الخميس، 02 مايو 2024 05:38 م

"الفتوى ليست لكل من هب ودب".. أزمة الداعية "أمير منير" تفتح ملف "الإفتاء والخطابة".. مشروع تنظيم ممارسة الخطابة والفتوى لا يزال فى أدراج "النواب".. وعقوبات مقترحة تصل للحبس والغرامة

"الفتوى ليست لكل من هب ودب".. أزمة الداعية "أمير منير" تفتح ملف "الإفتاء والخطابة".. مشروع تنظيم ممارسة الخطابة والفتوى لا يزال فى أدراج "النواب".. وعقوبات مقترحة تصل للحبس والغرامة الداعية أمير منير
الخميس، 07 سبتمبر 2023 12:00 م
كتب علاء رضوان

"أمير منير".. تصدر اسمه قائمة تريند الأكثر تداولًا عبر موقع التواصل الاجتماعي بسبب الفيديو الذي نشره يدعي فيه أن هناك تطبيق اسمه عمرة البدل يسمح لأي مريض أو عاجز غير قادر على الذهاب، أو شخص متوفي، أن يقوم بديلًا عنه شخص من التطبيق بأداء العمرة مكانه بمبلغ قدره 4000 جنيه، واستكمل حديثه أنه سيمنح خصم لكل شخص يشترك في هذا التطبيق.

وبمجرد نشر الداعية أمير منير هذا الفيديو لاقى هجوم حاد من رواد السوشيال ميديا واتهموا بالاتجار باسم الدين، واستنكر رواد السوشيال ميديا فكرة قيام شخص مجهول الهوية بعمرة بديلة عن شخص آخر، دون التأكد من ديانته، الأمر الذى وصفه رواد موقاع التواصل الإجتماعى بالنصب على الناس ولا يمكن لأي شخص أن يؤدي عمرة عن والده أو أحد أقاربه بمبلغ 4 آلاف جنيه فقط.   

 

دددد

 

دار الإفتاء ترد على "ترند العمرة"

 

وعلى الفور – خرجت دار الإفتاء المصرية على صفحته الشخصية على مواقع التواصل الإجتماعى لتعلق على ترند العمرة مقابل المال، دون ذكر اسم "أمير منير" ودون تعيين، قائلة إن سماسرة الدين باب لتفريغ الشعائر الدينية من مضمونها، وأوضحت أنها حالات فردية لم تتحول إلى ظاهرة، مؤكدة أنه من المقرَّر أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد شرع العبادات من فرائض ونوافل لمقاصد كبرى، منها تقريبُ العباد إليه سبحانه وتعالى، وتهذيب النفس البشرية، ولا بدَّ للإنسان أن يستحضر تلك المقاصد والمعاني أثناء عبادته وتوجُّهه إلى ربه -جل وعلا-، ومن باب التيسير على الأفراد، وبخاصة المرضى وأصحاب الأعذار. 



وأوضحت "الإفتاء" عبر صفحتها - أنه نجد أنَّ الشريعة قد أجازت الإنابة في أداء بعض العبادات بشروطٍ معينة، وإذا كنَّا نجد فى بعض المذاهب الفقهية جواز الاستئجار على أداء بعض العبادات كالحج والعمرة، فإنَّ الفقهاء كانوا يتكلمون عن حالات فردية لم تتحول إلى ظاهرة، وكذلك لم تتحول إلى وظيفة أو تجارة للبعض يتربَّحون منها، مشيرة إلى أنه لم نجد على طول السنين الماضية من تفرَّغ لأداء هذه العبادات مقابل أجر، فضلًا عن أن يصبح وسيطًا (سمسارًا) بين الراغب في العمرة -مثلًا- وبين من سيؤديها عنه.  

 

en01008448

 

القصة الكاملة لأزمة الداعية أمير منير

 

وأكدت "الإفتاء": فإن من الأمور اللازمة فى الإنابة أن يختار الشخص الصالح الموثوق بأمانته، ولا يتساهل فيجعل عبادته بِيَد من لا يعرف حاله، وهذا لا يحصل بالطبع إذا كان التعامل عبر تطبيقات أو وسطاء كل شغلهم واهتمامهم تحقيق الربح، فهذا مما لا يليق مع شعائر الدين التي قال الله تعالى عنها في كتابه الكريم: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، وأن ما حدث من استهجان واستنكار من عموم الناس لمثل هذه الأفكار المستحدثة لهو دليل على وعي الجمهور ورفضهم لتحويل الشعائر والعبادات إلى وظيفة أو مهنة تؤدَّى بلا روح أو استحضار خشوع، هذا الوعي الجماهيري هو جدار الوقاية الأول للمجتمعات في مواجهة كل ما مُستنكَر وخارج عن المألوف. 



