فى وقت تتسارع فيه وتيرة الترويج للمكملات الغذائية عبر الإعلانات المضللة على الشاشات ومنصات التواصل الاجتماعى، وسط غياب رقابى ملحوظ، ناقش مجلس النواب مؤخرًا مشروع تعديل بعض أحكام قانون مزاولة مهنة الصيدلة، ليكشف النقاش البرلمانى عن حالة فوضى حقيقية فى سوق المكملات الغذائية، تدفع ثمنها صحة المواطنين، وتستدعى تدخلًا تشريعيًا عاجلًا.
فوضى دعائية
بدورها قالت النائبة إيرين سعيد، عضو لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب، إن التعديلات المقترحة على قانون مزاولة مهنة الصيدلة لا بد أن تُستكمل بحزمة تشريعات وإجراءات رقابية تضبط سوق المكملات الغذائية، الذى أصبح – على حد وصفها – "بابًا خلفيًا للتربح على حساب صحة المواطنين".
وأعربت سعيد، فى تصريح لـ"برلمانى"، عن قلقها من الانتشار العشوائى للمكملات الغذائية والإعلانات المضللة عبر الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعى، والتى تُسوّق لمنتجات مجهولة المصدر، دون رقابة أو تصريح طبى موثوق.
وأضافت: "نحن أمام سوق غير منضبط، يغرى المواطنين بإعلانات عن تحسين المناعة أو خسارة الوزن أو تقوية القدرات الذهنية، دون رقابة كافية من الجهات المعنية، وهو ما يتطلب وقفة حاسمة من هيئة الدواء المصرية ومباحث التموين وجهاز حماية المستهلك".
وأكدت النائبة أن أى تعديل تشريعى يجب أن ينص صراحة على تجريم الإعلان عن المكملات دون تصريح مسبق، وضرورة تسجيل المنتجات لدى هيئة الدواء المصرية، مع إخضاعها للتفتيش الدوري.
كما طالبت بزيادة أعداد المفتشين الصيدليين وتوسيع نطاق رقابتهم ليشمل المحلات غير المرخصة التى تبيع مكملات غذائية تحت ستار "الطب البديل"، مما يهدد سلامة المرضى ويشوه دور الصيدلى المؤهل.
تدخل تشريعى عاجل
كما حذّر الدكتور مكرم رضوان، عضو لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب، من خطورة ما وصفه بـ"الفوضى الدعائية" التى تشهدها سوق المكملات الغذائية فى مصر، مؤكدًا أن الإعلانات المضللة التى تروج لها بعض القنوات الفضائية وصفحات التواصل الاجتماعى أصبحت تهدد الصحة العامة.
وقال رضوان خلال تصريح لـ"برلمانى": "يؤسفنى أن المكملات الغذائية تُباع الآن بحرية أكبر من الأدوية، بل ويجرى الترويج لها كبديل للدواء، فى مخالفة صريحة لقواعد الطب والعلاج الرشيد."
وأكد أن القانون الجديد بشأن مزاولة مهنة الصيدلة يجب أن يتضمن مواد صارمة تحظر الإعلان عن أى منتج غذائى أو مكمل صحى دون موافقة هيئة الدواء المصرية، وأن يتم التعامل مع المكملات باعتبارها منتجات صحية ذات تأثير دوائى محتمل، وليس مجرد سلع تجارية.
وأشار إلى أن بعض المكملات المتداولة قد تتفاعل مع الأدوية أو تؤثر على أمراض مزمنة مثل الضغط والسكرى دون علم المستخدم، ما يجعل الرقابة عليها أمرًا لا يقل أهمية عن الرقابة على الأدوية.
وطالب رضوان بتكثيف الحملات التفتيشية على أماكن بيع المكملات، وتفعيل العقوبات بحق المخالفين، وكذلك إعادة النظر فى قنوات ترخيص تلك المنتجات، لضمان حماية المواطنين من التلاعب بعقولهم وصحتهم.
تجارة بلا ضابط
فيما أعربت النائبة ميرفت عبد العظيم، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، عن استيائها من الانفلات غير المسبوق فى سوق المكملات الغذائية فى مصر، معتبرة أن الإعلانات المكثفة التى تروج لتلك المنتجات "تبيع الوهم للمواطن المصرى".
وأضافت فى تصريح لـ"برلمانى": "نرى يوميًا مئات الإعلانات التى تروج لمنتجات مكملات تدّعى القدرة على علاج أمراض مستعصية، أو زيادة المناعة أو تحسين الأداء البدنى، وكلها تُعرض دون حسيب أو رقيب".
وأكدت عبد العظيم أن الكثير من هذه المكملات تُباع دون إشراف صيدلى، أو خارج الصيدليات المرخصة أصلًا، فى مخالفة صريحة للقانون ولأبسط قواعد السلامة الصحية. وشددت على أن دور هيئة الدواء يجب أن يكون أكثر حزمًا فى مراجعة تركيبات هذه المنتجات، ومراقبة توزيعها وتسجيلها.
كما دعت إلى إلزام الشركات باستخدام الاسم العلمى بدلًا من الأسماء التجارية التسويقية، التى تخدع المستهلك وتُرسخ ثقافة الدواء بالعلامة التجارية لا بالمادة الفعالة.
واختتمت بالقول: "إذا كنا نُعِد قانونًا يهدف لتنظيم مهنة الصيدلة، فلا بد أن يشمل ضبط سوق المكملات الغذائية، لأنها أصبحت امتدادًا للمهنة بلا تأهيل، وتهدد جهود الدولة فى تقديم رعاية صحية مبنية على العلم والانضباط".