بعد مناقشات ثرية وبناءه تحت قبة مجلس الشيوخ، تناولت قضية تشريعية بالغة الأهمية عن تحديث البنية القانونية بما يتماشى مع متطلبات المناخ الاستثمارى والاقتصادى الحالى، وافق المجلس على الدراسة المُقدمة من الدكتور هانى سرى الدين، حول دراسة الأثر التشريعى لبعض مواد قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية، الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، وإحالتها إلى رئيس الجمهورية.
وتستهدف الدراسة البرلمانية بالأساس، إلى اختصار الفترة الزمنية اللازمة لتنفيذ أحكام التحكيم فى مصر من أجل الحصول على الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمى، وإنهاء حالة التنازع فى الاختصاص بين مختلف دوائر المحاكم الابتدائية والاستئنافية (وأحيانًا الاقتصادية) ثم التعرض لنقض الحكم الصادر بوضع الصيغة التنفيذية نتيجة لتباين اتجاهات دوائر محكمة النقض، بالاضافة إلى توحيد اتجاهات القضاء فيما يتعلق باعتبار اللجوء لمركز القاهرة الإقليمى للتحكيم الدولى كافيًا وحده لإسباغ وصف "التجارية" و"الدولية" على الحكم التحكيمى وفقًا للمادة 3 من قانون التحكيم، وهو الأمر الذى يتوافق مع الثابت من الأعمال التحضيرية لقانون التحكيم، فضلا عن التغلب على أهم العقبات والمعوقات التى تعيق تنفيذ أحكام التحكيم فى مصر من ناحية، ومراعاة اعتبارات تشجيع مجتمع الأعمال والاستثمار المتمثلة فى الحفاظ على الهيكل العام لنصوص قانون التحكيم المصرى المستمد من قانون الأونسيترال النموذجى للتحكيم من ناحية أخرى.
الدراسة تطرح أبعاد هامة من شأنها تذليل العقبات أمام المستثمرين، فى ضوء خطة الدولة لجذب الاستثمار، حيث أكد المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، أن جوهر التحكيم يكمن فى مراعاة عامل الوقت، موضحا أن التحكيم وُجد كمسار استثنائى لتسريع وتسوية النزاعات بعيداً عن الإجراءات القضائية المعتادة، لذا تكمن أهمية الدراسة البرلمانية الخاصة بدراسة الأثر التشريعى لبعض مواد قانون التحكيم، لاتخاذ خطوات عملية لتسريع تنفيذ أحكام التحكيم، باعتباره وسيلة ناجحة لتسوية النزاعات، وتحقيق التوازن بين العدالة والسرعة فى حسم المنازعات، لا سيما فى مناخ الاستثمار.
وقال "عبد الرازق" إن من يختار طريق التحكيم يكون على دراية بأنه مسار استثنائى، ومتفهم لطبيعته، مؤكدًا أن التحكيم يرتبط فى كثير من الأحيان بفكرة التصالح وتسوية النزاعات وديًا، وهو ما يعزز من جدواه العملية.
وشدد رئيس مجلس الشيوخ، على أن القضاء المصرى عريق وعظيم، وكل ما يصدر عنه محل تقدير وثقة فى الضمير الجمعى، لكن الإشكالية كانت دائمًا فى طول أمد الإجراءات.
وثمن المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، الدراسة البرلمانية مشيراً إلى أن الدور الأساسى فى هذا السياق هو أن نكمل المسار للمحتكمين، ونوصل لهم المفهوم الكامل للتحكيم، بما يضمن لهم الثقة فى نتائجه ويمنع تعطيلها لاحقًا".
البٌعد الهام الذى ذهبت إليه الدراسة البرلمانى، شهد توافق كبير بين الحكومة ومجلس الشيوخ، حيث أشاد محمود فوزى، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسى، بالدراسة مشيراً إلى أن النائب هانى سرى الدين أثار من خلالها قضية فنية دقيقة، لاسيما وأن قوة أى نظام استثمارى تعتمد على يٌسر الإجراءات، فلا يوجد قانون استثمار فعال دون إجراءات بسيطة وميسرة، قائلاً: " كلما استطعنا إزالة العقبات، اقتربنا من بيئة استثمارية سليمة".
وتبنى فوزى اقتراح سرى الدين بشأن الحاجة إلى جهة مركزية (محكمة قضائية) تتولى تنفيذ أحكام التحكيم لضمان الفاعلية، قائلاً: "المستثمر لا تعنيه الأوراق بقدر ما يهمه الأثر العملى، وإذا لم تكتمل إجراءات التنفيذ نكون أمام مشكلة حقيقية".