واقعة "أمير منير" جعلتنا نرجع للوراء حيث فبراير 2022 ذلك التاريخ الذى وافقت فيه لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، من حيث المبدأ على تعديل بعض أحكام قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 51 لسنة 2014، بشأن تنظيم ممارسة الخطابة الفتوي والدروس الدينية فى المساجد ووسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي وما فى حكمها، وتنظيم ظهور المتحدثين عن الدين في الإعلام، مع إقرار عقوبة بحبس غير الملتزمين، ما أثار معه ردود فعل واسعة على المستويين الثقافي والقانوني بين مؤيد ومعارض لمشروع القانون، حيث وصفه البعض بعودة "الكهنوت" فيما وصفه آخرين بضرورة "التصدي لفوضى الفتاوى" وظهور المتحدثين الغير متخصصين عن الدين في الإعلام. 

 

د

 

أعضاء لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، أكدوا خلال مناقشاتهم في الأيام الماضية، أن القانون يهدف إلى عودة علماء الدين إلى موقعهم الطبيعي في تفقيه الناس ونشر صحيح الدين، وفقاً لتعاليم الدين الإسلامي، في ظل محاولات بعض الخطباء والأئمة من غير خريجي الأزهر، لإصدار فتاوى، تتسبّب في إحداث الفتن والبلبلة في صفوف المصريين، خاصة وأن خلال الفترة الماضية خرج العديد ممن يدعون كونهم – باحث في الشئون الدينية – وغيرهم من الإعلاميين والمفكرين للحديث تتطرق لأمور شائكة في الدين سواء الإسلامي أو المسيحي على حد سواء، ما يعرض المجتمع لمخاطر من الفوضى الدينية والإعلامية.  

 

وزير الأوقاف: التقنين ضرورة واجبة

 

من جانبه، شدد وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، في تصريحات صحفية، على ضرورة التقنين وعدم التحدث في أي أمور دون اختصاص، مؤكداً أن قانون الخطابة خاص بالمساجد فقط، ولا بد من قانون آخر يشمل كل التخصصات العلمية، لأن من يتحدثون بلا علم "خطر على الأمن القومي، ولا بد من محاسبتهم"، وأن الإعلام من حقه مناقشة كل القضايا، لكن من خلال المتخصصين، فالحديث دون دراية أو علم "يمثل خطورة على المجتمع المصري، بخاصة بعد خروج تصريحات من البعض تهدد الثوابت الدينية"، مضيفاً، "كل إنسان له كامل الحرية في رأيه، لكن في حدود حرية الآخرين". 

 

2

 

العقوبات المقترحة في مشروع القانون

 

ويحصر القانون المقترح ممارسة الخطابة والدروس الدينية، وما في حكمها في الساحات والميادين العامة ودور المناسبات، والحديث في الشأن الديني بوسائل الإعلام المرئية أو المسموعة أو الإلكترونية، في خريجي الأزهر والعاملين به من الأئمة بالأوقاف والوعاظ بالأزهر والإفتاء المصرح لهم بممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد، وتنص المادة الثانية منه لا يجوز لغير المعينين المتخصصين أو المرخص لهم من غير المعينين من خريجى الأزهر والعاملين به من الأئمة بالأوقاف والوعاظ بالأزهر الشريف والإفتاء المصرح لهم، ممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما فى حكمها، والتحدث فى الشأن الدينى بوسائل الإعلام المرئية، أو المسموعة، أو الإلكترونية.

