الجمعة، 17 مايو 2024 08:57 ص

شيخ الأزهر: مفهوم الحاكمية أُسىء فهمُه.. وهناك فرق بين التقصير فى تطبيق الحكم وإنكاره

شيخ الأزهر: مفهوم الحاكمية أُسىء فهمُه.. وهناك فرق بين التقصير فى تطبيق الحكم وإنكاره الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
الإثنين، 27 يونيو 2016 03:03 م
كتب لؤى على
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن البيئة التى أوجدها الاستعمار فى الهند وباكستان كانت هى الحاضنة لظهور المفكر الهندى أبى الأعلى المودوى، المولود سنة 1903 والمتوفَّى 1979، الذى رأى أن المذاهب الغربية تخطط لإزاحة الشريعة الإسلامية من أن تكون مصدرًا للتشريع، وأن تستبدل بها القوانين والتشريعات الإنجليزية والبرلمان الإنجليزى، ومن ثمّ خُلقت أفكاره فى هذه البيئة، إلى جانب الاضطرابات التى كانت موجودة فى الهند وأدت إلى انفصال باكستان فيما بعد، فالرجل كانت نيّته حسنة وهدفه كان نبيلًا، لكن الوسيلة للأسف الشديد كانت غير مثمرة وترتبت عليها نتائج لا زلنا نعيش ثمراتها المُرَّة حتى الآن.

وأكد أن "المودودى" حاول أن يُفْهِمَ المسلمين أنه لا حكم للإنجليز، وأن المسلم يُكَفَّر إذا اعتقد فى تشريعهم، لأنهم ينتزعون الحاكمية من الله تعالى، ومن ثَمَّ استدعى من جديد مفهوم الحاكمية، ليسحب من المستعمرين أى إمكانية للتشريع، ثم تشدد سيد قطب فى مفهوم الحاكمية؛ لأنها انطلقت عنده من القول بجاهلية المجتمع، ثم تكفير المجتمع، ثم جواز قتال المجتمع، وقد حاول كثيرون أن يؤولوا كلامه، بل إن "حسن الهضيبى" أدان كلامه تمامًا فى كتابه المشهور "دعاة لا قضاة".

وأضاف شيخ الأزهر - فى حلقة أمس الأحد من برنامجه "الإمام الطيب"، الذى يذاع يوميًّا طوال شهر رمضان المعظَّم على التليفزيون المصرى وعدد من القنوات الفضائية الأخرى، أنه لا يلزم الحاكم من تطبيق الشريعة إلا ما يطيقه وتطيقه الظروف الموجودة، لأنه لا يُعالَج ضرّرًا بضرر مساو له، أو بضرر أكبر، كما أنه يجب عدم الخلط بين الاعتقاد بما حكم الله، وبين التطبيق بما حكم الله، فالتطبيق منوط به البشر، وطالما وجد العدل فالحكم متوافق مع الإسلام، ولذلك فإن الأمة الإسلامية لم تستمر فى تاريخها بنظام حكم واحد أو شكل واحد، لافتًا إلى أن الشباب يجب عليه أن يأخذوا العلم عن العلماء، فهذه القضايا وهذه العلوم تحتاج إلى أستاذ وعالم، ولا تؤخذ هكذا بالقراءات الحرة فى الكتب أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعى أو "سيديهات" أو قنوات.

وأشار الإمام الأكبر إلى أن مفهوم الحاكمية ليس قاصرًا على الله تعالى، بل هو أمر مشترك بين الله والبشر، والقرآن الكريم فى آيات كثيرة منه جعل من الإنسان حكمًا وحاكمًا وأسند إليه الحكم، والحكم لله هو حكم تشريع، وهناك مسائل كثيرة وصف القرآن فيها الإنسان بأنه حاكم، ومَن يقولون إنَّ الحُكمَ لله فقط، وليس للبشر، فهؤلاء يأخذون بآية، ويضربون صفحًا عن بقية الآيات التى يجب أن تفهم فى إطارها وسياقها، مؤكدًا أن مفهوم الحاكمية بالنسبة لله تعالى يختلف عن مفهوم الحاكمية بالنسبة للبشر، فحاكمية البشر حاكمية تصرف وحاكمية تشريعات جديدة مرتبطة بالفضاء الإسلامى الأخلاقى والتشريعى، لكن حاكمية الله تعالى حاكمية حلال وحرام وحاكمية عقيدة.

واختتم "الطيب" حديثه بأنه لا يجب تصديق مَن يقول إن قول الله تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون"، تنطبق على الحاكم، لأنهم يحكمون بالبرلمانيات وبالقوانين المدنية، فهؤلاء فهموا الآية على غير وجهها، لأن الآية تعنى مَن لم يعتقد بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون، وهناك فرق كبير جدًّا بين مَن لم يعتقد وبين مَن لم يطبق أو ينفذ.

print