الجمعة، 10 مايو 2024 02:44 م
كريم عبدالسلام

كريم عبدالسلام

حاملة المروحيات جمال عبد الناصر

5/10/2016 3:52:33 PM
نشعر بالفخر لقدرتنا على حيازة أقوى القطع البحرية أكاد أراها وهى تدخل المياه الإقليمية المصرية فى اتجاه ميناء الإسكندرية، ويزينها الشعار المعبر عن القوات المسلحة المصرية بالعربية والإنجليزية، بداية بالآية القرآنية الكريمة «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة»، ومرورا باسم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وانتهاءً بالنسر المصرى الذى يزين العلم الوطنى ومعه الشعارات الدالة على الأسلحة المستخدمة على متنها.

نعم أكاد أراها، حاملة المروحيات الأولى ميسترال التى تتسلمها القوات المسلحة من نظيرتها الفرنسية، بعد انتهاء عمليات التدريب الفنى والتقنى للطاقم المصرى البالغ مائة وسبعين ضابطا وبحارا، لتدخل بذلك مصر عصرا جديدا تظهر فيه قوتها الرادعة المدافعة عن أمنها الوطنى ومجالها الإقليمى ومصالحها الحيوية فى العالم، ومتى؟ فى الوقت الذى يظنها المغفلون والمتربصون والأعداء التقليديون عاجزة وضعيفة.

حاملة المروحيات جمال عبد الناصر تستطيع أن تكون الذراع المصرية الطولى المدافعة عن مصالحنا الحيوية فى البحرين المتوسط والأحمر وكذا فى أعالى البحار، كما تستطيع بإمكاناتها العالية والفريدة أن تعمل كقواعد مصرية فى مناطق التوتر البعيدة والمؤثرة على الأمن القومى المصرى والعربى، فهى تستطيع حمل 28 طائرة مروحية هجومية و40 دبابة ونحو 700 جندى، كما أنها مزودة بأنظمة ملاحية ومسحية متقدمة وبعدة رادارات بحرية وجوية ومنظومتين للصواريخ ومدفع مضاد للطائرات، باختصار هى قلعة عسكرية وتكنولوجية عائمة تستطيع تنفيذ المهام الحيوية القتالية أو التدخل السريع فى الأزمات، بالإضافة إلى نقل عدد كبير من القوات والمعدات للمناطق المستهدفة.

حاملة المروحيات جمال عبد الناصر والمنتظر دخولها المياه الإقليمية المصرية أول يونيو ليست الوحيدة التى تتسلمها مصر من الطراز ميسترال، ولكن يتبعها الحاملة الثانية أنور السادات فى أغسطس المقبل بإذن الله، بعد أن ينتهى طاقمها المصرى من دوراته التدريبية فى أعالى البحار على مختلف مهام ووظائف الحاملة، وبذا يكتمل الهدف المنشود فى المرحلة الحالية وهو تأمين مصالحنا الحيوية فى المياه الإقليمية البعيدة وردع أية تهديدات محتملة أو أوهام فى أذهان الساسة المغامرين والمصابين بجنون العظمة فى المنطقة.

من اللافت أن يتم إطلاق اسمى الزعيمين جمال عبد الناصر وأنور السادات على أهم قطعتين بحريتين تمتلكهما مصر، فالدلالات كثيرة وموحية ويمكن تمثلها من التاريخ القريب لتفعيلها فى اللحظة الراهنة التى يسعى البعض لتحويلها إلى لحظة من الانقسام المجتمعى والاستقطاب السياسى انطلاقا من أزمات مفتعلة، وأولى هذه الدلالات هى الاعتزاز بوطنية ومكانة الزعيمين التاريخيين لمصر فى القرن العشرين.

وكما نعلم جميعا قام كل من الزعيمين بإنجازات عظيمة وحدثت فى عهدهما إخفاقات وانكسارات، كما شهد عصرهما وما تلاه من زمن وحتى الآن انقسامات حادة حول كل موقف أو قرار اتخذه كل منهم، فمازال محبو عبد الناصر يجتمعون على قراراته الثورية التحررية وانحيازه لبرامج التصنيع الوطنى والعدالة الاجتماعية ومجانية التعليم والإصلاح الزراعى، فيما يجتمع خصومه حول عدم الحنكة فى إدارة السياسة الخارجية والمغامرات العسكرية وتقريب أهل الثقة.

وفى المقابل، يجتمع محبو السادات حول عبوره بالبلاد فى أحلك اللحظات بعد هزيمة الحلم الوطنى فى 1967 وعبوره بالبلاد إلى النصر العسكرى والسياسى فى 1973، وما تلاه من نصر سياسى كبير فى كامب ديفيد واستعادة كامل التراب المصرى فى معركة تفاوضية شاقة، فيما يأخذ عليه خصومه المثالية المفرطة فى الانفتاح على الغرب سياسيا واقتصاديا دون تأهيل للبلاد، وكذا تقريبه للإخوان والجماعات المتطرفة لينتهى المشهد بحادث الاغتيال الدامى فى المنصة.

لكن محبى الزعيمين عبد الناصر والسادات وكذلك خصومهما، لا يختلفون إطلاقا على وطنية الزعيمين وعلى تفانيهما فى الحفاظ على مصالح بلدهما، وإن اختلفت التصورات والرؤى والسياسات، فهل يمكننا فى اللحظة الراهنة استحضار تلك اللحظة الجامعة التى يعبر عنها بامتياز، دخول حاملتى المروحيات جمال عبد الناصر وأنور السادات الخدمة فى قواتنا البحرية؟ يارب.

الأكثر قراءة



print