تشهد القارة الأوروبية حالة من الاستنفار الصحى غير المسبوق بعد الإعلان عن تفشيات جديدة وخطيرة لفيروس انفلونزا الطيور فى عدة دول، وسط تحذيرات من أن السلالة الحالية تعد الأكثر فتكا وانتشارا منذ أكثر من عقد، ما يهدد بحدوث اضطرابات واسعة فى إنتاج الدواجن وارتفاع أسعار الغذاء ، ويثير المخاوف من إمكانية انتقال العدوى إلى البشر.
تفشٍ جديد في المجر يطلق ناقوس الخطر
أعلنت السلطات الصحية في المجر هذا الأسبوع عن تفشٍ كبير للفيروس في إحدى مزارع البط بمدينة سولنوك وسط البلاد ، حيث تم تسجيل نفوق 725 طائرًا من أصل نحو 20 ألف بطة مخصصة للتسمين، وفق ما ذكرته صحيفة ليكتورا الإسبانية.
وأوضحت السلطات أنه تم إعدام جميع الطيور المتبقية كإجراء احترازي للسيطرة على العدوى ومنع انتقالها إلى المزارع المجاورة، بينما يجري تنفيذ عمليات تطهير ومراقبة صارمة ضمن دائرة قطرها عدة كيلومترات حول بؤرة الإصابة.
انتشار سريع في القارة الأوروبية
ولا يقتصر القلق على المجر وحدها ، إذ تواجه دول أوروبا الغربية والشمالية موجة جديدة من التفشى مع بدية فصل الخريف حيث سجلت كل من ألمانيا وفرنسا وهولندا إصابات متزايدة بالسلالة نفسها، في حين أعلنت النمسا وبولندا والدنمارك رفع درجة التأهب في المزارع وأسواق الطيور.
تُظهر البيانات أن السلالة الجديدة من الفيروس شديدة العدوى بين الطيور البرية والمزارع التجارية، وتنتشر بسرعة عبر مسارات هجرة الطيور القادمة من مناطق آسيا الوسطى وروسيا.
ألمانيا تذبح أكثر من نصف مليون طائر
وفي ألمانيا، أكدت صحيفة 20 مينوتوس الإسبانية أن السلطات اضطرت إلى ذبح أكثر من نصف مليون طائر في محاولة عاجلة لاحتواء الفيروس الذي تفشى في لاية ساكسونيا السفلى، وهي واحدة من أكبر مناطق إنتاج الدواجن في أوروبا.
وقالت وزارة الزراعة الألمانية إن عمليات الإعدام جاءت بعد اكتشاف بؤر متعددة للفيروس في مزارع الدجاج والبط، وأكدت أن الفيروس ينتشر بوتيرة غير مسبوقة منذ بداية أكتوبر، مما دفعها إلى فرض قيود على نقل الطيور والبيض في عدة مقاطعات.
خسائر فادحة وقلق في قطاع الدواجن
وأدت الموجات السابقة من انفلونزا الطيور فى الأعوام الأخيرة إلى نفوق ملايين الطيور فى أوروبا وتكبد المزراعون خسائر بمئات الملايين من اليورو ، ويخشى الخبراء أن تكون الموجة الحالية أشد ضررا بسبب سرعة انتشار السلالة الجديدة ومقاومتها للإجراءات الوقائية المعتادة.وأشار مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إلى أن ارتفاع الأسعار في أسواق الدواجن والبيض بدأ يظهر بالفعل في بعض الدول، فيما تواجه مصانع الأعلاف والمسالخ نقصًا حادًا في الإمدادات.
السلالة الأخطر والأكثر قدرة على التحور
بحسب منظمة الصحة الحيوانية العالمية ، ينتمي الفيروس المتفشي إلى سلالة H5N1 عالية الإمراض، التي تمتاز بسرعة انتقالها ومعدل نفوق مرتفع في الطيور المصابة.
وأوضحت المنظمة أن التحورات الأخيرة في الفيروس زادت من قدرته على التكيف مع الطيور البرية والمائية، ما يجعل السيطرة عليه أكثر صعوبة. كما حذرت من خطر الانتقال العرضي إلى البشر، رغم أن حالات العدوى البشرية ما زالت محدودة ونادرة.
إجراءات أوروبية عاجلة
في مواجهة هذا الوضع، أعلنت المفوضية الأوروبية أنها تعمل على تنسيق الجهود بين الدول الأعضاء عبر خطط طوارئ مشتركة تشمل مراقبة مسارات الطيور المهاجرة، وتعزيز برامج التحصين في المزارع، وتشديد قيود النقل والتجارة.
كما أوصت المنظمة الأوروبية لسلامة الغذاء (EFSA) المستهلكين بـ الالتزام بطهو منتجات الدواجن جيدًا واتباع معايير النظافة الصارمة في المطابخ لتجنب أي مخاطر محتملة.
مستقبل غامض وسط تصاعد التحذيرات
وبينما تواصل فرق الأبحاث دراسة السلالة الجديدة، يرى خبراء أن الشتاء المقبل سيكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة أوروبا على احتواء الوباء، خاصة مع استمرار حركة الطيور المهاجرة وارتفاع استهلاك الدواجن خلال موسم الأعياد.
ويؤكد العلماء أن السيطرة على الفيروس تتطلب تعاونًا دوليًا واسعًا واستثمارات أكبر في المراقبة البيطرية واللقاحات الوقائية، لتجنب تكرار السيناريوهات الكارثية التي شهدها القطاع الزراعي في الأعوام الماضية.