صدور قانون تنظيم الفتوى الشرعية رقم 86 لسنة 2025، وتم نشره بالجريدة الرسمية، الأمر الذى وصفه البعض بتأميم الفتوى الشرعية وقصرها على جهات وأشخاص محددة فقط، ما يضعه بين المزايا والعيوب أحياناً، فبداية من اليوم أي إفتاء في الدين سواء علي الفيس بوك أو أي وسيلة تواصل أو قناة فضائية أو راديو مسموع أو في المساجد بدون الشروط الي حددها القانون وبدون تصريح، العقوبة ستكون صارمة للمخالفين وهى غرامة من 50 ألف لـ100 ألف جنيه أو حبس لا يزيد عن 6 شهور .
وجاءت أبرز ملامح القانون في عُجالة: هي أن الإفتاء في الدين بتصريح، والتصريح يصدر عن وزارة الأوقاف، ويشكل وزير الأوقاف لجنة من مجمع البحوث الاسلامية والأزهر ودار الافتاء ومهمتها منح التصاريح بعد إمتحان، وبذلك لابد من دخول امتحان واجتيازه، وإلا لو سقط فلا يحق للشخص التقديم مرة أخرى إلا بعد مرور سنة، وبذلك حصر الفتوى بجهات محددة واعطاء الأولوية للأزهر الشريف في حال التعارض بين الجهات المحددة في الفتوى.
12 مادة في قانون تنظيم إصدار الفتوى تقف "سد منيع" في وجه غير المتخصصين
في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على 12 مادة قانون تنظيم الفتوى الشرعية رقم 86 لسنة 2025، بداية من تعريف الفتوى الشرعية والفتوى الشرعية العامة، والفتوى الشرعية الخاصة، والإرشاد الدينى، وجهة الفتوى من حيث صدورها سواء من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو دار الإفتاء المصرية، والشروط والضوابط التي تضعها هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بالتنسيق مع دار الإفتاء، ووظيفة اللجان المشتركة، وغيرها من الأسئلة المطروحة في هذا السياق، وإليكم نص القانون:
المادة "1":
القانون رقم 86 لسنة 2025 بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية، ونصت المادة الأولى، من القانون المنشور فى الجريدة الرسمية، على أن تسرى أحكام هذا القانون في شأن تنظيم إصدار الفتوى الشرعية والمختصين بمهام الإفتاء الشرعى، وذلك دون الإخلال بالإرشاد الدينى والاجتهادات الفقهية في مجال الأبحاث والدراسات العلمية والشرعية .
مادة "2":
يقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بالعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها:
الفتوى الشرعية: إبداء الحكم الشرعى فى فتوى شرعية عامة أو خاصة .
الفتوى الشرعية العامة: إبداء الحكم الشرعي في شأن عام متعلق بالنوازل التي تؤثر على المجتمع في مختلف المجالات.
الفتوى الشرعية الخاصة: إبداء الحكم الشرعي في شأن خاص متعلق بمسائل الأفراد في أمر مسئول عنه شرعا وتوضيحه للسائل .
الإرشاد الديني: استخدام الأحكام والقيم والمفاهيم الدينية والخلقية في توجيه سلوك المجتمع والأفراد وتوعيتهم بها ووقايتهم من الأفكار المنحرفة والمفاهيم الخاطئة تمسكا بالثوابت الإسلامية .
المادة "3":
وأوضحت المادة الثالثة من القانون، أن يختص بالفتوى الشرعية العامة كل من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو دار الإفتاء المصرية.
ويختص بالفتوى الشرعية الخاصة كل من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، أو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أو دار الإفتاء المصرية، أو اللجان المشتركة المنشأة بموجب أحكام المادة (4) من هذا القانون، أو أئمة وزارة الأوقاف الذين يتوافر في شأنهم الشروط لمنصوص عليها في المادة (4) من هذا القانون.
المادة "4":
ونصت المادة الرابعة، على أن تنشأ بقرار من الوزير المختص بشئون الأوقاف داخل وزارة الأوقاف جان مشتركة من ممثلي الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف برئاسة ممثل الأزهر الشريف، ويشترط فيمن يلتحق بهذه اللجان أو الاستمرار فيها توافر الشروط والضوابط التي تضعها هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بالتنسيق مع دار الإفتاء، وأخصها ما يلي:
1- ألا تقل سنه عن ثلاثين سنة ميلادية.
2- أن يكون من خريجي إحدى الكليات الشرعية بجامعة الأزهر الشريف.
3- ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة تأديبية.
4-أن يكون محمود السيرة وحسن السمعة، معروفا بالورع والتقوى فى ماضيه وحاضره.
