الجمعة، 19 أبريل 2024 02:10 ص

العلاقة بين مرض الاكتئاب والجريمة والعقاب عليها.. قانون الصحة النفسية حسم النزاع.. وخبير يوضح متى تطبق المادة 17 عقوبات

العلاقة بين مرض الاكتئاب والجريمة والعقاب عليها.. قانون الصحة النفسية حسم النزاع.. وخبير يوضح متى تطبق المادة 17 عقوبات أكتئاب - أرشيفية
الأحد، 29 مايو 2022 06:11 م
كتب علاء رضوان

الاكتئاب بعبارة موجزة هو اضطراب المزاج الذي يسبب شعورًا متواصلًا بالحزن، وفقدان المتعة، والاهتمام بالأمور المعتادة، ونقص التركيز، وقد يكون مصحوبًا بالشعور بالذنب، وعدم الأهمية، ونقص تقدير الذات، ويؤثر المرض في المشاعر، والتفكير، والتصرفات؛ وعدم القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة أو العجز عن اتخاذ أي قرار مما يسبب كثيرًا من المشكلات العاطفية والجسدية، والتي بدورها تؤثر في أداء الأنشطة اليومية، وقد يسبب الشعور باليأس من الحياة والتفكير في الانتحار، وربما الإقدام عليه في الحالات المتقدمة.  

 

والاكتئاب مرض نفسي في الأساس يعطل المصاب به عن القيام بأداء مهامه، ويعاني منه 350 مليون إنسان على مستوى العالم، ويصيب أي شخص في أي عمر خاصة الأطفال في سن المراهقة أو عند التقدم في العمر، ويصيب بالسيدات بنسبة 2: 1 مقارنة بالرجال ويتساويان عند التقدم في العمر، ومرض الاكتئاب يعني نقص إفراز المخ لهرمونات الدوبامين، السيروتونين، "5-HTP"، ومع نقص هذه الهرمونات يتم إفراز مادة النورادرينالين.   

 

68381-mrd_nfsy_jnwn_lrtyb

 

العلاقة بين مرض الاكتئاب والجريمة والعقاب عليها

 

في التقرير التالي، يلقى "برلماني" الضوء على إشكالية العلاقة بين مرض الاكتئاب والجريمة والعقاب عليها، وأنواع هذا المرض فمن المعروف أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه وغريزته، وهو يحتاج للعيش ضمن مجموعات يمارس كل فرد فيها وظيفية معينة بما يلبي حاجات الجماعة بشكل عام، ولكن هذا لا ينفي أسباب الخلاف التي قد تحدث بين بعض أفراد هذه المجموعة مع بعضهم البعض أو بين هذه المجموعة ومجموعات أخرى، ومن هنا بالتحديد وبدافع الدفاع عن النفس والمصلحة الشخصية أو الجماعية تتشكل مشاعر العداوة والعدوان التي قد تتطور في ظروف معينة لتنتج شكلاً من أشكال السلوك الإجرامي – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق. 

 

تعريف السلوك الإجرامي في علم النفس

 

في البداية - السلوك الإجرامي مسألة متعددة من حيث تعريفها وشرحها، ففي القانون يهدف التعريف لتحديد هوية المجرم ونوع جرمه لتحديد كيفية محاكمته وعقابه، وفي علم الاجتماع يعرف السلوك الإجرامي بأنه خروج أحد أفراد المجتمع عن السياق العام للعادات والتقاليد والأعراف والقواعد الاجتماعية والقوانين السائدة في هذا المجتمع، وفي علم النفس يعرف السلوك الإجرامي بأنه شكل من أشكال التصرفات العدوانية الناتجة عن خلل نفسي أو رغبة بالدفاع عن النفس بدافع غريزة البقاء، ويمكن تعريف السلوك الإجرامي بأنه أي انتهاك يعاقب عليه القانون للأنظمة أو القواعد القانونية والاجتماعية والعرفية في أي مجتمع، ينتج عنه ضرر على هذه المجتمع أو أحد أفراده أو مرتكب السلوك الاجرامي نفسه، وهنا تختلف درجات السلوك الإجرامي وتصنيفه من حيث درجة الضرر الذي وقع عنه مثل المخالفات والجنح والجنايات – وفقا لـ"فاروق". 

 

4533-download-(1)

 

وللاكتئاب أنواع كثيرة مثل:

 

​اضطراب الاكتئاب الجزئي: وهو حالة من سوء المزاج تستمر لفترات طويلة، ولا تؤثر بشكل ملحوظ في أداء الشخص، وقد يمر المصاب بنوبات من الاكتئاب الشديد، والاكتئاب الخفيف، ولا يسمى بالاكتئاب الجزئي إلا إذا استمر لسنتين على الأقل.

