شهر العسل انتهى بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك، فتلك الابتسامات والأحضان التي ظهرت وقت دخولهما البيت الأبيض في بداية الولاية الثانية لترامب نهاية يناير الماضي تبددت سريعا، وانتهت بمغادرة ماسك منصبة الحكومي وتهديد شديد اللهجة من الرئيس الأمريكي بترحيله.
واشتدت حدة الخلاف بين الطرفان على خلفية "قانون ترامب الكبير الجميل" الذي أقره مجلس الشيوخ مساء أمس الثلاثاء ما يعد انتصار تشريعي كبير لترامب حيث يتضمن تخفيضات ضريبية ضخمة واقتطاعات شاملة في الرعاية الصحية، وهو القانون الذى يراه ماسك الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس توسعًا غير مقبول في الدين الفيدرالي بتريليونات الدولارات.
وكانت منصات السوشيال ميديا بمثابة ساحة الصراع بين الطرفين، حيث انتقد ترامب في منشور على "تروث سوشيال"، ماسك بسبب الدعم الذي تلقته شركاته، وخاصة للسيارات الكهربائية. وقال ترامب إنه بدون هذا الدعم، "سيضطر ماسك على الأرجح إلى إغلاق أعماله والعودة إلى جنوب إفريقيا"، وقال ايضا: "سيتعين علينا البحث" عندما سُئل عما إذا كان سيفكر في ترحيل ماسك.
ردًا على تعليق ترامب، كتب ماسك على منصة "إكس"،: "هذا خطأ فادح. إنه مخيب للآمال للغاية"، ومنى ماسك بخسائر تخطت 12 مليار دولار في ليلته الأولى بعد تهديد الرئيس الأمريكي بمراجعة كافة الدعم الذي تحصل عليه شركاته، واتهامه بالاعتماد بشكل كبير على الإعانات الحكومية ومهاجماً ما سمّاه "تفويض السيارات الكهربائية" وهي إجبار الناس على شراء هذا النوع من السيارات، مضيفاً أنه كان على إدارة الكفاءة الحكومية فحص الدعم الذي تلقته شركات ماسك.
إيلون ماسك، ليس لديه سوى شركة تسلا الوحيدة المدرجة في البورصة، وبالتالي فإن تقييمها يتأثر لحظياً بأي تهديد أو حافز، وفقدت الشركة أكثر من 57 مليار من قيمتها أمس، كان نصيب رئيسها التنفيذي من الخسائر 12.1 مليار دولار، والثروة المفقودة يوم الثلاثاء، رفعت إجمالي خسائر ثروة ماسك منذ بداية العام إلى 82 مليار دولار، لتصبح ثروته 351 مليار دولار بحسب مؤشر "بلومبرج للمليارديرات".
وأعادت الخسائر الجديدة توزيع ثروة ماسك، لتصبح حصته في شركة صواريخ الفضاء "سبيس إكس" هي المساهم الأكبر في ثروة أغنى شخص في العالم وبقيمة 136 مليار دولار، تليها حصته في "تسلا" بقيمة 124 مليار دولار.
وتستمد شركات ماسك، غير المدرجة في البورصات قيمتها من جولات التمويل المتتالية، والتي رفعت قيمة "سبيس إكس" إلى أكثر من 300 مليار، دولار ودفعت بها لتصبح أكثر شركة غير عامة قيمة في العالم، ولكن سيكون لأي قرار حكومي تأثير مباشر على أعمالها المستقبلية، خاصةً وأنها أكثر شركة تعتمد عليها ناسا في رحلاتها الفضائية.
هذا الخلاف هو حلقة في سلسة الأزمات بين الرجلين على مدار الشهر الماضى، وعقب توجيه ماسك انتقادا شديدا لقانون ترامب بشأن الضرائب، وتحذيره من تمويل حملات ضد أعضاء الكونجرس، حيث وعد إيلون ماسك، بتأسيس حزب سياسي خاص، في حال أقر الكونجرس مشروع قانون الميزانية الذي قدمه الرئيس الأمريكي.
وأشار ماسك، في منشور على شبكة (X) إلى أن الولايات المتحدة بحاجة إلى حزب آخر يقدم بديلا للثنائية الجمهورية-الديمقراطية. وأضاف: "بلدنا بحاجة إلى بديل لنظام الحزب الواحد الديمقراطي-الجمهوري حتى يكون للشعب صوت حقيقي".
وكان إيلون ماسك وجه، مطلع يونيو الماضي، انتقادات شديدة لمشروع القانون، الذي يتماشى مع الأجندة السياسية والاقتصادية للرئيس ترامب.
واشارت نيوزويك الى ان ايلون ماسك أصبح مواطن أمريكي منذ أكثر من عقدين، وكان ماسك من أبرز داعمي حملة ترامب الرئاسية لعام 2024، حيث أنفق أكثر من 196 مليون دولار لدعم حملته، لكنه انتقد "قانون مشروع القانون الكبير الجميل" الذي اقترحه ترامب، ووصف ماسك مشروع القانون بأنه "انتحار سياسي" و"جنوني ومدمر تمامًا"، مضيفًا في برنامج "إكس": "إنه يمنح امتيازات لصناعات الماضي، بينما يُلحق ضررًا بالغًا بصناعات المستقبل".
وسترفع الحزمة سقف الدين الأمريكي بمقدار 5 تريليونات دولار، وتفرض تخفيضات ضريبية كبيرة، وتزيد الإنفاق على أمن الحدود والدفاع ، وستضيف 3.3 تريليون دولار إلى العجز المالي الأمريكي على مدى العقد المقبل. كما يقلل مشروع القانون من دعم التأمين الصحي والمواد الغذائية لبعض الأسر ذات الدخل المنخفض.