 

كما يفرض مشروع القانون عقوبات مشددة على من يتحدثون في أمور الدين عبر المنصات السالفة الذكر، من غير العاملين بالمؤسسات الدينية الرسمية، أو المرخص لهم بذلك من تلك الجهات، والمؤسسات الدينية الرسمية هي الأزهر، ووزارة الأوقاف، ودار الإفتاء، حيث تنص المادة 5 وفقا لمشروع القانون المقترح على أن يعاقب بالسجن المشدد، مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تجاوز سنة، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز100 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين،  كل من قام بممارسة الخطابة أو أداء الدروس الدينية بالمساجد والأماكن العامة ودور المناسبات وما فى حكمها والتحدث فى الشأن الدينى بوسائل الإعلام بدون تصريح أو ترخيص أو أثناء إيقاف أو سحب الترخيص، وكل من أبدى رأيًا مخالفًا لصحيح الدين، أو منافيًا لأصوله أو مبادئه الكلية المعتبرة، إذا ترتب على آرائه إشاعة الفتنة أو التحريض على العنف والحض عليه بين أبناء الأمة، بالمخالفة لحكم المادة الثانية من هذا القانون، وتضاعف فى حالة العود، وتصل للأشغال الشاقة المؤبدة. 

 

=

 

مقدم المشروع ماذا يقول؟

 

من جانبه، قال رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري، طارق رضوان، وهو مقدم مشروع القانون، في تصريحات صحفية، إن ما دفعه لتقديم مشروع القانون هو رغبته في ضبط وتنظيم الحديث عن الدين في الإعلام والمنابر، والتصدي للفتاوى المريبة، التي تساعد على نشر التطرف في مصر والمنطقة العربية، مشيراً إلى أنه خلال الـ 10 سنوات الماضية بعض من غير طلاب العلم وليسوا من أصحاب المعرفة أو التخصص في الشؤون الدينية، صرحوا عبر قنوات الإعلام المختلفة بأحاديث غريبة عن الدين وعن ثوابت المجتمع المصري، مؤكدا أن مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف هما الجهتان المنوط بهما إصدار تصاريح الخطابة والدروس الدينية في المساجد، دون غيرهما، كما أن طريقة خروج الفتوى في دار الإفتاء والأزهر ووزارة الأوقاف، تكون بآلية تكفل ضمان المعايير العلمية لهذا الخطاب للناس.

 

الهلالى: تقييد الفتوى نكسة حضارية لا تليق

 

وفى تلك الأثناء – خرج أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، سعد الدين الهلالي، في تصريحات متلفزة، ليؤكد أن تقييد الفتوى نكسة حضارية لا تليق بحضارتنا، وأن الفتوى رأي نحترم صاحبها، وحق البيان والفقه أمر شرعه الله ومكفول لأي أحد لا يجوز انتزاعه، حيث أن تنظيم الفتاوى في الإعلام والسوشيال ميديا يكون وفق القانون وليس من خلال شخصنة أو تخصيص فرقة من بين كل الفرق للتحدث في الفقه والفتاوى، وأن الدين عمل عقلي ويجب إلغاء الوصاية الدينية والفقهية والإفتائية من خلال تحديد من يتحدث في الدين عبر جهة منوطة بها ذلك، كما أن شخصنة من يتحدث فيه لا يختلف عن فكر التيارات الدينية المتطرفة، وأن الله عز وجل قال في كتابه الحكيم: "إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون"، فكيف نمنع التدبر والتعقل في دين الله. 

 

ززس

 

وأما عن الجانب القانوني – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى - في تقديري الشخصي مشروع هذا القانون يعد شكلاً من أشكال الوصاية الدينية، فالدين شأناً بين الإنسان وربه، ولا وصاية عليه من أحد، لكن جعل الحديث في الدين مقصوراً على أشخاص بعينهم، تختارهم المؤسسة الدينية دون غيرهم يضمن لها أن هؤلاء الأشخاص سيقولون فقط ما تراه المؤسسة، للحفاظ على مكانتها أو لتثبيت أفكار بعينها، إما المتخصصين الغير تابعين لها والذين يتبنون تفسيرات وفهماً مغايراً ربما يتعرضوا للعقاب وفقاً لمشروع هذا القانون ، فضلا عن  امتلاك مؤسسة واحدة حق الحديث في الدين قد يخلق كيان موازي للدولة وقد يحدث صراعات بينهم نحن في غني عنها، ناهيك عن مشروع هذا القانون فيه شبهة عدم دستورية لمخالفته للمادة "65" من الدستور المصري الحالي الذي ينص علي أن حرية الفكر والرأى مكفولة، وأن لكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو بالتصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر.

