أثار إعلان وزارة الثقافة عن نيتها إغلاق عدد من الشقق المؤجرة التى تُستخدم كمقار لبيوت ومراكز الثقافة فى المحافظات موجة من الجدل البرلمانى والانتقادات الواسعة داخل مجلس النواب، وسط تحذيرات من تداعيات القرار على مستقبل الثقافة والوعى فى مصر، خاصة فى المناطق الريفية والمهمشة.
وتقدم عدد من أعضاء مجلس النواب بطلبات إحاطة إلى رئيس المجلس، موجهة إلى رئيس الوزراء ووزير الثقافة، للمطالبة بمراجعة هذا التوجه، الذين وصفوه بـ"الانسحاب الصريح من الدور التنويرى للدولة".
ندى ألفى ثابت: إغلاق المراكز الثقافية تهديد للهوية الوطنية
حذرت النائبة الدكتورة ندى ألفى ثابت من العواقب السلبية المترتبة على قرار إغلاق مقار بيوت ومراكز الثقافة، مؤكدة أن هذه المراكز تمثل ركيزة أساسية فى نشر الثقافة ومواجهة الفكر المتطرف.
وأكدت أن إغلاقها يمثل تراجعًا خطيرًا عن الدور الحيوى الذى تؤديه، لا سيما بين النشء والشباب، مطالبة الحكومة بمراجعة القرار والبحث عن بدائل تضمن استمرار هذه المؤسسات فى أداء دورها التوعوى والتنويري.
وأضافت أن الدولة بحاجة إلى توسيع نطاق التثقيف، وليس تقليصه، مشددة على أن هذه المؤسسات تُعد تراثًا وطنيًا لا يجب هدمه تحت أى ذريعة.
فاطمة سليم: أين خطة اكتشاف المواهب بعد الإغلاق؟
بدورها، تقدمت النائبة فاطمة سليم بطلب إحاطة موجه إلى وزير الثقافة، تساءلت فيه عن خطة الوزارة لاكتشاف ورعاية المواهب الثقافية بعد إغلاق الشقق المؤجرة المخصصة للأنشطة الثقافية بالمحافظات.
وأكدت أن الخطوة أثارت جدلًا واسعًا فى الشارع المصري، خاصة فى ظل غياب خطة واضحة لكيفية تعويض هذا الإغلاق، سواء من حيث البنية التحتية أو البرامج البديلة.
وطالبت النائبة بتوضيح الأسباب الحقيقية وراء عدم قيام هذه المراكز بدورها خلال الفترات الماضية، ولماذا لم تُستغل فى تقديم خدمات ثقافية تواكب احتياجات الشباب والمجتمع.
مها عبد الناصر: "نكسة ثقافية" تهدد الأمن القومى الناعم
أما النائبة مها عبد الناصر، فقد استخدمت لهجة شديدة اللهجة فى وصف الوضع، قائلة إن ما يحدث يمثل "نكسة ثقافية" تهدد الأمن القومى المصري، و"انسحابًا ممنهجًا" من دور الدولة فى بناء الوعي.
واستعرضت عبد الناصر أرقامًا مقلقة، مشيرة إلى أن أكثر من 70 منشأة ثقافية أُغلقت أو تعمل بشكل جزئى رغم إنفاق المليارات على تطويرها، وأن هناك أكثر من 300 مركز ثقافى لا تقدم أى أنشطة حقيقية بسبب غياب الكوادر أو التمويل.
وأكدت أن الأزمة ليست فى قلة الإقبال، كما تبرر الوزارة، بل فى تدهور المحتوى وغياب الخطط والبرامج الجاذبة، محذرة من أن الحل لا يجب أن يكون بإغلاق المؤسسات، بل بإصلاحها وإعادة إحيائها.
وأعربت النائبة عبد الناصر عن قلقها من التوجه نحو خصخصة المؤسسات الثقافيةعبر تحويلها إلى مشاريع "استثمارية ثقافية" بشراكة مع القطاع الخاص، ما قد يحوّل الثقافة إلى سلعة لمن يملك ثمنها، بدلًا من أن تكون حقًا مكفولًا لكل مواطن.
وأشارت إلى أن بيوت الثقافة فى الدلتا والصعيد تُغلق واحدة تلو الأخرى، وأن بعضها تحوّل إلى هياكل مهجورة، مثل قصر ثقافة طهطا، وبيت ثقافة ديروط، ومكتبة العليقات فى قنا.
واختتمت عبد الناصر طلبها بمطالبة الحكومة بإلغاء قرارات الإغلاق فورًا، ووضع استراتيجية شاملة لتحديث وتطوير قصور وبيوت الثقافة، تشمل:
إعادة فتح كافة المنشآت المغلقة خلال 6 أشهر، تكثيف القوافل الثقافية والأنشطة المتنقلة، إنشاء مراكز ثقافية جديدة فى القرى المحرومة، رقابة برلمانية مستمرة على تنفيذ الخطة.
وفى تعليقه على ما يثار، قال الدكتور أهمد هنو وزير الثقافة، خلال مناقشته للميزانية العامة للوزارة بلجنة الخطة والموازنه بمجلس النواب، إن قصور الثقافة ليست كلها قصورا، ولكن جزءا كبيرا منها عبارة عن حجرات وشقق ضيقة.
وأوضح أن الثقافة ليست تلقينا، ولكنها حاضنة للمواهب من خلال تحفيز للشباب والمواهب بشكل به تكاملية للمعرفة، وهو الأمر الذى لن يحدث داخل شقة مساحتها 40 مترا، متابعا: هناك أماكن مساحتها 9 أمتار، وهناك موظفون فى تلك القصور لا يحضرون، وستجرى الاستفادة منهم فى أماكن أخرى.
وأعلن الوزير، أن قرارات الغلق ستتخذ وفقا لحجم التأثير الثقافى لكل مكان، وذلك من خلال لجان تفتيش ومتابعة لتقييم مدى وجود نشاط فعلا من عدمه، وتعهد الوزير أن حال وجود نشاط فعلي، فلن يغلق المكان.
وفى تطور للأمر، تناقش لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب الأسبوع المقبل، طلبات الإحاطة المقدمة من النواب حول هذه الأزمة بحضور الوزير لمناقشة خطط الوزارة فى هذا الملف.
