الأزمات بين المؤجر والمستأجر دائمة ومستمرة حتى بعد وفاة المستأجر وتظل قائمة فى كثير من الأحيان مع الورثة، حيث تظهر تلك الأزمات جلياَ حينما يحاول ورثته - على سبيل المثال لا الحصر – تغير نشاط محل تجارى أو صناعى أو مهنى أو حرفى، ما يؤدى إلى امتناع المالك أو المؤجر من تغير مزاولة النشاط في عقد الإيجار، ما يؤدى إلى تفاقم الأزمة بين الطرفين وينتج عنه إقامة دعاوى قضائية عديدة.
يأتى ذلك في الوقت الذى يعلم فيه الجميع في سوق العقارات أن عقد الإيجار المبرم لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي استمراره بعد وفاة المستأجر لصالح المستفيدين من ورثته اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون 49 لسنة 1977، وعلة ذلك استعمالهم العين في ذات النشاط الذي يمارسه المستأجر طبقاً للعقد حال حياته وقت وقوع الامتداد المادتان 1 ، 5 القانون 6 لسنة 1997 ولائحته التنفيذية .
"امتد لى عقد إيجار محل أبويا بعد وفاته.. هل يحق لى تغيير النشاط؟"
في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في منتهى الخطورة تنشأ بين المؤجر والورثة تتسبب في إقامة الدعاوى القضائية في المحاكم بين الطرفين، ألا وهي بعد ثبوت الامتداد لعقد الإيجار رسميا للورثة الذين لهم حق الامتداد، هل يحق لهم تغيير النشاط الذى كان يمارسه المستأجر الأصلى؟ فكثيرا ما يتسائل البعض عن مدى أحقية المستأجر أو ورثته من بعده- ممن امتد عقد الايجار اليهم - فى تغيير نشاط أو أوجه استعمال العين المؤجرة كما لو كان نشاط تجارة الألبان أو البقالة الى تجارة اكسسوارات أو غير ذلك – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض مجدى عزام.
أولا:- أنه بحسب الأصل للمستأجر الأصلى له حق تغيير النشاط المتفق عليه بشرط عدم الاضرار
في البداية - بحسب الأصل للمستأجر الأصلى له حق تغيير النشاط المتفق عليه بشرط عدم الاضرار، حيث سبق وأن قضت محكمة النقض بأن تغيير المستأجر أوجه استعمال العين المؤجرة، شرطه يكون عدم استعماله المكان بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب العامة، فمتى كان تغيير المستأجر للنشاط - لم يكن مقلق للراحة أو أو ضار بسلامة المبنى أو بالصحة العامة او فى أغراض ليست منافية للأداب العامة كان له تغيير نوع النشاط – وفقا لـ"عزام".
ووفقاً للمادة 18/ د من القانون رقم 136 لسنة 1981 للمستأجر أن يغير أوجه استعمال العين ما دام لا يسبب ضرراً بالمبنى أو الصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب العامة وفقاً للضوابط التي استلزمتها هذه المادة ولم تتوافر في حقه إحدى الحالات التي تجيز الإخلاء والتي تضمنتها المادة المشار إليها، طبقا للطعن المقيد برقم 4793 لسنة 87 قضائية – الصادر بجلسة 24 يناير 2021 – الكلام لـ"عزام".
ثانيا:- بالنسبة لورثة المستأجر الممتد لهم عقد الايجار
يجب التفرقة بين ثبوت حق الامتداد لورثة المستأجر وشروط تحققه، وبين أحقيتهم فى تغيير النشاط أو وجه الاستعمال الذى كان يمارسه المستأجر - حيث يلزم وقت وقوع الامتداد – تاريخ وفاة المستأجر- أن يثبت ممارسة الورثة ممن لهم حق الامتداد لذات النشاط أو وجه استعمال العين الذى كان يمارسه مورثهم المستأجر الأصلى، أما بعد ثبوت الحق فى الامتداد للورثة فيحق للورثة تغيير أوجه الاستعمال إلا أن ذلك مشروط بتوافر عدة شروط – هكذا يقول "عزام":
1- ألا يكون بقصد التحايل.
2- عدم الاضرار بسلامة المبنى أو شاغليه.
3- عدم الاضرار بالصحة العامة.
4- عدم الاستعمال فى اعمال منافية للآداب العامة.
