السبت، 11 مايو 2024 08:04 م

مشروع قانون "الجرائم الإلكترونية" يصطدم برفض حقوقى وشعبى.. حملة على الـ"سوشيال ميديا" ضد التشريع تزامنًا مع دراسته بالبرلمان.. حقوقيون: يُقيِّد الصحافة والحريات العامة.. ورئيس النواب: الغرامات "فلكية"

مشروع قانون "الجرائم الإلكترونية" يصطدم برفض حقوقى وشعبى.. حملة على الـ"سوشيال ميديا" ضد التشريع تزامنًا مع دراسته بالبرلمان.. حقوقيون: يُقيِّد الصحافة والحريات العامة.. ورئيس النواب: الغرامات "فلكية" جرائم إلكترونية
الثلاثاء، 25 يوليو 2023 12:00 ص
كتبت آمال رسلان

هجود مضاد شهدته أروقة البرلمان الأردني على مشروع قانون الجرائم الإلكترونية الجديد، والذي أقرّه مجلس الوزراء وأحاله إلى مجلس النواب قبل أيام، وانضم إلى السجال الواسع بعض العاملون فى الأوساط الحقوقية والصحفية وحتى السياسية، وذلك بعد فند المعارضون بعض المواد التي اعتبروها مقيده للحريات العامة وسيكون لها انعكاسات سلبية على الصحافة وعملها.

ويتركز الجدل بشأن مشروع قانون الجرائم الالكترونية حول المواد المتعلقة بالعقوبات على كل من استخدم مواقع التواصل الاجتماعي بقصد إثارة النعرات أو الفتنة، أو النيل من الوحدة الوطنية، أو التحريض على الكراهية والعنف والتحقير، والتي تصل عقوبة بعضها إلى الحبس لمدة ثلاث سنوات وغرامات تصل إلى 50 ألف دينار أردني (حوالي 70.5 ألف دولار أمريكى).

وخلال بداية مباحثات مجلس النواب لمواد القانون، أكد رئيس مجلس النواب، أحمد الصفدي، أن الغرامات الواردة في مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، تعد "أرقاما فلكية"، مشيرا خلال ترؤسه جانباً من اجتماع اللجنة القانونية بحضور خبراء وممثلين عن مؤسسات مجتمع المدني، "كمواطن أردني حتى لا أقوم بالتأثير على الزملاء النواب.. الغرامات المالية كبيرة جدا في مشروع القانون".

وشدد على أن المجلس يتعامل مع نصوص مشروع القانون وفق أعلى درجات المسؤولية الوطنية ودون أي شخصنة، مطالباً من مؤسسات المجتمع المدني التواصل مع النواب والحوار للخروج بقانون توافقي.

ووفقا لوكالة انباء العالم العربى، دافع عضو مجلس النواب الأردني خالد أبو حسان عن القانون لافتا إلى أن الهدف منه هو ضرورة وجود مرجعية لحفظ حقوق الناس من الجرائم والمخالفات التي تحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع تنامي العالم الافتراضي الذي تستخدمه كافة شرائح المجتمع الأردني.

وقال أبو حسان "كان لابد من وجود قانون للجرائم الإلكترونية، لتغطية الثغرات التي لا تشملها نصوص القوانين الموجودة، ومنها وسائل الدفع الإلكتروني وجمع التبرعات والاستثمار الإلكتروني والشائعات ونقل المعلومات".

ونفى أبو حسان أن تكون مواد مشروع القانون تطال الصحفيين، مؤكدا أن الصحفيين "محصنين" بموجب قانون المطبوعات والنشر.

كذلك قال النائب غازي ذنيبات، رئيس اللجنة القانونية بمجلس النواب، أن هذا القانون "ضرورة ملحة في ظل الفوضى الإلكترونية الموجودة"؛ ويقول إنه لابد من معالجة الوضع تشريعيا، بحيث تكون العقوبة رادعة وعادلة في نفس الوقت.

ونفي ذنيبات أن يكون للقانون علاقة بالإعلام وحرية الرأي، معتبرا أنه قانون "جنائي يخص المواطنين لا الصحفيين، ولا يتعارض مع قانون المطبوعات والنشر"، ويأمل ذنيبات أن يشكل القانون رادعا لمن يتعدى على خصوصيات المواطنين أو يمارس الابتزاز الإلكتروني.

وسلم نقيب الصحفيين راكان السعايدة، الاثنين، ملاحظات النقابة حول مشروع القانون لرئيس المجلس، معلنا أنه تلقى وعودا من رئيس مجلس النواب ورئيس اللجنة القانونية للنظر بشكل جدي بالملاحظات التي تم تقديمها والتي تمس الجسم الصحفي.

واضاف إن مجلس النقابة قدم مطالعته القانونية بشأن مشروع قانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2023، مطالبا بترشيد ومراجعة مواد 15 و16 و17 من مشروع القانون، وتضمنت المطالبة بتخفيض العقوبات المغلظة وعدم الجمع بين العقوبات، "ولا يجوز إهمال مبدأ التفريد العقابي، فقد ورد في مواد كثيرة الجمع بين العقوبات باستخدام حرف العطف (الواو) بدلا من حرف التخيير (أو)".

