السبت، 02 أغسطس 2025 02:11 ص

القضاء ينتصر للمشترين بعقود ابتدائية.. ملحمة قضائية تكشف استغلال بعض المقاولين لبنود العقود المعدة سلفًا ورفض التسليم.. والمحاكم تُحيل القضية لبعضهم البعض بسبب التكييف القانونى.. والمحكمة تقضى بالتسليم

القضاء ينتصر للمشترين بعقود ابتدائية.. ملحمة قضائية تكشف استغلال بعض المقاولين لبنود العقود المعدة سلفًا ورفض التسليم.. والمحاكم تُحيل القضية لبعضهم البعض بسبب التكييف القانونى.. والمحكمة تقضى بالتسليم عقود البيع - أرشيفية
الجمعة، 01 أغسطس 2025 09:00 ص
كتب علاء رضوان

في واقعة قضائية تحمل بين طياتها الكثير من العِبر، تصدى القضاء المصري لأساليب المماطلة والتحايل التي قد يتبعها بعض "المقاولين"، ممن يبيعون الوحدات السكنية، ويتنصلون من التزاماتهم الجوهرية، وأهمها التسليم، حيث تدور فصول هذه القضية حول نزاع استمر لسنوات بين مقاول باع وحدتين سكنيتين إلى مشترين حسني النية، لكنه رفض التسليم، بل واستند إلى بنود في عقود أعدها بنفسه ليتحصن خلفها، في محاولة للهروب من تنفيذ التزاماته.

 

وقائع النزاع:  

 

بدأت الواقعة بقيام المقاول ببيع وحدتين سكنيتين للمدعيتين "إ.ب" و"أ.س"، بعقود ابتدائية مؤرخة وموقعة، من الطرفين وسداد كافة التزامات التشطيب والمرافق، وتضمن العقد بندًا صريحًا يفيد بأن المشتري قد تسلم الوحدة خالية من الموانع القانونية، وهو البند الذي صاغه المقاول مسبقًا واستعمله كذريعة لاحقًا للامتناع عن التسليم الفعلي. 

 

جد

 

رغم أن الواقع كان يشهد بعدم استلام المشترين للوحدات، وأن المقاول لا يزال يحتفظ بحيازتها، إلا أنه رفض تسليمها، ما اضطر المحامى عصمت فتحى أبو لبده وكيلاً عن المشترين للجوء إلى القضاء بطلب "تسليم العين محل العقد"، وهو طلب قانوني أصيل وموضوعي.

 

المحكمة الجزئية: قضت بعدم الاختصاص قيميا بنظر الدعوى لتكيفها الدعوى على أنها طرد للغصب 

 

وبالفعل عُرض النزاع أولاً على محكمة شبرا الخيمة الجزئية، والتي – اعتبرت أن الطلب الحقيقي في الدعوى هو "طرد للغصب"، رغم أن المدعيتين ليستا في حيازة الوحدة من الأساس، واعتبرت المحكمة أن الدعوى من دعاوى الطرد التي يتعذر تقدير قيمتها، فقضت بعدم اختصاصها القيمي، وأحالت الدعوى إلى محكمة جنوب بنها الابتدائية، وحددت جلسه لنظرها أمام المحكمة الكلية.

 

ي

 

واستندت فى ذلك لما ورد من بنود العقد أن  المشريتين قد أقرا باستلامهم الشقتين خاليتين من العيوب، كان هذا التكييف القانوني محل اعتراض جوهري من محام المدعيتين، إذ أن الدعوى لا تنطوي على طلب طرد، وإنما تسليم، وكان يجب التعامل معها على هذا الأساس.

 

الاستئناف العالى يعيد التكييف القانوني الصحيح: القضية قضية تسليم لا طرد للغصب 

 

استأنف "أبو لبده" للمدعيتين الحكم، وطعن على التكييف القانوني الخاطئ، لمحكمة أول درجة والخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع.  

 

صس

 

واستندت صحيفة الطعن بالاستئناف على الأتى:- 

 

خطأ المحكمة الجزئية في توصيف الطلب بأنه "طرد للغصب" رغم وجود عقد بيع ابتدائى والمشترى لم يستلم فعليا بوضع المبيع تحت يده وحيازته، مما يدل على أن التسليم لم يتم فعلًا بل هو تسليم صورى.

 

وكان المستقر عليـه أن:- محكمة الموضوع لا تملك تغيير سبب الدعوى ومضمون الطلبات فيها بما لا يتفق مع غرض المدعى من دعواه وطلباته فيها، بيد أن محكمة أول درجة قد خالفت صحيح القانون وخالفت الواقع فى الدعوى وسببها والطلبات فيها من دعوى تسليم بصفة أصلية إلى دعوى طرد للغصب. 

