الجمعة، 29 مارس 2024 04:30 ص

موقعة نزول المرأة الفندق تشتعل في برلمان المغرب قانون أم عرف؟.. غضب بمجلس النواب المغربي بعد منع السيدات من النزول بالفنادق بمفردها.. برلمانيون يعتبرون المنع مخالف للدستور.. ومطالب بتعديل القانون الجنائي

موقعة نزول المرأة الفندق تشتعل في برلمان المغرب  قانون أم عرف؟.. غضب بمجلس النواب المغربي بعد منع السيدات من النزول بالفنادق بمفردها.. برلمانيون يعتبرون المنع مخالف للدستور.. ومطالب بتعديل القانون الجنائي إقامة المرأة وحدها بالفنادق
الثلاثاء، 02 أغسطس 2022 12:00 ص
كتبت آمال رسلان

"هل يوجد قانون يمنع إقامة المرأة بمفردها بالفنادق والمنشآت السياحية؟"، الإجابة بوضوح لم تنص اى من التشريعات العربية بشكل صريح على هذا الأمر، ولكن على أرض الواقع وفى أغلب الدول يتم منع المرأة من الإقامة بمفردها بدون محرم في تلك المنشآت، وتم إلصاق الأمر إلى "العرف السائد" ومخالفته لقواعد "الشريعة الإسلامية".

ويأتي هذا الإجراء على الرغم من أن أغلب الدساتير العربية نصت على المساواة بين الرجل والمرأة في كافة المناحى، إلا أن هناك بعض الأمور تواجه فيها المرأة بالدول العربية والإسلامية تضييقا، لا يستند إلى شق قانونى أو تشريعى بل هو عٌرف وتقاليد تفرضها عليها المجتمعات.

وحرية الإقامة بمفردها في المنشآت الفندقية من القضايا الجدلية التي تطفوا على السطح بين الحين والآخر، الخلاف هذه المرة ظهر في المغرب بعد أن فوجئت بعض السيدات برفض الفنادق إقامتهم بشكل منفرد، ووصل الجدل إلى مجلس الواب بعد أيام من سيطرته على الحوارات المغربية بمواقع السوشيال ميديا، حيث اعتبر النواب أن هذا الأمر تمييز بميز عنصري مع النساء في وقت يسمح فيه للمواطنين من الرجال بالإقامة الفندقية دون شرط أو قيد.

 

في هذا السياق، سجل الفريق الاشتراكي بمجلس النواب بأسف هذه الوضعية، معتبرا أنه من غير المقبول أن تواجه النساء هذا المنع في كل مرة يحللن فيها بفندق من أجل قضاء عطلة، أو ما شابه، لأسباب عائدة إما إلى "دورية ما" أو "ما جرى به العمل".

وقال مولاي المهدي الفاطمي، برلماني اتحادي، إن "هذا الإجراء يسهم في انتهاك حقوق المرأة، ويخالف الدستور، ويؤثر على الاقتصاد، ويضرب مبدأ المساواة في الصميم، ويُثقل كاهل المواطنين ويجعلهم في حرج، كما أنه من الناحية القانونية لم نجد أي نص قانوني يستند إليه أصحاب الفنادق والأجهزة الأمنية في منعهم للنساء من حجز غرف لهن بالفنادق".

وأضاف النائب :"بل إن القوانين الجارية تضمن للمرأة حقها في التنقل والمكوث في أي مكان داخل المغرب، وإذا وجدت بعض التقييدات على هذا الحق فهي تشمل المرأة والرجل على حد سواء، وهكذا نجد أن الدستور المغربي الذي يعد أسمى قانون في البلاد، ولا يمكن لأي قانون أو دورية أو منشور أن يخالفه، يضمن للمرأة كما الرجل الحق في التنقل والحلول بجميع الأمكنة المتاحة".

وأضاف أن الدستور ينص في الفقرة الأخيرة من الفصل 24 منه على أن "حرية التنقل عبر التراب الوطني والاستقرار فيه، والخروج منه، والعودة إليه، مضمونة للجميع وفق القانون"، وتابع قائلا :"بما أنه لم يصدر أي قانون من شأنه تقييد حرية النساء في التنقل أو النزول بالفنادق، فإن أي إجراء في هذا السياق يعتبر مخالفا للدستور، لأن الأخير اشترط لتقييد حرية التنقل أن يكون ذلك بقانون، وليس عن طريق دورية أمنية أو اجتهادات أصحاب الفنادق".

وأفاد الفاطمي بأن منع النساء من الحلول بفنادق مدنهن، يتعارض الدستور والقوانين التي تنص على المساواة بين الجنسين، معتبرا الأمر انتقاصا من كرامة المرأة، مطالبا الحكومة في استجواب رسمي بالكشف عن الإجراءات التي ستتخذها من أجل إصدار دورية مضادة توزع على الفنادق، ومعاقبة أي اجتهاد في هذا الاتجاه من طرف أصحابها.

ووفقا لصحيفة هيسبريس المغربية ، قال حسن زلماط، رئيس الجامعة الوطنية للصناعة الفندقية، إن "المشكلة غير مطروح على صعيد الفنادق وإنما على مستوى عدم وضوح القانون، إذ يخشى أرباب الفنادق مساءلة السلطات في هذا الجانب، لذلك يلجؤون إلى منع النساء من حجز الغرف".

وأضاف زلماط، أن "المشكلة ينبغي أن يتم حلها على صعيد المؤسسة التشريعية، وليس على صعيد الفنادق التي يخشى أصحابها ملاحقتهم بتهمة احتضان الفساد"، مشيرا إلى ضرورة "تعديل القانون الجنائي الذي لم يتغير منذ عشرات السنين، وظل محتفظا بأحكام غير واضحة فيما يخص ما الذي يعتبر فسادا وما لا يعد كذلك"

وأورد رئيس الجامعة الوطنية للصناعة الفندقية أن "هناك مظاهر أخرى يمكن أن تعتبر تمييزا، تتعلق بعدم السماح للنساء بالعمل سواء بالمطاعم أو الحانات، خاصة ليلا، إلا بعد الحصول على رخصة الأب أو الزوج أو الأخ، وأيضا والي الأمن".

وانتقد المتحدث ما وصفه بانعدام الجدية لدى نواب الأمة الذين لا يطرحون بعض القضايا المتعلقة بالحريات وحقوق النساء بالجرأة المطلوبة، خوفا من التيار المحافظ، وقال : "عليهم تحمل مسؤوليتهم لملاءمة القوانين مع مستجدات العصر".

ومن جانبها قالت لطيفة بوشوا، رئيسة فدرالية حقوق النساء، إن هذا الإجراء التمييزي لا يوجد في أي نص قانوني، معتبرة الأمر تمييزا واضحا في ظل احتكام المغاربة لدستور 2011 الذي نص على المساواة، خاصة أن الأمر لا يطرح لدى الرجال".

وأضافت أنه "إذا كان الإجراء غرضه الوقاية من الفساد، فالوقاية لها طرقها وآليتها الإعلامية والتربوية، كما أن معالجة بعض الإشكالات المجتمعية تتم بطرق أخرى، وليس على حساب المرأة وصورتها".

وأكدت المتحدثة أن عددا من النساء يكن في حاجة إلى حجز غرف بالفنادق لأسباب تخصهن، لا يمكن للفندقي التدخل فيها وفي تفاصيلها. وإذا كان هناك قانون، فينبغي أن يشمل جميع المواطنين على حد سواء، وإلا فإن الأمر يمس بصورة المغرب بشكل سيء".

ويأتي الجدل بالمغرب بعد أشهر من واقعة مماثلة في مصر أثارها مسلسل درامى تم عرضه بشهر رمضان الماضى، على الرغم من أن وزارة الداخلية المصرية نفت هذا الأمر في وقت سابق من خلال بيانًا على الصفحة الرسمية لها على «فيسبوك» تؤكد فيه عدم وجود تعليمات أو قرارات للفنادق والمنشآت السياحية بعدم السماح للسيدات بالإقامة بها دون "محرم".

ورغم أن أغلب المعترضين على إقامة المرأة بمفردها يٌرجع ذلك إلى الشريعة الإسلامية، إلا أن عدد من الأئمة أكد على أن هذا مباح شرعا، وأكدوا على عدم تعارض الشرع مع إقامة المرأة بمفردها فى أى مكان سواء كان فندقًا أو شقة إيجار، ولا يعنى إقامة المرأة بمفردها أنها ستكون محل شبهات.

وكانت السعودية الدولة الوحيدة التي لديها تشريعا يمنع بإقامة السيدات بدون محرم حتى يوينو 2021، حيث أصدرت السلطات مرسوماً يقضي بتعديل مادة في إحدى القوانين الرئيسة في البلاد، كانت تنص على حظر "سكن المرأة بلا محرم"، ضمن حزمة من التعديلات التي أدخلتها المملكة لضمان حقوق المرأة.

الخطوة التي أقدمت عليها المملكة قطعت الطريق على الاجتهاد الشخصى لأصحاب المنشآت، وهى خطوة تشريعية تحتاج إلى الدراسة من جانب الغرف التشريعية العربية الآخرى لإضافة نصوص بالقوانين المنظمة تٌزيل هذا اللبس وتغلق الباب أمام المجتهدين.

 


print