الجمعة، 29 مارس 2024 01:31 م

النيابة تطلب الإعدام وتطعن عليه.. لماذا تطعن النيابة العامة "وجوبيا" على إعدام قاتل نيرة أشرف؟.. "ضمانة" لجسامة حكم الإعدام وتعلقها بإزهاق روح إنسان.. وللتأكيد على صحة موافقة الحكم للقانون

النيابة تطلب الإعدام وتطعن عليه.. لماذا تطعن النيابة العامة "وجوبيا" على إعدام قاتل نيرة أشرف؟.. "ضمانة" لجسامة حكم الإعدام وتعلقها بإزهاق روح إنسان.. وللتأكيد على صحة موافقة الحكم للقانون المتهم محمد عادل - قاتل نيرة أشرف
السبت، 09 يوليو 2022 03:00 م
كتب علاء رضوان

أسدلت محكمة جنايات المنصورة برئاسة المستشار بهاء المري الستار على المارثون الأول من محاكمة الطالب محمد عادل قاتل زميلته نيرة أشرف، بالحكم عليه حضوريًا وبإجماع الآراء بمعاقبته، بالإعدام شنقا، وهذا الحكم العادل أحدث حالة من الارتياح بين جموع المصرين، باعتبار أن القضية مثال للعدالة الناجزة المتمثلة في سرعة إنهاء التحقيق مع توفير كلفة الضمانات المتهم، ومعاقب على الجريمة بالمواد 230، 231، من قانون العقوبات ومعاقب عليها بالإعدام.

 

ومن المقرر أن يتم طعن النيابة العامة بالنقض وجوبي، أي ملزم بقوة القانون، حيث يجب أن تقوم النيابة بالطعن بالنقض على الحكم، وإلا أصبح الحكم باطل، رغم كونها هي التي طالبت المحكمة بتطبيق أقصى عقوبة على المتهم وهى الإعدام شنقا، ومن المقرر أيضا الطعن على الحكم الصادر من محكمة الجنايات بإعدام الطالب محمد عادل قاتل زميلته نيرة أشرف، وبذلك تكون هيئة الدفاع في انتظار إيداع أسباب الحكم من قِبل المحكمة، للاطلاع عليها ثم التقدم بطعن على الحكم خلال 60 يوما، حيث ستتضمن مذكرة الطعن العديد من الأسباب منها الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب، والإخلال بحق الدفاع.   

 

وووي

 

لماذا تطعن النيابة العامة "وجوبيا" على إعدام قاتل نيرة أشرف؟

 

في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بإجراء طعن النيابة العامة بالنقض الوجوبي، أي ملزم بقوة القانون، حيث يجب أن تقوم النيابة بالطعن بالنقض على حكم الإعدام، وإلا أصبح الحكم باطل، رغم كونها هي التي طالبت المحكمة بتطبيق أقصى عقوبة على المتهم وهي الإعدام شنقا، وذلك في الوقت الذى تحتاج فيه الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات سواء، تلك المتضمنة الحكم بالبراءة أو المشدد والمؤبد والإعدام، إلى أدلة ثابتة تطمئن إليها المحكمة قبل إصدار حكمها، وأثناء نظر القضايا التي تتعلق بالقتل والتحريض وقضايا الإرهاب تطالب النيابة العامة فى مرافعتها أمام هيئة المحكمة بتطبيق أقصى عقوبة على المتهمين بصفة عامة، وبعدما تقضى المحكمة بالإعدام أو بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة المفتي، تسعى النيابة من جديد لنقض الحكم، فهي أول من تطعن عليه قبل المتهم نفسه – بحسب الخبير القانوني والمحامية رحاب سالم.

 

 

في البداية - لبيان أسباب طعن النيابة على حكم الإعدام، فيرجع ذلك لخطورة أحكام الإعدام، فقد أوجب قانون الإجراءات الجنائية على النيابة العامة الطعن بالنقض على الإعدام لنظره أمام محكمة النقض، رغم كونها الجهة التى طلبت توقيع هذه العقوبة على المتهم، ويختلف طعن النيابة العامة في هذه الحالة عن الطعون الأخرى، ذلك لأن طعنها الوجوبي فى حالة الإعدام هو بمثابة عرض القضية والحكم فيها على محكمة النقض لمراقبة الإجراءات ومدى صحتها ومراقبة المحاكمة ومدى توافر ضماناتها الفعلية والإجرائية والموضوعية، ولذلك فإن محكمة النقض غير مقيدة فى هذه الحالة بأسباب معينة مطروحة عليها طعنا على الحكم بل هى ملزمة قانونا بالمراجعة الشاملة للحكم الذى يعتبر أخطر الأحكام بتوقيع عقوبة سالبة للحياة على الإطلاق – وفقا لـ"سالم".  

