الجمعة، 19 أبريل 2024 09:15 ص

حكم قضائى فريد حول نفى النسب.. "أب" يلجأ لـ تحليل البصمة الوراثية لنفى نسب ابنه.. والمحكمة: النفى يكون بـ"اللعان" فقط وليس بـDNA

حكم قضائى فريد حول نفى النسب.. "أب" يلجأ لـ تحليل البصمة الوراثية لنفى نسب ابنه.. والمحكمة: النفى يكون بـ"اللعان" فقط وليس بـDNA محكمة - أرشيفية
الإثنين، 14 فبراير 2022 03:01 م
كتب علاء رضوان

أصدرت محكمة كفر شكر الجزئية، حكماَ فريداَ من نوعه، برفض دعوى نفى نسب الصغير، رغم تأكد الأب من نسب الصغير من خلال إجراء البصمة الوراثية dna، إلا أن المحكمة رفضت الدعوى مستندة إلى مبدأ أن نفى النسب لا يكون بالإحالة للطب الشرعي ولكن بـ"اللعان" فقط.  

 

ملحوظة: كيفية اللعان

 

فاللعان من اللعن، بمعنى الطرد والإبعاد، وفي اصطلاح الفقهاء ما يجري بين الزوجين من الشهادات والإيمان المؤكدة في حالة مخصوصة، وهي إذا رمى الزوج زوجته بالزنا، ولم تكن له بينة على ذلك، وأنكرت الزوجة ذلك، أو ادعى الزوج أن ولد زوجته ليس منه، وأنكرت هي تلك الدعوى ولا بينة، فإنهما يلجآن إذ ذاك للملاعنة على الصفة التي بين الله تعالى حيث يقول: "والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلاّ أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين * والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين * ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين  * والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين" – "النور: 6-9" - فإن تم اللعان بينهما، حصلت الفرقة بينهما على التأبيد، ويدرأ الحد عنهما، وتنتفي نسبة الولد الذي لاعن فيه عن الزوج زوجته.   

116

النزاع.. الأب يكتشف أن الإبن ليس ابنه بتحليل البصمة الوراثية

 

وقائع النزاع تتحصل في أن المدعى – المطلق - قد أقام دعواه بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة في 7 يوليو 2015 وأعلنت للمدعى عليها – الأم المطلقة – للحكم أولاَ: على المدعى عليها الأولى بنفى نسب الصغير (م) إلى المدعى وتعويضه عما لحقه من أضرار وما أنفقه على الصغير منذ ولادته حتى تاريخ ظهور نتيجة تحليل البصمة الوراثية بتعويض مؤقت قدره 10 آلاف وواحد جنيها، ثانياَ: على المدعى عليه الثالث والخامس بإلزامهم بإجراء التعديل بنفى نسب الصغير إلى المدعى في سجلات مكتب الصحة والصغير والإدلاء بشهادته كجهة خبرة.

 

وذلك على سند من القول بأن المدعى عليها زوجته بموجب عقد الزواج الشرعى بتاريخ 20 سبتمبر 2010 وبعد أن دخل بها وعاشرها كزوجة شرعية له، وأنجبت له الصغير "م" بتاريخ 22 أبريل 2011 وبعد إتمام الصغيرة شهره الثامن طلق المدعى عليها طلقة أولى بائنة بينونة صغرى بموجب إشهاد طلاق وبعد الطلاق استمر المدعى ينفق على الصغير، ثم قامت المدعى عليها بالزواج من أخر أجنبى عن الصغير وكان يقوم باصطحاب الصغير إلى أن لاحظ عدم وجود تشابه بين الصغير "م" وبين أولاده في الشكل ولا في الطبع ولا في الروح، وقرر اصطحابه إلى معمل تحاليل لتحليل البصمة الوراثية، ولما تأكد من إن الصغير ليس ابنه بل هو نتاج جريمة "زنا"، مما دعاه لإقامة الدعوى الراهنة بطلباته آنفة البيان، وقدم تأييدا لذلك صورة ضوئية من قيد زواجه بالمدعى عليها بتاريخ 20 سبتمبر 2010 وصورة ضوئية من قيد ميلاد الصغير، وصورة ضوئية من إشهاد طلاق المدعى عليها وصورة ضوئية من وثيقة زواج المدعى عليها الأولى من أجنبى عن الصغير طالعتهم المحكمة، المت بهم.

