فتحت اللجان الانتخابية أبوابها فى تمام الساعة التاسعة من صباح اليوم الثلاثاء، الخامس من أغسطس 2025، فى مختلف محافظات الجمهورية، إيذانًا ببدء اليوم الثانى والختامى من ماراثون انتخابات مجلس الشيوخ، وقد بدأ توافد المواطنين على مقرات الاقتراع للإدلاء بأصواتهم واستكمال هذا الاستحقاق الدستورى، فى عملية انتخابية تأتى بعد يوم أول حافل بالمشاهد المتنوعة والملاحظات الهامة التى وثقتها بعثات المتابعة المحلية والدولية.
وبينما تتواصل عملية التصويت فى يومها الحاسم، تقدم تقارير اليوم الأول التى أصدرها كل من "ائتلاف نزاهة" الدولى و"الائتلاف المصرى لحقوق الإنسان والتنمية" المحلى، صورة بانورامية لما جرى على الأرض، كاشفة عن مشهد انتخابى مركب، جمع بين التنظيم الانضباطى والحضور اللافت لفئات محددة من جهة، ورصد أنشطة يمكن اعتبارها ضمن الدعاية الانتخابية فى محيط اللجان من جهة أخرى.
باشر "ائتلاف نزاهة"، الذى يضم فى تشكيلته 30 متابعًا دوليًا من 14 دولة، أعمال المتابعة الميدانية فى 13 محافظة، مؤكدًا التزامه الكامل بالمعايير المهنية الدولية المنظمة لأعمال المتابعة الانتخابية. وفى تقريره الأولى عن مجريات اليوم الأول، سجل الائتلاف عددًا من الملاحظات الجوهرية، كان أبرزها تأخر فتح عدد من اللجان الانتخابية فى محافظات "القليوبية، البحيرة، المنيا، الجيزة"، حيث تراوح التأخير بين بضع دقائق وحتى نصف ساعة عن الموعد المقرر.
وعلى صعيد المخالفات المحتملة، وثق متابعو الائتلاف الدوليون أنشطة متعددة يمكن تصنيفها كدعاية انتخابية صريحة. ففى محافظة الدقهلية، وتحديدًا أمام مدرسة بن لقمان الإعدادية ومدرسة الملك الكامل الثانوية بمدينة المنصورة، لوحظ تواجد أشخاص يرتدون ملابس عليها شعارات حزبية ويقدمون للناخبين عصائر ومياه. وتكرر المشهد بصور أخرى فى محافظات مختلفة، حيث رُصد قيام عضو بمجلس النواب عن دائرة "كفر الدوار" بمحافظة البحيرة، بقيادة مسيرة داعمة لمرشحى حزبه فى محيط اللجان الانتخابية. كما قاد عضو آخر بمجلس النواب مسيرة مماثلة فى قرية "بنى سلامة" بمنشأة القناطر فى محافظة الجيزة.
ولم تقتصر أنشطة الحشد على نواب البرلمان، فقد رصد التقرير مسيرات كبيرة للمواطنين فى مناطق مثل "أولاد صقر" و"كفر صقر" بمحافظة الشرقية، حمل المشاركون فيها لافتات "صوتك أمانة" لحث المواطنين على المشاركة. كما قادت أحزاب سياسية كبرى مسيرات مشابهة فى الإسماعيلية وبنى سويف لدعم مرشحيها. وفى المقابل، أشاد التقرير بالدور الإيجابى لفرق الهلال الأحمر المصرى فى مساعدة كبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة، واستخدام بعض اللجان لتقنية "QR Code" فى كشوف الناخبين لتعزيز دقة الإجراءات.
من جانبه، قدم "الائتلاف المصرى لحقوق الإنسان والتنمية"، الذى نشر 550 مراقبًا محليًا، صورة أكثر تفصيلًا للتركيبة الديموغرافية للناخبين، مؤكدًا أن المرأة المصرية كانت فى طليعة المشهد الانتخابى، ووصف التقرير حضورها بأنه "نوعى وكثيف يعكس قوة المشاركة"، حيث شوهدت طوابير نسائية ممتدة سبقت حتى مواعيد فتح أبواب التصويت فى العديد من المحافظات، خاصة فى الدلتا والصعيد. وعزا الائتلاف هذا الحضور القوى إلى زيادة عدد المرشحات اللاتى وصلن إلى 97 مرشحة، وتأثير برامج التمكين والمبادرات التنموية مثل "حياة كريمة" و"تكافل وكرامة" فى رفع وعى وتحفيز المرأة.
ولم يكن الحضور النسائى هو الظاهرة الوحيدة اللافتة، فقد وثق التقرير مشاركة ملحوظة لكبار السن منذ الساعات الأولى فى محافظات المنيا وقنا وبنى سويف، خاصة فى المناطق الريفية. كما برز حضور شبابى واسع من فئة ما يُعرف إعلاميًا بـ "جيل Z"، والذين تواجدوا بكثافة فى لجان الاقتراع رغم أن الحد الأدنى للترشح لمجلس الشيوخ هو 35 عامًا، مما يحول دون وجود مرشحين من فئتهم العمرية. وقد أرجع التقرير هذا الإقبال الشبابى إلى زخم الحملات الرقمية واستمرار حالة التفاعل السياسى التى بدأت منذ الانتخابات الرئاسية 2024.
وعلى الرغم من هذه المشاركة الفئوية الكثيفة، سجل الائتلاف المصرى فى بداية اليوم الأول إقبالًا ضعيفًا بشكل عام، قبل أن تتزايد وتيرته تدريجيًا. وأشار إلى أن معظم اللجان فتحت أبوابها فى الموعد المحدد وسط التزام لافت بالإجراءات التنظيمية، باستثناء حالة تأخر ملحوظة فى لجنة 83 بمدرسة حدائق الزيتون بالقاهرة، والتى فتحت أبوابها فى الساعة 9:27 صباحًا. وأكد الائتلاف أن التنظيم والانضباط سيطرا على المشهد بشكل عام، مع انتظام التصويت وتواجد أمنى فعال للحراسة دون رصد أى مظاهر عنف.
وبينما تتجه الأنظار الآن إلى الساعات المتبقية من اليوم الثانى وإلى عمليات الفرز التى ستليه، تبقى التقارير النهائية للمنظمات الدولية والمحلية هى الوثيقة التى ستحكم على مدى نزاهة وشفافية هذا الاستحقاق الانتخابى الهام، والذى يتنافس فيه نحو 560 مرشحًا على المقاعد الفردية إلى جانب القوائم الحزبية، للفوز بأحد مقاعد مجلس الشيوخ البالغ عددها 300 مقعد.