 

وأيضا مثل الاكتئاب الذهاني: وفيه يصاب الشخص باكتئاب شديد، بالإضافة إلى نوع آخر من الاضطرابات العقلية، مثل: الهلوسات، والأوهام، وغيرهما، وتكون أعراضه مرتبطة بأوهام كئيبة، مثل: هلوسات الفقر، والمرض، وغيرهما.  

 

وكذلك الاكتئاب ثنائي القطب: ويختلف اضطراب ثنائي القطب عن الاكتئاب، ولكن يتم ذكره ضمن أنواع الاكتئاب؛ لأن المصاب بثنائي القطب يواجه نوبات من الاكتئاب الشديد تتناوب مع نوبات ابتهاج عالية.

 

وأسباب الاكتئاب كثيرة منها الاسرة ونوع الشخصية، كأن يكون الشخص كثير القلق، أو يعاني قلة الثقة بالنفس أو يكثر من لوم ذاته، أو مصاب باضطراب السلوك مثل النرجسية. 

 

4367-download-(2)

 

من أسباب الاكتئاب

 

وقد ينتج عن الإصابة بالاكتئاب أمراض خطيرة، مثل سرطان المخ والإدمان على المخدرات والكحول، صعوبات الحياة المستمرة، مثل: ضغوط العمل، والوحدة لفترة طويلة، والتعرض للعنف، ولكن بات شائع الآن أن من أهم أسباب الاكتئاب مخالطات الشخصيات السامة ذات الاضطرابات الشخصية مثل السيكوباتية والنرجسية والدخول معها في علاقات عاطفية فهذه الشخصيات هدامة وتوثر بالسلب على من حولها وتفقدهم الثقة بالنفس وتجعلهم في شك في أنفسهم، مما يسبب قلق وتوتر للضحية يفضي بها للاكتئاب.  

 

ولا يعاني جميع المصابين بالاكتئاب الأعراض نفسها؛ حيث تختلف أعراضه من شخص لآخر بحسب حدة المرض، ومدة الإصابة به، وبحسب مرحلة المرض، وتصنف الأعراض كالتالي:

 

​أعراض نفسية: الحزن المستمر - ضعف الثقة بالنفس - والشعور بالدونية - الشعور باليأس -  والإحساس بالذنب - الشعور بالقلق – والتوتر – نقص - أو انعدام الرغبة - أو المتعة بالنشاطات التي تثير الرغبة والمتعة صعوبات في التركيز، أو اتخاذ القرارات في كافة المجالات التفكير بالموت أو الانتحار.

 

​أعراض جسدية: صعوبة النوم ليلًا، مع الاستيقاظ باكرًا، أو النوم الزائد - الشعور بالخمول - وانعدام النشاط - انخفاض الشهية ونقصان الوزن - أو زيادة الشهية وزيادة الوزن – الصداع - وآلام العضلات بلا سبب واضح – التحدث - والتحرك ببطء - اضطراب الأمعاء (الإمساك) -  فقدان الرغبة الجنسية تغيرات في الدورة الشهرية.

 

أعراض اجتماعية: الميل للانعزالية - عدم الاهتمام بالواجبات بالعمل، أو المدرسة - الابتعاد عن الأهل - والأصدقاء المقربين - تعاطي المهدئات، والكحول.    

 

59172-1_245

 

المكتئب قديما كان لا يؤذى غيره ولكن تغير الوضع حاليا

                                                        

هذا وكان ينظر حتي وقت قريب إلي مرض الاكتئاب أنهم لا يقدم علي ارتكاب الجرائم إلا نادرا حقا أنهم في الغالب الأعم يؤذون أنفسهم، ويعتدوا عليها بل أكثرهم يقدم علي الانتحار ولكن ايذاء الغير لم يكن شائعا، ولكن أثبت العلم الحديث أن مرض الاكتئاب غالبا يقدمون علي ارتكاب جرائم العنف والسرقة والنصب والاحتيال والاعتداء الجنسي والتعدي على الآخرين بواقع 3 مرات أكثر من غير المصابين به، كما أكد العلماء في دراسة تستند إلى مناظرة حالات 47 ألف شخص أنه في الأغلب الأعم من حالات الاكتئاب تم وصم المرضى إما بأنهم مجرمون وإما بأنهم يجنحون للعنف.

 

قانون الصحة النفسية رقم 71 لسنه 2009 معدلا للمادة 62 من قانون العقوبات

 

هذا ومن المعلوم أن الأمراض والاضطرابات النفسية تفقد الإنسان الإدراك والاختيار، وهما مناط تحمل المسؤولية وأن أغلبها قد يضعف هذا وذاك، مما يحتم إعفاء صاحبها من العقاب في الحالة الأولى وتخفيف جرعة العقاب في الحالة الثانية، ولهذا صدر قانون الصحة النفسية رقم 71 لسنه 2009 معدلا للمادة 62 من قانون العقوبات، فأصبح نصها لا يسأل جنائياً الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أفقده الإدراك أو الاختيار، ويظل مسئولاً جنائياً الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره، وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة – الكلام لـ"فاروق".   