5-أن يكون له إنتاج علمى منشور فى أحد المذاهب الفقهية.
6- اجتيازه برامج التدريب والتأهيل التي تعدها هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ، ويتم التصديق على اجتياز هذه البرامج من رئيس هيئة كبار العلماء.
وتضع هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف شروط منح الترخيص وحالات تقييده أو إلغائه، ونوعه، ومدته، ولا يعد الحصول على الترخيص تصريحًا بالفتوى عبر الوسائل الصحفية أو الإعلامية أو مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي إلا إذا ذكر ذلك صراحة في الترخيص، وفى حال مخالفة أى من شروط الترخيص يحق لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إصدار مذكرة بإلغائه يصدق عليها من الهيئة ويصدر بها قرار تنفيذى من السلطة المختصة ، بحسب الأحوال، وذلك كله على النحو الذي تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون. ويتم تحديد أماكن ومقرات عمل هذه اللجان بالتنسيق بين الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف.
المادة "5":
ونصت المادة الخامسة، على أنه في حال عدم اجتياز طالب الترخيص برامج التدريب والتأهيل المشار إليها بالمادة (4) من هذا القانون لا يحق له التقدم بطلب آخر إلا بعد مرور عام من تاريخ إعلان النتيجة.
المادة "6":
وأضافت المادة السادسة:"تعمل اللجان المشتركة المنشأة بالمادة (4) من هذا القانون على الربط الإلكتروني والهاتفى بمركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية ودار الإفتاء المصرية لتقديم الدعم اللازم والمتابعة المستمرة، وذلك على النحو الذى تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
المادة "7":
وذكرت المادة السابع، أنه "لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف تشكيل لجان من خلالها للمتابعة المستمرة للتأكد من تحقيق الانضباط الإفتائى والالتزام بشروط وضوابط منح الترخيص".
المادة "8":
وأكدت المادة الثامنة أنه فى حال تعارض الفتاوى الشرعية يُرجح رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
المادة "9":
ووفقًا للمادة التاسعة: "مع مراعاة أحكام القانون رقم 51 لسنة 2014 بتنظيم ممارسة الخطابة والدروس لدينية في المساجد وما في حكمها ، يكون للأئمة والوعاظ في الأزهر الشريف والهيئات التي يشملها والمعينين المتخصصين فى وزارة الأوقاف، وغيرهم من المصرح لهم قانونًا، أداء مهام الإرشاد الدينى بما يبين للمسلمين أمور دينهم، ولا يُعد ذلك تعرضًا لافتوى الشرعية".
المادة "10":
أما المادة العاشرة، فأشارت إلى التزام المؤسسات والوسائل الصحفية والإعلامية والمواقع الإلكترونية وحسابات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعى ومحتوياتها عند نشر أو بث الفتاوى الشرعية أن زل تكون صادرة عن المختصين وفقًا لأحكام هذا القانون ، وكذلك عند تنظيم برامج للفتوى الشرعية أو استضافة أشخاص للإفتاء الشرعى أن يكونوا من بين المختصين وفقا للمادة (3) من هذا القانون، وذلك كله وفقا للضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
المادة "11":
وأوضحت المادة الحادية عشر أنه مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد منصوص عليها فى أى قانون آخر، ومع عدم الإخلال بقانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الصادر بالقانون رقم 180 لسنة 2018، يعاقب كل من يخالف أحكام المادتين (10،3) من هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حالة العود تضاعف العقوبة .
وأضافت نفس المادة، أنه يعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتبارى بذات العقوبات عن الأفعال التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون متى ثبت علمه بها وكان إخلاله بواجبات الإدارة قد سهل وقوع الجريمة، ويكون الشخص الاعتبارى مسئولاً بالتضامن عن الوفاء بما يُحكم به من تعويضات إذا كانت المخالفة قد ارتكبت من أحد العاملين لديه وباسم لشخص الاعتبارى ولصالحه .
المادة "12":
فيما أشارت المادة الثانية عشر إلى أن تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على عرض الأزهر الشريف وذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل به.
كما تعد اللائحة التنفيذية لهذا القانون لجنة تشكلها هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف خلال شهر من تاريخ العمل بهذا القانون تضم في عضويتها كل من وزير الأوقاف، ووكيل الأزهر الشريف، ومفتى الجمهورية.
