تحشدت قوات الاحتلال الإسرائيلي، بكامل طاقتها استعدادا لاحتلال كامل قطاع غزة الفلسطيني، بعد ما يقرب من عامين على الحرب ضد القطاع المحاصر برا وبرحا وجوا، وذلك على إثر قرار "الكابينت" بالموافقة على خطة حكومة بنامين نتنياهو الداعية لإعادة احتلال القطاع والتي كانت سائدة قبل عام 2005، لكن دول العالم عبرت عن رفضها للقرار وأصدرت بيانات تدعو فيه إلى إنهاء تلك الخطة التي ستزيد المعاناة والمجاعة على سكان القطاع.
وبحسب مسئولون أمريكيون، فإن صوراً التقطتها أقمار اصطناعية تجارية أظهرت قيام الجيش الإسرائيلي بحشد قوات ومعدات قرب الحدود مع غزة، وذلك لدعم عملية برية جديدة مُحتملة في القطاعِ الفلسطيني، وقال المسؤولون لشبكة NBC News، إن الصورُ التي أظهرت تحركات وتشكيلات للقوات، تعد مؤشرات على عملية برية كبرى وشيكة.
وذكر 3 مسؤولين أمريكيين وشخص مطلع على المناقشات الإسرائيلية، أنه في حالِ شنِّ عملية عسكرية جديدة، فقد تشمل جهوداً لاستعادةِ المحتجزين لدى حركة "حماس"، و"توسيع نطاقِ المساعدات الإنسانية في المناطقِ الواقعة خارج نطاقِ القتال".
خطة احتلال غزة
وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن الخطة العسكرية للاحتلال ستبدأ بتهجير المواطنين من مدينة غزة نحو الجنوب، يتبعها تطويق المدينة، ومن ثم تنفيذ عمليات توغل إضافية في مراكز التجمعات السكنية، وتتوافق الخطة العسكرية مع مطالبة وزير المالية في حكومة الاحتلال المتطرف بتسلئيل سموتريتش، باحتلال قطاع غزة، وبناء مستعمرات فيه.
وعلى إثر القرار، هاجمت عائلات المحتجزين الإسرائيليين، و"هيئة إعادة الرهائن"، الجمعة، قرار مجلس الوزراء الأمني المصغر بتوسيع الحرب والسيطرة عسكرياً على مدينة غزة.
وقالت عائلات المحتجزين إن "الحكومة الإسرائيلية حكمت على الرهائن الأحياء (في غزة) بالإعدام"، وأضافت أن "قرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالاستيلاء على غزة، هو إعلان رسمي بالتخلي عن المحتجزين، رغم تحذيرات الجيش المتكررة".
وتعليقا على قرار حكومة الاحتلال على خطة احتلال غزة، قالت حركة حماس، إن "غزّة ستبقى عصيّة على الاحتلال، وعلى محاولات فرض الوصاية عليها، وتوسيع العدوان على شعبنا الفلسطيني لن يكون نزهة، وسيكون ثمنه باهظًا ومكلفًا على الاحتلال وجيشه النازي".
بدورها قالت حركة الجهاد الإسلامي، "إن قرار مجلس الوزراء الأمني المصغّر، الكابينت، في الكيان باحتلال كامل قطاع غزة وبسط سيطرته الأمنية عليه، بذريعة نزع سلاح المقاومة وتحرير أسراه وإقامة إدارة خاضعة له، هو فصل جديد من فصول حرب الإبادة بحق شعبنا عبر استخدام الإرهاب النازي وارتكاب المزيد من المجازر"، قائلة: " إننا في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين سنواصل، إلى جانب كل قوى المقاومة، الدفاع عن شعبنا وحقوقه ضد الاحتلال، بكل قوة واقتدار".
العالم يرفض قرار خطة احتلال غزة
وطالب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الجمعة، بالوقف "الفوري" لخطة إسرائيل للسيطرة العسكرية الكاملة على غزة، وحذّر المسؤول الأممي، عبر منصة "إكس"، من أن الخطة الإسرائيلية ستؤدي إلى مزيد من "النزوح القسري الجماعي، والقتل، والمعاناة البشعة"، مطالباً إسرائيل بالسماح بتدفق المساعدات الإنسانية بالكامل، ودون قيود إلى غزة.
