دخل "حزب الله" على خط الصراع الدائر بين إيران وإسرائيل، رغم أنه لم يعلن صراحةً انضمامه للمواجهات؛ ولكن بيان الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، كان بمثابة رسالة سياسية واضحة بأن "حزب الله" ليس على الحياد في المواجهة الدائرة بين إيران وإسرائيل، ويفتح الباب أمام احتمال أن يُقدِم الحزب على خطوة ميدانية؛ خاصة في ظل تصاعد حدة التهديدات المتبادلة بين الأمين العام للحزب نعيم قاسم ووزير دفاع إسرائيل "يسرائيل كاتس"، وذلك في أعقاب التهديدات التي أطلقتها واشنطن بشأن احتمالية اغتيال المرشد الإيراني على خامنئى، فيما رُصدت تحركات للحزب فى الجنوب اللبنانى .
وبالتزامن مع هذه التطورات، قام توماس براك السفير الأمريكى في تركيا والمبعوث الخاص للرئيس دونالد ترامب إلى الملف السورى وهو الذي تسلم الملف اللبناني مؤقتًا بأولى زياراته إلى بيروت، حيث التقى الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه برى وبحث معهم آخر التطورات فى الساحة الداخلية والأوضاع فى الجنوب ، وانعاكسات التطورات الإقليمية على الداخل اللبنانى، وقال براك إنه جاء إلى لبنان في محاولة "لمنع تكرار الحرب"، وأن احتمال انخراط الحزب في النزاع الإقليمي الدائر حاليًا بين إسرائيل وإيران سيكون قرارًا "سيئًا جدًا".
تدفع هذه الأجواء اللبنانيين للقلق والترقب وسط تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، ومخاوف حقيقية من أن يتحول لبنان مجددا إلى ساحة صراع بالوكالة.
وكان الأمين العام لحزب الله اللبناني، نعيم قاسم، قد أصدر بيانا تطرق فيه للهجوم الذي تنشه إسرائيل على إيران، ومعقبا على تهديدات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب باغتيال المرشد الأعلى بإيران، علي خامنئي.
قال الأمين العام لحزب الله، إن الجماعة اللبنانية تتصرف وفق ما تراه مناسبا في ضوء التصعيد الجاري في المنطقة بين إسرائيل وإيران؛ محذراً من أن واشنطن تأخذ المنطقة إلى الفوضى وعدم الاستقرار، وتأخذ العالم إلى أزمات مفتوحة"، مضيفا أن من حق إيران أن تدافع عن نفسها.
لسنا على الحياد !
وتابع قاسم قائلاً: "لسنا على الحياد في حزب الله بين حقوق إيران المشروعة واستقلالها، وبين باطل أميركا وعدوانها ومعها إسرائيل"، موضحا أن حزب الله يصطف إلى جانب إيران في مواجهة هذا الظلم العالمي. لسنا على الحياد، ولذا نُعبِّر عن موقفنا إلى جانب إيران وقيادتها وشعبها، ونتصرفُ بما نراه مناسبا في مواجهة هذا العدوان الإسرائيلي الأمريكى".
وأضاف الأمين العام لحزب الله: "هذا لا يعفينا من مسؤولية أن نكون إلى جانب إيران ومعها بكل أشكال الدعم التي تساهم في وضع حد" لما يحدث.
كاتس يهدد حزب الله
من جهته رد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، على خطاب نعيم قاسم؛ محذراً برد قاس حال تدخله في الصراع بين إسرائيل وإيران.
وقال كاتس: "أنصح الوكيل اللبناني أن يلزم الحذر، ويدرك أن إسرائيل فقدت صبرها حيال الإرهابيين الذين يهددونها"، مضيفا أنه "إذا حصل إرهاب، لن يعود هناك حزب الله".
وتابع: "قاسم لم يتعلم درسا من أسلافه، ويهدد بالتحرك ضد إسرائيل وفقا لأوامر الدكتاتور الإيراني"، بحسب تعبيره.
وأضاف وزير الدفاع الإسرائيلي: "أقترح على حزب الله أن يكون حذرا ويدرك أن صبر إسرائيل نفد حيال الإرهابيين الذين يهددونها".
هل سيشارك في الحرب؟
إن المعطيات الداخلية والإقليمية تشير إلى أن مصلحة الحزب الفعلية ليست في الاندفاع بالمشاركة في المعركة، لأن إيران – بحسب ما يردده بعض قياديي الحزب أنفسهم – ليست بحاجة لمن يدافع عنها، وتمتلك قدرات كافية لإدارة المعركة بنفسها، كما أن الحزب لم يكمل إعادة هيكلة قدراته العسكرية والبشرية التي تضررت بفعل المواجهات المتواصلة منذ السابع من أكتوبر، ما يجعله غير جاهز للمعارك .
بالإضافة إلى أن الواقع الاجتماعي والاقتصادي المتأزم في بيئة الحزب الداخلية؛ فالشارع الجنوبي والشيعي عمومًا يرزح تحت ضغوط معيشية بعد الحرب، والقدرة على تحمل تبعات حرب جديدة في الأرواح أو في البنى التحتية باتت محدودة. هذا الواقع يجعل قرار التصعيد مكلفًا شعبيًا.
والحزب يدرك أنه لا يستطيع أن يبدو خارج الصراع، لكنه في الوقت نفسه لا يرى مصلحة مباشرة في الانخراط الكلي به، أقله في هذه المرحلة؛ لذلك، يبقى الخيار الأقرب هو الاستمرار في سياسة "ضبط النار"، مع إمكانية المناورة بحدود محسوبة، دون الانزلاق إلى حرب.
في هذا الإطار اعتبر مراقبون لبنانيون أن بيان قاسم هو جزء من لعبة التوازن بين الرسائل السياسية والواقع الميداني، وبمثابة إعلان عن موقف مبدئي، أكثر مما هو تمهيد لتحرك فعلي ووشيك.