الإثنين، 03 يونيو 2024 01:35 م
وائل السمرى

وائل السمرى

ابتعدوا عن «نور أعيننا» لكى لا نغرق فى الظلام

9/2/2016 12:29:16 PM
سيقولون: وهو كل ما نصدر قرارا تقولوا لنا «إلا» هذا القرار؟ وسنقول: نعم، لأن العدالة فى بلدنا «عوراء» لا تتورع فى أى وقت عن تحميل المواطن البسيط آثامها وفشلها فى الإدارة، فما الذى يخرج مواطنا من بيته فى الصباح أو يدعوه ليترك عمله مستأذنا لساعة أو ساعتين من أجل أن يأتى لابنه الرضيع بشربة «لبن» سوى ضيق ذات اليد ووقوعه الجبرى تحت خط الفقر، فلماذا نعذب هؤلاء المواطنين الذين يجاهدون فى سبيل حياة أبنائهم، ويقضون حياتهم موزعين ما بين طابور العيش وطابور اللبن وطابور الأنبوبة، وطابور المستشفى، وطابور الأتوبيس؟

الأهالى تجمهروا أمس أمام معهد ناصر من أجل الاعتراض على نقص لبن الأطفال المدعم، ومن بين هؤلاء لمحت فى الفيديو المنشور على موقع «اليوم السابع» رجلا مسنا يقول وكأنه يهذى «العيال بتموت.. العيال بتموت» هى صورة بألف كلمة، وكلمة بألف صفعة، وفى العين حسرة، وفى القلب غصة، وفى الأذن أصوات صاخبة لأجراس الإنذار تدق.

يقولون، إن هناك نقصا فى لبن الأطفال المدعم، ويقولون إن الحكومة سترفع سعره، ثم فجأة تقرر الحكومة أن توقف صرفه فى المنافذ المعروفة لدى الجماهير، ثم يقول السيد المسؤول إن الحكومة أبلغت المواطنين بأن صرف الألبان المدعمة سيصبح بالكروت الذكية، ولا أعرف كيف تقول الحكومة هذا الكلام وتنفذه دون أن تمهد له وتمنح خطتها الوقت الكافى لإعلام الجميع ليستعدوا، فنفس الحكومة ومنذ سنوات طويلة تقول إنها ستصرف الوقود فى محطات الوقود بالكروت الذكية لكن حتى الآن لم تنفذ هذا القرار، فلماذا تحولت الحكومة إلى عصر السرعة فى الألبان وامتطت عصر الناقة فى الوقود، ولماذا لم تقدر غضبة الناس محترزة من ردود الفعل العفوية التى قد تصل إلى حد التدمير؟ فأصعب شىء على الأب أن يجد ابنه جائعًا، وقد تهون الدنيا كلها فى مقابل توفير الأب لشربة لبن لابنه.

شربة لبن يا حكومة، شربة لبن يا سيادة الرئيس، شربة لبن يرجوها أب لابنه، وتحلم بها أم لفلذة كبدها، شربة لبن كفيلة بأن تجعل أتقى المتقين أشرس المجرمين، كفيلة بأن تفقد الأب عقله والأم صبرها، لا تضغطوا على أعصابنا العارية، ابتعدوا عن «نور أعيننا» لكى لا نغرق جميعا فى الظلام.



الأكثر قراءة



print