مستجدات متلاحقة، ترتبط بالأوضاع فى قطاع غزة، فالقصف متواصل منذ ما يقرب من عامين، وحرب التجويع مستمرة، والهدف هو تهجير سكان القطاع، بينما تتلاحق التحولات فى المواقف الدولية، مع اقتراب انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإعلان عدة دول، وأحدثها بلجيكا، اعتزامها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، هو ما يمثل صفعة قوية لحكومة بنيامين نتنياهو، بينما تثير استفزاز واشنطن بصورة كبيرة، خاصة وأن القرارات جاءت أحادية دون تنسيق مع القيادة الأمريكية.
ميدانيا، أعلنت مصادر صحية فى قطاع غزة، استشهاد 46 فلسطينيا منذ منتصف الليل وحتى الساعة العاشرة صباح اليوم الثلاثاء نتيجة قصف الاحتلال الإسرائيلى المستمر على مناطق متفرقة فى القطاع.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" اليوم أنه وفق آخر البيانات، فقد توزّع الشهداء على المستشفيات كالتالي: مستشفى الشفاء 32 شهيدًا، عيادة الشيخ رضوان 4 شهداء، مستشفى العودة 4 شهداء، مستشفى الأقصى شهيد واحد، ومستشفى ناصر 5 شهداء، فى حين لم تُسجل أية وفيات فى مستشفى المعمدانى خلال الفترة نفسها. وأشارت المصادر إلى استمرار عمل فرق الطوارئ والإسعاف على مدار الساعة للتعامل مع حالات الإصابات والوفيات الناتجة عن العدوان، مشددة على أن الوضع الصحى فى القطاع شديد الخطورة بسبب استمرار القصف واستهداف البنية التحتية الطبية.
وفى الوقت نفسه، تحدث الدفاع المدنى فى قطاع غزة عما أسماه "موت محتم" للنازحين، معتبرا أن ممارسات الاحتلال فى هذا الإطار ترقى إلى "التطهير العرقي" بحق الفلسطينيين، مؤكدا مواصلة العمل تجاه المواطنين فى مدينة غزة والشمال. وأضاف "النازحون سيتركون فى مواجهة المصير المجهول الذى سيحكم عليهم بالموت المحتم".
بينما أعلنت وزارة الصحة فى غزة سقوط 70 شهيدا بينهم 12 طفلا منذ إعلان المجاعة رسميا فى منطقة غزة، موضحة أن أكثر من 55 ألف حامل ومرضع بالإضافة إلى 43 ألف طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية.
وأشارت إلى تسارع وتيرة تداعيات كارثة المجاعة فى القطاع، موضحة أنه تم تسجيل 185 شهيدا بسبب سوء التغذية فى أغسطس.
ومن جانبها، قالت وكالة الأونروا أن سكان غزة يجبرون على ترك منازلهم مرارا وتكرارا وسط قصف متواصل وأوامر تهجير تصدرها إسرائيل، موضحة أنه يجب إعادة فتح منافذ المساعدات الإنسانية ورفع الحصار للسماح بدعم المحتاجين فى قطاع غزة.
وإنسانيا، انطلقت صباح اليوم الثلاثاء من ساحة ميناء رفح البرى بالجانب المصرى إلى منفذ كرم أبو سالم جنوب شرق قطاع غزة ، شاحنات قافلة المساعدات الانسانية الـ28 ضمن مبادرة "زاد العزة.. من مصر إلى غزة". وصرح مصدر مسئول بميناء رفح البري بأن القافلة تحتوي على سلاسل غذائية مختلفة ومتنوعة مثل الطحين والأرز والسكر والزيت والمعلبات وحليب الأطفال ، فضلا عن شاحنات وقود، كما تضم أيضا مستلزمات طبية وعلاجية وأدوية وغيرها من مواد اغاثية وإنسانية.
وعلى الصعيد الدبلوماسى، أعلنت بلجيكا أنها ستعترف بدولة فلسطينية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة فى شهر سبتمبر الجارى، على أن يصبح الاعتراف رسميا مع الإفراج عن آخر رهينة إسرائيلى من قطاع غزة.
وقال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية البلجيكى ماكسيم بريفو - فى بيان عبر منصة "إكس" اليوم الثلاثاء - إنه "فى ضوء المأساة الإنسانية التى تتكشف فى فلسطين، وبشكل خاص فى غزة، وفى مواجهة العنف الذى ترتكبه إسرائيل فى انتهاك للقانون الدولى، ونظرا لالتزاماتها الدولية بما فى ذلك واجب منع أى مخاطر الإبادة الجماعية، كان على بلجيكا اتخاذ قرارات قوية لزيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية وحماس".
وأضاف: "سيجرى تطبيق 12 عقوبة صارمة على المستوى الوطنى، بما فى ذلك حظر استيراد المنتجات من المستوطنات، ومراجعة سياسة المشتريات العامة مع الشركات الإسرائيلية، وتقييد المساعدات القنصلية للبلجيكيين المقيمين فى مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولى، وملاحقات قضائية محتملة، وحظر التحليق والعبور، وإدراج اثنين من الوزراء الإسرائيليين المتطرفين وعدد من المستوطنين العنيفين وقادة حماس فى قائمة الأشخاص غير المرغوب فيهم فى بلادنا".
وتابع: "لا يتعلق الأمر بمعاقبة الشعب الإسرائيلى، بل بضمان احترام الحكومة للقانون الدولى والإنسانى والعمل على محاولة تغيير الوضع على الأرض".
كما تحدث وزير الخارجية البلجيكى ماكسيم بريفو عن "التصويت لصالح تعليق التعاون مع إسرائيل على المستوى الأوروبى الذى يتطلب أغلبية مؤهلة، بما فى ذلك تعليق اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبى، وتعليق برامج البحث والتعاون التقنى، وغيرها".
وفى السياق نفسه، رحبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية بإعلان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية البلجيكى، ماكسيم بريفو، عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين خلال جلسة الأمم المتحدة، معتبرةً ذلك خطوة تتماشى مع القانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة، وحمايةً لحل الدولتين ودعمًا لتحقيق السلام.
وطالبت الوزارة - وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" اليوم الثلاثاء الدول التى لم تعترف بعد بدولة فلسطين، بالتحرك سريعًا لإعلان اعترافها، وتكثيف الجهود العملية لوقف جرائم الإبادة والتهجير والتجويع والضم، وفتح مسار سياسى حقيقى لحل الصراع وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى لأرض دولة فلسطين.