 

Capture

 

"ضمانة" لجسامة حكم الإعدام وتعلقها بإزهاق روح إنسان

 

وبمجرد صدور حكم الجنايات بالإعدام تقوم النيابة بالطعن على الحكم لأنه حكم إزهاق روح وهو أصعب جريمة ينفذها القانون نحو المتهم في وجود خطأ في إجراءات المحاكمة، أو شاب الحكم خطأ قانونى أو حدث إخلال بحق الدفاع، حيث أنه بمجرد الطعن على الحكم تعد نيابة النقض مذكرة تبرز فيها رأيها فى الطعن المقدم بإرساله لهيئة المحكمة، ومن ثم تبحثه المحكمة وتصدر حكمها، ويعد رأيها استشاريًا للمحكمة، ولا يوجد تناقض أو تعارض فى مطالبة النيابة للمحكمة توقيع عقوبة الإعدام على المتهم أو الطعن عليه، فالنيابة العامة لديها رغبة فى التأكيد على صحة موافقة الحكم للقانون، وبطعنها أمام النقض يصبح الحكم نهائيا، باتا لاستنفاذ المتهم جميع إجراءات التقاضي، ويصبح حكم الإعدام واجب التنفيذ – الكلام لـ"سالم".

 

 

وفى الحقيقة نظرا لخطورة حكم الإعدام فإن النيابة تطعن على الحكم حتى ولو لم يطعن المحكوم عليه، وتقوم محكمة النقض بمراجعة الحكم وتصحيحه إن شابه أى خطأ قانونى وتحيل الدعوى إلى محكمة الموضوع – التي ستصبح محكمة النقض حسب التعديلات الأخيرة - لنظرها من جديد، وذلك لحسن سير العدالة وتتأكد ما إذا كانت الأوراق خلت مما يعد إخلالًا بحق الدفاع من عدمه، حيث إن الحكم الذى يصدر من القضاء المدنى ممثلا فى محاكم الجنايات والمحاكم العسكرية بالإعدام، يعنى قتل شخص ثبتت إدانته بارتكاب جريمة من الجرائم الخطيرة التي يقرر لها القانون هذه العقوبة تحقيقا للزجر الخاص للمتهم المحكوم عليه بهذه العقوبة وردعا عاما لكل من تسول له نفسه اقتراف مثل هذه الجرائم الخطيرة – هكذا تقول "سالم".  

 

زز

 

ضمانات توقيع عقوبة الاعدام

 

ولعل أهم الجرائم التي يقرر لها القانون المصري عقوبة الاعدام، هي جرائم القتل العمد المقترن بسبق الاصرار أو الترصد المادة – 233 عقوبات - والقتل العمد المقترن بجناية أو المرتبط بجنحة المادة – 234 عقوبات - ولقد اختلفت العديد من الدول في ضرورة الابقاء على عقوبة الاعدام أو الغائها والاكتفاء بعقوبة السجن مدى الحياة خشية أن يحكم بها على متهم ثم تثبت براءته، مما نسب اليه فيما بعد، وبالتالي يستحيل تصحيح الأمر بعد تنفيذ الحكم وحتى لا يتمكن الحاكم الدكتاتور من تصفية خصومه السياسيين.

 

ولكن المشرع المصري الذى آثر الابقاء على هذه العقوبة ووضع العديد من الضمانات التى تكفل عدم الوقوع فى أى خطأ ينشأ عن توقيع العقوبة فأوجب أن يصدر حكم الاعدام بإجماع القضاة الثلاثة الذين أصدروا الحكم، كما أوجب على المحكمة قبل أن تنطق بحكم الاعدام أن تستطلع رأى فضيلة المفتى من الناحية الشرعية، فيما تنتوى الحكم به، علما بأن رأى فضيلة المفتي استشاري للمحكمة لا يلزمها القانون أن تأخذ به، كما الزم القانون النيابة العامة باعتبارها تمثل المجتمع أن تطعن على حكم الاعدام أمام محكمة النقض خلال 60 يوما من صدور الحكم، حتى ولو لم يطعن المحكوم عليه على الحكم وارتضاه، حتى تتمكن محكمة النقض من التيقن من صحة وسلامة الحكم وخلوه من العوار أو الخطأ.  