 

القانون سيواجه شبهة عدم دستورية لمخالفته للمادة "65" من الدستور

 

وبحسب "صبرى" في تصريح لـ"برلماني": إن الدستور حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما ارتآه كفيلا بصون الحقوق والحريات العامة على اختلافها، كي لا تقتحم إحداهما المنطقة التي يحميها الحق أو الحرية، أو تتداخل معها، بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة. ولقد كان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنمائها من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيم حماية الحقوق والحريات، توكيدا لقيمتها الاجتماعية، وتقديرا لدورها في مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها، ولردع كل محاولة للعدوان عليها. وجعلها مشمولة بالحماية الدستورية، ووثيقة الصلة بالمصالح المباشرة للجماعة، وهي تؤثر بالضرورة في تقدمها، وقد تنتكس بأهدافها القومية، متراجعة بطموحاتها إلى الوراء. 

 

42135-42135-553
 
الخبير القانونى والمحامى بالنقض هانى صبرى  

 

ويضيف الخبير القانوني: ويتعين بالتالي حرية الرأي والتعبير بكافة وسائله وأدواته المختلفة، فهو حقاً مكفولا لكل مواطن، وأن يتم التمكين لحرية عرض الآراء وتداولها بما يحول - كأصل عام - دون إعاقتها، أو فرض قيود مسبقة على نشرها. وهي حرية يقتضيها النظام الديموقراطي، وصولاً إلى الحقيقة، من خلال ضمان تدفق المعلومات من مصادرها المتنوعة، وعبر الحدود المختلفة، وعرضها في آفاق مفتوحة، فليس جائزا أن يكون القانون أداة تعوق حرية التعبير مادام هذا الشخص قد ذكر آراءه وفقاً للمعيار والحدود والخضوع للضوابط التي فرضها الدستور والقانون عليه.

 

من الخطر فرض قيود ترهق حرية التعبير

 

وأنه من الخطر فرض قيود ترهق حرية التعبير بما يصد المواطنين عن ممارستها، وأن الطريق إلى السلامة إنما يكمن في ضمان الفرص المتكافئة للحوار المفتوح، ومن ثم كان منطقيا، بل وأمرا محتوما أن ينحاز الدستور إلى حرية النقاش والحوار لأن حوار القوة إهدار لسلطان العقل، ولحرية الرأي والتعبير. وهو في كل حال يولد رهبة تحول بين المواطن والتعبير عن أرائه، بما يعزز الرغبة في قمعها، ويكرس عدوان السلطة العامة المناوئة لها، مما قد يهدد في النهاية أمن الوطن واستقراره، ويعد إجراء الحوار المفتوح ضمانا لتبادل الآراء على اختلافها، كي ينقل المواطنون علانية تلك الأفكار التي تجول في عقولهم ومناقشتها في إطار سلمي في ظل الحماية التي كفلها الدستور لحرية التعبير عن الآراء بما لا يخل بالمضمون الحق لهذه الحرية، أو يجاوز الأغراض المقصودة من إرسائها، حيث اأن الدين قضية إيمانية وكل شخص له مطلق الحرية في اعتقاده ويجب تكريس حرية التعبير ويكون هناك عرض للرأي والرأي الآخر  – الكلام لـ"صبرى". 

 

امير

 

القانون رقم 51 لسنة 2014 

 

جدير بالذكر أن القانون رقم 51 لسنة 2014 أصدره الرئيس المستشار عدلي منصور، صدر خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت الإطاحة بجماعة الإخوان الإرهابية وحلفائهم عن سدة الحكم، إثر ثورة شعبية واسعة في 30 يونيو 2013 - في تلك الفترة - كان جماعة الإخوان الإرهابية وحلفاؤهم يسيطرون على غالبية مساجد مصر، ولهم حضور واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام، والعديد من الدعاة كانوا داعمين لهم ومتأثرين بهم، ومن ثم كان خطابهم وفتاواهم تزعزع الأمن والاستقرار بالبلاد.

 

لكن مشروع القانون المقترح يأتي في وقت أحكمت وزارة الأوقاف قبضتها على جميع مساجد مصر، وتراجع تأثير جماعة الإخوان المحظورة والتيارات الدينية المناوئة لها إلى حد كبير في الشارع، وعلي الرغم من التأكيدات أن مشروع القانون يهدف إلى تنظيم الفتوى فقط، ، إلا أن هناك مخاوف من تقييد رجال الدين والمفكرين والكتاب الذي يتبنون وجهات نظر لا تتطابق مع المؤسسة الدينية الرسمية، وأنه سوف يتم إبعادهم عن المشهد، نحن لسنا ضد تنظيم الفتوي ووضع ضوابط لها ، لكن لا يجب أن يمنع أصحاب وجهات النظر المختلفة من الحديث في شؤون الدين من غير المتصور إن رأي شخص يؤثر علي الدين كما يتوهم البعض.  

