أصدرت الدائرة المدنية "ج" – بمحكمة النقض – فريداً من نوعه، يتصدى لإشكاليات الصورية بطريق التسخير، رسخت فيه لمبدأ قضائيا بشأن صورية التسخير بين الأزواج، قالت فيه: "أحقية الزوج فى إثبات ملكيته وصورية ملكية الزوجة بالتسخير، ومن يعير اسمه ليس إلا وكيلاً عمن أعاره ".
ملحوظة:
تتناول الصورية بطريق التسخير شخصية أحد المتعاقدين، ويقصد بها إخفاؤها تحت اسم شخص آخر في العقد ويكون ذلك بعلم المتعاقد الآخر لكي يأمن مانع يمنع إبرام التصرف مع المتعاقد الحقيقي، فهي تكون بإتفاق العاقدين لإخفاء شخصية أحدهما عن الغير بسبب ما قد يكون الغش نحو القانون.
الخلاصة:
تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بصورية عقد بيع العين محل التداعي الصادر لصالح زوجته المطعون ضده الأولى صورية بالتسخير وأنه المشتري الحقيقي لها مدللاً على ذلك بالمستندات، يُعد دفاع جوهري، والتفات الحكم المطعون فيه عن ذلك الدفاع وقضاؤه بنفي الصورية عن ذلك العقد استناداً لكون شهادة شاهديه جاءت سماعية وعدم تقديمه ما يفيد سبباً لتسخير اسمها يعد قصور.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 12904 لسنة 92 قضائية، برئاسة المستشار بدوي إبراهيم عبد الوهاب، وعضوية المستشارين مصطفى عزالدين صفوت، وعبد الله عبد المنعم عبد الله، ومحمود محمد مرغلي، وهشام محمد عمر، وبحضور كل من رئيس النيابة عمرو الأحمداوي، وأمانة سر إسماعيل فوزي.
الوقائع.. الزوج يتنازل عن كتابة الشقة بإسمه لتُكتب باسم زوجته
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 1255 لسنة 2020 مدني محكمة جنوب الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها الثالثة بوقف التعامل على العين موضوع عقد البيع المؤرخ 2019/8/7 وبصورية ذلك العقد على سند من القول:
إنه بتاريخ 2019/8/3 اشترى عين التداعي من المطعون ضده الثاني والذي تملكها بالشراء من الشركة المطعون ضدها الثالثة، وقام بسداد كامل الثمن له من ماله الخاص وقدره 3600000 جنيه - فقط ثلاثة ملايين وستمائة ألف جنيه مصري لا غير - ونظراً لإصابته بمرض التصلب المتعدد ووجود خلافات مع أشقائه فقد اتفق مع المطعون ضده الثاني على أن يتنازل للمطعون ضدها الأولى عن العين أمام الشركة المطعون ضدها الثالثة، وإذ استبان له عدم إصابته بذلك المرض، فطالب المطعون ضدها الأولي برد العين، فامتنعت، ومن ثم أقام الدعوى.
الزوج يطالب زوجته برد العين مرة أخرى.. والزوجة ترفض
وفى تلك الأثناء - أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، وبعد أن استمعت لشاهدي الطاعن حكمت برفض الدعوى بحكم استأنفه الطاعن أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 8186 لسنة 134 قضائية، مأمورية الجيزة، وبتاريخ 2022/4/10 والتي قضت بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها .
الزوج يقيم دعوى قضائية ضد زوجته والمشترى الأصلى والشركة
أقيم الطعن على 4 أسباب ينعي بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول: إنه تمسك بصورية العقد المؤرخ 2019/8/7، إذ إنه هو المشتري الحقيقي الذي تم البيع لمصلحته ولحسابه والقائم بسداد الثمن من ماله الخاص، ودلل على ذلك بما قدمه من مستندات تتمثل في عقد الاتفاق والوعد بالبيع المؤرخ 2019/8/3 الثابت به أنه المشتري لعين التداعي من المطعون ضده الثاني وكشف حساب بنكي الذي يفيد صرف المطعون ضده الثاني لشيك بقيمة فقط 3398000 جنيه - ثلاثة ملايين وثلاثمائة وثمانية وتسعون ألف جنيه مصري لا غير - المتبقي من ثمن شقة التداعي.
