حماية الحكام من الاعتداءات بالمباريات.. الإيقاف 16 مباراة وغرامة 200 ألف جنيه أقصى عقوبة بلوائح الجبلاية.. ومقترحات بسن تشريعات بحرمان اللاعب نهائياً من اللعب فى بعض المخالفات

لا أحد ينكر أن الحكام بشر عاديون مثلهم والآخرين معرضون للخطأ ومن أهم الأسباب الرئيسى في مشاكل الحكام هو الإعلام الرياضي، وبالأخص في الوطن العربى من خلال الهجوم والنقد في الصحف وبرامج تحليل المباريات الذى يسبب ضغطاً على قضاة الملاعب، فقد انتشرت ظاهرة الهجوم على الحكام التي وصلت مرحلة التعدي عليهم بالضرب في الآونة الأخيرة مايشكل خطراً بالغاً على مستقبل اللعبة الشعبية الأولى في العالم بأثره وهى كرة القدم، والحكام هم المشرفون على الفعالية الرياضية، ولهم كامل الحرية في اتخاذ قرارات وتطبيق القوانين وإعلان النتيجة، ويكون الحكم هو القاضي داخل المستطيل الأخضر طالما أن اللعبة تقوم على قواعد وقوانين معروفة.

 

هناك أربعة حكام أساسيين في كرة القدم يتقدمهم حكم الساحة وهو صاحب القرار الأخير، أما حكما - حكم مساعد "كرة قدم" الراية الأول والثاني اللذان يكونان على خط التماس وزاوية المرمى على جانبي الملعب تكون وظيفتهما إقرار التسلل والضربة المخالفات القريبة وفك الاشتباك بين اللاعبين إن تطلَّب الأمر، و تكون وظيفة الحكم الرابع "كرة قدم" الحكم الرابع رفع اللوحة الإلكترونية لإعلان أرقام اللاعبين الذين يتم استبدالهم والوقت الضائع، كما يمكن أن يقوم الحكم الأول أو حكم الساحة باستشارته كونه يراقب الملعب من جميع الجهات فضلاً عن متابعته تصرفات الأجهزة الفنية لكلا الفريقين.    

 

 

حماية الحكام من الاعتداءات الواقعة عليهم في المباريات

في التقرير التالى، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل فى أدبيات وقانونين حول الاعتداءات الواقعة على حكام المباريات الرياضية، ودور القانون في كيفية حمايته، فإذا سألت أي حكم مباراة وتحدثت إليه، يرد عليك بصوت يَمْلَؤُهُ الحزن، أنا الذي أحكم المباراة، وأنا أحد الأركان الأساسية لهذه اللعبة، ومن غيري لا يمكن أن تقوم المباراة، أنا الذي أقود المباراة، وأحكم بما أرى أمامي وبما يمليه ضميري كوني قاضي المباراة الأول مع مجموعة من رفاقي، من الحكمين المساعدين والحكم الرابع المساعد وحكام الفار والحكم المساعد الاحتياط، نحنُ مجموعة من الحكام ندير ونقود المباراة ليس لأجل الفوز الذي يبحث عنهُ الفريقان - بحسب أستاذ القانون الجنائى والخبير القانونى الدولى محمد أسعد العزاوى.

 

في البداية – ويردد أي حكم أثناء الحديث معه نحنُ نقود المباراة من أجل تنظيم قواعد اللعبة وتطبيق قوانينها بشكل سليم غير سقيم، كي لا يكون هناك خرق أو خلل ما لإحدى قواعدها، أما عني أنا فأنا الذي يركض طوال المباراة باحثاً ومستكشفاً عن مكمن الخطأ وما أن يحصل الخطأ فاحكم عليه، فتأتي أنت وتقوم بضربي أو بسبي أو بالبصق على وجهي، وكأنني أنا الذي أرتكب الخطأ وليس أنت، فهل جزاء الإحسان، الإهانة والنكران، وكل هذا يجعلنا نتطرق للحديث عن بعض الاعتداءات الجسدية واللفظية وغيرها التي تعرض إليها حكام المباريات، وذلك في أولاً وثم لوائح الاتحادات العربية الرياضية ثانياً – وفقا لـ"العزاوى". 

 

 

أولاً: بعض الاعتداءات الجسدية واللفظية التي تعرض إليها الحكام:

1- الحالة الأولى والتي حصلت في دولة البرازيل حيث تعرض الحكم البرازيلي إلى اعتداء وحشي من قبل اللاعب ويليام ريبيرو خلال مباراة بإحدى الدوريات المحلية بين ساوباولو ونادي غواراني، وقد تسبب الحادث في اعتقال اللاعب واتهامه بالشروع في القتل.

 

2- الحالة الثانية والتي تم فيها إلغاء المباراة والتي جمعت فريقا ​فورتونا​ دوسلدورف الألماني بضيفه بنفيكا البرتغالي وهي مباراة ودية، وجاء أمر الإيقاف بعد تعرض الحكم للاعتداء من جانب ​لويزاو​ قائد بنفيكا.

 

3- الحالة الثالثة والتي وقعت في دولة الأرجنتين، "فقد اعتدى لاعب أرجنتيني على حكمة بأرض الملعب، حيث جاء اللاعب من خلفها وأعطاها ضربة قوية على رأسها، مما أدى إلى سقوطها على الأرض.

 

وقد حاول رجال الأمن في الملعب وزملائه في الفريق تهدئته، ولكنه لم يتوقف عن ضربها وسحلها، ولم يستطع تمالك أعصابه، وقد تم اعتقال اللاعب من قبل قوات الشرطة، عقب فعلته، بعدما تقدمت حكمة المباراة بمحضر رسمي ضد اللاعب" وذلك بحسب ما ذكرته صحيفة المناطق السعودية. 

 

 

4- الحالة الرابعة وفي حالة أخرى فقد أوقف الاتحاد الإفريقي لكرة القدم اللاعب أحمد الشيمي نجم المقاولون العرب بسبب تصرفه ضد الحكم المغربي نور الدين الجعفري في المواجهة التي أدارها أمام النجم الساحلي.

 

5- الحالة الخامسة والتي شهدتها إحدى مباريات كرة القدم في دوريات الدرجة الدنيا ببلغاريا، وهي حادثة اعتداء على حكم اللقاء بعد أن تعرض للضرب والصفع من قبل أحد اللاعبين الغاضب على احتساب خطأ عليه، وحتى قبل أن يخرج الحكم الورقة الصفراء قام اللاعب بضرب الحكم والاعتداء عليه، وزاد غضبه حين تلقى البطاقة، فلاحق الحكم، وساعده في ذلك بعض زملائه، وآخرون من غير اللاعبين.

 

6- الحالة السادسة والتي شهدتها مباراة من دوري الدرجة الثانية في البرازيل لكرة القدم والتي جمعت فريقي "غواراني" و "ساو باولو" حيث شهدت حادثاً مؤسفاً بعدما اعتدى أحد اللاعبين على حكم اللقاء بالضرب، وهو ما تسبب في إيقاف المباراة ونقله إلى المستشفى، ووقعت حادثة الاعتداء في الدقيقة ال60 من المباراة عندما اعترض اللاعب "ري بيرو" على قرار الحكم باحتساب ركلة حرة، وقام "ري بيرو" بدفع الحكم ليقع على الأرض، ثم وجه له ركلة قوية على الرأس أدت إلى فقدانه الوعي مباشرة.

 

وألقت الشرطة القبض على "ري بيرو" المعتدي ووجهت له تهمة الشروع بالقتل، وأودع في السجن، كما نشرت إدارة فريق "ساو باولو" بيانا استنكرت فيه الواقعة وأكدت إنهاء عقد اللاعب فورا. 

 

 

7- الحالة السابعة وفي حادثة أخرى لقيه فهيا لاعب فريق الدفاع الجديدي لكرة القدم المهدي قرناص، بعد طرده في مباراة الجولة الخامسة من منافسات الدوري الاحترافي التي جمعت فريقه بالفتح الرياضي، وجاءت حالة الطرد بعد شتمه وإهانته لحكم المباراة حمزة الفارق، وقد رفع الأخير إلى لجان الجامعة تقريراً مفصلاً حول الواقعة، يؤكد من خلاله تعرضه للشتم من طرف اللاعب المهدي قرناص، وتلفظ اللاعب بعبارات مهينة في وجهه؛ عامدا إلى تدوين كل العبارات التي تلفظ بها عميد الدفاع الجديدي.