 

زس

 

وحيث إن المستقر عليـه وفقــا لأحكام النقــض:- لإن كان على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها إلا أنها لا تملك تغيير سبب الدعوى ويجب عليها الالتزام بطلبات الخصوم وعدم الخروج عليها، طبقا للطعن رقم 1498 لسنة 35 قضائية – جلسة 25/3/1985.

 

تمسك المشرين بأن العقد لم يُنفذ بالكامل: 

 

تم التأكيد على أن المدعى عليه "المقاول" لم يسلّم العين تسليما فعليا بوضع المبيع تحت يد المشترى، وأن ما ورد فى البند السابع من العقد مان تسليما صوريا على الورق فقط، وأن التسليم لم يتحقق واقعيًا وفعليا، وبالتالي فإن طلب التسليم هو طلب أصلي مستقل ناتج عن إخلال المتعاقد بالتزامه وليس طرد غاصب. 

 

سي

 

محكمة الاستئناف العالى توجه صفعة للمقاولين المماطلين: الشقة للمشتري لا للوعود والبند التعاقدي لا يُعد قرينة على التسليم طالما لم تنتقل الحيازة فعليًا

 

فقضت محكمة استئناف عالى شبرا الخيمة فى الاستئناف رقم 1844 لسنة 22 قضائية  مدنى، وذلك طعنا على الحكم الصادر في الدعوي رقم 340 لسنة 2024 مدنى جزئي شبرا الخيمة، بالجلسة المدنية المنعقدة علنا بسراي المأمورية في يوم 4/3/2025 برئاسة المستشار أحمد حسين، رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين عمرو فوزى، وطارق شاهين، بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا باختصاص المحكمة الجزئية بنظر الدعوى، وإعادتها لنظرها من جديد أمام ذات المحكمة.

 

وأكدت المحكمة، أن الطلب هو التسليم وليس الطرد، وأن البند السابع في العقد لا يُعد قرينة على الاستلام الحقيقي، طالما أن الحيازة لم تنتقل فعليًا من البائع إلى المشتري، وجاء بحيثيات الحكم الاستئنافى:- وحيث إنه لما كان ما تقدم وكانت المستأنفة قد أقامت دعواها بطلب الحكم بإلزام المستأنف ضده بتسليمها الوحدة السكنية المبينة بصحيفة الدعوى محل عقد البيع المؤرخ في 26/1/2022 وعقد البيع ركونا إلى نصوص المادتين 431 و 435 من القانون المدني، مما تكون معه الدعوى بهذه المثابة تدخل في نطاق دعاوى تسليم العقارات المرفوعة بصفة أصلية والتي ينعقد الإختصاص نوعيا بنظرها للمحكمة الجزئية . 

 

خس

 

عقد البيع ليس حبرًا على ورق: حكم قضائي يُعيد الحق لصاحبه

 

ولا ينال من ذلك ما ذهب إليه الحكم المستأنف من النص بالعقد سند الدعوى على أنه تم تسليم المبيع، إذ أن المنازعة بين البائع والمشتري في مدى تمام الالتزام بتسليم المبيع من عدمه هو مما يدخل في نطاق الدعوى المتعلقة بتسليم العقار ولا تؤدي هذه المنازعة بحال من الأحوال الى إخراج الدعوى من تاكييفها القانوني القويم بكونها دعوى بطلب الإلزام بتنفيذ الالتزام بالتسليم الناشئ عن واقعة البيع الى دعوى طرد للغصب، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر وقضى بعدم اختصاص المحكمة الجزئية قيميا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإبتدائية، الأمر الذي يتعين معه من ثم إلغاء الحكم المستأنف وإعادة الأوراق لمحكمة أول درجة للفصل في الدعوى.

 

المحكمة الجزئية بعد الإحالة: تطبيق صحيح للقانون وتقضى بالتسليم الفعلى

 

أعيدت الدعوى من جديد للمحكمة الجزئية  للنظر فى موضوعها وهو الإلزام بالتسليم، فقضت المحكمة في جلسة لاحقة، بتسليم العين المبينة الحدود والمعالم بصدر الصحيفة وعقد البيع سند الدعوى المؤرخ 26/1/2022 تسليما فعليا للمدعية خالية من الشواغل والأشخاص، وكذا حكمت المحكمة: بتسليم العين المبينة الحدود والمعالم بصدر الصحيفة وعقد البيع سند الدعوى المؤرخ  15/6/2020 تسليما فعليا للمدعية خالية من الشواغل والأشخاص.  