وكذا شهادة صادرة من الشركة المطعون ضدها الثالثة تفيد بعدم سداد المطعون ضدها الأولى لثمة مبالغ عن شقة التداعي، وهو ما تأييد بأقوال الشهود في المحضر رقم 1252 لسنة 2020 إدارى الشيخ زايد أمام محكمة أول درجة والتقارير الطبية بحالته المرضية، وكذا ما يفيد عدم صحة هذا التشخيص الطبي، إلا أن الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي ذهب إلى انتفاء صورية العقد المذكور استناداً إلى أن الطاعن لم يقدم بالأوراق سبب قيامه بتسخير زوجته المطعون ضدها الأولى في العقد, وأن الأوراق قد خلت مما يفيد نقصا في أهليته حتى يتعذر معه إبرامه العقد المطعون عليه باسمه مباشرة دون تسخير وهو ما لا يواجه دفاعه ولا يصلح رداً عليه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
محكمتى أول وثانى درجة ترفضان الدعوى
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه لما كان مؤدى نص المادتين 106، 713 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز للوكيل أن يبرم العقد الذي تخوله الوكالة إصداره لا بصفته وكيلاً ولكن بصفته أصيلاً؛ ذلك أن وكالته في هذه الحالة تكون مستترة ويعتبر وكأنه قد أعار اسمه للأصيل الذي وكله في إبرام العقد فينصرف أثر العقد المبرم إلى الأصيل وإلى من يتعاقد مع الوكيل المستتر.
وبحسب "المحكمة": وأن من يعير اسمه ليس إلا وكيلاً عمن أعاره وحكمه هو حكم كل وكيل فيمتنع عليه قانوناً أن يستأثر لنفسه بشيء وكل في أن يحصل عليه لحساب موكله، ولا فارق بينه وبين غيره من الوكلاء إلا من ناحية أن وكالته مستترة، ومن شأن هذه الوكالة أن ترتب في العلاقة بين الوكيل والموكل جميع الآثار التي ترتبها الوكالة السافرة فيصبح الوكيل فيما يجريه من عمل مع الغير نائباً عن الموكل وتنصرف آثاره إليه فيكسب كل ما ينشأ عن العقد من حقوق ولا يكسب من هذه الحقوق شيئاً، ولا يكون له أن يتحيل بأية وسيلة للاستئثار بالصفقة دون موكله، مما مقتضاه أن الوكيل المستتر في الشراء لا يكتسب شيئاً من الحقوق المتولدة عن عقد البيع الذي عقده بل تنصرف هذه الحقوق إلى الأصيل.
الزوج يطعن أمام النقض مستنداً على الصورية بطريق التسخير
وتضيف "المحكمة": وكان البحث في حقيقة التصرف وما إذا كان جدياً أو صورياً سواء صورية مطلقة أو نسبية من المسائل الموضوعية التي قوامها الواقع الذي تستظهره المحكمة من نية المتعاقدين بناء على تصرفاتهما السابقة والمعاصرة والتالية للتصرف، وأن استناد الخصم في دفاع قد يترتب على تحقيقه تغيير وجه الرأي في الدعوى إلى أوراق أو مستندات أو وقائع لها دلالة معينة في شأن ثبوت هذا الدفاع أو نفيه يوجب على محكمة الموضوع أن تعرض لتلك الأوراق والمستندات أو الوقائع وتقول رأيها في شأن دلالتها إيجاباً أو سلباً وإلا كان حكمها قاصر البيان.
النقض تنصف الزوج وتؤكد: أحقية الزوج فى إثبات ملكيته وصورية ملكية الزوجة بالتسخير
لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بصورية عقد البيع المؤرخ 2019/8/7 في خصوص اسم المشترى ذلك أنه في حقيقته قد أبرم لمصلحته ولحسابه وقدم تدليلا على ذلك عقد الاتفاق والوعد بالبيع المؤرخ 2019/8/3 وكشف حساب بنكي يفيد صرف المطعون ضده الثاني لشيك بقيمة 3398000 جنيه المتبقي من ثمن شقة التداعي وكذا شهادة صادرة من الشركة المطعون ضده الثالثة تفيد بعدم سداد المطعون ضدها الأولى لثمة مبالغ عن شقة التداعي والتقارير الطبية بحالته المرضية، وكذا ما يفيد عدم صحة هذا التشخيص الطبي، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفي هذه الصورية تأسيساً على أن شهادة شاهدي الطاعن قد جاءت سماعية ولم يقدم الطاعن ما يفيد سبباً التسخير اسم زوجته دون أن يعرض لمستنداته سالفه الذكر مع ما لها من أهمية قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه .
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة "مأمورية الجيزة "، وألزمت المطعون ضدها الأولى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .