الخميس، 25 أبريل 2024 06:15 م
يوسف أيوب

يوسف أيوب

هل تنسحب أفريقيا من الجنائية الدولية؟

2/4/2016 10:51:51 AM
هل تنسحب أفريقيا من الجنائية الدولية؟.. رغم وجود 34 دولة أفريقية أعلنت تصديقها على النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، فإنه فى ختام القمة الأفريقية الـ26 أيد القادة الأفارقة مبادرة تهدف إلى انسحاب جماعى من المحكمة التى «تستهدف بشراسة» قارتهم، وفقاً لما قاله رئيس تشاد إدريس ديبى الذى تولى رئاسة الاتحاد الأفريقى، فديبى: «لاحظنا أن المحكمة الجنائية الدولية تستهدف بشراسة أفريقيا والقادة الأفارقة، من بينهم رؤساء حاليون، فيما تشهد سائر أنحاء العالم الكثير من الأحداث والانتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان، لكن أحدا لم يعبر عن القلق إزاءها. واعتبر ديبى أن المسألة كناية عن «الكيل بمكيالين، لهذا قررنا تنسيق موقفنا كى تدرك المحكمة الجنائية الدولية أهمية الموقف الأفريقى من هذه المسألة».

ما قاله ديبى يعبر عن العلاقة المتوترة بين المحكمة والقارة السمراء فى أعقاب صدور مذكرة اعتقال ضد الرئيس السودانى عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية فى 2008، حيث أصدر الاتحاد الأفريقى قرارات متتالية تنص على عدم التعاون مع المحكمة، واتهم الاتحاد الأفريقى المحكمة الجنائية الدولية «باستهداف عنصرى» للقارة الأفريقية، لكن رغم ذلك لم يتخذ القادة الأفارقة قراراً ملزماً قانوناً بالانسحاب من المحكمة بشكل جماعى، وترك الاتحاد لكل دولة الحرية. المحكمة الجنائية الدولية تأسست فى 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وهى منظمة دولية، مقرها الرئيسى فى هولندا لكنها قادرة على تنفيذ إجراءاتها فى أى مكان، وبالنظر إلى نظامها الداخلى فإنها تسعى إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة فى الإفلات من العقوبة، وبلغ عدد الدول الموقعة على قانون إنشاء المحكمة 121 دولة حتى 1 يوليو 2012 «الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس المحكمة»، وقد تعرضت المحكمة لانتقادات من الصين والهند والولايات المتحدة وروسيا، وهى من الدول التى تمتنع حتى الآن عن التوقيع على ميثاق المحكمة.

التوتر بين الأفارقة والجنائية الدولية أخذ بعداً آخر بخلاف أزمة البشير، فبعدها كان رئيس كينيا مطلوبا للتحقيق أمام المحكمة التى فتحت تحقيقات فى ثمانية بلدان كلها أفريقية هى كينيا وساحل العاج وليبيا والسودان والكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى وأوغندا ومالى، مما دفع الأفارقة للقول بأن المحكمة أنشئت لمعاقبة الأفارقة فقط، فرنيس زيمبابوى روبرت موجابى قال: «إن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لم أره مطبقا ضد أى شخص جلده أبيض.. هل الذين لديهم جلود بيضاء معفون من الوصول للمحكمة»، مشيرا إلى أن جورج بوش وتونى بلير ارتكبا أعمالا فظيعة فى العراق، واعترفا بأنهما ارتكبا أخطاء، كما قتلوا صدام حسين ورغم ذلك لم تتم إحالتهما للعدالة.

نحن إذن أمام حالة غضب أفريقية متصاعدة ضد المحكمة وسياسة الكيل بمكيالين التى تنتهجها ضد القادة الأفارقة، لكن يبقى السؤال الآن: كيف تحقق القارة تهديدها بالانسحاب من المحكمة؟ وهل دول مثل جنوب أفريقيا وبتسوانا اللتين سبق أن عارضا كل التوجهات الأفريقية ضد المحكمة سيسيرون فى اتجاه الانسحاب أم أنهما سيغردان خارج السرب الأفريقى كما فعلا قبل ذلك؟

مع الأخذ فى الاعتبار أن دولاً صدقت على النظام الأساسى للمحكمة سبق أن خرقت مبادئ المحكمة، حينما استضافت أوغندا وجنوب أفريقيا الرئيس السودانى على أراضيهما رغم مطالبة المدعى العام للجنائية الدولية للبلدين بتوقيفه عملاً بمذكرة الاعتقال الصادرة من المحكمة، وهو ما يشير إلى أن مواقف هذه الدول ليس ثابتاً وإنما مرتبط بسياسات ومواقف وعلاقات هذه الدول الخارجية، فجنوب أفريقيا حين استضافت البشير فى القمة الأفريقية الـ25 بجوهانسبرج رفضت تنفيذ طلب الجنائية الدولية، لأنها إن فعلت ذلك كانت ستفقد مكانتها.

المحصلة النهائية أنه لا أحد لديه يقين بنوايا الدول الأفريقية وهل هناك نية حقيقية من الدول الـ54 فى عدم التعامل مع المحكمة، وتحديداً من جانب الدول المصدقة على ميثاق المحكمة، لكن ربما يكون الاقتراح الذى تقدمت به الحكومة الكينية فى القمة الأفريقية الأخيرة هو القابل للتطبيق، حيث طالبت بوضع خارطة طريق لانسحاب الدول الأفريقية.

الأكثر قراءة



print