 

س

 

استندت المحكمة في حكمها بالتسليم إلى: 

 

وحيث إنه عن موضوع الدعوى فإن المحكمة تمهد لقضائها أنه من المقرر قانونا ينص المادة 147/1 المدني أن: "العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون"، ونصت المادة 148/1 من ذات القانون على إنه: "يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تنفق مع ما يوجبه حسن النيية"، ونصت المادة 150/1 من ذات القانون على: "إذا كانت عبارات العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير للتعرف على إرادة المتعاقدين".

 

وجاء بحيثيات الحكم: ولما كان ما تقدم وهديا به، ولما كان ذلك وكان طرفي الخصومة سالفي الذكر قد اختصموا بالدعوى وأعلنوا بها، وقدم المدعي إعلانا باتخاذ إجراءات اللصق والنشر في الدعوي ومن ثم تكون الغاية من الإجراءات التي اشترطتها المادة المشار إليها 43/6 مرافعات قد تحققت أضف إلى ذلك أن المدعي عليه تم إعلانه قانونا بالدعوى ولم يمثل ويدفع الدعوى بثمة دفع، ولما كانت المحكمه تطمئن لما قدمه المدعي من مستندات وما يدعيه. 

 

ز

 

ولما كان ذلك - فإن الإجراءات التي تطلبتها المادة المنوه عنها تكون قد اتخذت، ومن ثم فإن المحكمة لا يسعها إلا أن تجيب المدعى لطلبه بتسليم العقار المبين الحدود والمعالم بصدر الصحيفة تسليما فعليا خالية من الشواغل والأشخاص وعلى نحو ما سيرد بالمنطوق. 

 

وحيث إنه عن المصاريف، فالمحكمة تلزم بها المدعي عليها الأولى عملا بنص المادتين 184/1 مرافعات والمادة 187 من قانون المحاماة المعدل برقم 10 لسنة 2002 حكمت المحكمة بتسليم العين المبينة الحدود والمعالم بصدر الصحيفة وعقد البيع سند الدعوي المؤرخ 2 يناير 2022 تسليما فعليا للمدعة خالية من الشواغل والأشخاص وألزمت المدعي عليه بالمصاريف. 

 

images (4)

 

4b022e8a-b2f1-4ef6-9250-98d5aaa27d7b
 
القضاء ينتصر للمشترين بعقود ابتدائية 1
22d48910-d003-4d8e-a9a6-f62be24d37e4
القضاء ينتصر للمشترين بعقود ابتدائية 2

beee65c3-2f7c-4efa-8e3e-a564b48d72e5

القضاء ينتصر للمشترين بعقود ابتدائية 3

e49db9e2-7544-4fab-837c-6f715db72cd9

 

القضاء ينتصر للمشترين بعقود ابتدائية 

 

9b69fc0f-3309-4bbc-a5d5-5444e26abeae
 
89287b8d-9633-4e9e-8f4a-10ee549af885
 
73a82986-4a5a-4835-9d68-5e63483f723b
 
 fe4f1fa9-c0ef-438c-9049-df005a2279ef

976ff610-fdb3-4d25-b746-06fc1404b359

65c1823c-938f-4d57-9721-9773e87338ef
 
المحامى عصمت فتحى أبو لبده - مقيم الدعوى  

موضوعات متعلقة :

المحكمة تتصدى للتلاعب في تسجيل عقود البيع.. حكم قضائى بصحة ونفاذ عقد بيع سيارة "مرسيدس".. والمحكمة اعتبرت الحكم الصادر سند ناقل للملكية.. ويُرسخ لـ3 مبادئ قضائية.. ويتصدى لتعنت البائع عن التسجيل

التصدي لطرق البيع الملتوية.. النقض تتصدى لعقود البيع الوفائى بـ8 مبادئ قضائية: الأبرز بيع الوفاء "باطل" حال اتجاه إرادة الطرفين لاحتفاظ البائع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة.. والحيثيات: يكون مشروط بـ"الرهن"

إخوات ع الورق .. في الورث لا.. تزوج الأب زوجة ثانية على أم أبناءه وأنجب طفلا.. وبعد وفاته الأشقاء أخرجوا عقود ببيع لجميع أملاكه لهم دون أخوهم الصغير.. المحكمة تنصف الصغير بالصورية بعد محاولة حرمانه من الميراث

4 مبادئ قضائية حول تقدير الرسوم القضائية.. الأبرز دعوى رد وبطلان عقد البيع لصوريته رسمها ثابت وليس نسبى.. ولو كانت صورية مطلقة تكون دعوى مجهولة القيمة.. وتتصدى لرسوم عقود البيع فى مرض موت المورث

هل يبطل العقد حتى لو كان مسجلا؟.. النقض أرست مبدأ قضائيا ببطلان العقد المسجل طالما ثبت بحكم قضائى نهائى "صورية" أحد عقود البيع المكونة له.. شريطة أن يكون فى نطاق وحدود ذلك العقد المقضى بصوريته


print