السبت، 20 أبريل 2024 12:41 ص

تشريعات "الموت الرحيم".. إلى أين؟.. جدل بين الكنيسة والحقوقيون فى أوروبا.. اسكتلندا تمردت على المنع البريطانى بمشروع قانون جديد.. ماكرون وعد بحوار مجتمعى تمهيدا للتقنين.. ونشطاء هولندا يحتجون على شروط القانون

تشريعات "الموت الرحيم".. إلى أين؟..  جدل بين الكنيسة والحقوقيون فى أوروبا.. اسكتلندا تمردت على المنع البريطانى بمشروع قانون جديد.. ماكرون وعد بحوار مجتمعى تمهيدا للتقنين.. ونشطاء هولندا يحتجون على شروط القانون جدل قوانين الموت الرحيم فى أوروبا
الخميس، 13 أكتوبر 2022 09:00 م
كتبت آمال رسلان
على الرغم من أن بعض دول أوروبا اضافت إلى تشريعاتها قانون "الموت الرحيم"، إلا أن الجدل حول شرعيته لازالت مستمرة، تظهر بين الحين والآخر فى ظل ضغط منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الحقوقية بأنه أحد حقوق الانسان، فى حين تعارضه كنائس أوروبا وترى فيه نوع من أنواع القتل.
وعارض الفاتيكان بشدة محاولات بعض المشرعين فى أوروبا بإقرار القتل الرحيم وإضفاء الشرعية القانونية عليه، ووصف فى وثيقة له المشرعين والساسة المؤيدين لمثل هذه القوانين بأنهم "متواطئون في ارتكاب جرائم".
والوثيقة مؤلفة من 20 صفحة وصدرت بعنوان "السامري الصالح" وكتبها مجمع عقيدة الإيمان، وهو المكتب العقائدي التابع للفاتيكان، وجمعت بيانات سابقة لكنيسة الروم الكاثوليك حول قضايا إنهاء الحياة لكنها استخدمت تعبيرات أشد قوة وصرامة.
 
وعاد الجدل خلال الأسابيع القليلة الماضية حول القانون فى عدد من الدول فى مقدمتها بريطانيا وفرنسا، بعد أن عرفت تلك القوانين طريقها مرة آخرى للغرف التشريعية رغم رفضها مسبقا.
 
على الرغم من أن "الموت الرحيم" لازال خط أحمر داخل بريطانيا، حيث لم يتمكن النواب المؤيدين لتلك الفكرة من تمريرها بشكل تشريعى داخل مجلس العموم البريطانى، بسبب المقاومة القوية من قبل رجال الدين والمتدينين، إلا أن اسكتلندا والتي تخضع للتاج الملكى البريطاني تمكنت من اتخاذ خطوات نحو إقرار قانون لمساعدة أصحاب الأمراض العضال على الموت داخل برلمانها.
 
بتلك الخطوة ستصبح اسكتلندا الأولى داخل المملكة المتحدة تٌقر قوانين "للقتل الرحيم"، حيث قدم النائب الاسكتلندي الليبرالي الديموقراطي ليام ماك آرثر اقتراحًا نهائيًا لإضفاء الشرعية على الموت بالمساعدة للمرضى الميؤوس من شفائهم في البرلمان الاسكتلندي، حيث بدأ فترة 30 يومًا بالنسبة له للحصول على دعم عبر الأحزاب لمشروع القانون من ما لا يقل عن 18 عضوًا في الحزب الديمقراطي الاجتماعي.
 
 
 
تم الوصول إلى هذا الهدف بعد أن حصل الاقتراح النهائي لمشروع القانون على الدعم من الأسكتلنديين، بعد أن تم إجراء استشارة عامة مع الجمهور في سبتمبر الماضى، والتي أدت إلى الحصول على أكثر من 14 ألف رد، وأعرب أكثر من 75% من الذين أجابوا عن دعمهم الكامل، فيما أيد 2% جزئيًا تغيير القانون.
 
وبعد نجاح الاستشارة الشعبية أصبح الأن من حق أرثر تقديم مشروع قانون المساعدة على الموت للبالغين المصابين بأمراض مزمنة في البرلمان، والذي سيجعل اسكتلندا الأولى في المملكة المتحدة لإضفاء الشرعية على الحق في إنهاء حياة المرء.
 
وتأتى التحركات الاسكتلندية على الرغم من أنها اصطدمت في السابق برفض إنجلترا، حيث رفض القصر الملكى في هوليرود – مقر حكم العائلة البريطانية في اسكتلندا - المقترحات الاسكتلندية مرتين سابقتين، وقال آرثر :"كان الدعم بين الزملاء مشجعًا للغاية ، ويظهر الاعتراف المتزايد بالحاجة إلى إنهاء الحظر المفروض على الموت بمساعدة الموت في اسكتلندا".
 
وسيعمل ماك آرثر الآن على صياغة مشروع قانون يهدف إلى تقديمه إلى البرلمان في أوائل عام 2023، وقال :"لطالما كان الجمهور الاسكتلندي متقدمًا على البرلمان بشأن هذه القضية. أظهرت الاستشارة العامة حول هذه المقترحات، والتي نُشرت الشهر الماضي، أن هناك دعمًا قويًا وعاطفيًا لتقديم المزيد من الخيارات للأشخاص في نهاية حياتهم.
 
وبموجب أحكام القانون، الذي أيده بعض الزملاء من مختلف الأحزاب والجمعية الإنسانية ، سيُطلب من طبيبين أن يؤكدوا بشكل مستقل أن الشخص مصاب بمرض عضال، وإثبات أن الشخص لديه القدرة العقلية لطلب المساعدة على الموت وتقييمه. وأن الشخص يتخذ قرارًا مستنيرًا دون ضغط أو إكراه".
 
سيتعين على الأطباء أيضًا التأكد من أن الشخص قد تم إبلاغه بالكامل بخيارات الرعاية التلطيفية وغيرها من خيارات الرعاية ، بينما يوقع المريض نفسه على إعلان مكتوب بطلبه متبوعًا بـ "فترة تفكير" يمكن خلالها تغيير رأيهم.
 
سيقوم المرضى بإدارة الدواء الذي ينهي الحياة بأنفسهم وسيتم تسجيل كل حالة وفاة بمساعدة والإبلاغ عنها لأغراض السلامة والمراقبة والبحث.
 
 
 
 
 
ولم تكن العاصمة الفرنسية باريس بعيده عن هذا الجدل، حيث انتشرت منذ أسابيع دعوات تقنين القتل الرحيم، والتي قابلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بوعد بفتح نقاش وطنى حول هذه الخطوة.
وبحسب تقرير نشرته شبكة إيه بي سي الأمريكية ، يقدم كثير من المرضي الفرنسين علي السفر لدول أوروبية آخري لإنهاء حياتهم بمساعدة طبية، حيث ينص قانون فرنسي صدر عام 2016 على أنه يمكن للأطباء إبقاء المرضى الميؤوس من شفائهم مخدرين قبل الموت، لكنهم لا يسمحون بمساعدة الانتحار.
 
وقال ماكرون في وقت سابق إن لجنة من المواطنين ستعمل على هذه القضية بالتنسيق مع العاملين في مجال الرعاية الصحية خلال الأشهر المقبلة، بينما تُنظم نقاشات محلية في مناطق فرنسية، وأضاف إن الحكومة تخطط لإجراء مناقشات موازية مع نواب من جميع الأحزاب السياسية للتوصل إلى أوسع توافق ، بهدف تنفيذ التغييرات في العام المقبل.
 
وأظهرت استطلاعات الرأي الفرنسية في السنوات الأخيرة بثبات أن الغالبية العظمى من الناس يؤيدون تقنين القتل الرحيم، ويسمح القانون الحالي للمرضى بطلب "تخدير عميق ومستمر يغير وعيهم حتى الموت" ولكن فقط عندما يحتمل أن تؤدي حالتهم إلى الموت السريع.
 
أما هولندا ورغم من أنها فى طليعة الدول التى اقرت قانون الموت الرحيم، إلا أن النشطاء يسعون إلى مزيد من التعديلات التشريعية لتخفيف القيود التى وضعها المشرع الهولندى على تنفيذ هذا النوع من الموت.
 
ومنذ أيام أبلغت جماعة مؤيدة للحق فى الموت القضاة أن القانون الهولندى الذى يسمح بالانتحار بمساعدة طبيب فى هولندا، لكنه يجرم الآخرين الذين يساعدون الناس على إنهاء حياتهم ينتهك القانون الأوروبى لحقوق الإنسان ويجب إعلانه غير قانوني. 
 
وأوضحت الجماعة فى بيانها: نعتقد أنه يجب أن يكون من الممكن توفير الوسائل لتكون قادرًا على إنهاء حياتك بشكل إنسانى إذا كنت ترغب فى ذلك وتشعر أن الوقت قد حان.
 
وقال محامى الجمعية التعاونية أن القضية تمثل تقاضى استراتيجى يهدف إلى إجبار هولندا على تغيير القوانين، وهم يجادلون بأن الحظر الحالى على المساعدة على الانتحار الذى لا يشرف عليه المهنيون الطبيون ينتهك الحق فى تقرير المصير واحترام الحياة الخاصة المنصوص عليه فى الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
 
وجادلت الدولة الهولندية بأن قوانين القتل الرحيم الهولندية تحقق "توازنًا دقيقًا بين واجب الدولة فى حماية أرواح مواطنيها واستقلالية الأشخاص الذين يواجهون معاناة لا تطاق ولا أمل فى الشفاء"، كما قال المحامى ويميكى وايزمان .
 
وكانت هولندا أول دولة فى العالم تقنن القتل الرحيم والانتحار بمساعدة الطبيب فى ظل ظروف صارمة للغاية وعندما يشرف عليها الأطباء المتخصصون، حيث تمثل المساعدة فى الانتحار، أو توفير وسيلة للانتحار خارج معايير القتل الرحيم الصارمة جريمة يعاقب عليها القانون الهولندى بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.
 
 

print