- مؤشرات إيجابية وتحسن في الأداء.. توسع في إنتاج مياه الشرب في مصر عام 2023/2024
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الموارد المائية عالميًا، تواصل الدولة المصرية جهودها لتعزيز خدمات مياه الشرب والصرف الصحي بجودة وكفاءة، تلبيةً لاحتياجات المواطنين وضمانًا للاستدامة، وفي هذا السياق، أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تقريرًا مهمًا حول إحصاءات المياه النقية والصرف الصحي فى مصر لعام 2023/2024، كاشفًا عن مؤشرات تفصيلية تعكس تحسن الأداء وزيادة الإنتاج والقدرة التشغيلية.
الأمن المائي في قلب الأولويات
من المعروف أن قضية الأمن المائي تمثل أولوية استراتيجية للدولة المصرية، نظرًا لاعتماد البلاد شبه الكامل على نهر النيل كمصدر رئيسي للمياه، في مقابل محدودية الموارد الجوفية والبدائل الطبيعية، ومع التزايد السكاني، والتوسع الحضري، والتغيرات المناخية، ازدادت الحاجة إلى تطوير البنية التحتية للمياه، سواء من خلال التوسع في محطات المعالجة أو اللجوء إلى تقنيات جديدة مثل التحلية.
زيادة في إنتاج المياه النقية وتحسن في استهلاكها
ووفقًا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء، بلغت كمية المياه النقية المنتجة خلال عام 2023/2024 نحو 11.6 مليار متر مكعب، مقارنة بـ11.3 مليار م3 في عام 2022/2023، بنسبة زيادة قدرها 2.5%.
وتُعد هذه الزيادة نتيجة مباشرة للتوسع في إنشاء وتحديث محطات المياه، إضافة إلى تحسين كفاءة التشغيل وتقليل الفاقد.
وفيما يخص الاستهلاك، ارتفعت كمية المياه النقية المستهلكة إلى 9.1 مليار متر مكعب خلال نفس العام، مقابل 8.9 مليار م3 في العام السابق، بنسبة نمو بلغت 2.7%، ما يعكس تزايد الاحتياج للمياه توازيًا مع التوسع العمراني وارتفاع عدد السكان.
انخفاض نسبة الفاقد
وفي إنجاز يعكس تحسنًا في الإدارة الفنية والتشغيلية، سجلت نسبة الفاقد من المياه النقية المنتجة انخفاضًا إلى 25.7% خلال 2023/2024، مقابل 26.1% في العام السابق، بنسبة تراجع قدرها 1.5%، ويرجع هذا التحسن إلى أعمال تطوير الشبكات وتقليل نسب التسرب، فضلًا عن تعزيز نظم المراقبة الإلكترونية في بعض المحافظات.
وتحاول الدولة جاهدة الاعتماد على مصادر متنوعة لإنتاج المياه النقية، وذلك لتعزيز مرونة المنظومة وتقليل الضغط على نهر النيل. ووفقًا للبيانات جاء توزيع عدد المحطات، كالتالى:
• محطات المياه السطحية (نهر النيل)، والتى بلغ عددها 1149 محطة بإنتاج بقدرة 10.4 مليار م3، أي نحو 90% من إجمالي المياه المنتجة.
• محطات المياه الارتوازية، والتى سجلت 1549 محطة بإنتاج بقدرة 1 مليار م3.
• محطات مياه الآبار، والتى بلغ عددها 40 محطة بإجمالي إنتاج 0.04 مليار م3.
• محطات تحلية مياه البحار، والتى ارتفعت إلى 57 محطة، بإنتاج بلغ 0.2 مليار م3، وهي نسبة مرشحة للزيادة خلال السنوات المقبلة ضمن التوسع في المدن الساحلية مثل العلمين والجلالة.
ويؤكد هذا التنوع نجاح الدولة في تنويع مصادر المياه وتوجيه الاستثمارات نحو التقنيات الحديثة، وفي مقدمتها التحلية، التي تمثل خيارًا استراتيجيًا لمناطق الدلتا وسيناء والسواحل.
نصيب الفرد وتحسن جودة المياه
كما أظهرت الإحصاءات أن متوسط نصيب الفرد من المياه النقية المنتجة بلغ 108.6 مترًا مكعبًا سنويًا، بينما بلغ نصيبه من المياه المستهلكة فعليًا 85.7 مترًا مكعبًا.
ورغم أن هذه الأرقام لا تزال دون حد الأمان المائي (1000 م3 للفرد سنويًا)، إلا أنها تُظهر استقرارًا نسبيًا بفضل جهود الترشيد وتحسين التوزيع.
أما فيما يتعلق بجودة المياه، فقد سجلت معدلات التطابق مع المواصفات الصحية نسبًا مرتفعة، جاءت كالتالى:
• في محطات الإنتاج التابعة للشركة القابضة: 99%.
• في محطات الإنتاج التابعة لهيئة قناة السويس: 96.1%.
• في شبكات التوزيع:
بلغت نسبة التطابق 99.1% للشركة القابضة و96.5% لهيئة قناة السويس.
وتعكس هذه النسب جودة المعالجة ودقة الرقابة، وهو ما يسهم في تعزيز ثقة المواطنين في المياه التي تصل إلى منازلهم.
الصرف الصحي: توسع في المعالجة وتحسن في الكفاءة
لم تقتصر التحسينات على المياه النقية فقط، بل امتدت إلى الصرف الصحي أيضا، الذي شهد تطورًا ملموسًا في البنية التحتية، فقد ارتفع عدد محطات المعالجة إلى 518 محطة عام 2023/2024، مقارنة بـ508 محطات في العام السابق، بنسبة نمو قدرها 2%.
كما زادت كمية الصرف الصحي المعالج لتصل إلى 5.6 مليار متر مكعب، مقابل 5.4 مليار م3 في 2022/2023، بنسبة زيادة بلغت 3.7%.
ويُعد هذا النمو مؤشرًا على فعالية الاستثمارات الحكومية في قطاع الصرف، لا سيما في الريف والمناطق الجديدة، ضمن مبادرة “حياة كريمة” ومشروعات تطوير الريف المصري.
فى النهاية، تعكس هذه البيانات الرسمية اتجاهًا واضحًا نحو تطوير خدمات المياه في مصر بما يتماشى مع رؤية 2030، والتي تهدف إلى تحسين جودة الحياة والاستدامة البيئية، ولكن ، رغم التقدم المحرز، لا تزال الحاجة قائمة لتعزيز جهود التوعية بترشيد الاستهلاك، وتوسيع التحول الرقمي في إدارة الموارد، ومواصلة التوسع في التحلية والمعالجة الثلاثية للصرف الصحي، بما يدعم الاستخدامات الزراعية والصناعية.
