الأحد، 19 مايو 2024 06:28 ص

فيديو وصور.. شخص بلا عمل عبء لا يحتمل.. أبناء قرية تونس بالفيوم يحولون قريتهم لمزار سياحى بصناعة الخزف.. والخوص مهنة سيدات ورجال قرية الإعلام.. وأهالى جردو يصدرون الملوخية

الحرف اليدوية تقضى على البطالة بـ4 قرى فى الفيوم

الحرف اليدوية تقضى على البطالة بـ4 قرى فى الفيوم الحرف اليدوية تقضى على البطالة بـ4 قرى فى الفيوم
الخميس، 23 أغسطس 2018 07:00 م
الفيوم – رباب الجالى

 4قرى بمحافظة الفيوم تصدى أبناؤها للبطالة وأعلنوا العصيان على الجلوس على المقاهى فى انتظار فرصة عمل، فقرروا أن يقهروا قلة الوظائف بإتقان حرف يدوية مبهرة لها زبائنها الذين يأتون إليهم من كل مكان، ووصل الأمر إلى أن بعضهم يقيم معارض فى الدول الأجنبية ويعرف باسمه، وحول بعضهم قريته إلى قبلة للسياحة والفن مثل قرية تونس.

 

تونس واحة الجمال والفن وقبلة المبدعين بالفيوم

قرية ريفية بها منازل بسيطة ومزارعون يقومون بتربية المواشى ورعاية أراضيهم الزراعية قدر لها أن تتحول بفضل أبنائها إلى قبلة للسياحة، يقصدها الفنانون والمبدعون من كل دول العالم، ويقام بها مهرجان سنوى للخزف والفخار، وهى قرية تونس التى تخلصت من البطالة، ويعمل أبناؤها بصناعة الخزف والفخار.

بدأت حكاية قرية تونس عندما زارتها الفنانة السويسرية ايفيلين بيوريه مع زوجها التى انفصلت عنه فيما بعد الشاعر سيد حجاب، حيث لفت نظرها موقع القرية الجذاب الذى يمثل لوحة فنية فريدة، لأنها تطل على بحيرة قارون وبها زرع وخضرة، فمشهد المياه الأزرق ورمال الشط الصفراء ولون الزرع الأخضر يشكل لوحدة فنية رائعة تشبه لوحة مصر، ورغم مغادرة الفانة السويسرية البلاد لم يغب عن بالها القرية التى تبعد حوالى 60 كيلو متر عن مدينة الفيوم وتتبع مركز يوسف الصديق، فعادت لها مرة أخرى وقررت أن تنشئ مدرسة لصناعة الخزف.

ففى منزل يغلب عليه الطابع الفنى وأساسه الطابع الريفى البسيط يحيط به سور من الحجر والطوب اللبن يتوسط مناظر طبيعية خلابة من الأشجار والنجيل يطل على بحيرة قارون، تعيش إيفلين بوريه السويسرية الأصل والتى أكملت الرابعة والسبعين من عمرها، قضت منها 48 عاما فلاحة مصرية فى بيتها الريفى بقرية تونس التابعة لمركز يوسف الصديق بالفيوم، عشقت مصر فتركت بلدها سويسرا أكثر بلاد العالم تحضرا وجاءت إلى أقصى ريف مصر لتعيش فلاحة مصرية ترتدى ملابسها وتسير حافية القدمين وتأكل الطعام الريفى وتشرب من مياه الطلبمة وتنير منزلها بلمبة الجاز، وتشبع هواياتها فى صناعة الفخار والخزف، حيث أقامت ورشة فى جزء من منزلها لتعليم الأطفال صناعة الفخار.

"أم أنجلو" كما تحب أن يناديها أهالى قرية تونس خريجة فنون تطبيقية جاءت إلى مصر فى أوائل الستينات مع والدها حيث كان عمله، عشقت الحياة بها فقررت قضاء بقية عمرها بإحدى قراها منذ عام 1965.

عندما حضرت إلى هذه القرية بصحبة زوجها فى ذلك الوقت الشاعر الغنائى سيد حجاب وأعجبها المكان، مؤكدة أنه قد سحرها وقررت الإقامة به طيلة حياتها بل أنها كما تذكر تتمنى أن تدفن فى حديقة المنزل بعد وفاتها ولا تفكر فى العودة لبلدها الأصلى سويسرا إلا للزيارات فقط.

عاشت إيفلين كما تقول بين فلاحات القرية كواحدة منهن ولمدة 10 سنوات حتى عام 1975 بدون كهرباء أو مياه، واستخدمت لمبة الجاز فى إضاءة منزلها وشربت من مياه الطلمبة وعاشت سنين طويلة دون تليفزيون ولم تشتريه إلا بعد إلحاح ولديها أنجلو وماريه من زوجها الحالى الفرنسى الجنسية ميشيل باستورى.

