: من الظلم أن نقول إننا لم ننجح، منذ أن بدأنا إعداد تقاريرنا الخاصة بالانتخابات، كان حلمنا أن تتحول بطاقات الاقتراع من الشكل الوردى إلى الاعتماد على الرقم القومى، وقد تحقق ذلك.
أيضًا نجحنا فى تحقيق الكوتة الخاصة بالمرأة، والشباب، والأقباط، وذوى الإعاقة.
«تعقيب»: أنا لا أنكر دور المجتمع المدنى، فلدى انتماء كبير له منذ الثمانينيات، لكننى أتحدث عن نقطة محددة، وهى مراقبة الانتخابات بالمعنى الفنى، هل تلقت أى منظمة غير حكومية شكاوى من مرشحين أو مواطنين بشأن تجاوزات انتخابية؟ حتى الآن لم يحدث، حين يحدث ذلك نكون قد كسبنا ثقة المواطن، وهو المؤشر الحقيقى للنجاح، أنا أتحدث عن المنظمات غير الحكومية التى حصلت على ملايين ولم تتلق شكوى واحدة.\
هل حدثت ضغوط على المجلس القومى لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية لتغيير تقرير ما صدر؟
الدكتور هانى إبراهيم
: لا يمكن لأحد أن يضغط على المجلس بأى شكل من الأشكال ليغير تقريرًا أصدره، المجلس القومى لحقوق الإنسان أصدر تقارير شديدة الأهمية عبر تاريخه، أعتقد أنها خالفت المزاج العام للدولة وللسلطة المصرية فى كثير من الأحيان من أجل قول كلمته، أيضًا المجلس يُعامَل معاملة قوية جدًا من مؤسسات الدولة كمؤسسة وطنية مستقلة، يختار أعضاؤه البرلمان المصرى، ويتم التصويت عليهم فى جلسة عامة، ويُصدَّق على هذا القرار من رئيس الجمهورية، كل هذه أدوات قانونية لحماية المجلس من التأثير فى قراراته.
سعيد عبدالحافظ: أنا منظمة مُشهرة فى وزارة التضامن، اخترت أن ألجأ إلى القانون المصرى، ممكن أكون مختلفًا مع قانون الجمعيات، مختلفًا مع نصوصه، وحابب أن أُغيّر بعض النصوص، ولكن فى نفس الوقت أرى أنه ما دمتُ أؤسس جمعية أهلية، لا بد أن تكون مسجَّلة طبقًا للقانون المصرى، على الرغم من أننى أُناضل من أجل تغيير القانون، لكن لا بد أن أُراعى الظروف من حولى، وأُقدم رؤية موضوعية تقترب من المنهجية إلى حد كبير فى مواجهة ما يُثار من تقارير من جهات أخرى، لكن هناك موضوعات لا أقترب منها الآن حتى لا أُحدِث بعض القلق، ولكن أُرجئها للتقرير السنوى ليكون قد مر وقت عليها، وظهرت حقائق حولها، وممكن أن تُنشَر فى التقرير الربعى.
عصام شيحة
: المجلس القومى لحقوق الإنسان مُورست عليه ضغوط شديدة جدًا بعد تقرير رابعة والنهضة، وقام بعمل لجان تقصى حقائق غاية فى الأهمية، ولم يتزحزح أُنملة، سواء بضغط من مؤسسات الدولة أو بضغوط خارجية، فكانت النتيجة أن تقريره كان محل ثقة المنظمات الدولية. لا توجد دولة فى الدنيا تُفرش الورود للمنظمات الحقوقية، نحن ننتزع مساحتنا مع الوقت، مهمتنا هى الحفاظ على تلك المساحة، بحيث لا نتراجع، خاصة أننا فى 2011، و2013 شعرنا بذلك لأن الرأى العام كان ضدنا.
كيف يُقاس مؤشر التراجع أو التزايد الشعبى حول المنظمات الحقوقية؟
دكتور هانى إبراهيم: منذ عام 2018 ارتفع المزاج العام لدعم هذه المنظمات بغض النظر عن مدى القبول أو الرفض لهذا الصعود، لكن هناك ثقة متنامية لدى المجتمع المصرى فى اعتماده على منظمات المجتمع المدنى، وهذا يُقاس بأكثر من مؤشر، أولها الدولة نفسها لجأت إلى منظمات المجتمع المدنى فى صورة التحالف الوطنى للعمل الأهلى، فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أسست أكثر من 50 جمعية أهلية، لُقّبت بصيغة جامعات أهلية، أى جامعات تعتمد ما يُسمى بمؤسسات المجتمع المدنى، إذن الدولة نفسها أعادت صياغة علاقتها بمنظمات المجتمع المدنى وطرحت الثقة فيها.
وتابع «إبراهيم»: عام 2022 سُمِّى «عام المجتمع المدنى» بقرار من رئيس الجمهورية وبخطاب رسمى، المزاج العام للمجتمع يتجه دائمًا إلى رأس هذه الدولة، فحين نجد أن الحكومة بنفسها متجهة لدعم منظمات المجتمع المدنى بشكل أو بآخر، سواء كان تنمويًا أو خيريًا أو حقوقيًا، سنلاحظ على الفور أن المزاج العام للمجتمع المصرى ينعكس فى تفاعله.
