو الرغبة في السيطرة، يُحوّل عقد الزواج من ميثاق رحمة إلى عقد تجاري قائم على الربح والخسارة، وهذا لا يخالف القانون فقط لكنه مخالف لفلسفة الزواج التى تقوم على المودة والاختيار، وليس المعاملة الحسابية، والقانون المصري يوازن بين الحرية في تنظيم العلاقة الزوجية، وبين حماية الحقوق التي لا يجوز التنازل عنها أو تقييدها، وفي مقدمتها حق المرأة في الخلع باعتباره صمام أمان شرعي وإنساني.