الأحد، 10 أغسطس 2025 12:06 ص

تل أبيب على جمر الأزمات.. قرارات "نتنياهو" تشعل الدخل الإسرائيلى.. عائلات المحتجزين فى قطاع غزة والمعارضة يطالبون بإسقاط الحكومة.. والأزمات تضرب جيش الاحتلال.. والانتحار والأمراض النفسية تحاصر ثكنات الجنود

تل أبيب على جمر الأزمات.. قرارات "نتنياهو" تشعل الدخل الإسرائيلى.. عائلات المحتجزين فى قطاع غزة والمعارضة يطالبون بإسقاط الحكومة.. والأزمات تضرب جيش الاحتلال.. والانتحار والأمراض النفسية تحاصر ثكنات الجنود نتنياهو
السبت، 09 أغسطس 2025 09:42 م
عبد الوهاب الجندى
تسببت السياسة التي تنتهجها تل أبيب، بقيادة بنامين نتنياهو، إلى إشعال الداخل الإسرائيلي، وأصبحت منبوذة دولا، فضلا عن تعرضها لخسائر اقتصادية ضخمة، بسبب الحرب الدائرة على قطاع غزة التي تقترب من عامها الثاني على التوالي، ليصبح الكيان يتقلب على الجمر بسبب تلك الأزمات التي اصطنعها.
 
ومن ملاحقة عائلات المحتجزين في غزة منذ أكتوبر 2023، مرورا بالخسائر المادية والبشرية في صفوف الاحتلال الاقتصادي، والأزمة بين قيادات الجيش وحكومة نتنياهو، فضلا عن الحالة النفسية التي يمر بها الجنود، وصولا إلى العزلة الدولية التي تعاني منها إسرائيل، وخاصة بعد أن أعلن نتنياهو موافقة "الكابينت" على احتلال قطاع غزة بالكامل الأمر الذي آثار سخط العائلات الإسرائيلية، واعتبروه بمثابة إعلام إعدام للمحتجزين في القطاع، بالإضافة إلى رفض المعارضة تلك الخطة.
 
عائلات المحتجزين تلاحق نتنياهو
 
وهاجمت عائلات المحتجزين الإسرائيليين، و"هيئة إعادة الرهائن"، قرار مجلس الوزراء الأمني المصغر بتوسيع الحرب والسيطرة عسكرياً على مدينة غزة.
وقالت عائلات المحتجزين إن "الحكومة الإسرائيلية حكمت على الرهائن الأحياء (في غزة) بالإعدام"، وأضافت أن "قرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالاستيلاء على غزة، هو إعلان رسمي بالتخلي عن المحتجزين، رغم تحذيرات الجيش المتكررة".
 
خلافات وأزمة في جيش الاحتلال الإسرائيلي
واتخذ نتنياهو القرار ووافقه المجلس، رغم وجود خلافات حادة بين رئيس الوزراء ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، الذى عينه الأول في مارس الماي، بعد أن تم دفع سلفه هرتسي هليفي إلى التنحي، وسط خلافات مع الحكومة حول استراتيجية الحرب.
 
ووصف زامير وصف خطة احتلال غزة بـ"الفخ" وأكد أنه تعرّض حياة الرهائن للخطر وتستنزف الجيش لسنوات، ولذلك هاجمه نتنياهو ونجله يائير بالتواطؤ وحتى "التمرد العسكري"، في حين دافع وزير الدفاع عن حقه في التعبير عن الرأي.
 
ومنذ يوليو 2023، أبلغ آلاف من الاحتياطيين، ومن بينهم ضباط رفيعو المستوى من القوات الجوية، ووحدة 8200، وقوات خاصة، عن نيتهم التوقف عن الخدمة بسبب استمرار الحرب.
 
الانتحار والامراض النفسية تحاصر ثكنات الجنود
ولا تتوقف الأزمة في الجيش الإسرائيلي، على هذه المواقف، بل يعاني جنوده من كارثة نفسية حادة، حيث كشف تحقيق للجيش، عن ارتفاع حالات انتحار الجنود الإسرائيليين، على خلفية الحرب على غزة، وأفادت هيئة البث الإسرائيلية "مكان"، بأنه منذ بداية 2025، انتحر 16 جندياً، لافتة إلى أن الجيش الإسرائيلي يخشى من انتشار هذه الظاهرة، وذكرت الهيئة، أن غالبية حالات الانتحار الأخيرة التي وقعت في صفوف الجيش تعود إلى تداعيات الحرب على غزة، وفقاً لما أظهرته التحقيقات التي أجرتها سلطات عسكرية مختصة في إسرائيل، لم توضح طبيعتها.
 