 

7427-images-(1)

 

ويتضح من ذلك أن المريض النفسي هو الإنسان الذي يعاني من اضطراب نفسي عُصابي أو عقلي ذُهاني ولا يعتبر مريض نفسي من يعاني فقط من الاضطرابات السلوكية دون وجود مرض نفسي حتى ولو أدت هذه الاضطرابات الشخصية إلى فقدان الإدراك أو الاختيار كليا أو جزئيا مادام لا ترجع إلى مرض نفسي على أنه عند الفقد الكلى لمرض نفسي يرفع العقاب أما عند الخلل الجزئي، فيخفف العقاب وهو ما يجب أن يراعيه القاضي غير أن المشرع لم يضع حدودا للتخفيف، ومن ثم يجب على القاضي تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات التي تنص على أنه:

 

 يجوز في مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة تبديل العقوبة على الوجه الآتي:   

 

أ-عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد أو المشدد.  

ب-عقوبة السجن المؤبد بعقوبة السجن المشدد أو السجن.

ج- عقوبة السجن المشدد بعقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور.

د- عقوبة السجن بعقوبة الحبس التي لا يجوز أن تنقص عن ثلاثة شهور.

 

 كل ما فى الأمر هو استبدال عبارة يجوز بعبارة يجب متى كان الجاني يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي، أو عقلي أدى إلى إنقاص إدراكه، أو اختياره طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 62 من قانون العقوبات". 

 

4276-download

 

الفقرة الأخيرة من المادة 62 وضعت للقاضي ظرف مخفف للعقاب

 

وبمعنى آخر فإنه إذا كان المشرع فى المادة 17 عقوبات لم يشأ أن يضع للقاضي بيانا حاصرا للظروف التي يعتد بها في مقام التخفيف ولم يزوده بضابط موضوعي يعينه على استخلاص هذه الظروف، بل ترك الأمر في ذلك لمطلق تقديره إلا أن المشرع فى ذات الوقت وبمقتض الفقرة الاخيرة من المادة 62 وضع للقاضي ظرف مخفف للعقاب، والزمه بأعماله عند توافر شروطه، وهو وجود اضطراب نفسي أدى إلى إنقاص إدراك الجاني أو اختياره لحظه ارتكاب الجريمة، وهذا الظرف القضائي المخفف الوجوبي لا يعطل سلطة القاضي التقديرية طبقا للمادة 17 عقوبات فى أعمال أحكامها بعيدا عن الاضطراب النفسي الذي ينقص إدراك الجانى أو اختياره كما في أحوال الاستفزاز والإثارة والغضب لحظة ارتكاب الجريمة دون وجود مرض نفسي – هكذا يقول "فاروق".   

 

ومادام الاكتئاب مرض نفسي فإنه أن أفقد الشخص شعوره واختياره بالكلية لحظة ارتكاب الجريمة، فإن الشخص يعفي من العقاب أما أن أثر فقط الاكتئاب على تلك الحرية وقت ارتكاب الجريمة، فإنه يمكن اعتباره ظرف مخفف للعقاب يقدره القاضي عملا بالمادة 62 من قانون العقوبات. 

 

رئيسية
 
 

 

ييي
 

 

موضوعات متعلقة :

تجريم إجهاض المرأة لنفسها بين التأويل والتطبيق.. المشرع يجرم إنزال الجنين إلا فى حالة واحدة فقط.. وحدد 3 صور للإجهاض

هل من سلطة صاحب العمل نقل العامل لوظيفة أخرى؟.. المشرع يجيزه فى حالتين.. ولائحة تنظيم العمل حسمت النزاع.. خبير يجيب عن أهم الأسئلة

التنظيم القانوني لعمليات التحول الجنسي في التشريعات العربية.. المشرع المصري والقطري لم يتطرقا للإشكالية.. والعماني والإماراتي أقراه

هل يعطى عقد الإيجار قوة السند التنفيذى؟.. 3 شروط حددها المشرع لتنفيذ الطرد بالعقد دون اللجوء لحكم قضائى..والشهر العقارى "كلمة السر"

أضرار البالوعات غير المطابقة للمواصفات.. هل يحق للسائق الحصول على تعويض؟.. المشرع أجازه متى توافرت المسئولية التقصيرية

هل دعوى المتعة تخرج من قواعد الاختصاص المحلى؟.. المشرع اعتبر المحكمة التى تنظر أول نزاع للزوجين تختص بأى نزاع يثور بعد ذلك

تحذير لملايين المستثمرين.. أثر مكان توقيع الشيك.. الاختصاص المكاني يؤثر على جريمة اعطاء شيك بدون رصيد.. 3 أماكن فقط سمح بها المشرع لتحرير محضرك


print