أصدرت الدائرة الخامسة عشر - الجنح المستأنفة - بمحكمة جنوب المنصورة الإبتدائية، حكماً فريداً من نوعه، ببراءة الزوج من تهمة تبديد قائمة منقولات زوجية بعد دعوى الخلع، واعتبار "المنقولات الزوجية" هى "مُقدم الصداق".
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 31014 لسنة 2020 جنح مستأنف جنوب المنصورة، طعناً على الحكم الصادر في القضية الرقيمة 16831 لسنة 2020 جنح مركز طلخا، لصالح المحامى كامل عوض، برئاسة المستشار أحمد محمد صبح، وعضوية المستشارين أبراهيم أمجد ستيت، ومحمد مجدى عرفه، وبحضور كل من وكيل النائب العام محمد شكرى، وأمانة سر ياسر يوسف.
الوقائع.. النيابة العامة تتهم زوج بتبديد المنقولات الزوجية
تتلخص الوقائع في أن النيابة العامة أسندت إلى المتهم الماثل الاتهام وهو تبديد المنقولات الزوجية، لأنه في يوم سابق علي تحريك الدعوي بدائرة مركز طلخا بمحافظة الدقهلية بدد المنقولات المبينة وصفا وقيمة بالأوراق والمملوك للمجني عليها "إيمان. ف"، والمسلمة إليه على سبيل عارية الاستعمال، فإختلسها لنفسه إضراراً بالمجني عليها، وطلبت عقابه وفقا لمقتضي نص المادة 341 من قانون العقوبات.
وركنت النيابة العامة في اسناد الاتهام له لما ورد بمحضر جمع الاستدلالات المحرر بتاريخ 17 ديسمبر 2022 من وكيل المجني عليها، والذي أثبت فيه أن المتهم استلم من المجني عليها المنقولات المبينة وصفا وقيمة بالأوراق على سبيل عارية الاستعمال، فاختلسها لنفسه اضرار بها، وأرفق بالأوراق صورة ضوئية من قائمة المنقولات سند الجنحة موضوع التداعي، وحيث قدمت الأوراق للمحاكمة الجنائية أمام محكمة أول درجة.
محكمة أول درجة تعاقب الزوج بالحبس مع الشغل لمدة سنة وكفالة ألف جنيه لإيقاف التنفيذ
وفى تلك الأثناء - تداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وانتهي قضاء محكمة أول درجة لمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة وكفالة ألف جنيه لايقاف التنفيذ والمصاريف، ولم يرتض المتهم ذلك الحكم، فطعن عليه بالاستئناف بموجب تقرير أودع قلم كتاب المحكمة، وبالجلسة المحددة لنظر الاستئناف لم يحضر المتهم، فحكمت المحكمة بعدم قبول الاستئناف شكلا للتقرير به بعد الميعاد والمصاريف، ولم يرتض المتهم ذلك الحكم، فطعن عليه بالمعارضة الاستئنافية.
الزوج يستأنف الحكم لإلغائه
وتداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها وفيها مثل المتهم بشخصه ومعه محام، ومثلت المجني عليها بشخصه، ومعها محام، فقررت المحكمة الاستماع لشهادة المجني عليها، فشهدت أمام هيئة المحكمة بذات الرواية التي قررها وكيلها استدلالا، وقدم وكيلها حافظة مستندات طويت على صورة رسمية من الحكم رقم 2853 لسنة 2024 أسرة طلخا، والذي انتهي في منطوقه لتطليق المجني عليها من المتهم الماثل طلقة بائنة خلعاً، فسألتها المحكمة عن الصداق الذي قدمه المتهم لها، فشهدت أن ذلك الصداق كان في حقيقته هو المنقولات موضوع التداعي، فرأت المحكمة استجواب المتهم، فوافق ووافق الدفاع الحاضر معه، وقرر بذات المضمون الذي شهدت به المجني عليها بشأن مقدم الصداق، والدفاع الحاضر معه طلب البراءة تأسيسا على انتفاء أركان الجريمة، فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم.
الزوجة تؤكد للمحكمة أن "الصداق" كان في حقيقته هو "المنقولات"
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن شكل المعارضة الاستئنافية: ولما كان الثابت للمحكمة أنها قدمت في الميعاد المحدد قانونا واستوفت أوضاعها القانونية المقررة حيث أنها أقيمت عن حكم استئنافي غير معلن للمتهم، وجاءت الأوراق خالية مما يفيد إعلانه بالحكم الغيابي المعارض فيه ومن ثم تبقى مواعيد الطعن عليه مفتوحة أمامه، وحيث مثل المتهم أيضا أمام المحكمة، وقدم شهادتين تفيدا مرضه منذ تاريخ الحكم الجزئي وحتى تاريخ التقرير بالمعارضة الاستئنافية وهو ما تقضي معه المحكمة بقبولها شكلا عملا بالمواد 241/2، 398/2، 1، 400، 401/1، 418 من قانون الإجراءات الجنائية.
وبحسب "المحكمة": وحيث إنه وعن موضوع المعارضة الاستئنافية: ولما كان ما تقدم وكان الثابت أن الحكم المعارض استئنافيا فيه قد صدر في غيبة المتهم دون أن يمكن من إبداء دفاعه فيه وأعذرته المحكمة لمرضه المثبت بالشهادة المقدمة منه عن الحضور بالجلسة المحددة لنظر استئنافه والتي تطمئن لها المحكمة، وهو ما تقضى معه المحكمة بإلغاء الحكم المعارض فيه استئنافيا على نحو ما سيرد بالمنطوق.
سبب قبول المحكمة دليل العُذر
ووفقا لـ"المحكمة": وحيث أنه وعن شكل الاستئناف - فلما كان الثابت أن الطاعن قرر بالطعن بالاستئناف بعد الميعاد إلا أنه قدم شهادة تفيد مرضه خلال الفترة من تاريخ صدور الحكم المستأنف وحتى تاريخ تقريره بالمعارضة الاستئنافية طبقاً لدليل العذر المقدم سالف الإشارة إليه والذي تطمئن له المحكمة وهو ما أعذره عن التقرير بالاستئناف في الميعاد وكان استئنافه عن حكم قابل لذلك، واستوفى الاستئناف أوضاعه القانونية المقررة فمن ثم تقضى المحكمة بقبول الاستئناف شكلا عملا بالمواد 402/1، 406/1، 410 من قانون الإجراءات الجنائية.
القضاء هو الحارس للشرعية والضامن للمشروعية والحامي للحرية
وتضيف "المحكمة": وحيث إنه وعن موضوع الاستئناف فإنه: ولما كانت الحماية القانونية للحقوق والحريات لا تكون بمجرد إصدار القوانين إنما بالتعرف على مبادئها وتطبيقها وهو مالا يتحقق إلا بسلطة تكون أحكامها واجبة الاحترام من الجميع حكاماً ومحكومين إلا وهى السلطة القضائية، فالقضاء هو الحارس للشرعية والضامن للمشروعية والحامي للحرية، فالقاضي لا يخضع في استخلاص كلمة القانون وتطبيقها لغير ضميره واقتناعه الحر السليم، ولما كانت وظيفة المحكمة هي اظهار الحقيقة بكافة صورها وعليها أن تبحث عنها بنفسها من خلال إجراءات المحاكمة دون أن تحمل المتهم عبئ اثبات براءته، إذ أن تلك البراءة هي أمر مفترض ولا محل لإثباتها أمام المحكمة وكل ما هو جدير بالبحث هو التحقيق في ما اذا كانت هناك أدلة كافية يمكنها أن تدحض تلك القرينة - قرينة البراءة - أم لا فإذا خلت الأوراق من دليل قاطع على صحة الاتهام فلا يلزم المتهم بتبرئة نفسه، لأن الأصل فيه هو البراءة.
وتؤكد: ولما كانت المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 تنص على أنه: "للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع، فان لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها حكمت المحكمة بتطليقها عليه"، وكانت المحكمة بعد أن أحاطت بعناصر الدعوى عن بصر وبصيرة ووازنت بين أدلة الثبوت - التي قام عليها الاتهام - وأدلة النفي وبما لها من سلطة تقدير الأدلة والموازنة بينها وبما لها من سلطان مطلق في فهم الواقع قد تبين لها أن المنقولات موضوع التداعي في حقيقتها هي "مقدم الصداق" الذي افتدت المجني عليها نفسها به لتخلع زوجها المتهم على النحو الذي التجأت اليه في الحكم رقم 2853 لسنة 2024 أسرة طلخا.
المحكمة تنصف الزوج وتبرئه لهذه الأسباب
واستطردت "المحكمة": الأمر الذي تنتفي معه أركان جريمة خيانة الأمانة التي قدم بها المتهم للمحاكمة الجنائية بانهيار الركن المعنوي لها، وتلك هي الرواية الأقرب للصواب والتي تطمئن لها المحكمة أخذاً من شهادة المجني عليها أمام هيئة المحكمة، حيث شهدت بأن ذلك "الصداق" كان في حقيقته هو "المنقولات" موضوع التداعي، مما يتعين معه والحال كذلك القضاء ببراءة المتهم مما أسند اليه وإهدار ما حوته الأوراق من أدلة ثبوت أخرى عملا بنص مادة الاتهام والمادة 304/1 إجراءات جنائية.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا ببراءة "طارق. م" من الاتهام المسند إليه.