135E9653-F2EE-48A5-ABD0-9D1EA9B6339A

الأب يقيم دعوى انكار نسب ليثبت ما اكتشفه  

 

في تلك الأثناء – تداولت الدعوى ومثل المدعى بشخصه وبوكيل عنه – محام – ومثل المدعى عليها الأولى بشخصها وبجلسة 2 يناير 2017 مثل المدعى بشخصه ووكيله والمدعى عليها الأولى بشخصها وبيدها الصغير "م"، وقدم الأول حافظة مستندات طالعتها المحكمة، وألمت بها وطلب إحالة الدعوى للطب الشرعى، والمحكمة استجوبت المدعى عن القائم بقيد الصغير "م" في سجلات المواليد، وقرر المدعى بأنه هو القائم بقيد الصغير "م" في سجلات المواليد، وأودعت مذكرة برأيها طالعتها المحكمة، وآلمت بها وأودع الخبيرين تقريرهما بالأوراق، والمحكمة عرضت الصلح فرفض.

 

المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الدعوى – فلما كان من المقرر قانوناَ عملاَ بنص المادة 15 من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 أنه: "لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجه ثبت عدم التلاقى بينها وبين زوجها من حين العقد ولا لولد زوجة أتت به بعد سنة من غيبة الزوج عنها ولا لولد المطلقة المتوفى عنها زوجها إذا أتت به لأكثر من سنة من وقت الطلاق أو الوفاة"، وحيث أن المستقر عليه فقها – وفق الراجح بالمذهب الحنفى – ما جاء في الحديث الصحيح عن أبى هريرة رضى الله عنه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر"، وقد جاء في "لسان العرب" لإبن منظور رحمه الله: "الولد للفراش" معناه: الولد لمالك الفراش وهو الزوج أو المولى، أي السيد، وقال الإمام علاء الدين الكاسانى: "وقوله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش" أي "لصاحب الفراش" إلا أنه أضمر المضاف فيه اختصارا، والمراد من "الفراش" هو المرأة، فإنها تسمى "فراش الرجل"، وسميت المرأة فراشاَ لأنها تفرش وتبسط بالوطء عادة.  

2015_7_3_11_34_38_170

المحكمة ترفض دعوى انكار النسب بعد رفضها الإحالة للطب الشرعى

 

وبحسب "المحكمة": ويشترط لثبوت النسب بالزواج الصحيح فقها شروط ثلاث:  

 

1-إمكان كون الولد منه – أي من الزوج – وهذا يتحقق عادة إذا كان الزوج بالغاَ سليم الآلة – آلة الجماع أي ذكره – ولا خلاف في هذا.  

 

2-أن تلده الزوجة لمدة لا تقل عن أدنى مدة الحمل، وأقل مدة الحمل 6 أشهر، وهذا قول على بن أبى طالب رضى الله عنه، وجاء الاستنباط من الآيتين الكريمتين في كتاب الله العزيز "الأولى": "وحمله وفصاله ثلاثون شهر"، و"الثانية": "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة"، فالرضاع 24 شهراَ والحمل ستة أشهر، به قال الفقهاء من مختلف المذاهب محتجين بالآيتين الكريمتين التي احتج بها على رضى الله عنه.