رأى محكمة النقض في الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في العديد من أحكامها أبرزها الطعن المقيد برقم 12898 لسنة 77 قضائية، والذى جاء في حيثياته: المقرر أن استمرار عقد الإيجار المبرم لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي لصالح المستفيدين، مناطه استعمالهم العين في ذات النشاط الذي يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد حال حياته وقت وقوع الامتداد، وللورثة تغيير النشاط شريطة ألا يكون بقصد التحايل وعدم الإضرار بسلامة المبني أو شاغليه، طبقا للمادة 1، 4، 5 من القانون 5 لسنة 1997 و2، 4، 7 من لائحته التنفيذية.
والمقرر في قضاء محكمة النقض أنه للمستأجر وفقاً للمادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 أن يُغير أوجه استعمال العين المؤجرة ما دام لم يسبب ضرراً بالمبنى أو بشاغليه وفقاً للضوابط التي استلزمتها هذه المادة ولم تتوافر في حقه إحدى الحالات التي تُجيز الإخلاء والتي تضمنتها ذات المادة المشار إليها فإنه يجوز لمن امتد إليه عقد الإيجار من ورثة المستأجر الأصلي وفقاً للقانون أن يُغير فيما بعد النشاط الذى كان يمارسه مورثه من قبل وفاته ما دام لم يُثبت المؤجر أن هذا التغيير قد تم تحايلاً على أحكام القانون أو أنه يلحق ضرراً بسلامة المبنى أو بشاغليه .
تطبيقات محكمة النقض
فيما اختلفت أحكام محكمة النقض حول مسألة إمكانية قيام الوارث المستفيد من الامتداد القانوني لعقد إيجار لغير أغراض السكنى المبرم لمزاولة نشاط مهني أو حرفي بتغيير النشاط الذي كان يمارسه المستأجر طبقاً للعقد حال حياته دون موافقة المؤجر لاتجاهين:
الاتجاه الأول: المٌشرع أجاز للورثة حق تغيير النشاط بعد وقوع الامتداد بدون استلزام الحصول على موافقة كتابية من المؤجر
محكمة النقض فى الطعن المُقيد برقم 6397 لسنة 62 قضائية تصدت لهذه الأزمة حيث أعطى للورثة الحق فى تغيير نشاط المكان المؤجر بدون موافقة كتابية من المؤجر، حيث أكدت أنه اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 فإن المناط لامتداد عقد الإيجار لمزاولة نشاط تجارى أو صناعي أو مهني أو حرفي - بعد وفاة المستأجر إلى ورثته المشار إليهم هو استعمالهم العين في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقا للعقد حال حياته، وذلك بالنظر في وقت امتداد عقد الإيجار للمستفيدين من المستأجر الأصلي بعد وفاته باعتباره ضابطا استلزمه المشرع للحفاظ على الرواج المالي والتجاري، ويتعين على المؤجر تحرير عقد إيجار لهم إذ ينتقل حق الإجارة لصالحهم بقوة القانون، ويحق لهم الانتفاع بالعين المؤجرة بذات الحقوق التي كانت للمستأجر الأصلي.
وقالت "المحكمة": لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى استنادا إلى أن الطاعنة لم تستمر في مزاولة ذات النشاط الذي كانت تمارسه المستأجرة الأصلية حين أن الثابت من السجل التجاري للطاعنة أنها غيرت استعمال العين من مهنة "بائع خضروات" إلى "لحام كاوتشوك" في 8 يوليو 1984 أي بعد وفاة الأم الحاصل في 20 ديسمبر 1980 ولم تتحقق المحكمة عما إذا كانت الطاعنة قد مارست ذات النشاط التجاري للعين المؤجرة قبل تغيير استعمالها إلى "لحام كاوتشوك"، وما إذا كان هذا التغيير يلحق ضررا بالمبنى وبسلامة شاغليه فإنه يكون معيبا.
وأضافت "المحكمة": إن المناط لامتداد عقد الإيجار لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي بعد وفاة المستأجر إلى ورثته المشار إليهم هو استعمالهم العين في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد حال حياته وذلك بالنظر في وقت امتداد عقد الإيجار للمستفيدين من المستأجر الأصلي بعد وفاته باعتباره ضابطاً استلزمه المشرع للحفاظ على الرواج المالي والتجاري فينتقل حق الإجارة لصالحهم بقوة القانون ويحق لهم الانتفاع بالعين المؤجرة بذات الحقوق التي كانت للمستأجر الأصلي.
