شهدت الجلسة العامة لمجلس النواب، المنعقدة اليوم الأربعاء، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، نقاشا ساخنا حول المادة الثانية من مشروع قانون الإيجار القديم، وسط مطالب نيابية بحذفها، باعتبارها "تهدد السلم الاجتماعي وتحدث خلخلة في المجتمع، مقابل تمسك حكومي باعتبارها "جوهر فلسفة القانون".
وتقضي المادة الثانية من مشروع القانون، التي وافق عليها مجلس النواب، بأن تنتهي عقود إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لغرض السكنى بانتهاء مدة سبع سنوات من تاريخ العمل به، وتنتهي عقود إيجار الأماكن للأشخاص الطبيعيين لغير غرض السكنى بانتهاء مدة خمس سنوات من تاريخ العمل به، وذلك كله ما لم يتم التراضي على الإنهاء قبل ذلك".
وكان عدد من النواب، من بينهم عاطف المغاوري، سناء السعيد، وعبد العليم داوود، قد تقدموا بـتعديلات لحذف هذه المادة، معتبرين أنها تهدد السلم الاجتماعي وتأتي في توقيت حرج، في ظل عدم تقديم الحكومة لبيانات دقيقة حول البدائل المتاحة للفئات المتأثرة.
النائب عاطف المغاوري رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، طالب بحذف المادة، لافتاً إلي إلى أن المجلس يصدر حكما ينتظره الشعب ويجب أن يُطمئنه"، مؤكدًا أن المحكمة الدستورية العليا في أحكامها، خاصة الصادرة عام 2002، لم تتطرق إلى إنهاء العلاقة الإيجارية، بل حددت الامتداد لِجيل واحد فقط وفق شروط القانون، وهو ما يُحقق التوازن بين أطراف العلاقة، أما النائبة سناء السعيد رأت أن الحكومة تنازلت عن دورها الدستوري في كفالة السكن الآمن للمواطنين، محذرة من "أزمة اجتماعية خطيرة، خاصة أن المادة تمثل انتهاكًا للأحكام الدستورية السابقة.
وقالت سناء السعيد، إنه لا يوجد حكم قضائي يلزم بإخلاء المستأجر من سكنه، بل طالبت المحكمة بعدم الإخلاء، والمشروع يخلق خللًا في وقت حساس، وفي ذكرى 30 يونيو، التي نعتز بها.
من جهته، أعرب النائب محمد عبد العليم داوود عضو مجلس النواب عن حزب الوفد، عن رفضه للمادة الثانية، معتبرا أنها تمثل "تسلط " على رقاب المستأجرين في وقت حرج دون وجود أي بيانات من الحكومة.
وأضاف "داود" في حديثة قائلا " كيف يشرع برلمان مصر دون أدنى معلومات؟ نحن لا نملك تصنيفًا للفئات ولا نعلم قدرة أصحاب المعاشات على تدبير السكن البديل، الحكومة لم تقدم بيانات تبني عليها هذه المادة".
وجاء رد الحكومة قاطعا برفض حذف المادة القانونية، حيث أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون القانونية والنيابية، أن المادة الثانية تمثل جوهر مشروع القانون، وأن الحكومة استندت في صياغتها إلى أكثر من 39 حكما صادرا عن المحكمة الدستورية العليا، منها 26 حكما بعدم الدستورية في قضايا الإيجار.
وأضاف فوزي أن المحكمة الدستورية في حكمها عام 2002 أكدت أن الامتداد القانوني لعقود الإيجار كان ضرورة اجتماعية نتيجة خلل صارخ في وقت سابق بين المعروض من الوحدات السكنية والطلب عليها، لكنها ذاتها أوضحت أن هذه الضرورة لم تعد قائمة في أحكام لاحقة، خاصة في نوفمبر 2024، لاسيما مع توافر الوحدات السكنية من قبل الدولة.
وتابع فوزي قائلا : "صحيح الحكم الاخير تكلم عن ثبات الاجرة لكن ليس لدي المشرع قيود في إعادة تنظيم أي مسائل يراها لتحقيق الصالح العام، شريطة تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة".
وأكد محمود فوزي، أن المعالجة التشريعية راعت الفلسفة الحاكمة للتغير التشريعي حددتها المحكمة الدستورية العليا، مشيراً إلي أن المشرع يتحلى بسلطة تقديرية واسعة في معالجة المسائل بشكل شامل، وضابطة في ذلك أن يقوم بالاختيارات المناسبة بين عده بدائل، ولابد له من تحقيق التوازن بين حق الملكية والمستأجر في السكن، وقد أجابت الحكومة عن ذلك في مشروع القانون بإلزام نفسها بتقديم بدائل سكنية.
وشدد الوزير على أن ما تقوم به الحكومة ليس إلا رد الطابع الاستثنائي للأصل العام، من خلال مهلة تميز بين السكني وغير السكني، وتقديم بدائل آمنة للسكني، قائلا :" متمسكون بالمادة لأن فلسفة القانون قائمة على تحرير العلاقة وعودة التوازن".
في ختام النقاش، الذي انتهي إلي رفض المقترحات النيابية بحذف المادة، بعد تقديم الحكومة مبرراتها في ضرورة الإبقاء عليها، حرص رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفي جبالي، التأكيد على أن إدارة الجلسة تُراعي الجميع دون تفرقة، قائلا:" لا فرق بين معارضة أو أغلبية أو مستقلين.. الكل يبدى رأيه وفقا للائحة، والنقاش مستمر بما يخدم الصالح العام".