دخل قانون تنظيم مرفق مياه الشرب والصرف الصحي، حيز التنفيذ بعد تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي عليه، ومن ثم تبدأ الدولة فى إطار نحو تحقيق الأمن المائي والاستدامة البيئية، وتعزيز البنية التشريعية التي تنظم واحدًا من أهم القطاعات الحيوية المرتبطة مباشرة بحياة المواطنين.
ويأتي هذا القانون ليشكل نقلة نوعية ليس فقط في إطار تحسين الخدمات، بل أيضًا في دعم جهود الدولة الرامية إلى تشجيع الاستثمار ومشاركة القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات البنية التحتية وفق ضوابط دستورية وقانونية دقيقة، تراعي مقتضيات الأمن القومي وتحافظ على مقدراته.
ويمثل قطاع المياه والصرف الصحي ركيزة أساسية للأمن القومي المصري، إذ يرتبط بشكل مباشر بصحة المواطنين وجودة حياتهم، فضلًا عن كونه مكونًا استراتيجيًا في خطط التنمية المستدامة. ومن هنا جاء القانون الجديد ليعزز الثقة بين المواطن والدولة، من خلال وضع ضوابط واضحة تنظم العلاقة بين مقدمي الخدمات والمستهلكين، وتضمن تحسين الجودة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ويسهم القانون في تحويل هذا القطاع إلى منظومة متكاملة تراعي التوازن بين الاستدامة والكفاءة الاقتصادية، بما يضمن استمرارية الخدمة ورفع كفاءتها، وجاء التشريع في عدة أبواب شملت: التعريفات والأحكام العامة، تنظيم مرفق مياه الشرب والصرف الصحي، حقوق والتزامات متلقي خدمات المرفق، تراخيص مزاولة أنشطة المرفق، المحاسبة والتعريفة، تنظيم الصرف الصناعي، ترشيد الاستهلاك، والعقوبات الخاصة بمخالفة أحكام القانون.
ويعكس هذا التقسيم رغبة المشرع في وضع إطار قانوني متكامل يحدد بدقة حقوق وواجبات كل طرف، ويمنع أي ممارسات عشوائية أو مخالفات قد تؤثر على جودة الخدمة أو حقوق المستهلك، حيث ألزم القانون مقدمي خدمات مياه الشرب والصرف الصحي بالتقدم إلى جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلك للحصول على رخص مؤقتة لمزاولة النشاط خلال عام من تاريخ العمل بالقانون. وخلال فترة توفيق الأوضاع، يُستثنى مقدمو الخدمات من بعض الاشتراطات الفنية ومعايير الأداء، وذلك لتيسير الانتقال التدريجي نحو التطبيق الكامل للقانون.
كما أجاز القانون لمجلس الوزراء، بناءً على عرض من وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، مد المهلة لعام آخر إذا دعت الحاجة. وهو ما يعكس المرونة في التطبيق، بما يوازن بين سرعة تنفيذ الإصلاحات وحماية مصالح المواطنين، وينص على أن يحل "جهاز تنظيم مرفق مياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلك" محل الجهاز السابق المنشأ بقرار رئيس الجمهورية رقم 136 لسنة 2004، مع انتقال جميع العاملين إليه بذات أوضاعهم الوظيفية وحقوقهم المالية. ويؤكد ذلك توجه الدولة نحو تعزيز الكفاءة المؤسسية وتوحيد المرجعية التنظيمية، بما يسهل الرقابة ويزيد من فاعلية متابعة الخدمات.
ونص القانون صراحة على عدم الإخلال بالاتفاقيات الدولية السارية في مصر، بما يضمن التزام الدولة بتعهداتها في مجال إدارة الموارد المائية وحماية البيئة. كما ألزم مقدمي الخدمات بتوفيق أوضاعهم خلال خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون، وهي فترة كافية تتيح التحول التدريجي نحو منظومة أكثر انضباطًا وشفافية، وألزم رئيس مجلس الوزراء بإصدار اللائحة التنفيذية خلال ستة أشهر من تاريخ العمل به، بناء على عرض الوزير المختص، على أن تستمر اللوائح الحالية في التطبيق لحين صدور اللائحة الجديدة، شريطة ألا تتعارض مع أحكام القانون. وتعد هذه الخطوة أساسية لضمان سرعة دخول القانون حيز التنفيذ العملي دون تعطيل.
ومن أبرز المزايا التي سيشعر بها المواطن نتيجة تطبيق القانون، تحسين جودة الخدمات من خلال الرقابة الصارمة على مقدمي الخدمة وتطبيق معايير الأداء، ضبط الأسعار والتعريفة بما يحقق العدالة الاجتماعية ويحمي المستهلك من أي استغلال، مكافحة العشوائية عبر تنظيم أنشطة المرفق والتصدي لأي ممارسات مخالفة، الاستدامة البيئية من خلال تشجيع ترشيد الاستهلاك وضبط الصرف الصناعي، تعزيز الشفافية إذ يعرف المواطن حقوقه وواجباته بوضوح، ودعم الاستثمار ومشاركة القطاع الخاص، ويتيح التشريع فرصًا جديدة لمشاركة القطاع الخاص في إدارة وتشغيل مشروعات المياه والصرف الصحي، لكن وفق ضوابط صارمة تراعي مقتضيات الأمن القومي، ومن المتوقع أن يسهم ذلك في جذب استثمارات جديدة، وتخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة، مع ضمان استمرار الرقابة الحكومية على هذا القطاع الحيوي.