 

فإذا كان أقل مدة الحمل 6 أشهر وهو محل اتفاق بين الفقهاء، إلا أنهم اختلفوا في وقت ابتداء مدة الحمل، وفى هذا قال الحنفية أن ابتداء وقت الحمل من وقت عقد النكاح، فإذا تزوج الرجل امرأة فجاءت بولد لـ 6 أشهر فصاعدا من وقت النكاح يثبت نسبه من الزوج، لأنها ولدته على فراشه لمدة حبل تام من وقت النكاح، وإذا تزوج الرجل المرأة فجاءت بالولد لأقل من 6 أشهر منذ تزوجها لم يثبت نسبه، وإن جاءت به لستة أشهر فصاعدا – آى تزوجها – يثبت نسبه منه، اعترف به الزوج أو سكت، وقد رتب الحنفية على قولهم هذا أن ابتداء مدة الحمل من وقت العقد أن الرجل لو تزوج المرأة ثم طلقها بعد العقد مباشرة وهما في مجلس العقد ثم جاءت بولد لستة أشهر من وقت العقد لحقه الولد.

 

3-إمكان تلاقى الزوجين بعد العقد، وهذا الشرط لا خلاف فيه بين الفقهاء، وقد رتب الحنفية على قولهم هذا أن ابتداء مدة الحمل من وقت العقد أن الرجل لو تزوج المرأة ثم طلقها بعد العقد مباشرة وهما في مجلس العقد ثم جاءت بولد لستة أشهر من وقت العقد لحقه الولد ويثبت نسبه منه، وكذلك لو تزوج مشرقي بمغربية وثبت عدم تلاقيهما، ثم جاءت بولد لستة أشهر من وقت العقد لحقه نسب الولد "فتح القدير للإمام ابن همام الحنفي – ج 3 – ص 300.   

حكم-محكمة_المحامي-علي-محسن-زاده-مكتب-محاماة

رأى محكمة النقض في الأزمة

 

وعلى ذات النهج فقد استقر قضاء النقض بأن: "ثبوت النسب بالفراش عند قيام الزوجية الصحيحة يكون شرطه عدم لزوم صدور إقرار أو بينة، ونفى الزوج نسب الولد شرطه أن يكون نفيه وقت الولادة، وأن يلاعن امرأته، يكون علة ذلك تمام اللعان مستوفيا شروطه، ينتج عنه التفريق بينهما ونفى الولد عن آبيه وإلحاقه بأمه" – طعن رقم 417 لسنة 75 قضائية أحوال شخصية.

 

لما كان ذلك – وكان الثابت بالأوراق أن طرفى التداعى قد عقد النكاح بينهما بموجب وثيقة زواج مؤرخه في 20 سبتمبر 2010 واستمرت تلك الزيجة ثم أتت المدعى عليها الأولى بالصغير "م" مواليد 22 أبريل 2011 وفقا للثابت من قيد ميلاده وقد أورد المدعى في صحيفة دعواه على لسانه الشروط الشرعية المقررة لتوافر نسب الصغير إليه إذ أن المدعى تزوج المدعى عليها الأولى وهو بالغ سليم – أي قادر على الجماع – وقد ولدت المدعى عليها الأولى الصغير المراد نفيه لنسبه بعد مضى حوالى 7 أشهر من تاريخ نشوء رابطة الزوجية والتلاقى بينهما، الأمر الذى تتحقق معه شروط إثبات نسب الصغير إليه بالزواج الصحيح بالمدعى عليها الأولى، ولا ينال من ذلك ما أورده المدعى بصحيفة دعواه من تشككه وعدم اطمئنانه من أن الصغير المراد نفيه لنسبه من صلبه، فإن ذلك مردود عليه بأن القاعدة الشرعية تقول بأن الولد للفراش وفى الخروج عن تلك الشروط الشرعية في تحقق النسب، ما يخالف صحيح الشرع والقانون ومن ثم فلا مجال للخوض، فيما يسعى إليه المدعى من نفى نسب الصغير إليه.