ولما كان لمستأجر العين لغير غرض السكنى وفقاً لنص المادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981 أن يغير وجه النشاط غير السكني الذي يباشره فيها وما دام لا يسبب ضررا بالمبنى وبشاغليه وفقاً للضوابط التي استلزمتها هذه المادة ولم تتوافر في حقه إحدى الحالات التي تجيز الإخلاء، فإنه يحق لمن امتد إليه عقد الإيجار من ورثة المستأجر الأصلي وفقاً للقانون أن يغير فيما بعد النشاط الذي كان يمارسه مورثه من قبل وفاته ما دام لم يثبت المؤجر أن هذا التغيير من شأنه أن يلحق ضرراً بسلامة المبنى أو بشاغليه طبقا للطعن رقم 1842 لسنة 69 قضائية.
الاتجاه الثاني: المحكمة اشترطت لاستمرار الاجارة للورثة المستفيدين أن يكون تغيير النشاط بموافقة كتابية من المؤجر
فيما ألزم هذا الاتجاه الورثة المستفيدين من عقد ايجار لغير أغراض السكنى أن يحصلوا على موافقة كتابية من المؤجر، وذلك في حالة ما إذا أرادو تغيير النشاط، وذلك لاستناده للمادة التالية، مادة رقم 7 من القرار الجمهوري رقم 237 لسنة 1997 والذي نص في فقرته الثانية على أنه: "يشترط لاستمرار العقد لصالح المستفيدين من الورثة أن يستعملوا العين في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقا للعقد، أو النشاط الذي اتفق عليه بعد ذلك كتابة بين المؤجر وأي من المستأجرين المتعاقبين".
وقالت "المحكمة": "إذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن خلص إلى أن المستأجر الأصلي هو الذي قام بتغيير النشاط واستصدر ترخيصاً بذلك في 14/3/1993 ثم توفي بتاريخ 20/2/1995 وأقام قضاءه على أنه يشترط لانتقال حق الإجارة إلى الورثة أن يكون المؤجر قد وافق كتابة على تغيير المستأجر الأصلي للنشاط، وأن قيام المستأجر الأصلي بتغيير نشاطه دون الحصول على موافقة كتابية من المؤجر من شأنه أن يسقط حق ورثته في انتقال الإجارة إليهم رغم أن المؤجر ارتضى تغيير النشاط حتى أقام دعواه بتاريخ 30/4/1998 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون".
تحذير من تغير النشاط بعيدا عن قانون الإيجار
وبذلك من الجائز تغير نشاط المحل بالنسبة لمن يحق لهم امتداد عقد الإيجار حال توافر الشروط سالفة البيان، ولكن هناك جانب أخر يجب عدم إغفاله حيث يحظر قانون المحال العامة الصادر بالقانون رقم 151 لسنة 2019، إجراء أى تعديل بشأن المحل المرخص به أو نشاطه إلا بموافقة الجهة المختصة ووفقا للإجراءات والرسوم المحددة، وفى حالة المخالفة تضمن القانون عقوبة للمخالف بتغيير نشاط المحل بالغرامة وفى حالة تكرار المخالفة تكون العقوبة الحبس أو الغرامة وغلق المحل.
وفى هذا الصدد تنص المادة (11) من قانون المحال العامة على أنه لا يجوز إجراء أى تعديل في المحل المرخص به أو فى نشاطه إلا بموافقة المركز المختص وفقًا للإجراءات والرسوم المنصوص عليها بالمادتين (9، 10) من هذا القانون، وتنص المادة (31)، على أن يُعاقب كل من خالف أحكام المادة رقم (11) من هذا القانون بغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، وفى حالة العود تكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنة والغرامة المشار إليها، أو بإحدى هاتين العقوبتين، فضلاً عن غلق المحل على نفقة المخالف.
ووفقا للقانون، فالمحل العام هو كل منشأة تستخدم لمباشرة أى عمل من الأعمال التجارية أو الحرفية أو لتقديم الخدمات أو التسلية أو الترفيه أو الاحتفالات للمواطنين بجميع الوسائل بقصد تحقيق ربح، وسواء كانت منشأة من البناء أو الخشب أو الألواح المعدنية أو الخيام أو أى مادة بناء أخرى، أو كانت في أرض فضاء أو في العائمات أو في أى وسيلة من وسائل النقل النهري أو البحري، وذلك عدا المنشآت السياحية والفندقية والصناعية، وينص قانون المحال العامة على أن تكون مزاولة المحال العامة لنشاط أو أكثر وفقًا للأحكام والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون، وتكون مزاولة المحال العامة لنشاط أو أكثر وفقًا للأحكام والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون.