يمثل اتفاق الشراكة الذى وقعته مصر وقطر اليوم، لتطوير مشروع عمرانى سياحى فى منطقة علم الروم فى محافظة مطروح والذي يقع على مساحة تبلغ نحو 4900 فدان وعلى طول 7.2 كيلومتر من شواطئ البحر المتوسط، بإجمالي استثمارات تقدر بأكثر من 29.7 مليار دولار، نقطة انطلاق محطة جديدة للتنمية المشتركة ويتجاوز كونه مجرد صفقة استثمارية، لإعلان عن تحالف اقتصادي سياسي جديد يؤكد أن الاقتصاد أصبح لغة السياسة الحديثة؛ ويرسخ المشروع العلاقات المصرية - القطرية على قاعدة من الشفافية، والتكامل، والمصالح المتبادلة.
وثمن خبراء ومحللون اقتصاديون قطريون الشراكة الاستثمارية المصرية القطرية في منطقة "علم الروم" مشيرين إلى أن هذه الشراكة تأتي في إطار تعزيز العلاقات الاستثمارية وتحقيق الاستدامة الاقتصادية والرؤى الاستراتيجية، وترسيخ التعاون المشترك لما فيه مصلحة البلدين.
واعتبر الخبراء والمحللون، وفق وكالة الأنباء القطرية، أن توقيع عقد تنفيذ هذا المشروع يمثل انطلاقة جديدة ومهمة للتعاون الاستثماري بين البلدين، ويأتي في إطار توجههما لتعزيز الشراكة الثنائية في القطاعات الإنتاجية والتنموية الكبرى، بما يسهم في دعم الاقتصاد المصري وخلق فرص عمل جديدة، إلى جانب دفع حركة التنمية في الساحل الشمالي الغربي لمصر، الذي يشهد طفرة استثمارية غير مسبوقة.
تطوور العلاقات المصرية القطرية إلى أبعاد متعددة
ويعكس المشروع تطور العلاقات القطرية- المصرية إلى آفاق أرحب، حيث توظف رؤية قطر الوطنية 2030 ورؤية مصر 2030 كمنصتين متوازيتين لتحقيق هدف واحد هو التنمية المستدامة والموقع الجيو اقتصادي الفاعل.. فمشروع مطروح بوابة اقتصادية جديدة تعزز الروابط الأخوية بين الدوحة والقاهرة وتؤكد تنوع الاستثمارات القطرية في الأسواق العالمية، خاصة العربية وفي القلب منها مصر التي تتمتع بموقع جغرافي فريد وتمتلك قوة عمل بشرية هائلة".
كما أن الاستثمار القطري في محافظة مطروح محسوب بدقة، من حيث موقعها الاستراتيجي على ساحل البحر المتوسط الذي يدعم التنمية السياحية والاقتصادية على الخريطة العالمية.
ونوه الخبراء برؤية القاهرة تجاه بناء شراكات اقتصادية تنموية عربية متوازنة تقوم على مصالح وقيم مشتركة تعود بالنفع على الجميع، كما أكد أن "دخول دولة قطر بهذا الحجم الاستثماري في السوق المصري يعد شهادة ثقة في الاقتصاد المصري".
وفى هذا الإطار أوضح الدكتور خالد الشافعي رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، وفق وكالة الأنباء القطرية، أن التوقيع على عقد هذا المشروع يمثل انطلاقة جديدة للشراكة القطرية - المصرية في القطاع العقاري والسياحي، لافتا إلى أن المشروع سيحقق طفرة اقتصادية وسياحية كبيرة، ويسهم في زيادة الناتج المحلي، فضلا عن توفير آلاف فرص العمل، وتنشيط قطاعات الصناعات الإنشائية والخدمات المرتبطة بها، كما سيسهم في تعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية مهمة لدول أوروبا والشرق الأوسط، ويعد فرصة استثمارية واعدة للاقتصاد القطري على ساحل المتوسط.
وأضاف أن هذه الشراكة تعكس عمق العلاقات الاقتصادية بين دولة قطر وجمهورية مصر العربية، وستمهد لمزيد من الاستثمارات في قطاعات متنوعة، مما يجعل البلدين ركيزة أساسية لاستقرار ونمو الشرق الأوسط، مشيرا في هذا الصدد، إلى أن دولة قطر شريك رئيسي للاستثمار في مصر، حيث تعمل على ضخ مزيد من الاستثمارات ليس في القطاع العقاري فحسب، وإنما في قطاعات متعددة ومتنوعة.
مؤتمر قمة التنمية الاجتماعية في الدوحة
جاء التوقيع على عقد الشراكة بالتزامن مع انعقاد مؤتمر قمة التنمية الاجتماعية الذى عقد فى الدوحة على مدة ٣ أيام بمشاركة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى إضافك إلى وفود رسمية رفيعة المستوى من دول العالم كافة
ومن جانبه قال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثانى، أن التنمية الاجتماعية ليست خيارًا بل ضرورة وجودية لضمان الأمن والازدهار والاستقرار للجميع، مشددًا على أهمية التضامن والتعاون الدولى لمواجهة التحديات التى تعيق النمو الاقتصادى وتبطئ تحقيق أهداف التنمية البشرية.
تأتى العلاقات الاقتصادية من بين أكثر الجوانب نجاحًا فى العلاقات المتعددة الأوجه بين مصر وقطر ؛ وفى هذا السياق تم التباحث خلال هذه الزيارة لتفعيل شراكة اقتصادية بقيمة 7.5 مليار دولار؛ كان قد الاتفاق عليها في أبريل الماضي.
بالإضافة إلى وجود 110 شركات مصرية تعمل في السوق القطرية و261 شركة قطرية تعمل حالياً في السوق المصرية بنسبة مساهمة تصل إلى مليارين و165 مليون دولار، منها 249 مليون دولار فى قطاع السياحة، وحوالي 208 ملايين دولار في قطاع الإنشاءات، و36 مليون دولار في القطاع الصناعي، ويضاف لذلك عدد 6000 شركة قطرية مصرية مشتركة.
لماذا تعتبر التنمية الاجتماعية ركيزة للأمن والاستقرار العالمى؟
وقال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في كلمته أمام القمة العالمية للتنمية الاجتماعية، إن دولة قطر تعتز باستضافة هذه القمة التي تأتي بعد ثلاثين عامًا على انعقاد القمة الأولى في كوبنهاجن عام 1995"، مشيرًا إلى أن المناسبة تمثل فرصة لتجديد الالتزام بروح التعاون الدولي في مواجهة التحديات المشتركة.
نموذج يحتذى
ومن جانبه قال السفير القطرى لدى القاهرة مندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير طارق على فرج الأنصارى - فى تصريحات صحفية سابقة- إن ما يجمع مصر وقطر علاقات أخوية متجذرة؛ موضحًا أنهما يشتركان فى العديد من القيم ، كعضوين فاعلين ومسؤولين في المجتمع الدولي، فإلى جانب اهتمامهما بتعزيز السلم والأمن الدوليين تشتركان فى اهتمام قيادتيهما بالتنمية، فكما في مصر، تشهد قطر كذلك نهضة تنموية غير مسبوقة تنسجم وأهداف رؤيتها الوطنية 2030 التي تتجسد أهدافها واقعاً وحقيقة في مختلف المجالات الصحية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والعمرانية، فالإنجازات لا تتوقف ولا تنتهي، حيث أصبحت قطر في مصاف الدول التي ينعم مواطنوها بالرخاء الاقتصادى والتعليم الجيد.
وأضاف أن العلاقات بين مصر وقطر أصبحت نموذجا يحتذى به في العلاقات بين الدول، تحت القيادة الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسى والشيخ تميم بن حمد فإلى جانب التعاون والتنسيق الدؤوب في مسائل حفظ السلم والأمن الدوليين، فإن الزيارات والاجتماعات الفنية بمختلف أنواعها، أصبحت على مدار الأسبوع، خاصة في المجال الاقتصادي والاستثماري.
وأكد استمرار وتكثيف العمل المشترك، فإن الميزان التجاري لا يزال أقل من الطموح الممكن تحقيقه بفضل الفرص الكبيرة التي يمكن استثمارها بين البلدين الشقيقين، ولذا، فنتطلع لمزيد من تطوير التعاون والتنسيق مختلف المجالات، وتنشيط حركة التبادل التجاري بما يحقق مصلحة الشعبين الشقيقين.
