الإثنين، 13 مايو 2024 05:27 ص

محققون يكشفون دور قطر فى شراء ذمم وزراء وبرلمانيين وسياسيين لكسب النفوذ وغسل سمعتها.. باحث فرنسى: الدوحة سعت لأخذ دور رئيسى فى باريس على حساب الرياض

رائحة قطر الكريهة تنبعث من العاصمة الفرنسية

رائحة قطر الكريهة تنبعث من العاصمة الفرنسية رائحة قطر الكريهة تنبعث من العاصمة الفرنسية
السبت، 28 أكتوبر 2017 10:00 م
كتب مصطفى عنبر

وجهت السلطات الفرنسية صفعة على وجه قطر القبيح بعد أن كشف محققون فرنسيون دور قطر المشبوه فى باريس والذى عملت من خلاله الدوحة على شراء الذمم لكسب النفوذ والتأثير وغسل سمعتها الملوثة بالإرهاب.

وكشف موقع إلكترونى أوروبى واسع الانتشار عن تفاصيل مثيرة لنتائج تحقيق أجراه محققون خاصون بهدف فضح الوسائل المشبوهة التى استخدمتها قطر فى باريس من امتلاك عددٍ من الفنادق الفاخرة، وشراء ذمم رجال سياسة واقتصاد هناك.

ففى تقرير مطول نشره موقع «آيربورتيه» الإخبارى الأوروبى تحت عنوان «لعبة قطر طويلة الأمد فى فرنسا تحت المجهر»، كشف الكاتب «جويل رويه» رئيس مؤسسة «بريدج ثينك تانك» البحثية فى باريس عن «الوجه المظلم من استراتيجية معقدة لكسب النفوذ، تتبعها هذه الدولة محدودة المساحة جغرافيا.. فى فرنسا منذ عام 2005».

وعندما بدأت رائحة قطر الكريهة تنبعث من قلب العاصمة الفرنسية. أوعز النظام القطرى لمجموعة من أتباعه (مدفوعى الأجر) فى فرنسا لتشكيل جمعية تحت اسم "أصدقاء قطر" لتنظيم وقفات فى باريس بزعم تضامنها مع الشعب القطرى فى محاولة للتغطية على ما كشفته التحقيقات الفرنسية حول فساد النظام القطرى ودوره المشبوه فى فرنسا.

ولفت «جويل رويه» رئيس مؤسسة «بريدج ثينك تانك» البحثية فى باريس، إلى كتابٍ نشرته الصحفية الفرنسية «برنجير بونت» فى وقت سابق من العام الجاري، وفضحت فيه الاستراتيجية التى تتبعها قطر لغسل سمعتها وإخفاء وجهها القبيح، من خلال شراء ود العديد من الشخصيات البارزة فى فرنسا فى المجالين السياسى والاقتصادي، وهو الكتاب الذى حمل اسم «جمهورية فرنسا القطرية»، وأحدث كما يقول - كاتب المقال - زلزالاً سياسياً فى العاصمة الفرنسية.

وأبرز «رويه» حقيقة أن هذا الكتاب نُشر قبل اندلاع الأزمة الخليجية بسبب السياسات القطرية الطائشة، واستند إلى جهودٍ استقصائية استمرت لعدة شهور وشملت إجراء عشرات المقابلات، وكشف عن «استراتيجية علاقات عامة معقدة، تمارسها قطر، لكى تحول نفسها إلى قوة لا غنى عنها فى المشهدين السياسى والاقتصادى فى فرنسا».

ولم يغفل الكاتب الإشارة فى هذا السياق إلى الصدمة الشديدة التى أصيب بها القراء الفرنسيون، وهم يقرؤون كيف يقوم الكثير من ساستهم البارزين بالعديد من الرحلات الباذخة إلى الدوحة، التى تتحمل السفارة القطرية فى فرنسا خلالها التكاليف الخاصة بسفرهم وإقامتهم فى أفخم الفنادق.

كما لم يفت «رونيه» أن يُذَّكِر فى هذا الصدد بما ورد فى الكتاب من أن هؤلاء الساسة كانوا يحصلون قبل عودتهم إلى فرنسا على «ساعة فاخرة أو شيك تفوق قيمته 11 ألف دولار».

ويمضى المقال الذى نشره «آيربورتيه» - ذاك الموقع الذى يتخذ من بروكسل مقراً له - مُتصفحاً بعض ما ورد فى هذا الكتاب القنبلة من ذكرٍ لأسماء «وزراء ونواب فى البرلمان وعُمدٍ ومسؤولين بارزين من مختلف ألوان الطيف السياسى (الفرنسي) ممن استفادوا من عطايا حكام قطر».

ويقول الكاتب إن عمليات شراء الذمم هذه ترافقت مع استحواذ مؤسساتٍ قطرية على أسهمٍ فى شركات فرنسية كبرى، مثل مجموعة «مويت هنسى لوى فيتون» للمنتجات باهظة الثمن، وشركة «توتال» العملاقة للنفط، فضلاً عن مجموعة «لاجاردير» الإعلامية. ويُضاف إلى هذه الممتلكات بطبيعة الحال نادى «باريس سان جيرمان» لكرة القدم.