 

 

زز

 

رأى محكمة القضاء الإدارى فى الأزمة

 

هذا وقد سبق لمحكمة القضاء الإدارى التصدى لهذه الأزمة بتاريخ 26 يونيو 2021، حيث أنهت المحكمة الإدارية العليا، صراع أحقية الإفتاء ومن لهم الحق فى إخراج الفتاوى الدينية، الصادر برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة بحظر الإفتاء من غير المتخصصين لمواجهة دعاة الإرهاب، وحظر اعتلاء المنابر من غير الحاصلين على ترخيص من الأزهر الشريف أو وزارة الأوقاف بحسب الأحوال، حيث كشفت فيه المحكمة ولأول مرة أن المشرع لم يضع تعريفاً للمجتهد، وأنه يوجد فراغ تشريعى – وليس شرعياً - لتنظيم عملية الإفتاء، ووضعت عدة مبادئ بحظر الإفتاء من غير المتخصصين، وقد أصبح هذا الحكم نهائيا وباتا.

 

يأتى الحكم فى الوقت الذى تواجه فيه مصر والمجتمعات العربية ظاهرة خطيرة بانتشار المواقع الدينية وقنوات المتشددين والدعاة غير المتخصصين واستخدام السوشيال ميديا لوضع مفاهيم متطرفة تخالف مقاصد الشرع الحنيف، فتثير الفتنة فى المجتمعات، وأيضا عدم وجود تجريم عقابي على من يسىء استخدام منابر المساجد والزوايا لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية أو مالية مما تلقى بأثارها الخطيرة على الشباب وفى توجيه الفكر الديني من الاستقامة والوسطية إلى التشدد والتطرف والفتنة، فكيف تعرض القضاء المصري لهذه القضية المجتمعية الخطيرة وتأثيرها على المجتمع واستقراره.

 

0نس

 

10 مبادئ هامة فى حكم حظر الإفتاء على غير المتخصصين

 

أكدت المحكمة على عشرة مبادئ هامة فى حكم حظر الإفتاء على غير المتخصصين هى:

 

1- الفتاوى لغير المتخصصين واتخاذهم السوشيال ميديا كمنابر ترتب أثاراَ خطيرة سيئة على الأجيال الحالية واللاحقة.

 

2- التجارب المريرة التى عاشها الوطن من استخدام منابر المساجد والزوايا لاستغلال البسطاء بثت روح الفتنة والعنف.

 

3- المحكمة تحدد للمجتهد شروطاً للصحة، والإفتاء بالغ الدقة فى الفقه الإسلامى فلا يمارسه العوام.

 

4- قصر الإفتاء على المؤسسات الدينية للدولة المؤهلة بحكم ولايتها وخبرتها وتخصصها فلا يجوز الإفتاء بغير شروط.

 

5- المشرع لم يضع تعريفاً للمجتهد، ويوجد فراغ تشريعى – وليس شرعياً - لتنظيم عملية الإفتاء فى المجتمع المصرى.

 

6- قرار رئيس الجمهورية المؤقت 2014 بممارسة الخطابة خلا من تجريم استخدام منابر المساجد والزوايا لتحقيق أهداف سياسية او حزبية.

 

7- مستجدات العصر فى المسائل الخلافية بحاجة إلى اجتهاد جماعى وليس فردياً فلا ينفرد بها فقيه واحد.

 

8- الجماعات الإرهابية تتخذ من وسائل التواصل الاجتماعى منابر للإضرار بالدولة ويجب استنهاض همة المشرع للتجريم.

 

9- شرور فتاوى منابر الزوايا والسوشيال ميديا دعاة التطرف تستغل الدين سعياً للسلطة أو جلباً للمال.

 

10- وتوصم الدعوة بالضلال والظلام يصيب المجتمع من خلل وتفكك واضطراب وفوضى لا يعلم مداها. 

