أوضحت الحكومة الأسباب التي دفعتها لتعديل قانون الإيجارات القديمة في مصر، ملخصة في عدة نقاط رئيسية تتناول التطور التاريخي للتشريعات الاستثنائية المتعلقة بالإيجار وتداعياتها السلبية، بالإضافة إلى أحكام المحكمة الدستورية العليا.
يهدف مشروع القانون إلى إنهاء العمل بالتشريعات الاستثنائية التي استمرت لما يقارب قرن من الزمان، والعودة بالعلاقة الإيجارية إلى شريعتها العامة المتمثلة في القانون المدني، وذلك لتحقيق التوازن بين المالك والمستأجر ودعم الاستثمار العقاري.
وَفيما يلي نستعرض الأسباب الرئيسية لتعديل قانون الإيجارات القديمة:
تفاقم أزمة السكن وتأثرها بالحروب: بدأت التشريعات الاستثنائية في الظهور بعد الحرب العالمية الأولى والثانية لمواجهة أزمة السكن، حيث صدرت قوانين تقيد الإيجارات وتمدد العقود تلقائيا، هذه التشريعات استمرت لعقود وأدت إلى اختلال العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
قصور التشريعات السابقة: على الرغم من محاولات تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر عبر قوانين مثل القانون رقم 49 لسنة 1977 والقانون رقم 136 لسنة 1981، إلا أن التطبيق العملي كشف عن قصور هذه الأحكام وعجزها عن تحقيق الأهداف المرجوة منها، مما أدى إلى تفاقم أزمة الإسكان.
ظواهر سلبية نجمت عن استطالة تطبيق القوانين الاستثنائية:
إحجام الملاك عن التأجير: بسبب ضآلة الأجرة القانونية والخوف من الامتداد القانوني لعقد الإيجار، مما أدى إلى تزايد عدد المساكن المغلقة وغير المستغلة.
إهمال صيانة العقارات: الملاك أعرضوا عن صيانة عقاراتهم المؤجرة لضآلة عوائدها.
التوجه نحو التمليك: المستثمرون اتجهوا إلى البناء بقصد التمليك، مما جعل الحصول على مساكن بالإيجار أمرًا صعبًا للغاية، خاصة لمحدودي الدخل.
احتفاظ المستأجرين بالوحدات: بعض المستأجرين احتفظوا بالوحدات المستأجرة حتى بعد تغير ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية وعدم حاجتهم إليها.
أحكام المحكمة الدستورية العليا:
عدم دستورية امتداد الإيجار لشركاء المستأجر: حكم المحكمة الدستورية العليا عام 1996 بعدم دستورية استمرار شركاء المستأجر الأصلي في مزاولة النشاط التجاري أو الصناعي بعد تخلي المستأجر الأصلي عن العين.
عدم دستورية امتداد الإيجار لورثة المستأجر (غير السكني): حكم عام 1997 بعدم دستورية استمرار الإجارة لورثة المستأجر في الأماكن غير السكنية بعد وفاته، مما أدى إلى صدور القانون رقم 6 لسنة 1997 لتخفيف وطأة الامتداد القانوني للأماكن غير السكنية.
عدم دستورية إطلاق عبارة "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان": حكم عام 2018 بعدم دستورية إطلاق عبارة "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفقة عليها في العقد" لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى.
هذا الحكم أدى إلى صدور القانون رقم 10 لسنة 2022 لتنظيم إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية وزيادة قيمتها الإيجارية.
عدم دستورية ثبات الأجرة السنوية للأماكن السكنية: أحدث حكم للمحكمة الدستورية العليا بتاريخ 9 نوفمبر 2024 بعدم دستورية ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981، وحددت تاريخ نفاذ أثر هذا الحكم.
أهداف التعديل الحالي:
تسعى الحكومة من خلال مشروع القانون الحالي إلى:
معالجة الإشكالية التي كشف عنها حكم المحكمة الدستورية الأخير: بإعادة تنظيم الأجرة القانونية للأماكن المؤجرة لغرض السكنى.
إعادة تنظيم الأجرة القانونية للأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكنى: أسوة بالتنظيم الذي سبق إقراره بالقانون رقم 10 لسنة 2022 للأشخاص الاعتبارية.
تحديد مدة زمنية لإنهاء العمل بالقوانين الاستثنائية: تحديد سبع سنوات للأماكن السكنية وخمس سنوات للأماكن غير السكنية، وذلك لإنهاء حقبة طويلة من التشريعات الاستثنائية.
العودة بالعلاقة الإيجارية إلى القانون المدني: استنادًا إلى مبدأ سلطان الإرادة، حيث أن عقد الإيجار هو عقد رضائي في الأساس.
إعادة التوازن إلى العلاقة الإيجارية: بين المؤجر والمستأجر، وتحقيق العدالة بين الطرفين بعد عقود من الاختلال.
تشجيع الاستثمار العقاري: من خلال إنهاء الظواهر السلبية التي أدت إلى إحجام الملاك عن التأجير وإهمال صيانة العقارات.