كما يبرز «رويه» ما كشف عنه كتاب «جمهورية فرنسا القطرية» من أن رئيس الوزراء القطرى السابق حمد بن جاسم شكّلَ «العقل المدبر» للاستراتيجية المشبوهة التى يتبعها النظام الحاكم فى بلاده فى فرنسا.

ويشير إلى ما وُصِفَ به «ابن جاسم» من قبل صحفٍ بريطانية من قبل بأنه «الرجل الذى اشترى لندن»، فى إشارة إلى وقوفه وراء العديد من الصفقات التى أبرمتها السلطات القطرية فى عاصمة الضباب.

ويؤكد مقال «رويه» أن رئيس الوزراء القطرى السابق ظل دائماً مُحاطاً بالكثير من الجدل. ويشير فى هذا السياق إلى ما كشفت عنه التسريبات المعروفة باسم «وثائق بنما» العام الماضى، من أن هذا الرجل استحوذ على شركاتٍ ذات أغراض مريبة وغير واضحة، فى جزر «فيرجين» البريطانية وجزر البهاما.

ويكشف الكاتب - وهو باحثٌ مرموق فى فرنسا - عن أن الآونة الأخيرة شهدت ظهور أدلةٍ جديدةٍ تفضح الأساليب التى استخدمها حمد بن جاسم ومن ورائه النظام القطري، خلال المراحل الأولى لـ«حمى الشراء»، التى سعت من خلالها الدوحة إلى أن تتحول إلى لاعب رئيسى فى فرنسا، وذلك عبر تقويض منافسيها الخليجيين الرئيسيين، وهم (المستثمرون السعوديون).

ويشير المقال فى هذا الصدد إلى أن النظام القطرى بدأ تفعيل هذه الاستراتيجية بمجرد فوز الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى بانتخابات الرئاسة التى أُجريت عام 2007، قائلاً إن أحد الأهداف الرئيسية للقطريين فى ذلك الوقت تمثل فى رجل الأعمال السعودى محمد بن عيسى الجابر، بوصفه كان يستحوذ على استثماراتٍ متعددة فى فرنسا.

ويُعرّف المقال الجابر بأنه مالك مجموعة «جيه جيه دبليو» للفنادق والمنتجعات التى تعمل فى العديد من الدول الأوروبية وبلدان منطقة الشرق الأوسط، مُشيراً إلى أن شراء هذا الرجل لمجموعة من الفنادق الفاخرة عام 2008 فى باريس ونيس بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 1.8 مليار دولار أمريكى بدا فى ذلك الوقت «عائقاً أمام الأجندة القطرية فى فرنسا».

ومن أجل تذليل هذا العائق، ينقل «رويه» عن المحققين الخاصين الذين تولوا البحث فى هذا الملف قولهم، إنهم اكتشفوا الطريقة التى تمكن من خلالها النظام القطرى من الاستحواذ على الفنادق التى كانت قد باتت بالفعل بحوزة المستثمر السعودي، بموجب الصفقة التى أبرمها فى هذا الشأن مع مجموعة «ستاروود» الأمريكية للفنادق والمنتجعات.

ويشير المقال إلى أن هؤلاء المحققين اكتشفوا «أدلةً ثمينة تُظهر أن القطريين استخدموا خدمات وسيط لبنانى الجنسية يُدعى سليم خورى لتحقيق هذا الهدف».

ومما يكشف عن وجود «صلات سرية» بين نظام الحكم القطرى وآل الأسد الذين يحكمون سوريا وتزعم الدوحة أنها مصممة على الإطاحة بنظامهم، تأكيد «رويه» فى مقاله على أن الوسيط خورى سبق وأن عمل لحساب رفعت الأسد عم الرئيس السورى بشار الأسد.

ونقل «رويه» عن مصدر قضائى فى لندن - لم يذكر اسمه لحساسية القضية - قوله إن المحققين الخاصين أطلعوا على «أدلة تفيد بوجود مراسلاتٍ بالبريد الإلكترونى بين خورى والمسؤول عن الديوان الأميرى لأمير قطر آنذاك (حمد بن خليفة)، وكذلك على زياراتٍ قام بها إلى الدوحة فى طى الكتمان».

وأشار المصدر إلى أنه ما من شك فى أن هذا الوسيط قوض تعاقد المستثمر السعودى مع المجموعة الأميركية للفنادق، بهدف فتح الباب أمام القطريين للاستحواذ على عددٍ من أفضل الفنادق.

وكشف المقال أيضاً عن أن هذا الوسيط رتب كذلك زيارةً قام بها باتريك بلكانى - السياسى الفرنسى المقرب من الرئيس السابق ساركوزى - إلى الدوحة، وهو ذاك الرجل الذى وصفه كتاب «برنجير بونت» بأنه «أحد أفضل أصدقاء قطر فى فرنسا».

 


print