 انغمست فى الفلاحة الفيومية وتتحدث اللهجة بلكنة فيومية،  إيفلين لا ترغب كثيرا فى أحاديث الصحافة معتبرة ذلك مضيعة للوقت بالنسبة لها، وقد يشغلها عن أداء عملها فتقول "أنا مشغولة ومش فاضية كل شوية ضيوف وزوار"، لكنها سرعان ما تهدأ وتبدأ فى سرد قصتها وحكايتها مع قرية تونس حيث تعيش، ويتوسط حديثها الأفشات والضحكات ثم تلقى بمشاكلها ولا تتركك قبل أن تطلعك على أعمالها من الفخار والخزف لمشاهدة معرضها البديع داخل المنزل الريفى الجميل وورشة الفخار، وتصر على أن تلتقى بأطفال القرية الذين يعملون بالورشة لتأصل فيهم روح العمل وأهميته وتدعوك لزيارة معرضها للفخار بالقاهرة أو معرض زوجها الخاص بالملابس، ومثل كل الفلاحين تستيقظ مبكرا بل أن ولدها كما تقول أنجلو لم يدخل المدرسة وانتظم بعد ذلك فى فصول محو الامية يتعلم اللغة العربية، وتكره من يتحدث أمامها بالإنجليزية أو الفرنسية.

 وتشير إلى أنها مثل معظم الفلاحين أصيبت وأولادها بالبلهارسيا وتم علاجهم منها، وتقضى أغلب ليلها فى القراءة وتعشق الاستماع إلى أغانى فيروز.

 وتنتقد إيفلين بعض الأوضاع والعادات فى الريف فتقول، عندما جئت إلى تونس كانت هادئة والمنازل قليلة جدا والجمال والسحر يسيطران عليها، والآن تحولت إلى ما يشبه المدينة فى ضوضائها.

يقول محمود الشريف أحد أصحاب المعارض بقرية تونس، إننا جميعا فى القرية تعلمنا على أيدى إيفيلين التى حولت شباب القرية إلى مبدعين وفنانين فقد بدأت معنا منذ ما يزيد عن 20 عاما، وقامت بجمعنا وأنشأت لنا مدرسة بمنزلها لتعليمنا صناعة الخزف والفخار وبعدها اتفقت معنا على منحنا مقابل مادى للمنتجات، وكانت تتعمد خلال تعليمنا أن تغرس بداخلنا قيم ومبادئ الحب والتراحم بيننا والاعتماد على أنفسنا، وذلك من خلال النقاش معنا طول الوقت.

واستطرد محمود قائلا، لم تكن إيفيلين يوما أنانية كمعظم أصحاب الأعمال، لكنها على العكس تتميز بالعطاء، فعندما كبرنا وبدأ كل منا يفكر فى الاستقلال بذاته وعمل ورشة خاصة ساندنا ووقفت بجوارنا واتفقت لنا مع أصحاب الأماكن التى تشترى منها المواد الخام بالقاهرة، كما ساعدتنا فى إقامة معارض عالمية بالعديد من الدول.

وعن التعليم بالقرية قال محمود الشريف، إن نسبة التعليم ليست عالية، وهناك تسرب من التعليم، والتلاميذ يفضلون الالتحاق بمدرسة تعليم الفخار والخزف لدى أم انجلو عن الالتحاق بالمدارس بعد ما حققناه من نجاحات وإنجازات، وكثيرا منهم بمدرسة الفخار ثم يتعلمون عن طريق فصول محو الأمية.

الخوص متوارث عن الاجداد
الخوص متوارث عن الاجداد

 

"الخوص" صناعة أهل الإعلام ومصدر رزق القرية بأكملها

 

مشهد أقل ما يقال عنه إنه مبهج يعيدك لزمن جميل فيه صفاء النفوس وابتسامة صافية لا يشوبها مشكلات الحياة، نفوس بسيطة لا يعكر صفوها أى شىء، وأصابع ذهبية تغزل جريد النخل القاسى بهدوء وسلاسة فتخرج منه تحفا فنية ومنتجات مبهرة للاستخدام فى مختلف الاحتياجات، إنها قرية الإعلام التابعة لمحافظة الفيوم، وهى أشهر قرى المحافظة حيث تتميز بقيام جميع سكانها من النساء بالعمل فى صناعة الخوص و الرجال فى بيع وتسويق المنتجات الخوص".

 يقول عمرو فرحات أحمد أحد الشباب بقرية الاعلام والذى يقف فى بازار لبيع منتجات الخوص بميدان السواقى بمدينة الفيوم، إن صناعة الخوص هى مهنتهم الوحيدة التى أورثها لهم أجداده ولا يمكن أن يتخلوا عنها ببديل آخر، حيث إنه شب على هذه المهنة التى تمثل المصدر الأساسى لرزقه هو وجميع سكان القرية، مشيرا إلى أن جميع السيدات والفتيات بالقرية يقمن بتصنيع الخوص بالمنازل والشوارع، والرجال والشباب يقومون ببيع ما ينتجونه من مختلف منتجات الخوص بمدينة الفيوم وباقى المحافظات.