 

8- الحالة الثامنة وهي حادثة أخرى توفي على أثرها الحكم السلفادوري "خوسيه أرنولدو أمايا"، بعد إصابته بنزيف داخلي إثر تعرضه لهجوم عنيف من اللاعبين والمشجعين عقب طرده لاعبا في مباراة رسمية للهواة بالسلفادور.

 

9- الحالة التاسعة وفي الجزائر بالتحديد وبحسب ما أصدرتهُ صحيفة "الخبر" الجزائرية أن المحكمة عاقبت اللاعبيْن بالسجن سنتين نافذتين، بتهمة الاعتداء الجسدي على حكم مباراة، مع الاعتداء الجسدي أيضا على أعوان حفظ النظام، الذين تدخلوا لحماية الحكم كما ولم تفصح عن هويتهما.

 

كما وقد أوضحت أن الأحداث تعود للمباراة، التي تعادل فيها دفاع تاجنانت 2-2 مع ضيفة جمعية الخروب بالمرحلة ال14 لدوري الدرجة الثانية، في الأول من مايو/ أيار/ 2021، وهي المواجهة التي شهدت أحداث أعمال عنف. 

 

 

10- الحالة العاشرة والتي شهدتها سويسرا فقد أوقف الاتحاد السويسري لكرة القدم لاعباً في دوري الدرجة الرابعة لمدة 50 عاماً، وذلك بعدما قام بتسديد الكرة متعمداً في وجه الحكم قبل أن يقوم برشه بالماء.

 

ثانياً- لوائح الاتحادات العربية الرياضية  

أ-  لوائح الاتحاد المصري لكرة القدم

1- سلوك غير رياضي تجاه الحكم أو أحد مساعديه أو أحد مسئوؤلي تنظيم المباراة، تكون العقوبة إيقافا لمدة أربع مباريات وغرامة مالية قدرها 50000 جنيه.

2- الدفع باليد للحكم أو أحد مساعديه أو أحد مسئول تنظيم المباراة، تكون العقوبة إيقافا لمدة ثماني مباريات وغرامة مالية قدرها 100000 جنيه.

3- السب أو البصق على الحكم أو أحد مساعديه أو أحد مسئولي تنظيم المباراة، تكون العقوبة إيقافا لمدة ثماني مباريات وغرامة مالية قدرها 100000جنيه.

4- الاعتداء بالضرب على الحكم أو أحد مساعديه أو أحد مسئولي تنظيم المباراة. تكون العقوبة إيقافا لمدة ست عشرة مباراة وغرامة مالية قدرها 200000جنيه. 

 

 

ب- لائحة الانضباط والأخلاق السعودي

نصت المادة (49) المخالفات تجاه مسؤولي المباراة:

1)- يجوز معاقبة أي لاعب تبرز له البطاقة الحمراء المباشرة بسبب المخالفات الجسيمة تجاه مسؤولي المباراة بالإيقاف على النحو التالي:

1/1. أربع مباريات لاستخدام أفعال أو ألفاظ أو إشارات عدوانية أو بذيئة أو مهينة تجاه أي مسؤول بالمباراة، مع غرامة مالية قدرها (40.000) أربعون ألف ريال.

1/2. ست مباريات لمحاولة الاعتداء على أي مسؤول بالمباراة، مع غرامة مالية قدرها (60.000) ستون ألف ريال.

1/3. ستة أشهر للاعتداء على أي مسؤول بالمباراة، مع غرامة مالية قدرها (80.000) ثمانون ألف ريال.

1/4. ستة أشهر للبصق على أي مسؤول بالمباراة، مع غرامة مالية قدرها (100.000) مائة ألف ريال.

2)- يجوز معاقبة أي شخص يقوم بأي مخالفة تجاه مسؤولي المباراة على النحو التالي:

2/1. مباراتان للإساءة إلى مسؤول المباراة أو الإخلال بمبادئ اللعب النظيف أو سلك سلوكا

غير رياضي بأي شكل من الأشكال مع غرامة مالية قدرها (20.000) عشرون ألف ريال.