الدكتور محمد شعبان، أستاذ الفلسفة في القانون الجنائي
وفى هذا الشأن - يقول الدكتور محمد شعبان، أستاذ الفلسفة في القانون الجنائي، لئن كنت أتفق مع ضبط العشوائية في الظهور الاعلامي والصحفي وإصدار الفتاوى بما يحدث البلبلة بين العوام، إلا إني غير متفق مع الصياغة الفنية لبعض نصوص التجريم الواردة بهذا القانون، فأعتقد أن هناك شائبة عدم دستورية في نص العقاب على مخالفة المادة الثالثة.
وبحسب "شعبان" في تصريح لـ"برلماني": فهذا النص فيه من العموم والاتساع ما يجعل نص التجريم غير منضبط ويجعله شراك -بحسب تعبير المحكمة الدستورية - ليتصيد الناس، لدرجة أني لو سألت أحد أهل العلم عن رأيه الشرعي في مسألة، يعتبر ذلك جريمة، والسائل يسأل بصفته شريك بالتحريض وهو أمر ينافي مبدأ الأمن القانوني، هذا فضلا عن أن هذا العموم، مما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي تستنكر كتمان العلم والشهادة.
ويضيف: كرجال قانون الفتوى الشرعية والفتوي القانونية والفتوى بصفة عامة لها ضوابط وأسس ومراجع أينما روعيت صدرت صحيحة وحالت بين من يفتى بغير علم، وأعتقد أنها أهم الإيجابيات هذا من ظاهر القانون، بينما التمحيص في بنوده يقتضي مراجعة جيدة أن سمحت الفرص لذلك يمكن إبداء رأي مفصل.
الخبير القانوني والمحامية رحاب سالم
تباين أراء الخبراء
ومن ناحية أخرى – تقول الخبير القانوني والمحامية رحاب سالم: يرى خبراء دستوريين أن قانون لجعل الفتوي يعتبر بداية بضم دار الإفتاء لوزارة العدل حتي لو شارك الأزهر معها، فإن تقنيين الشريعة بهذا الوضع جعلها فرض وجهة نظر واحدة حسب مذهب واحد، وقد رفض الإمام مالك فرض أي تقنيين كتاب الموطأ علي المسلمين في رده علي الخليفة أبي جعفر المنصور، حيث إن تقنيين الشريعة سوف يمنع اختلاف التنوع في الشريعة ويجعلها وجهة نظر واحدة، وكذلك محاولة وضع حتي الجهة المسؤولة عن الإفتاء كجهة رسمية في وزارة لسلطة تنفيذية.
وتضيف "سالم" في تصريح لـ"برلماني": بينما يرى أخرون أن هذا المذهب انتهجه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين منع سيدنا عبد الله بن مسعود من الفُتيا في الرسالة التي أرسلها له بعد توليه الخلافة والتي جاء فيها: "نبئت أنك تفتي الناس ولست بأمير، فول حارها من تول قارها"، مع العلم أن عبد الله بن مسعود كان من الصحابة الذين كانوا يفتون وقت النبي صلى الله عليه وسلم، ويسمى هذا المذهب عند الفقهاء مذهب الحجر في الفتيا.
الفارق بين الرأي في الدين والفتوي
وتسألت ما الفارق بين الرأي في الدين و الفتوي؟ وهل المقصود بالفتوي في هذا القانون الفتاوي الشخصية لأفراد الشعب أم الفتاوي العامة الغير مخصصة لفرد بشخصه - علي صيغة سؤال عام وشروحات - واعتقد أن هذا القانون فيه نظر ومُهدد في بعض مواده بعدم الدستورية أو سيكون محدود وسيوقف فقط الفتاوي الشخصية وسيؤدي بدوره لزيادة جهل الناس البسطاء بالدين لعدم تمكنهم من الوصول للجهات التي حددها القانون بسهولة ويسر، وسيدفع ذلك القانون لنمو "سوق" اتجاه موازيٍ غير رسمي لإصدار فتاوي للأشخاص بعيدا عن النطاق العام وعن أعين القانون.
وأوضحت: القانون حدد 6 جهات فقط لا غير للفتوي في مصر وهم هيئة كبار العلماء بالأزهر ومركز البحوث بالأزهر والفتوي الالكترونية بالأزهر ودار الإفتاء وأئمة الأوقاف ولجان الأزهر والأوقاف، ومن يخالف ذلك يتعرض للحبس والغرامة، ولن تسمع صوت لغير المتخصصين في الفتوى سواء كان سلفياَ أو أزهرياً غير متخصص للفتوى، وبمعنى أدق لن تجد شيوخ مثل الدكتور سعد الدين الهلالي وأحمد كريمة، وغيرهم من أعضاء الدعوة السلفية أمثال الشيخ مصطفى العدوى على مقعد الإفتاء.