الأربعاء، 01 أكتوبر 2025 12:03 ص

الذكرى الثانية لحرب غزة تضع أوروبا أمام اختبار تاريخي.. تضامن شعبي واسع ومظاهرات مستمرة.. إدانات للمجازر الإسرائيلية واعتراف دولي بفلسطين.. مساعدات إنسانية قياسية.. وفرض عقوبات وحظر تسليح على تل أبيب

الذكرى الثانية لحرب غزة تضع أوروبا أمام اختبار تاريخي.. تضامن شعبي واسع ومظاهرات مستمرة.. إدانات للمجازر الإسرائيلية واعتراف دولي بفلسطين.. مساعدات إنسانية قياسية.. وفرض عقوبات وحظر تسليح على تل أبيب احتجاجات اوروبية ضد حرب غزة
الثلاثاء، 30 سبتمبر 2025 10:00 م
فاطمة شوقى
مع حلول أكتوبر واقتراب الذكرى السنوية الثانية لـ حرب غزة، تشهد الساحة الأوروبية إعادة تموضع سياسي ودبلوماسي يعكس توازنات معقدة بين ضغط الرأي العام من جهة وحسابات الحكومات من جهة أخرى.
 
فمن بروكسل إلى مدريد، تتخذ أوروبا خطوات متباينة في تعاملها مع الحرب، وسط تصعيد في الخطاب الحقوقي والإنساني يقابله تردد في السياسات الرسمية على مستوى الاتحاد.
 
 
ومنذ اندلاع الحرب، كانت شوارع أوروبا ساحة لمظاهرات غير مسبوقة، كما رصدت صحيفة 20 مينوتوس الإسبانية،  مئات الآلاف خرجوا في لندن، برلين، باريس ومدريد، رافعين شعارات تطالب بوقف إطلاق النار وفرض عقوبات على إسرائيل، و هذا الزخم الشعبي لم يعد بالإمكان تجاهله، إذ أجبر الحكومات على مراجعة مواقفها ولو تدريجياً، ليتحول المشهد إلى ساحة اختبار حقيقية لمدى التزام أوروبا بقيمها المعلنة حول حقوق الإنسان.
 
وعلى الصعيد السياسي، أشارت صحيفة الدياريو الإسبانية إلى أن الاتحاد الأوروبي أصدر عدة بيانات رسمية عبر المجلس الأوروبي والبرلمان الأوروبي، دعت إلى "وقف فوري ومستدام لإطلاق النار". كما عاد النقاش بقوة حول تجميد اتفاقية الشراكة التجارية بين الاتحاد وإسرائيل، رغم أن القرار لم يترجم عملياً بسبب معارضة دول مثل ألمانيا والمجر التي واصلت الاصطفاف إلى جانب تل أبيب.
 
في المقابل، برزت مواقف أكثر جرأة من بعض العواصم الأوروبية. فقد طالبت إسبانيا وإيرلندا وبلجيكا علناً بفرض حظر تسليح على إسرائيل، ورفعت دعاوى قانونية أمام محكمة العدل الدولية تتهم الجيش الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب. كما انضمت مدريد إلى تحالف دولي يسعى إلى إنهاء ما وصفه بـ"إفلات إسرائيل من العقاب"، في خطوة عكست تحوّلاً ملحوظاً في السياسة الخارجية الإسبانية.
 
وأحد أبرز التحولات التي شهدتها القارة تمثل في ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية. فقد اتخذت كل من فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وإيرلندا والنرويج خطوة تاريخية بالاعتراف الرسمي بفلسطين، لتلحق بها سلوفينيا ومالطا ولكسمبورج.
 
هذه الاعترافات شكلت رسالة قوية مفادها أن الحل السياسي للصراع لا يمكن أن يتجاهل حق الفلسطينيين في تقرير المصير، كما أنها عكست استجابة مباشرة لضغوط الرأي العام الأوروبي الذي بات يرفض استمرار الدعم غير المشروط لإسرائيل.
 
 
اقتصادياً، أوضحت صحيفة لا إكونوميستا أن بعض الدول الأوروبية اتخذت قرارات ملموسة ذات بعد رمزي وعملي. النرويج مثلاً أوقفت استثمارات صندوقها السيادي في شركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية، بينما علقت الدنمارك صفقات أسلحة معينة. في المقابل، واصلت كل من إيطاليا واليونان تعزيز تعاونها الأمني مع إسرائيل، ما أظهر عمق الانقسام داخل البيت الأوروبي.
 
 
أما على الصعيد الإنساني، فقد أعلنت بروكسل رفع ميزانية المساعدات المخصصة لغزة بشكل قياسي، حيث تم تخصيص أكثر من 500 مليون يورو لإغاثة المدنيين. غير أن هذه الخطوة قوبلت بانتقادات واسعة، إذ اتهمت المفوضية الأوروبية بازدواجية المعايير بسبب استمرار تمويلها لمشاريع مشتركة مع شركات إسرائيلية تعمل في مجالات التكنولوجيا والدفاع.
 
 
ويبدو المشهد الأوروبى متناقضا بين تضامن شعبي واسع، وقرارات حكومية متقدمة في بعض الدول، لكن في المقابل انقسام داخلي يحول دون بلورة موقف أوروبي موحد وحازم. ومع اقتراب الذكرى الثانية للحرب، تتصاعد التساؤلات: هل يشكل هذا الحراك بداية تحول استراتيجي في سياسة أوروبا تجاه الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، أم أن الضغوط الاقتصادية والسياسية ستظل تكبح أي قرار جذري يتجاوز الرمزية إلى الفعل؟
 
 
كما يبدو مؤكداً هو أن الذكرى القادمة لن تمر بصمت. فالمظاهرات المقررة في عواصم أوروبية عدة، إلى جانب الخطوات القانونية والدبلوماسية المتسارعة، تعكس أن القضية الفلسطينية باتت في قلب النقاش الأوروبي من جديد، وأن حرب غزة الثانية قد تعيد صياغة موقع أوروبا بين وعود القيم وضغوط المصالح.
 
 
 

 


print