 

3

 

ليس هناك تضارب بين تطبيق أقصى عقوبة والطعن عليها حال صدور الحكم

 

فاذا أستبان لها أن الحكم شابه خطأ فى تطبيق القانون أو فساد فى الاستدلال أو قصور فى الاستدلال أو اخلال بحق الدفاع أو أى خطأ إجرائي نقضت الحكم وتحولت محكمة النقض إلى محكمة موضوع – طبقا للتعديلات الأخيرة -  وتصدت لنظر الدعوى موضوعا وقضت فيها بحكم بات حائز لقوة الامر المقضى فيه، ومن ثم يعتبر عنوانا للحقيقة وقبل تنفيذ الحكم يتعين على وزير العدل أن يحرر مذكرة تعرض على رئيس الجمهورية، للتصديق على الحكم قبل تنفيذه ويجوز لرئيس الجمهورية طبقا لأحكام المادة -152-  من الدستور والمادة – 74- من قانون العقوبات إصدار قرار بالعفو عن العقوبة كليا أو تخفيفها بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، وهذه هي الحالة الوحيدة التى يكون فيها للسلطة التنفيذية ممثلة فى رئيس الجمهورية دور فى الاحكام القضائية.

 

هل يمكن تخفيف حكم الإعدام الصادر من محكمة النقض؟

 

بعد صدور عدد من أحكام الإعدام النهائية من محكمة النقض، خلال الفترة السابقة، يتساءل البعض من المواطنين عن إمكانية وجود فرص أخرى للمتهمين لتخفيف الحكم قبل تنفيذه، وفى الحقيقة بعد صدور حكم نهائى بات بالإعدام لم يعد للمتهمين سبيل لتغيير الحكم أو وقف تنفيذه إلا بخطوتين فقط هنا:

 

1-  تقديم التماس بإعادة النظر في الحكم ووقف تنفيذه بناء على ظهور أدلة جديدة وجوهرية لم تعرض على المحكمة من قبل وأن هذه الأدلة من شأنها أن تغيير وجهة النظر في الدعوي ومن ثم تغيير الحكم.

 

2- صدور قرار من رئيس الجمهورية بالعفو الجزئي أو الكلى عن المتهم ووقف تنفيذ الحكم بالإعدام والإفراج عن المتهم في حالة الإعفاء الكلى، أو تحويل المتهم للسجن في حالة العفو الجزئي، وتعديل الحكم من الاعدام إلى السجن سواء كان المؤبد أو المشدد.

 

ةة

 

وتعد محكمة النقض هي أخر مراحل التقاضي بالنسبة للمتهمين الذين تصدر ضدهم أحكام أولية، وبالتالي تكون أحكام محكمة النقض نهائية واجبة التنفيذ إلا فى الحالتين السابقتين، سواءً كان للمتهم عفو رئاسي، أو ظهرت بالقضية أدلة جديدة من شأنها تغيير مسار القضية.

 

النقض تراقب أحكام الاعدام شكلا وموضوعا

 

أما فى أحكام الاعدام الحضورية فإنها ذات طبيعة خاصة تقتضى أعمال رقابة المحكمة على عناصر الحكم كافة الموضوعية أو الشكلية، وتقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم فى آية حالة من حالات الخطأ فى القانون أو البطلان ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة فى ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأى الذى تعرض به النيابة العامة تلك الأخطاء، ولمحكمة النقض فحص أوراق الدعوى منذ بدايتها ومراجعة فى ذلك محاضر جلسات محكمة الجنايات، وما بها من تقارير طبية ومعاينات وأقوال الشهود وفحص الادلة وجميع ما حوته الاوراق، أى أن وظيفة محكمة النقض بشأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها أعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة سواء كانت موضوعية أو شكلية وتقضى من تلقاء نفسها. 

 

9

 

وينقض الحكم في آية حالة من حالات الخطأ فى القانون أو البطلان، ناهيك عن ضمانة أخرى وهي متى صار الحكم نهائيا وباتا وجب رفع أوراق الدعوى إلى رئيس الجمهورية بواسطة وزير العدل وينفذ الحكم إذا لم يصدر الأمر بالعفو أو ابدال العقوبة فى ظرف 14 يوما، فضلا عن أن الحكم الغيابي الصادر بالإعدام لا يقبل الطعن بالنقض من المحكوم عليه لأنه حكم تهديدي قابل للإلغاء أو التعديل أو التأييد فى حالة إعادة الاجراءات إذا تم القبض على المتهم أو سلم نفسه.