وثمن "فوزي" ما ذهب إليه المقترح بأن تتولى محكمة استئناف القاهرة هذه المهمة لما تملكه من خبرة وسعة اختصاص، على أن تحظى بدعم الدولة ماديًا وبشريًا، باعتبارها الأعرق والأكثر تأهيلاً فى التعامل مع هذا النوع من القضايا، مع إشراف وزير العدل على هذا الدور المؤسسى الهام.
ولفت المستشار محمود فوزى، إلى أن الدراسة وضعت يدها على مسألة محورية بالفعل، واستطاعت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والاستثمار برئاسة النائب هانى سرى الدين، بنجاح كبير جمع نخبة من القامات القانونية والمتخصصين فى التحكيم من مختلف المدارس القانونية، فى جلسة كانت ثرية وممتعة، كان أكثر من شيق ولامس جوهر التطوير التشريعى.
وتطرق فوزى، إلى تاريخ قانون التحكيم فى مصر، معتبرًا إياه من القوانين المتقدمة التى تحاكى النظم الدولية، وأكد أن كبار رجال القانون شاركوا فى صياغته وتطويره، وجرى تعديله عام 1997 بعد الجدل الفقهى السابق حول مدى جواز التحكيم فى العقود الإدارية، وذلك بإجازة التحكيم فى العقود الإدارية بشرط موافقة من السلطة المختصة، لذا فهناك إدارة للتحكيم فى وزارة العدل ويعرض عليها الأمر، وجاء مقترح الدراسة بأن يكون هناك محكمة تتولى تنفيذ أحكام التحكيم لضمان الفاعلية.
ووجه فوزى الشكر إلى مكتب مجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق مناقشتها، ما يعكس الاهتمام بالملفات التشريعية المؤثرة.
ونظرا لدسامة الدراسة البرلمانية، مازح المستشار محمود فوزى، أعضاء المجلس، قائلا: "أشفق على القاعة من هذه التفاصيل الفنية الدقيقة، لكن أود أن أوضح أن القانونيين يمكنهم الاستماع خمس ساعات متواصلة دون ملل، وهذا هو الفارق بين التخصصات".
وفى محض حديثة، أشاد المستشار محمود فوزى بالحوار الثرى والدراسات القانونية المتعمقة التى يشهدها مجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، مشيراً إلى أن الموضوعات المطروحة تحت قبته تثير شهية القانونيين للنقاش والتفكير المستفيض.
وقال محمود فوزى، إن الدراسة البرلمانية تتطرق إلى موضوع هام للغاية وشيق، ومثل هذه القضايا تفتح شهية القانونيين للنقاشات المستفيضة، لكن يبقى فى النهاية أن نوجه الشكر لمجلس الشيوخ الذى اعتدنا منه دائما الإشارة إلى دراسات دقيقة تتطلبها الحاجة المجتمعية".
وأكد فوزى أن دور المجلس فى تسليط الضوء على الجوانب الفنية والتشريعية يعكس وعيا حقيقيا بالتحديات المجتمعية وحرصًا على تطوير المنظومة التشريعية بما يخدم الصالح العام.
بدوره، أكد المستشار عدنان فنجرى، وزير العدل، أن قانون التحكيم أو التعديلات المقترحة بشأن تعديل بعض أحكام قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، كان لابد منها، وجاءت فى وقتها، قضايا التحكم تماثل تماما قضايا الأسرة، تبدأ بالزغاريد وإطلاق النار فى الهواء وتنتهى بعضها بالتراشق، وهكذا قضايا التحكيم.
وتابع: "مصر لها الريادة منذ الآزل، فى القانون وفى القضايا، وقانونها لابد أن يكون نبراس لدول اخرى، القانون 27 لسنة 1994 كان منارة للعديد من الدول بعد ذلك، لكن تطبيقه أفرز عن مشاكل عملية، تنال منه، لذا وجب على المشرع التدخل وإصلاح العوار الذى أصابه بعد أحكامه لمعالجة التنفيذ على وجه الخصوص".
واستكمل فنجرى: "نطاق سريان القانون وفقا للمادة الأولى من القانون تطرق إلى تطبيق التشريع فى الهيئات التحكيمية، واستثناء من التطبيق وفقا لشروط، تمثلت فى يجوز أن يخضع التحكيم الذى يُجرى فى الخارج لحكام القانون بشروط أن يكون ذات طبيعة تجارية دولية، يتفق أطراف التحكيم على خضوع إجراءات التحكيم لهذا القانون، والتحكيم الذى يُجرى فى مصر تطبيقه من حيث المكان يخضع لهذا القانون لنطاق دعاوى القانون، والاستثناء هو الدائرة الضيقة".