-عن-قضايا-بالرقم-القومى-بمصر-عبر-موقع-وزارة-العدل-e1605642422948-550x286

المحكمة تؤكد أن انكار النسب يكون باللعان فقط ولا تعترف باالبصمة الوراثية  

 

ووفقا لـ"المحكمة": إذ تؤكد المحكمة أن ما جاء بطلب المدعى المدعى من إحالة الدعوى لمصلحة الطب الشرعى، إنما هو طلب يخالف صحيح القانون الذى هو قد اعتد بالمذهب الحنفى كمرجع تشريعى إذا خلا نص قانونى من تنظيم مسألة بعينها – فإذا كان الثابت شرعاَ حسبما أوضحت المحكمة سلفا – نسب الصغير إلى أبيه المدعى لتحقق الشرائط الشرعية في ثبوت نسب الصغير إليه، فلا يمكن الارتداد مرة أخرى لنفى ما كان قد ثبت شرعا، لما في ذلك من تعريض لنفى الأنساب وفق رغبات الأزواج، وهو ما لم يقل به أحد من الفقهاء على اختلاف أراءهم.

 

وإذا ما قيل جدلاَ – وهو قول جدلي لا يصادف صحيح الشرع – بأحقية المدعى في نفى نسب الصغير، فإن ذلك لا يكون بالإحالة للطب الشرعي، وإنما يكون بتنظيم أيضاَ مما جاء به الرأي الراجح من الفقه الحنفي بإجراء "اللعان" بين الزوجين على نفى نسب الصغير، وفى ذلك سنده الشرعى من آيات اللعان الواردة في صدر سورة "النور" وهى نصوص قطعية الدلالة لا يدخل فيها الاجتهاد مع وضوح النص فيها ولا يدخل فيها ما استحدثه العلم المعاصر من تقنيات يعلمها الله وقت أن شرع في كتابه الكريم أيات "اللعان"، وإذا كان مقصد العباد حفظ الأنساب، فإن مراد الله في هذا هو أعظم شأنا وأكمل علماَ بما لا يمكن أن يدركه بشر إذا عجر عن إدراكه، وفى ذلك قول المولى عز وجل: "إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون"، وإذا كان قد انتفى عن الزوج المدعى الشرائط الشرعية المتطلبة في الفقة الحنفى للجوء إلى "اللعان" وهو ما لم يقم به الزوج حيال المدعى عليها ومن ثم وكان اللعان هو الطريق لنفى نسب الصغير، فإنه لا مجال من بعد ذلك كله للخوض في تهديد الصغير بنفى نسبه بثمة طلبات أخرى تخالف صحيح الشرع والقانون، ومن ثم فالمحكمة تقضى في الدعوى برفضها.   

494963_0

الإفتاء: نفي النسب بالبصمة الوراثية لا يجوز شرعًا

 

يشار إلى أنه ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال يقول: "هل يجوز عند الاشتباه في المواليد تجربة الحامض النووي (DNA) في إثبات النسب أو نفيه؟"، وأجابت لجنة الفتوى بالدار قائلة:

 

يجوز إثبات النسب بالبصمة الوراثية إذا كان ذلك في عقدِ زواجٍ صحيحٍ -لا يتم اللعان فيه بين الزوجين- أو فاسدٍ أو وطءِ شبهةٍ؛ وذلك مراعاةً لحق الطفل، وإحياءً للولد، وحملًا لحال المرأة على الصلاح، وكذلك في حالة التنازع على مجهول النسب، والاشتباه في المواليد وأطفال الأنابيب، وفي حالة ضياع الأطفال وحدوث الحوادث أو الكوارث وصعوبة التعرف عليهم، أما في حالة الزنا فلا يثبت نسب الطفل إلى الزاني أصلًا، وإنما يُنسَب لأمه فقط؛ لأن ماء الزنا هدَرٌ؛ أي لا يُعتَدُّ به شرعًا.

 

وتابعت: "وأما نفي النسب بالبصمة الوراثية فلا يجوز شرعًا؛ لأن التحاليل يحتمل فيها الخطأ وإن دلَّت على النفي أو الإثبات يقينًا، فإن ذلك اليقين في نفسه يقع الظنُّ في طريق إثباته، مما يجعله غير معتدٍّ به شرعًا في نفي النسب". 

images

 

حكم مهم

 

0d9728fa-c566-4580-947f-5b13f2427cb1
 
 

print