وأشار إلى أن مشروع القانون يحتاج إلى تعريف عدد من المصطلحات الواردة فيه، وضبط تعريفات أخرى، كي يتم وضع حدود واضحة المفاهيم، ومثال ذلك مصطلحات (اغتيال الشخصية، الكراهية، ازدراء الأديان....)، منوها إلى أنه يفترض خلق التوازن بين مواد مشروع القانون.

وبين أن رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي ورئيس اللجنة القانونية النيابية غازي ذنيبات ابديا تفهمهما للمذكرة المقدمة من النقابة، وقدما وعودًا بالأخذ بالمطالعة قدر الإمكان، كما تعهد مجلس النواب بإعادة تعريف المصطلحات الفضفاضة وعدم المساس بحريات الصحفيين.

ونصت الأسباب الموجبة لمشروع قانون الجرائم الإلكترونية على أنه نظرا للتطور السريع في مجال تقنية المعلومات الذي استوجب تجريم بعض الأفعال التي تتم بوسائل إلكترونية ومعاقبة مرتكبيها تحقيقا للردع العام والخاص، ولموائمة القانون مع الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات المصادق عليها من المملكة والمعايير الدولية بما يضمن مكافحة الجرائم الإلكترونية وفقا لأفضل الممارسات المعمول بها كونها من الجرائم الخطيرة محليا ودوليا.

فيما اعترضت رولا الحروب، أمين عام حزب العمال الأردني، على ما وصفته بإقحام لمواد متعلقة بحرية الرأي والتعبير وحرية تداول المعلومات والاستثمار الرقمي مؤكده أن ذلك "أخطر ما جاء في مشروع القانون الجديد"، مضيفه أن "هذه الجرائم ليس بها تعريف واضحا في القانون؛ والمبدأ القانوني يقول لا عقوبة إلا بنص". وتساءلت "ما معنى اغتيال الشخصية والأخبار الكاذبة ونشر الفتنة؟ كلها عبارات ليست لها تعريفات واضحة في القانون".

واعتبرت الحروب مشروع القانون قد "تجاوز كونه قانونا تقنيا بحتا يتعلق بالقرصنة وإتلاف المعلومات والمواقع الإباحية واستغلال القُصّر، (وتحول) إلى قانون يقيّد الحريات العامة ويشكل خطرا على الحياة السياسية والإعلامية".

ولا يزال قانون الجرائم الإلكترونية رقم 27 لسنة 2015 معمولا به في الأردن؛ وينص في المادة 11 منه على أنه "يعاقب كل من قام قصدا بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو الموقع الإلكتروني تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث

واجتاحت مواقع التواصل الاجتماعى حملة حقوقيه ضد مشروع القانون في مهده، تحت هشتاج "قانون الجرائم الالكترونية جريمة"، وطالب وزير الإعلام الأسبق، طاهر العدوان، بسحب مشروع قانون الجرائم الالكترونية، موضحا أن "المبالغة في العقوبات تُظهر حالة الغربة عن واقع الشعب المعيشي عند من هم وراء مشروع هذا القانون"، مشيرا إلى أن "القحط السياسي وسنينه العجاف وأجوائه غير الصحية هي المسؤولة أولا عن خلق بيئة استخدام لغة وألفاظ يسيطر عليها الغضب، أغلبها من باب الفضفضة عن النفس، خاصة عندما تتسع رقعة الشعور بفقدان الأمل باصلاح حقيقي، وأن الأمر لم يعد فيه رشدا".

وقال الكاتب والمحلل السياسي، ياسر الزعاترة، إن "إقرار قانون من هذا اللون لا يمكن أن ينتمي لبرنامج "الإصلاح السياسي" الذي يتمّ الحديث عنه، وفي منطق السياسة، الاحتقان أخطر بكثير من التنفيس"، داعيا مجلس النواب للوقوف أمام مسؤولياته والتجاوب مع الرفض الشعبي للقانون.

فيما قال الكاتب الصحفي، حلمي الأسمر: "الدستور كفل للمواطن الاردني حرية الراي والتعبير فلماذا ينقلب القانون الجديد على الدستور؟"، لافتا في ذات السياق إلى أن المصطلحات التي وردت في القانون من قبيل "اثارة الفتنة، اثارة النعرات، التحريض، الاخبار الكاذبة" هي مصطلحات فضفاضة غير منضبطة قد تكلف المواطن الأردني وفق القانون الجديد السجن والغرامة بعشرات آلاف الدنانير.

وأكد رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين، الزميل نضال منصور، أن ترتيب الأردن في المؤشرات الدولية سيتراجع بعد اقرار مشروع قانون الجرائم الالكترونية، كما أن صورة البلاد ستتضرر، متسائلا: "كيف تريد الحكومة اصلاحا سياسيا، وتعزيز العمل الحزبي، وهي تريد تكميم افواه الناس؟".

ولفتت الصحفية نادين النمري إلى مفارقة مثيرة، فقالت: "شتم الذات الالهية وفقاً لقانون العقوبات يعاقب مرتكبها بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاثة اشهر وغرامة لا تزيد عن 20ديناراً، بينما عقوبة سب وتحقير أي مسؤول وفقا للجرائم الإلكترونية الجديد هي الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، وغرامة لتصل 50 ألف دينار"، مشيرة إلى أن "انتقاد اي موظف عام او مجرد الاشارة الى فساد او ضعف اداء مؤسسة حكومية وفق مشروع القانون الجديد السجن سيكلفك السجن 3 أشهر وغرامة 20 الف دينار في حده الادنى".


print