واستكمل وزير العدل: "الأهم تشجيع المناخ الاستثمارى، ومن ثم الدائرة الضيقة الخاصة بالاستثناء لابد من اتساعها، تلك الخاصة بالتحكيم الذى يُجرى فى الخارج ويخضع للقانون المصرى، ومن هناك حاجة حاجة ضرورية لتحسين سمعة القانون".
وأشار وزير العدل، إلى أن التعديل الخاص بمنح المحكمة وليس رئيسها اختصاص مدة التحكيم أو إنهاء إجراءات التحكيم حتى يكون الأمر ليس قاصرا على شخص واحد، ولتفادى إهدار دعوات قد تكلف مليارات الدولارات بسبب إسناد الأمر لشخص رئيس المحكمة وليس للمحكمة.
وكانت للهيئات البرلمانية للأحزاب السياسية الممثلة تحت القبة مداخلات معمقة، وسط مطالبات نيابية بأهمية تطوير التشريع لمواكبة المعايير الدولية بإعداد قانون موحد للتحكيم لتسهيل بيئة الاستثمار، فضلا عن الدخول فى شراكات لتكون مصر مركز إقليمى للتحكيم فى أفريقيا، وتفعيل أدوات العدالة الناجزة، ومعالجة القصور فى آليات تنفيذ أحكام التحكيم، إلى جانب المطالبة بجهة رقابية تشرف على مراكز التحكيم الخاصة، وتضمن التزامها بالمعايير القانونية.
وفى هذا الصدد أكد المستشار بهاء أبو شقة، وكيل أول مجلس الشيوخ، أن التحكيم يمثل أحد أهم حوافز الاستثمار، مشددًا على ضرورة إعداد قانون شامل وجديد للتحكيم يحقق العدالة الناجزة ويمنح الثقة للأطراف، ويزيل العقبات التى تعرقل تحقيق السلام التجارى.
وشدد المستشار بهاء أبو شقة، على الحاجة الماسة إلى قانون حديث للتحكيم يواكب متغيرات العصر ويعكس مكانة مصر كدولة جديرة بالثقة والتنافسية، خاصة فى ظل التطورات المتسارعة محليًا وإقليميًا ودوليًا.
وأشار أبو شقة إلى أن قانون التحكيم الحالى رقم 27 لسنة 1994 كان رائدًا فى وقت صدوره، إلا أنه مر عليه أكثر من 30 عامًا، وشهد خلالها الواقع العملى تغيرات وتحديات أظهرت الحاجة إلى تدخل تشريعى عاجل لتطويره.
ونوه بهاء أبو شقة، إلى القانون الجديد يجب أن يتضمن تعريفات حديثة ومحددة للمصطلحات، مثل (قرار التحكيم) و(موانع التحكيم)، والتى أثارت مشكلات فى التطبيق والتفسير، كما يجب أن يعالج أوجه القصور فى اختيار المحكمين، وهى إحدى نقاط التأخير حين يختلف الطرفان على اختيارهم.
ولفت وكيل المجلس إلى غياب تنظيم التحكيم الإلكترونى فى القانون الحالى، مؤكدًا أنه بات من الضرورى إدراج نصوص واضحة تنظم هذا النوع من التحكيم الذى أصبح أداة ضرورية للفصل فى المنازعات التجارية الحديثة.
واختتم أبو شقة تصريحاته بالتشديد على أن فن التشريع يفرض علينا الاستجابة السريعة لما يفرضه الواقع العملى، وأنه لا بد من سد الفراغ التشريعى بنصوص واضحة تحقق فعالية وسرعة فى تسوية النزاعات، خاصة فى بيئة الاستثمار التى تتطلب إجراءات موثوقة.
بدورها أكدت النائبة فيبى فوزى، وكيل مجلس الشيوخ، أن التحكيم الدولى يمثل أداة فعالة وسريعة لحل النزاعات، بما يضمن للمستثمرين وجود آلية محايدة تفصل فى الخلافات بعيدًا عن بطء إجراءات القضاء التقليدى، ويُسهم فى تعزيز استقرار بيئة الأعمال.
وقالت فوزى، إن التحكيم يعزز من قدرة الدولة على جذب الاستثمارات الأجنبية، ويوفر منظومة قانونية تطمئن المستثمر على حقوقه، وهو ما يجعل مصر وجهة أكثر تنافسية على خريطة الاستثمار العالمية.