وأفادت النتائج بأن الجنود الذين أقدموا على الانتحار واجهوا ضغوطاً نفسية شديدة، تمثلت في البقاء لفترات طويلة داخل مناطق القتال، والتعرض لمناظر قاسية، بالإضافة إلى فقدان رفاقهم وعدم القدرة على استيعاب مجريات الأحداث العنيفة.
 
وأوضحت الهيئة، أن الجيش يحقق في كل حالة انتحار على حدة، وتشمل التحقيقات فحص الرسائل التي تركها الجنود، وإجراء محادثات مع محيطهم القريب.
ونقلت الهيئة عن مصدر عسكري إسرائيلي وصفته بأنه كبير، لم تسمه، قوله، إن "معظم حالات انتحار الجنود نتجت عن واقع معقد سبّبته الحرب، فالحرب لها تبعات".، ولا يعترف الجيش الإسرائيلي بالعسكريين المنتحرين كـ"ضحايا حرب".
 
المعارضة تطلب بإسقاط نتنياهو
وانتقد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، قرار مجلس الوزراء الأمني المصغر، ووصفه بأنه "كارثة ستقود لكوارث أخرى"، فيما اتهم رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيجدور ليبرمان نتنياهو متهماً إياه بـ"التضحية بالإسرائيليين من أجل الحفاظ على منصبه".
 
واتهم رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير المالية السابق، أفيجدور ليبرمان، قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالـ"سيطرة على قطاع غزة" بأنه يضحي بالمواطنين الإسرائيليين من أجل الحفاظ على منصبه وسلطته.
 
وأضاف ليبرمان، عبر منصة "إكس"، أن "القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء الأمني المصغر (الكابينت)، يعارض رأي رئيس الأركان إيال زامير، والذي حذّر من المخاطر الكبيرة التي قد تجلبها مثل هذه الخطوة على إسرائيل".
 
بدوره، قال يائير جولان، زعيم حزب "الديمقراطيين"، إن القرار يعني "التخلي عن مزيد من المحتجزين ليموتوا"، مضيفاً أن "هذه الخطوة تعكس نمط سلوك نتنياهو، إنه ضعيف، ويخضع بسهولة للضغوط، ويفتقر إلى القدرة على اتخاذ القرار، وعاجز عن التوفيق بين ما يعرضه المستوى المهني (العسكريين) وبين جماعة المهووسين التي تتحكم بالحكومة".
 
الأزمة الاقتصادية في إسرائيل بسبب الحرب على غزة
ومنذ اندلاع الحرب، يعاني الإسرائيليون من ارتفاع تكاليف المعيشة وتباطؤ النمو الاقتصادي، فضلا عن  إجلاء ما يقارب 250 ألف إسرائيلي من منازلهم من الجنوب والشمال -حوالي 40% منهم لم يعودوا إلى منازلهم حتى اليوم- حيث تم إيواؤهم في 438 فندقا ومنشأة إخلاء، وهو ما كلف الوزارات الحكومية 6.4 مليارات شيكل (1.8 مليار دولار)، بحسب بيانات وزارة الرفاه والسياحة الإسرائيلية.
 
وتتكتم سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بشكل كبير على حقائق خسائر الاقتصاد وغيرها من الخسائر البشرية، فقد أعلنته حكومة بنامين نتنياهو، عن وصول العجز المالي إلى 6.9% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024، أي حوالي 136 مليار شيكل (36.1 مليار دولار)، لكن الصحف شككت في ذلك إذ تُظهر التحليلات أن العجز الحقيقي يصل إلى 7.2% من الناتج المحلي الإجمالي، أي حوالي 142 مليار شيكل (37.7 مليار دولار).
 
وقال محافظ بنك إسرائيل أمير يارون، في تصريحات الأسبوع الماضي، إن ستة أشهر أخرى من الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية في غزة من شأنها أن تقلص النمو الاقتصادي لإسرائيل بنصف نقطة مئوية في عام 2025 وتزيد من أعباء الديون.
 
ومع استمرار الحرب فإن ذلك إلى انخفاض النمو بنسبة نصف بالمائة إضافية في عام 2025"، وسيرفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 69% إلى 71%، بحسب تصريحات أمير يارون.
 
