ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بيانًا أمام مجلس النواب اليوم، لبحث اعتراض السيد رئيس الجمهورية على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، مؤكدًا على أن هذا القانون يُعد أحد أهم الأطر الحاكمة لكل ما يتصل بسير العدالة، ويستهدف تحقيق التوازن الدقيق بين سيادة القانون وحماية الحقوق، وأن ملاحظات فخامة السيد الرئيس تُجسد حرصه على ترسيخ الحريات.
وفي مستهل بيانه، قال الدكتور مصطفى مدبولي: "يَطِيب لى، أن أَتوجه إلى مجلسكم الموقر بخالص التهنئة على بدء دور الانعقاد السادس من الفصل التشريعى الثانى، دَاعيًا المولى عز وجل أن يُكلل أعمالكم بالتوفيق والسداد".
وأضاف رئيس الوزراء: "كما أَود أن أَتقدم إليكم، نيابةً عن زملائى فى الحكومة، بخالص الشكر والتقدير على الجهود الكبيرة التى بذلتموها على مدار خمس سنوات من العمل الدؤوب، فى ظل ظروف ومتغيرات إقليمية وعالمية شديدة الصعوبة، استلزمت قيام مجلسكم الموقر بجهد غير مسبوق فى مناقشة وإقرار عدد كبير من التشريعات كان لها بالغ الأثر فى تمكين الدولة من مواصلة مسيرة الإصلاح والتنمية، ودعم جهود الحكومة فى تنفيذ برامجها وتحقيق أولوياتها الوطنية".
وتابع مدبولي: "اسمحوا لى أن أَغتنم هذه المناسبة لأتوجه بالتهنئة للشعب المصرى، ومجلسكم الموقر وفخامة السيد رئيس الجمهورية وقواتِنا المسلحة الباسلة، بمناسبة اقتراب ذكرى نصر أكتوبر المجيد. ذلك النصر الذى أكد أن قواتنا المسلحة كانت وستظلُ دومًا الدرعَ الحصينَ لِشعبِ مصر، والركيزة الثابتة لاستقرار وطننا الحبيب، فى وجه كل محاولات المساس بأمنه ووحدته".
مخاطبًا النواب، قال رئيس الوزراء: "السيد المستشار الدكتور... رئيس مجلس النواب .. السيدات والسادة نوابَ شعبِ مصر العظيم، إِنَّ الدولةَ المصريةَ ماضيةٌ بكل عزمٍ لترسيخ دعائم دولة القانون، والتى تُعلى من شأن العدالة، وَتَصُون الحقوقَ والحريات، وتُرسّخ مبدأ سيادة القانون باعتباره الركيزة الأساسية لدولة المؤسسات، وتحقيق العدالة لكل المواطنين والمساواة بينهم".
وشدد الدكتور مدبولي على أهمية القانون قائلًا: "ويُعد قانون الإجراءات الجنائية أحد أهم الأطر الحاكمة لكل ما يتصل بسير العدالة، والذى يستهدف تحقيق التوازن الدقيق بين سيادة القانون، وحماية الحقوق والحريات، والحفاظ على أمن المجتمع واستقراره.. ولقد كان لمجلسكم الموقر أبلغُ الأثرِ فى إثراء مشروع قانون الإجراءات الجنائية من خلال دراسات ومناقشات مُستفيضة، وتقديم ملاحظات بنّاءة عَكَست إدراكًا عميقًا لحساسية وأهمية هذا القانون، وانطلقت من حِرْص هذا المجلس العريق على تحديث أحد أهم أفرع منظومة العدالة الجنائية التى لم تشهد تعديلًا منذ عقود".
وأوضح رئيس الوزراء: "لقد تجلت فى مناقشاتكم رُوحٌ وطنيةٌ واعيةٌ، ورؤيةٌ تشريعيةٌ ناضجةٌ، كانت حريصةً على إخراج هذا القانون بما يليق باسم مصر وتاريخها، ويُعزز – فى الوقت ذاته – ثقةَ المواطن فى منظومة العدالة، ويُرسّخ شعوره بالإنصاف والأمن القانوني".
واستطرد قائلًا: "وقد جاء هذا المشروع تتويجًا لسنوات من الحوار، والدراسات، والمداولات، التى شاركت فيها أطرافٌ مُتعددةٌ، بهدف تحديث منظومة الإجراءات الجنائية بما يتوافق مع أحكام الدستور، والتزامات مصر الدولية.. وإذا كان المجلس والحكومة قد اجتهدا قدر الطاقة فى أن تخرج نصوص مشروع القانون متوازنة محققة للعدالة، فإن فخامة السيد الرئيس/ عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، رأى أن هناك من الضمانات ما يُمكن إضافته، ومن الإيضاحات ما يزيد النصوص جلاءً وتبيانًا، وهو ما يساهم فى جعل مصر فى مصاف الدول التى فيها القانون هو السيد".
وفي تأكيد على دور القيادة السياسية، صرح مدبولي: "وإن ما تفضّل به فخامة السيد رئيس الجمهورية من مُلاحظات على مشروع القانون إنما يُجسّد حِرْصَ القيادةِ السياسية على ترسيخ دعائم الحقوق والحريات بكافة صورها، وَيُؤكد أهمية صدور قانون يعبر عن تطلعات الشعب المصرى العظيم، ويعكس مكانةَ مِصْر وريادتها فى بناء منظومة عدالة حديثة تُعد نموذجًا يُحتذى به".
وتطرق رئيس الوزراء إلى سوابق تاريخية: "وهذه ليست المرة الأولى التى يُرد فيها مشروع قانون إلى المجلس بعد الموافقة النهائية عليه وإرساله إلى السيد رئيس الجمهورية، فقد سبقها رد قوانين العدالة الضريبية عام 1978 ، وقانون تنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية عام 2020… وفى هذا المقام، أتوجه بخالص التقدير لفخامة السيد الرئيس/ عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، الذى لا يَألُو جَهدًا فى مُمارسة صلاحياته الدستورية بكل مسئولية وحرص على صَوْن دولة القانون، وضمان حقوق وحريات المواطنين".
واختتم الدكتور مصطفى مدبولي بيانه قائلًا: "وأود أن أُعرب عن تقديرى العميق لما أبداه مجلسكم الموقر من استجابة مسئولةٍ وَمُقَدّرة، والتى كانت نابعة من حِرْصِكُم الدائم على إعلاء المصلحة العامة وتكريس مبادئ سيادة القانون".
وأضاف: "فى الختام، أؤكد على التزام الحكومة بالحوار والتعاون والتكامل مع مجلسكم الموقر، إعلاءً لمصلحة البلاد، وَحرصًا على أن تخرُج منظومة التشريعات فى صُورتها النهائية، لتكون نموذجًا يُحتذى به فى الانضباط، والدقة، والعدالة، واحترام حقوق الإنسان، بما يليق بمكانة مصر وشعبها العظيم".