كيف تتم التوعية والحشد للشباب والمرأة والفئات البعيدة عن المشهد السياسى فى الانتخابات المقبلة؟
الدكتور هانى إبراهيم
: المجلس القومى ليس من بين أدواته فكرة التعبئة، لكن من دوره ضمان وجود بيئة داعمة للمشاركة، الدولة تمتلك مؤسساتها وأذرعها المتعددة للتعبئة، ما أنظر إليه هو المناخ العام الداعم للمشاركة السليمة، وأضمن أن صوتى يُؤخذ فى الاعتبار. شهد المجلس خلال السنوات الأخيرة انحسارًا فى فكرة التعاطى مع المنظمات الفاعلة فى المجال الحقوقي، لكن، والحمد لله، السنة الأخيرة شهدت نموًا مطردًا فى إعادة التواصل وفتح أبوابه للتعامل مع جميع المنظمات الحقوقية على قاعدة الشراكة المتساوية، منظمات فاعلة مع مؤسسة وطنية فاعلة من أجل خدمة أهداف مشتركة.
عصام شيحة
: قمنا بعقد العديد من اللقاءات مع الشباب فى الجامعات، وحفّزنا عددًا كبيرًا جدًا على المشاركة، وبما أن هناك اتفاقًا عامًا على أن مصر دولة فتية، وأن قرابة 60% من سكانها من الشباب، فذلك يدفعنا لتحفيز الشباب على المشاركة حتى يجنوا ثمارها، وفى ذات الوقت يختاروا من يساهم فى صناعة القرار، منظمات المجتمع المدنى لا تستطيع وحدها القيام بهذا الدور، بل يجب إشراك الإعلام، لذلك نُعدّ تقاريرنا وننفذ أنشطتنا، ويقوم الإعلام بتغطيتها ونشرها.
وتابع: تقدم للمراقبة فى الانتخابات نحو 5000 شخص، ونجحنا فى تحفيز عدد كبير من السيدات على المشاركة، ونجحنا فى أن يكون لدينا ممثلون فى المحافظات.
سعيد عبدالحافظ
: ركزنا داخل الائتلاف على جذب الشباب للتعرف على حقوقهم وواجباتهم من منظور حقوق الإنسان، نمرر رسائل فى النصوص، مثل «الحق فى إدارة الشأن العام، الترشح، الانتخاب، صوتك، رسم المستقبل» إلى غير ذلك، لكن الحقيقة أن الدولة يجب أن تفسح المجال للشباب لممارسة السياسة، والتدرّب عليها، حتى نكوّن جيلًا يحتاج فقط إلى المساعدة فى اختيار الكيان السياسى المناسب لممارسة العمل العام.
عبدالجواد أحمد
، لا بد من تمكين المواطن الناخب من أداء دوره فى ممارسة حقه فى صناعة القرار والمشاركة فى الانتخابات، نحتاج إلى مشاركة الشباب، والفئات الخاصة، وذوى الإعاقة، نُفكر فى تنفيذ أنشطة تشجعهم على المشاركة وتزيد من ثقتهم فى الممارسة الديمقراطية، نحن بحاجة إلى تنمية الوعى، واستخدام الإعلام والصحافة فى ذلك مهم جدًا.
ما رؤيتكم لمفهوم حقوق الإنسان لما يحدث فى غزة؟ وهل من أمل جديد؟
عصام شيحة
: ما يحدث فى غزة وجّه ضربة قاصمة لمنظومة حقوق الإنسان الدولية، قدمنا تقريرًا للمحكمة الجنائية الدولية فى سبتمبر الماضى، جمعنا فيه وثائق بالتعاون مع المنظمة العربية لحقوق الإنسان، المفاجأة كانت فى تهديد الكونجرس الأمريكى للمدعى العام بعدم سداد حصة أمريكا فى المحكمة، وفى أن إسرائيل أعلنت أنها تراقب القضاة وتحاسبهم، ثمة اتفاق عام على أن هناك ازدواجية معايير، وأصبح واضحًا أن منظومة حقوق الإنسان تُستخدم أحيانًا كأداة للتدخل فى شؤون الدول الداخلية، نحن نسعى لتحسين وضع حقوق الإنسان فى مصر بإرادة خالصة، أولًا لينعم المواطن بحقوقه، وثانيًا حتى لا نتيح الفرصة لتدخلات خارجية.
الدكتور هانى إبراهيم
: ما يحدث فى غزة منتهكا لحقوق الإنسان ويضعف المنظومة الحقوقية عالميًا، ازدواجية المعايير تُفقد الشعوب الثقة فى القانون الدولى، رأينا ذلك فى مجازر التوتسى والهوتو، وفى مذابح ميانمار، دون تحرك فعلى، أما فى مصر، فاهتمامنا بغزة عميق، فهم عرب، وجزء من الأمن القومى المصرى.
رغم الانكسارات فى النظام الدولى، فإن هناك إقرارًا ضمنيًا بأهمية بقاء حقوق الإنسان، مهما تم توجيه نقد للمنظومة الحقوقية الدولية سيظل وجودها ضرورة حتمية لسلامة البشرية بشكل عام، ولا بد من إحداث تغيير كما بدأه الراحل بطرس غالى حين أسس المجلس الدولى لحقوق الإنسان، ننتظر قادة جدد لديهم رؤية وقوة على التغيير إلى أن يأتى هذا القائد، تظل الأمم المتحدة ضعيفة.
سعيد عبدالحافظ
: صدر الإعلان العالمى لحقوق الإنسان عام 1948، وتلاه العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عام 1966، المادة الأولى من العهد الدولى للحقوق المدنية تؤكد حق الشعوب فى تقرير مصيرها، وهو ما ينطبق على فلسطين.
نحن فى الائتلاف نقوم برصد وتوثيق ما يجرى، لأن لا أحد يقوم بذلك سوانا فى المنطقة، المشكلة فى مجلس الأمن القائم على توازنات دولية تتحطم عندها القرارات، هناك مفوض خاص لشؤون فلسطين، لذا إلى أن يتغير هذا النظام، لن نترك الساحة فارغة للقوى الكبرى صاحبة المصالح المتعارضة مع القيم الإنسانية، ومعنا كمصريين.