 

ظظظس

 

 تفاصيل الحكم حيثياته

 

المحكمة قالت فى حيثيات الحكم، إنه يتعين قصر الإفتاء على المؤسسات الدينية للدولة المؤهلة بحكم ولايتها وخبرتها وتخصصها، فلا يجوز الإفتاء بغير شروط، وشروط الإفتاء ليست بالأمر اليسير فى الفقه الإسلامى حتى يمارسه العوام، وإنما هو أمر بالغ الدقة والصعوبة يستفرغ فيه المجتهد وسعه لتحصيل حكم شرعى يقتدر به على استخراج الأحكام الشرعية من مأخذها واستنباطها من أدلتها، وعلى ذلك يجب أن يشترط فى المجتهد شروطاً للصحة أهمها: أن يكون عارفاً بكتاب الله ومعانى الآيات والعلم بمفرادتها وفهم قواعد اللغة العربية، وكيفية دلالة الألفاظ وحكم خواص اللفظ من عموم وخصوص وحقيقة ومجاز وإطلاق ومعرفة أصول الفقه كالعام والخاص والمطلق والمقيد والنص والظاهر والمجمل والمبين والمنطوق والمفهوم والمحكم والمتشابه، وهى مسائل دقيقة للغاية تغم على عموم الناس من أدعياء الدين طالبى الشهرة ومثيرى الفتنة وجامعى الأموال والدين منهم براء، وهى فى الحق تستلزم التأهيل فى علوم الدين.

 

وكشفت المحكمة ولأول مرة عن أن المشرع لم يضع تعريفاً للمجتهد، كما أن هناك فراغا تشريعيا – وليس شرعياً - بشأن ايجاد تنظيم تشريعى متكامل لعملية الإفتاء فى المجتمع المصرى وهو ما يسبب مشكلات جمة، فمن يتصدى للفتوى من غير المتخصصين أو ممن ينقصهم اتقان التخصص فإنه ليس بأهل للفتوى ولا يجوز له ذلك، فعلماء الأمة قديماً وحديثاً تواترت آراؤهم على وجوب توافر مواصفات محددة فى المجتهد الذى يجوز له أن يفتى للناس فى أمور دينهم ودنياهم، ونهى غير المتخصصين الذين لا تتوافر فى شأنهم أهلية الاجتهاد أو ممن ينقصهم اتقان التخصص عن التجرؤ على الاجتهاد والإفتاء بدون علم ، لما يترتب على ذلك من مأسى دينية ودنيوية أو الإساءة إلى الإسلام وتشويه صورة المسلمين بين مختلف الشعوب.  

موضوعات متعلقة :

عن المتهم "الترانزيت".. إشكاليات "جلب" المواد المخدرة من الخارج.. تباينت الأحكام حول اللفظ.. واتفاقية الأفيون الدولية حسمت النزاع.. والمشرع اعتبرها جريمة تنطبق على الشخص في حالة وحيدة.. والنقض تتصدى للأزمة

انتهاء العقد لا يعنى الإخلاء.. المستأجر لن يخرج من العين بمجرد انتهاء المدة المحددة فى العقد.. المشرع اعتبر انعقاد العقد لمدة محددة تتجدد تلقائيًا لمدد مماثلة.. والإخلاء يكون بالتنبيه بناءً على طلب أحد الطرفين

كيف تساهم مواقع التواصل الاجتماعى فى التحقيقات القضائية؟.. المشرع استغلها لاستقصاء الجرائم وتعقب مرتكبيها وجمع الأدلة.. وفك طلاسم الخيوط الإجرامية للوصول إلى مرتكب الجريمة.. وكلمة السر "قانون تقنية المعلومات"

"يعنى إيه رد اعتبار؟".. فرصة لـ"أصحاب السوابق" لاستعادة مكانتهم فى المجتمع واسترداد حقوقهم.. وضعه المشرع لكل من أجرم ثم تاب وأصلح لدمجه فى المجتمع.. يسمح له بمباشرة حقوقه السياسية.. وخبير يشرح كيفية الحصول عليه

"بتر عضو الحساس" بين التجريم والعقاب.. المشرع يكيف الجريمة عاهة مستديمة.. ومطالبات بتشريع خاص لمواجهتها.. مستوردة من الحضارات الأسيوية القديمة.. مُرتكبها يُعرض على مستشفى الأمراض النفسية.... والعقوبة تصل للحبس


الأكثر قراءة



print