 

ضمانات تكفل حماية حقوق الذين يواجهون عقوبة الإعدام

 

 وهناك عدد من الضمانات تكفل حماية حقوق الذين يواجهون عقوبة الإعدام اعتمدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقراره 1984/50 المؤرخ في 25 مايو 1984 جاءت كالتالي:

 

1-في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام، لا يجوز أن تفرض عقوبة الإعدام إلا في أخطر الجرائم على أن يكون مفهوما أن نطاقها ينبغي ألا يتعدى الجرائم المتعمدة التي تسفر نتائج مميتة أو غير ذلك من النتائج البالغة الخطورة.

 

2-لا يجوز أن تفرض عقوبة الإعدام إلا في حالة جريمة ينص القانون، وقت ارتكابها، على عقوبة الموت فيها، على أن يكون مفهوما أنه إذا أصبح حكم القانون يقضى بعد ارتكاب الجريمة بفرض عقوبة أخف، استفاد المجرم من ذلك.

 

3-لا يحكم بالموت على الأشخاص الذين لم يبلغوا سن الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجريمة ولا ينفذ حكم الإعدام بالحوامل أو بالأمهات الحديثات الولادة ولا بالأشخاص الذين أصبحوا فاقدين لقواهم العقلية.

 

4-لا يجوز فرض عقوبة الإعدام إلا حينما يكون ذنب الشخص المتهم قائما على دليل واضح ومقنع لا يدع مجالا لأي تفسير بديل للوقائع. 

 

طط

 

5-لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام إلا بموجب حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة بعد إجراءات قانونية توفر كل الضمانات الممكنة لتأمين محاكمة عادلة، مماثلة على الأقل للضمانات الواردة في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك حق أي شخص مشتبه في ارتكابه جريمة يمكن أن تكون عقوبتها الإعدام أو متهم بارتكابها في الحصول على مساعدة قانونية كافية في كل مراحل المحاكمة.

 

6-لكل من يحكم عليه بالإعدام الحق في الاستئناف لدى محكمة أعلى، وينبغي اتخاذ الخطوات الكفيلة بجعل هذا الاستئناف إجباريا.

 

7-لكل من يحكم عليه بالإعدام الحق في التماس العفو، أو تخفيف الحكم، ويجوز منح العفو أو تخفيف الحكم في جميع حالات عقوبة الإعدام.

 

8-لا تنفذ عقوبة الإعدام إلى أن يتم الفصل في إجراءات الاستئناف أو أية إجراءات تتصل بالعفو أو تخفيف الحكم.

 

9-حين تحدث عقوبة الإعدام، تنفذ بحيث لا تسفر إلا عن الحد الأدنى الممكن من المعاناة.  

رحاب
 
الخبير القانونى والمحامية رحاب سالم  
 
 

 

موضوعات متعلقة :

بعد الحكم على قاتل نيرة أشرف بالإعدام.. ماذا بعد؟.. ارتداء البدلة الحمراء والوضع فى حبس انفرادى.. الطعن على الحكم خلال 60 يوما فور صدور الحيثيات.. والمذكرة تضمن 4 أسباب رئيسية.. وطعن النيابة وجوبى

عن جلسة النطق بالحكم.. 3 سيناريوهات محتملة لـ"قاتل نيرة أشرف".. القضاء بالإعدام بعد رد دار الإفتاء بجواز إعدامه.. أو رد المحكمة لأسباب تتعلق بالدفاع.. أو رد دار الإفتاء بعدم جواز إعدامه لوجود مانع شرعى

فريد الديب "عُزل فى مذبحة القضاة وعاد فى مذبحة نيرة أشرف".. 51 عاما فى ساحات المحاكم مدافعًا عن الكبار.. أعلن اعتزاله المحاماة بعد الانتهاء من قضية حسن راتب.. والعودة كانت فى قضية نيرة أشرف

هل تنقذ "الدية" رقبة قاتل نيرة أشرف؟ الشرع وضع شروطًا لتخليص المتهم من الإعدام.. والقانون المصري لا يعرف "الدية" في القتل العمد.. ومحامي أسرة نيرة: "لن نتنازل ولو بأموال الدنيا"

أهم الأسئلة حول قوانين حظر النشر بعد قضية "نيرة أشرف".. المشرع حدد حالات حظر النشر أبرزها الحفاظ على سمعة العائلات والأفراد


print