وأضافت فيبى فوزى أنه عندما نطالب بتطوير قانون التحكيم ليتماشى مع المعايير الدولية ويحقق الشفافية والسرعة، فإننا نتماشى مع توجه الدولة نحو اقتصاد تنافسى وبيئة قانونية مشجعة، تعكس جدية الجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى ترسيخ الثقة القانونية للمستثمرين المحليين والأجانب؟
وشددت على أن تحديث القانون المنظم للتحكيم ليس فقط استجابة لحاجة تشريعية، بل يُعد خطوة استراتيجية ضمن خطة أوسع لتحسين مناخ الاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة، وهو الهدف الذى يعمل الجميع على تحقيقه خلال المرحلة المقبلة.
فى السياق ذاته، أكد النائب إيهاب وهبة، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهورى، أن أى مستثمر يتوجه إلى السوق المصرى يبحث أولًا عن الآليات المتاحة لحل النزاعات فى حال وقوع خلاف، مشيرًا إلى أن طول أمد التقاضى يُعد من أكبر التحديات التى تعيق جذب الاستثمار.
وأضاف وهبة أن التعديلات المقترحة تمثل أهمية كبرى لصالح الاقتصاد الوطنى، داعيًا إلى تضمين التحكيم الإلكترونى فى القانون، لما له من أثر كبير فى تسريع الإجراءات وتحقيق العدالة الناجزة.
وفى هذا السياق، طالب الدكتور نبيل دعبس، رئيس لجنة التعليم والبحث العلمى والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس الشيوخ، بتشكيل لجنة متخصصة تتولى دراسة الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف أو النقض فى القضايا المتعلقة بالعقود التجارية والنزاعات المالية والاستثمارية، بهدف تسريع حسم الخلافات، على أن تكون قرارات هذه اللجنة نهائية وملزمة.
وقال دعبس إن العقود التجارية والاستثمارية غالبا ما تنص على اختصاص محاكم معينة بنظر النزاعات، وفى الواقع العملى، تكون أحكام هذه المحاكم شبه نهائية، حيث تقتصر درجات الاستئناف أو الطعن بالنقض على الجوانب الإجرائية فقط، وليس على موضوع النزاع ذاته.
ودعا النائب إلى نشر قوائم بالمراكز المتخصصة ذات الخبرة فى قضايا التحكيم بمختلف المجالات، لتيسير الأمر على المتقاضين وتسهيل اختيار الجهات المؤهلة للفصل فى النزاعات، بما يحقق الشفافية والسرعة فى حسم القضايا
من جانبه، أكد النائب طارق عبد العزيز، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد بمجلس الشيوخ، أن مناقشة الأثر التشريعى لقانون التحكيم تُعد بمثابة تحريك للمياه الراكدة، مشدداً على أن السرعة فى إنجاز قضايا التحكيم أصبحت فرض عين لا يحتمل التأجيل، لاسيما فى ظل ما تواجهه المنظومة من معوقات وتباطؤ أثّر سلبًا على سمعة التحكيم المصرى.
وقال طارق عبد العزيز، إن تحقيق العدالة بين الأطراف المتنازعة لا يقل أهمية عن سرعة الفصل، لافتاً إلى أن أحكام التحكيم نهائية ما يستوجب إحاطتها بضمانات قانونية وإجرائية واضحة تحمى حقوق جميع الأطراف وتدعم مصداقية التحكيم.
وانتقد عبد العزيز، توجه بعض التعديلات المقترحة لإسناد النظر فى دعاوى التحكيم إلى محكمة النقض، التى تنظر بالفعل عدد ضخم من القضايا، متسائلًا: "كيف تسند إليها دعاوى ابتدائية، وهى محكمة تنظر فى الأصل كجهة طعن وليس كدرجة أولى".
وشدد رئيس برلمانية الوفد على أن العدالة ليست مجرد سرعة فى الفصل، بل تحتاج إلى قواعد رقابية، قائلا: " بحاجة إلى جهة رقابية تشرف على مراكز التحكيم، لأن بعضها أصبح عائقًا أمام تحقيق العدالة، ولدينا نماذج كثيرة لذلك، من يسيء للتحكيم يُسيء لمصر".
بدوره، أكد النائب طارق رسلان، نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المؤتمر بمجلس الشيوخ، أن توجه الدولة المصرية فى ظل الجمهورية الجديدة، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، يضع جذب الاستثمارات الدولية فى صدارة الأولويات، ما يستوجب توفير بيئة قانونية محفزة وآمنة للمستثمرين.