2/2. أربع مباريات لاستخدام أفعال أو ألفاظ أو إشارات عدوانية أو بذيئة أو مهينة تجاه أي مسؤول بالمباراة، مع غرامة مالية قدرها (40.000) أربعون ألف ريال.

2/3. ست مباريات لمحاولة الاعتداء على مسؤول المباراة بأي شكل من الأشكال مع غرامة مالية قدرها (60.000) ستون ألف ريال.

2/4. ستة أشهر للاعتداء على مسؤول المباراة بأي شكل من الأشكال مع غرامة مالية قدرها (80.0000) ثمانون ألف ريال.

2/5. ستة أشهر للبصق على أي مسؤول بالمباراة، مع غرامة مالية قدرها (100.000) مائة ألف ريال.

3)- يجوز للجنة المعاقبة على المخالفات الواردة في هذه المادة والتي لم ينتبه لها مسؤولو المباريات وفقا للمادة (93/3) من هذه اللائحة.

4)- تؤخذ مباراة الإيقاف التلقائي المترتب بموجب المادة (17/3) بعين الاعتبار في احتساب مدة الإيقاف التي تقررها اللجنة. 

 

 

خلاصة القول:

أصبح الاعتداء على الحكم الرياضي ظاهرة معيبة في بعض الدوريات، وذلك نتيجة لضعف حماية الحكام، وكذلك عدم اتخاذ عقوبات رادعة على المعتدين في أغلب الأحيان، والجدير بالذكر أن حوادث الاعتداء على حكام المباريات الرياضية لا تزال في تزايد مستمر ففي بعض الدوريات وصلت الحال ببعض اللاعبين إلى حد قتل الحكم، ولا شك في أن مثل هذا الأمر يستدعي منا التصدي لهُ والوقوف بوجهه حتى لا يصل حالنا إلى ما وصل إليه الحال في تلك الدوريات، وَحسنا ما فعل الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، وذلك من خلال تطبيق عقوبات جديدة خاصة بحالات العنف تجاه الحكام من قبل اللاعبين أو المدربين أو الإداريين، وهي الإيقاف لمدة عام في حال عدم احتياج الحكم لتدخل طبي، وعامين في حال وجود تدخل طبي، والسؤال الذي يثار هنا كيف ستكون العقوبة لو مات حكم المباراة؟ – الكلام لـ"العزاوى".

 

فهل سنرى قريباً عقوبات جديدة في لوائح كرة القدم تعالج هذه المسألة، أم ستكون هناك وجهة نظر أخرى، وأرى أنه من الضروري حرمان اللاعب نهائياً من اللعب في تلك الحالة بالإضافة إلى ذلك إيقاف المباراة وإعلان خسارة فريق اللاعب الذي تسبب بالحادث بنتيجة 3/0، الأمر الآخر هو عدم التهاون وترك الأمر يمر مرور الكرام، حتى لو في حالة حدوث تجاوز لفظي من قبل اللاعبين أو الإداريين أو المدربين على الحكم، ومن الضروري إعطاء الأذن للحكم حتى لو بعد المباراة لتقديم الشكوى لدى اللجنة المختصة بهذا الأمر، كي تتخذ العقوبات المناسبة بحق الشخص المسيء – طبقا للخبير القانونى. 

 

 

وأخيرا يقول "العزاوى": لا يفوتنا أن ننوه إلى أنه من الضروري الاستفادة من شاشات الإعلانات التي تزين حدود ملعب كرة القدم "المستطيل الأخضر"، وذلك من خلال عرض المخالفات وعقوبتها والتي نصت عليها القوانين واللوائح الرياضية والتي قد تقع من قبل بعض اللاعبين أو الإداريين أو المدربين أو حتى من قبل جمهور الفريقين، ولأشك أن مثل هذا الأمر سيقلل من حالات العنف الرياضي بنسبة لا بأس بها.  

 

 

أستاذ القانون الجنائى والخبير القانونى الدولى محمد أسعد العزاوى