زيارات متبادلة بين مصر وقطر
وتبادلت كل من مصر وقطر الزيارات الرسمية التى تؤكد المسار والأهداف المشتركة؛ فى هذا السياق تأتى زيارة الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية بقطر، اليوم إلى مدينة العلمين الجديدة؛ لبحث مجالات التعاون المشترك، والقضايا محل الاهتمام بين البلدين؛ حيث استقبله الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء بحفاوة تؤكد عمق العلاقات الأخوية.
وسبق أن التقى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى مع أمير قطر تميم بن حمد فى ديسمبر الماضي على هامش مشاركته فى منتدى الدوحة ؛ وأعرب تميم عن تقديره للدور المُهم والريادي الذي تلعبه الدولة المصرية في محيطها العالمي والإقليمي، في ضوء التطورات الحالية التي يشهدها الإقليم.وأكد حرصه على استمرار فتح قنوات اتصال دائمة مع الدولة المصرية.
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله الخاطر أن العلاقات بين مصر ودولة قطر تشهد تطورا كبيرا وتقاربا استراتيجيا يعكسان وعي البلدين بأهمية التكامل في مواجهة التحديات الإقليمية، وتعزيز التنمية المشتركة.
وأوضح أن العلاقة بين البلدين تجاوزت البعد السياسي إلى فضاء اقتصادي وتنموي متكامل، يتجسد في مشاريع كبرى واستثمارات مشتركة، وفي مقدمتها المشاريع العقارية والسياحية في الساحل الشمالي المصري، مشيرا إلى أن هذه الخطوات تمثل "نواة حقيقية لتشكيل سوق عربية مشتركة وخطط تنموية متناسقة تخدم البلدين والمنطقة بأسرها".
وأضاف الدكتور الخاطر أن الاستثمارات القطرية في مصر تمثل عنصر دعم مباشر للاقتصاد، وتوفر لمصر قدرة أكبر على الصمود في مواجهة الضغوط الاقتصادية، مؤكدا أن التنويع في مجالات الاستثمار -من التطوير العقاري والصناعي إلى السياحة- يعزز الاستقرار الاقتصادي، ويسهم في خلق فرص عمل وتحسين معدلات النمو.
وشدد الدكتور الخاطر على أن هذا التكامل بين الدوحة والقاهرة يعكس "رؤية شاملة" تقوم على توظيف القدرات المشتركة في خدمة الأمن والتنمية في البلدين والمنطقة.
وأوضح أن المشروع يخدم الأهداف الاستراتيجية بعيدة المدى لكل من دولة قطر ومصر، لافتا إلى أن المشروع يعد جزءا أساسيا من استراتيجية التنويع الاقتصادي وبناء الشراكات الدولية التي تنتهجها قطر، حيث تستغل شركة الديار القطرية خبرتها العقارية لتعزيز العوائد غير النفطية، منوها بأن المشروع يخدم هدفين رئيسيين لمصر: الأول تحقيق الاقتصاد التنافسي المتنوع من خلال جذب الاستثمار الخارجي وتنمية الساحل الشمالي الغربي كمحور تنموي جديد، والثاني تحسين جودة الحياة والتنمية العمرانية عبر إنشاء مدن مستدامة وجاذبة للعيش والسياحة.
ومن ناحيته، قال الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي المصري، إن تعزيز وجود شركة الديار القطرية في السوق المصري يمثل استثمارا مباشرا ذا قيمة مضافة عالية، موضحا أن الشركة تمتلك قاعدة عملاء دولية موثوق بها تواكبها في مشروعاتها، ما يعني أن المشروع سيجتذب أيضا شريحة من المشترين والمستثمرين الأجانب، وهو ما يُرسّخ مفهوم تصدير العقار وجذب إيرادات إضافية للاقتصاد المصري.
وأضاف أنيس أن المشروع سيوفر فرص عمل ضخمة خلال مرحلة التنفيذ، وسينشّط الصناعات المرتبطة بالبناء والتشييد، مثل الأسمنت والحديد ومواد البناء، دون تحميل الدولة أعباء تمويلية، كونه استثمارا مباشرا برأس مال خارجي، كما ستتحقق القيمة المضافة الكبرى من المشروع لاحقا من خلال العوائد السياحية المستدامة، حيث يعد قطاع السياحة من أهم القطاعات التي تدر دخلا دولاريا لمصر.