مع إعلان إطلاق خدمات الجيل الخامس للمحمول في مصر، بدأ عدد من المستخدمين في التساؤل حول مدى استفادتهم الفعلية من التقنية الجديدة، خاصة في ظل امتلاك البعض لأجهزة لا تدعم الجيل الخامس، إلا أن المتخصصين يؤكدون أن خدمات الجيل الخامس لا تستهدف في الأساس الاستخدام الشخصي فقط، بل تمتد تطبيقاتها إلى قطاعات حيوية تمثل عصب الاقتصاد الرقمي الحديث.
على الرغم من أن الهواتف الذكية ستكون من أولى الوسائل التي ستدعم تشغيل شبكات الجيل الخامس، إلا أن جوهر هذه التقنية يتجاوز مجرد تسريع تصفح الإنترنت أو تحسين جودة مقاطع الفيديو، فشبكات الجيل الخامس صممت لتوفير بنية اتصالات متقدمة تدعم تشغيل مليارات الأجهزة المتصلة في نفس الوقت، بزمن استجابة فائق السرعة وموثوقية عالية، وهو ما يجعلها العمود الفقري للثورة الصناعية الرابعة.
وتلعب شبكات الجيل الخامس دورًا محوريًا في تطوير منظومات التصنيع الذكي، حيث تتيح التواصل الفوري بين الآلات وأنظمة التشغيل، ما يسهم في تحسين كفاءة الإنتاج وتقليل معدلات الأعطال، وتعد المصانع الكبرى ومراكز التحكم الآلي من أكثر القطاعات التي ستستفيد من إمكانيات الجيل الخامس، لا سيما في إدارة سلاسل التوريد، ومراقبة الجودة اللحظية، والتشغيل الآلي عن بُعد.
وفي مجال الزراعة، توفر تقنيات الجيل الخامس دعمًا رئيسيًا لتطبيقات الزراعة الذكية، التي تعتمد على أجهزة استشعار متصلة بالإنترنت لمراقبة حالة التربة، ودرجات الرطوبة، واستهلاك المياه، فضلًا عن تشغيل أنظمة الري والتسميد بشكل آلي، وتتيح السرعة الكبيرة للشبكة إرسال وتحليل البيانات بشكل فوري، بما يعزز من الإنتاجية ويقلل من الهدر في الموارد.
وفي قطاع التعليم، تفتح شبكات الجيل الخامس آفاقًا جديدة للتعلم عن بُعد، من خلال تمكين تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، التي تسمح للطلاب بخوض تجارب تعليمية أكثر تفاعلية وغنى، كما تتيح التقنية الجديدة بث المحاضرات والجلسات التدريبية بجودة فائقة، دون تقطع أو تأخير، وهو ما يمثل نقلة نوعية في دمج التكنولوجيا بالعملية التعليمية.
وتعد خدمات الجيل الخامس عنصرًا أساسيًا في تطوير الرعاية الصحية الرقمية، حيث يمكن من خلالها دعم تطبيقات الاستشارات الطبية اللحظية، والتشخيص عن بعد، بل وإجراء بعض التدخلات الجراحية بالاعتماد على الروبوتات الطبية التي يتحكم بها أطباء من واقع مختلفة حول العالم، ويعد زمن الاستجابة المنخفض للشبكة أحد أبرز العوامل التي تجعل هذه التطبيقات قابلة للتنفيذ بثقة وأمان.
ويشار إلى أن شبكات الجيل الخامس لا تقتصر على تحقيق سرعات تحميل قد تتجاوز 1 جيجابت في الثانية، بل تتفوق كذلك من حيث الاستقرار والقدرة على إدارة عدد هائل من الاتصالات المتزامنة، وهي مواصفات تجعلها الخيار الأمثل لتطبيقات المدن الذكية، وإدارة المرور، ومراقبة البنية التحتية، وغيرها من القطاعات التي تعتمد على التواصل اللحظي بين الأنظمة.
ولا يشترط امتلاك هاتف يدعم الجيل الخامس للاستفادة من تأثيره الحقيقي، فهذه التقنية تمثل أساسًا لتحديث القطاعات الإنتاجية والخدمية، أكثر من كونها وسيلة ترفيه شخصية، ومع التوسع في تغطية الشبكات الجديدة خلال الفترة المقبلة، سيكون التأثير الأكبر للجيل الخامس واضحًا في الاقتصاد، والصحة، والتعليم، وليس فقط في سرعة الإنترنت على الهاتف.