246 مليون دولار تكلفة يومية للحرب على غزة
وفقًا لما أعلنه وزير الخزانة الإسرائيلي، تبلغ التكلفة اليومية المباشرة للحرب حوالي 246 مليون دولار، وقد أشارت صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية، إلى أن تكلفة الحرب على قطاع غزة بلغت نحو 250 مليار شيكل (67.57 مليار دولار) حتى نهاية عام 2024.
 
وبحسب وزارة المالية الإسرائيلية، فإن إسرائيل سجلت عجزا في الميزانية قدره 19.2 مليار شيكل (5.2 مليارات دولار) في ديسمبر الماضي، مشيرة إلى ارتفاع النفقات لتمويل الحربين في غزة ولبنان.
 
ويتوقع خبراء الاقتصاد في بنك إسرائيل، انخفاض سعر الفائدة القياسي من 4.5% إلى 4% بحلول أوائل عام 2026، على أمل انحسار التضخم. وكان معدل التضخم قد ارتفع إلى 3.6% في أبريل من 3.3% في مارس ، ليبقى فوق المستوى المستهدف الذي يتراوح بين 1% و3%.
 
ويتوقع أن تشكل الخسائر على مدى العقد القادم نحو 400 مليار دولار من إجمالي النشاط الاقتصادي، تمثل 90% من هذه الخسائر آثاراً غير مباشرة مثل انخفاض الاستثمار، وتعطل الأسواق، وانخفاض إنتاجية العمالة.
 
وبسبب الحرب على غزة وجبهات أخرى، تدهورت صناعة السياحة الوافدة إلى إسرائيل بنسبة فاقت 70% خلال العام الماضي، مقارنة بـ2023.
 
وتشير الأرقام إلى خسائر وصلت إلى 3.4 مليار دولار (ما يعادل أكثر من 12 مليار شيكل) منذ بدء الحرب، بسبب انخفاض كبير بإيرادات السياحة، فضلا عن أن معظم شركات الطيران الدولية أوقفت رحلاتها إلى تل أبيب، مما عزل إسرائيل عن السياحة الخارجية بشكل فعلي.
 
وبحسب إعلام عبري، فإنه تم إغلاق عدد كبير من الشركات والمؤسسات السياحية، حيث توقّع تقريرٌ ارتفاع عدد المنشآت المغلقة بأكثر من 50% عن السنوات السابقة، وبلغ عددها نحو 60,000 منشأة في 2024، كما فقد قطاع السياحة عددًا كبيرًا من القوى العاملة: من بين 3,000 عامل، تبقى ثلثهم فقط في الخدمة

فى السياق ذات، يوما بعد يوم تشتعل الخلافات فى الداخل الإسرائيلى وسط الانقسام السياسى وتصاعد المظاهرات ومطالبات عائلات الرهائن التى تتواصل يوميا، عقب القرارات التى يتخذها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو فى محاولة لتحقيق إنجاز سياسى للحفاظ على منصبه وسلطته، والتى كان أخرها اعتزامه محاولة السيطرة عسكرياً على كامل قطاع غزة، والتى انصاع له مجلس الوزارى الأمنى المصغر "الكابينت" بالتصديق على خطتة، وتكليف الجيش الإسرائيلى بالتأهب والإعداد للسيطرة على مدينة غزة.
وكان اجتماعًا أمنيًا رفيع المستوى فى إسرائيل شهد توترًا حادًا بعد أن واجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفضًا صارمًا من رئيس الأركان إيال زامير لخطة تقضي بـالاستيلاء الكامل على قطاع غزة.
 
وخلال الجلسة، حذر زامير نتنياهو من أن التوغل الشامل في غزة قد يُعرض حياة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين هناك للخطر، مؤكدًا أن مثل هذه الخطوة تنطوي على مخاطر استراتيجية كبيرة وتستغرق وقتًا طويلاً لتنفيذها ميدانيًا.
 
وقال رئيس الأركان الإسرائيلى إنه سيواصل إبداء موقفه دون خوف وبشكل موضوعي ومستقل، ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن زامير قوله في تقييم للوضع "نحن نتعامل مع مسألة حياة أو موت، دفاعًا عن الوطن، ونفعل ذلك ونحن نتطلع إلى جنودنا ومدنيي إسرائيل. سنواصل العمل بمسؤولية ونزاهة وعزم - واضعين نصب أعيننا أمن إسرائيل ورفاهيتها فقط".
 

 


print