وأكد "تورك" أن فرض إسرائيل سيطرتها العسكرية على غزة يتعارض مع قرار لمحكمة العدل الدولية بضرورة إنهاء إسرائيل الاحتلال بأسرع ما يمكن.
وفي السياق ذاته، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل باحتلال مدينة غزة وتوسيع الحرب، هو قرار خاطئ، وسيؤدي إلى المزيد من سفك الدماء.
وأضاف ستارمر في بيان: "قرار الحكومة الإسرائيلية تصعيد هجومها على غزة خاطئ، ونحثها على إعادة النظر فيه فورا".، وأشار إلى أن "هذا الإجراء لن يسهم في إنهاء هذا الصراع أو في ضمان إطلاق سراح الرهائن".
كما دعت أستراليا، حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى عدم تنفيذ خطة احتلال مدينة غزة وتوسيع العدوان على القطاع، وقالت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وانج في بيان الجمعة، إن الخطة الإسرائيلية ستؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة.
وأضافت وانج، أن التهجير القسري هو انتهاك للقانون الدولي، مشددة على ضرورة وقف إطلاق النار وتدفق المساعدات دون عوائق، مؤكدة أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم.
بدورها قال المفوض الأممي لحقوق الإنسان، إن "قرار إسرائيل بشأن غزة مخالف لقرار محكمة العدل الدولية بوجوب وضع حد لاحتلالها"، مضيفا: "يجب وقف خطة الحكومة الإسرائيلية للسيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة فورا".
من جانبه، قال نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، إن خطة إسرائيل لاحتلال قطاع غزة بالكامل ستكون "خطوة في الاتجاه الخاطئ".
وأضاف في تصريح له في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، أن موقف روسيا هو نفسه موقف معظم الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، الذي تعتبر هذه الخطة سيئة للغاية وفي الاتجاه الخاطئ، وأكد بوليانسكي، أن روسيا تدين هذه الخطة، التي تنتهك جميع قرارات الأمم المتحدة، مؤكدا أن حل الدولتين هو الخيار الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
كما أعلنت تركيا عن رفضها للخطة، وقالت وزارة الخارجية التركية، إن أنقرة تندد بقرار إسرائيل احتلال مدينة غزة، ودعت المجتمع الدولي ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للتحرك لمنع تنفيذ تلك الخطة.
وأضافت الوزارة، أن على إسرائيل أن توقف فورا خططها الحربية وتوافق على وقف إطلاق النار في غزة وتبدأ مفاوضات حل الدولتين، وأشارت إلى أن كل خطوة تتخذها الحكومة الإسرائيلية لمواصلة الإبادة الجماعية واحتلال الأراضي الفلسطينية توجه ضربة قوية للأمن العالمي.
أعرب رئيس الوزراء الأسكتلندي جون سويني، عن رفض بلاده توسيع الحكومة الإسرائيلية احتلالها في قطاع غزة، داعيا المجتمع الدولي إلى إيقاف تل أبيب عند حدها، جاء ذلك في منشور عبر حساب على منصة "إكس"، غداة موافقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" على احتلال مدينة غزة بالكامل.
قالت وزيرة الخارجية السويدية، ماريا مالمر ستينرغارد، إن قرار الحكومة الإسرائيلية تصعيد هجماتها على قطاع غزة ينتهك القانون الدولي، معربة عن قلقها من القرار الهادف لاحتلال كامل القطاع، جاء ذلك في حديث صحفي، اليوم الجمعة، انتقدت خلاله قرار إسرائيل بشأن احتلال غزة بالكامل.
وأدان وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، بشدة قرار إسرائيل توسيع احتلالها في قطاع غزة، جاء ذلك في منشور لألباريس عبر منصة "إكس"، غداة موافقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" على احتلال مدينة غزة بالكامل، وقال الوزير الإسباني في المنشور: "ندين بشدة قرار الحكومة الإسرائيلية لتوسيع احتلالها العسكري لغزة".