وأشار عمرو إلى أن الخامات المستخدمة فى صناعة الخوص هى جريد النخيل ويحضرونه من الزراعات الموجودة بالقرية، وكذلك قش الأرز، ولكن بعد قرار محافظ الفيوم السابق بمنع زراعته بالمحافظة يحضرونه من محافظات الوجه البحرى.

وطالب عمرو المسئولين بالاهتمام بصناعة الخوص وتوفير معارض دائمة لهم لترويج المنتجات، خاصة أن أسعارها زهيدة وستناسب جميع المواطنين، وطالب بعمل معارض فى الجامعات والأندية العامة لتشجيع الصناعات اليدوية، خاصة ان الدولة تولى اهتماما كبيرا هذه الفترة بتشجيع أصحاب هذه الصناعات.

ووسط سيدات القرية اللائى تواجدن بالشارع أمام احد المنازل يتوسطهن قش الأرز وجريد النخل ويقمن بتصنيع الخوص، جلست طفلة أصابعها لا تتوقف لحظة عن تصنيع الخوص بحرفية عالية، انها شهد محمد التى أكدت أنها بالصف السادس الابتدائى بالمدرسة ولكنها تحب تصنيع الخوص، وكلما وجدت سيدات القرية يجلسن للتصنيع تجلس وسطهن وتنافسهن وتصنع منتجات تتفوق على ما يصنعنه وتحصد فى اليوم قرابة 30 جنيها أجرا.

وتقول شهد "أنا أحب المدرسة ولكنى أحب الخوص أيضا، ولن أترك تصنيعه أبدا حتى لو أصبحت طبيبة، فهى مهنتنا فى قريتى الجميلة وأعشقها، مؤكدة أن والدها يعمل بتسويق منتجات الخوص حيث يقف فى بازار بميدان السواقى بوسط مدينة الفيوم لبيعها ."

وأشارت ماجدة أحمد عبد السلام إحدى سيدات القرية اللاتى يعملن فى تصنيع الخوص، إلى أنها تزوجت وعمرها 14 سنة، وقامت والدة زوجها بتعليمها تصنيع الخوص، ومنذ ذلك الوقت أصبحت هذه المهنة من أساسيات يومها، وتساعد بها زوجها على غلاء المعيشة، فتقوم بتصنيع بعض منتجات الخوص يوميا وتسليمها لأصحاب البازارات لبيعها بمقابل مادى ما بين الثلاثين إلى الـ50 جنيها.

وعن يوم المرأة فى قرية الاعلام، قالت ليلى محمد إحدى سيدات القرية، إن يوم المرأة فى الاعلام يبدأ فى السابعة صباحا، حيث تستيقظ لتجهيز أبنائها للذهاب للمدارس ثم القيام بالأعمال المنزلية اليومية، وبعد ذلك تجلس لتصنيع الخوص التى تناسب المنازل، وأشارت إلى أن أسعار المنتجات تبدأ من 10 جنيهات ولا تتجاوز الـ 50 جنيها.

السيدات يصطحبن الاطفال
السيدات يصطحبن الاطفال

 

الملوخية وجريد النخل يقضيان على البطالة بجردو والعجميين

 

وانضمت قريتى جردو والعجميين بمحافظة الفيوم إلى القرى التى تخلصت من البطالة، وذلك بعدما نجح أبناء قرية جردو فى التفوق فى زراعة الملوخية الخضراء وحصادها دون استخدام المبيدات والحفاظ على طبيعة المحصول، مما يساهم فى تصديره للخارج، ويتقاضى أبناء القرية ما يزيد عن 10 آلاف جنيه لكل فدان.

وقال يوسف إسماعيل أحد أبناء قرية جردو، إن زراعتها تتسم بالسهولة حيث لا تحتاج إلى مجهود من المزارعين ولا تحتاج إلى استئجار أنفار لخدمة المحصول، بالإضافة إلى أنه لا يتم استخدام المبيدات إطلاقا، وهو ما يشجع المزارعين على زراعتها بكثرة خاصة مع انتشار مكاتب التصدير بالقرية حيث وصل عددها إلى أكثر من 10 مكاتب.

ولفت يوسف إلى أن الملوخية لم تشغل أبناء القرية من الرجال فقط بل قضت على البطالة بين السيدات الذين يتجمعن بالمنازل ويقمن بقطف الملوخية، تمهيدا لبيعها للمصدرين.

أما قرية العجميين فيتفوق أبناؤها فى صناعة الكراسى والأقفاص والطاولات من جريد النخل، وهى المهنة التى يتوارثها أبناء القرية عن أجدادهم ويحاولون تطويرها حتى لا تندثر.

السيدات يصنعن الخوص
السيدات يصنعن الخوص

 

سيدات واطفال الاعلام
سيدات واطفال الاعلام

 

صناعة الخوص
صناعة الخوص

 

منتجات الخوص ببازارات السواقيمنتجات الخوص ببازارات السواقي

 


print