وأشار رسلان إلى وجود تخوفات حقيقية لدى بعض المستثمرين بشأن فعالية تنفيذ الأحكام الصادرة عن هيئات التحكيم، وهو ما يتطلب إصلاحات جادة تسهم فى تعزيز ثقتهم واستقرار تعاملاتهم داخل السوق المصرى.
وفى ختام كلمته، أعلن النائب موافقة حزب المؤتمر على ما خلصت إليه الدراسة من توصيات، مشددًا على دعم الحزب الكامل لـ تقليص مدد التقاضى وتسريع إجراءات التحكيم، باعتبارها خطوة ضرورية لتحسين مناخ الاستثمار فى مصر.
ومن جانبه، شدد النائب عصام هلال على أن الدراسة تناولت نقاطًا محورية، فى مقدمتها بطء الإجراءات وازدواجية التشريعات، لافتاً إلى أن مصر لديها من الإمكانات ما يؤهلها لأن تكون مركز إقليمى ودولى للتحكيم، لاسيما مع توافر قانون موحد يعالج أوجه القصور ويقضى على البيروقراطى.
ودعا هلال إلى تأسيس مركز لتدريب وتأهيل المحكمين وفق المعايير الدولية، وإلى وضع ضوابط قانونية صارمة لمراكز التحكيم الخاصة، التى تعمل حاليًا بدون رقابة فعالة، مؤكدا أن غياب التنظيم يفتح المجال للممارسات غير المنضبطة.
وحذر البرلمانى من أن مراكز فى دول عربية باتت تشكل منافس لمصر فى مجال التحكيم، مقترحا دراسة الدخول فى شراكة مع البنك الإفريقى لتعزيز موقع مصر كمركز رئيسى للتحكيم فى القارة.
فى السياق ذاته، أعلن المستشار فرج حافظ الدرى، عضو مجلس الشيوخ، تأييده الكامل لما خلصت إليه الدراسة المقدمة بشأن الأثر التشريعى للمادتين (3) و(9) من قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994، مؤكدًا أن المشروع المقترح يُسهم فى تحسين مناخ الاستثمار وترسيخ العدالة الناجزة، ومعالجة أبرز العقبات المتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم.
وثمن المستشار فرج الدرى الجهد المبذول من اللجنة، مشيدًا برئاسة الدكتور هانى سرى الدين، وبما تضمنه التقرير من رؤية قانونية دقيقة، تواكب متطلبات المرحلة، وتستهدف تعزيز الثقة فى منظومة التحكيم كإحدى أدوات تسوية المنازعات بعيدًا عن تعقيدات التقاضى التقليدى.
كما أشاد الدرى بترحيب المجلس بوزير العدل المستشار عدنان الفنجرى، مؤكداً ثقته الكاملة فى ما يتمتع به من كفاءة ونزاهة وخبرة طويلة فى مختلف المناصب القضائية، والتى جعلت منه محل ثقة القيادة السياسية.
وفيما يخص مضمون التعديلات، أشار المستشار فرج الدرى إلى أهمية حصر منح الصيغة التنفيذية لأحكام التحكيم فى محكمة استئناف القاهرة، لما تتمتع به من خبرات قضائية متخصصة، وكذلك النص على جواز الطعن أمام محكمة النقض، مما يضمن الشفافية ويعزز الثقة فى إجراءات التحكيم.
وفى ختام كلمته، أعلن المستشار فرج الدرى موافقته على تقرير اللجنة من حيث المبدأ، داعيًا إلى استكمال الجهود التشريعية بما يحقق الغايات المرجوة ويعزز موقع مصر كمركز إقليمى للتحكيم والاستثمار.
وفى ختام الجلسة، وصف المستشار عدنان فنجرى، وزير العدل، المناقشات بالبناءة، مشيراً إلى إنه يتوقع أن تواصل اللجنة البرلمانية المعنية عملها فى صياغة النصوص المقترحة خلال الجلسة العامة ودمج التوصيات التى تم إبداؤها ضمن الدراسة، وذلك حرصا على أن يظهر قانون التحكيم فى ثوبه الجديد بما يليق بتطبيقه داخل مصر، ويسهم فى تحقيق الهدف المنشود بتحفيز الاستثمار ومواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.
وثمن المستشار بهاء أبو شقة التعاون التام بين الحكومة ومجلس النواب، مؤكداً أن الجميع يعمل فى هذه المرحلة لتأسيس دولة عصرية حديثة، وأن تطوير قانون التحكيم يُعد أمرا حيويا لاسيما وارتباطه الوثيق بالاستثمار، كأحد الركائز الأساسية فى دعم الاقتصاد الوطنى.