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب، اليوم الجمعة، "إن خطة إسرائيل لتكثيف العمليات في غزة خطوة خاطئة"، وأضاف في بيان على منصة إكس "خطة حكومة نتنياهو لتكثيف العمليات الإسرائيلية في غزة خطوة خاطئة، الوضع الإنساني في غزة كارثي ويتطلب تحسينا فوريا، ولا يسهم هذا القرار بأي حال من الأحوال في ذلك، ولن يساعد أيضا على عودة الرهائن".
انتفاضة في الداخل الإسرائيل ضد نتنياهو
وعلى الصعيد الداخلي، انتقد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، قرار مجلس الوزراء الأمني المصغر، بالموافقة على خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للسيطرة على مدينة غزة بشمال القطاع، ووصفه بأنه "كارثة ستقود لكوارث أخرى"، فيما اتهم رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيجدور ليبرمان نتنياهو متهماً إياه بـ"التضحية بالإسرائيليين من أجل الحفاظ على منصبه".
واتهم رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير المالية السابق، أفيجدور ليبرمان، قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالـ"سيطرة على قطاع غزة" بأنه يضحي بالمواطنين الإسرائيليين من أجل الحفاظ على منصبه وسلطته.
وأضاف ليبرمان، عبر منصة "إكس"، أن "القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء الأمني المصغر (الكابينت)، يعارض رأي رئيس الأركان إيال زامير، والذي حذّر من المخاطر الكبيرة التي قد تجلبها مثل هذه الخطوة على إسرائيل".
وكان إيال زامير حذّر، من خطة السيطرة عسكرياً على كامل مساحة قطاع غزة، قائلاً إن "حياة المحتجزين ستكون في خطر" إذا تم المضي قدماً في تنفيذها، وفقاً لما نقلته "القناة 12" الإسرائيلية.
بدوره، قال يائير جولان، زعيم حزب "الديمقراطيين"، إن القرار يعني "التخلي عن مزيد من المحتجزين ليموتوا"، مضيفاً أن "هذه الخطوة تعكس نمط سلوك نتنياهو، إنه ضعيف، ويخضع بسهولة للضغوط، ويفتقر إلى القدرة على اتخاذ القرار، وعاجز عن التوفيق بين ما يعرضه المستوى المهني (العسكريين) وبين جماعة المهووسين التي تتحكم بالحكومة".
رد الرئيس الفلسطيني على خطة احتلال غزة
وعلى الجانب الفلسطيني، عبرت الرئاسة الفلسطينية، عن رفضها وإدانتها الشديدين للقرارات الخطيرة التي أقرّها "الكابينت" الإسرائيلي، بإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، وتهجير ما يقارب مليون فلسطيني قسرا من مدينة غزة وشمال القطاع الى الجنوب، في جريمة مكتملة الأركان تمثل استمرارا لسياسة الإبادة الجماعية والقتل الممنهج والتجويع والحصار، وانتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية.
وحذرت الرئاسة، من أن هذه الخطط الإسرائيلية، القائمة على القتل والتجويع والتهجير القسري، ستقود إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، وتضاف إلى ما تقوم به قوات الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية من استيطان وضم للأرض الفلسطينية وإرهاب للمستوطنين واعتداء على المقدسات ودور العبادة المسيحية والإسلامية، وحجز الأموال الفلسطينية، وتقويض تجسيد مؤسسات الدولة الفلسطينية، وهي جرائم ضد الإنسانية تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
وأكدت، أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بسياسة الإملاءات أو فرض الوقائع بالقوة، وأنه متمسك بحقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وأمام هذا التصعيد الخطير، قررت دولة فلسطين إجراء الاتصالات العاجلة مع الجهات المعنية في العالم، كما قررت التوجه الفوري إلى مجلس الأمن الدولي لطلب تحرك عاجل وملزم لوقف هذه الجرائم، كما دعت إلى عقد اجتماعات طارئة لكل من منظمة التعاون الإسلامي ومجلس جامعة الدول العربية، لتنسيق موقف عربي وإسلامي ودولي موحد، يضمن حماية الشعب الفلسطيني ووقف العدوان، كما ناشدت بشكل خاص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يتدخل لوقف تنفيذ هذه القرارات، وبدلا من ذلك الوفاء بوعده وقف الحرب والذهاب للسلام الدائم.