الأحد، 12 مايو 2024 11:06 م

4 مطبات فى الطريق لموازنة البرامج والأداء..الدستور نص على الأبواب والبنود.. وموظفو الجهاز الإدارى يرفضون الرقابة على الإنفاق العام..وغياب التكلفة المعيارية والكوادر البشرية يؤجل التحول

هل الدستور يقف أمام تطبيق"البرامج والأداء"؟

هل الدستور يقف أمام تطبيق"البرامج والأداء"؟ هل الدستور يقف أمام تطبيق"البرامج والأداء"؟
الثلاثاء، 12 سبتمبر 2017 06:00 م
كتب عبد اللطيف صبح

تسعى لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب منذ بداية دور الانعقاد السابق لتطبيق أسلوب البرامج والأداء فى إعداد الموازنة العامة للدولة، وعلى الرغم من تلاقى رغبة الحكومة مع توجهات البرلمان فى هذا الشأن إلا أن الأمر لا يزال قيد البحث حتى كتابة هذه السطور.

 

 

وتمثل موازنة البرامج والأداء بأن يتم تحديد مجموعة من البرامج وأن يكون كل برنامج مجموعة أنشطة لكل نشاط مدخلات ومخرجات، وبالتالى يصبح من الممكن قياس كفاءة كل نشاط وكل برنامج بمقاييس ومؤشرات واضحة بعضها مالى والآخر غير مالى.

 

وتطالب تلك الموازنة الوزارات بتحديد الأهداف التى تسعى لتحقيقها خلال العام المالى المقبل والتى تتماشى مع استراتيجية الحكومة مع تحديد واضح ومحدد للبرامج المطلوب تمويلها من الموازنة العامة فى ضوء هذه الاستراتيجية والأهداف المحددة من كل وزارة، على أن يتم ربط هذه البرامج بالاحتياجات الحقيقية للمواطنين مع وضع معايير ومؤشرات واضحة ومحددة لقياس أثر تلك البرامج بما يضمن تحقيق الأهداف الموضوعة بأعلى كفاءة.

 

بدأت الرحلة بتشكيل لجنة فرعية من لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب لإعداد تقرير متكامل يتضمن تطبيق موازنة البرامج والأداء بموازنة العام المالى 2017 – 2018 بشكل تجريبى فى وزارت الصحة والسكان، والتربية والتعليم، والتعليم العالى والبحث العلمى، والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، التضامن، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ووزارة النقل، فى إطار منشور وزارة المالية فى هذا الشأن.

 

وعقدت اللجنة الفرعية لقاءات عديدة بممثلى وزارتى المالية والتخطيط على مدار دور انعقاد كامل، وبالفعل حققت نتائج ملموسة لكنها لم تكن كافية، حيث أكد خبراء المالية من مستشارى لجنة الخطة والموازنة، على أن ما حدث هو تطبيق شكلى وإدارى لموازنة البرامج والأداء وليس تطبيقا ماليا يعزز الرقابة على الإنفاق العام، وهو الهدف الرئيسى من التحول لموازنة البرامج والأداء.

 

واتضح من واقع جلسات اللجنة المستمرة بحضور ممثلى الحكومة أن مؤسسات الدولة تواجه عدد من الصعوبات والتحديات التى تعوق هذا التحول التاريخى، الذى أكد الخبراء من مستشارى لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان أنه من الممكن أن يستغرق ما يزيد على 15 عاما، ويأتى فى مقدمة تلك المعوقات غياب التكلفة المعيارية بالوحدات الحكومية، بالإضافة إلى عدم تأهيل الكوادر البشرية اللازمة لتطبيق النظام الجديد فى إعداد الموازنة.

 

التكلفة المعيارية

أكدت النائبة سيلفيا نبيل عضو لجنة الخطة والموازنة، على أنه لا يوجد آلية محاسبية لاحتساب التكلفة المعيارية بالشكل الصحيح، الأمر الذى دفع اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الخطة والموازنة إلى دراسة أن يتم تحديد برنامج واحد لكل وزارة من الوزارات كبداية لتطبيق أسلوب موازنة البرامج والأداء، على أن يكون للبرنامج تكاليفه المعيارية المستقلة.

 

وتُعد التكلفة المعيارية هى التكلفة التى تحدد مقدمًا على أساس علمى لقياس تكلفة وحدة، وتتم بتحديد تكلفة كل عنصر يدخل فى إنتاج الوحدة، ويجب ألا تزيد التكاليف الفعلية عن التكاليف المعيارية له، حتى لا تسبب فى خسائر وبالتالى تضر العملية الإنتاجية، وبالتأكيد حتى يكون هناك تطبيقا صحيحا وفعالا لموازنة البرامج والأداء فيجب حساب التكلفة المعيارية بشكل صحيح ودقيق، وهو الأمر الذى يفتقده الجهاز الإدارى للدولة.

 

 

الكوادر البشرية المدربة

كشف ممثلو وزارتى المالية والتخطيط خلال اجتماعات لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان عن الصعوبات التى واجهوها فى تعريف القائمين على إعداد موازنات الوزارات والوحدات والهيئات بنظام البرامج والأداء فى إعداد موازنة العام المالى 2017/2018، مما دفع وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى إلى إعداد نموذج موحد للوزارات التى طبقت هذا الأسلوب.

 

وأكد أعضاء البرلمان، على أنه عندما تتجه الدولة لتطبيق أسلوب جديد فى إعداد الموازنة العامة للدولة، فإن هذا يحتاج إلى كوادر بشرية مدربة فى كافة الوزارات والجهات والوحدات والهيئات التابعة لها، فموازنة البرامج والأداء أمر مستحدث على الجهاز الإدارى فى مصر.

 

وبناءً عليه أوصت اللجنة الفرعية بلجنة الخطة والموازنة بالبرلمان بضرورة تدريب الكوادر البشرية الشابة فى كافة الوزارات حتى يكون هناك مجموعة مستمرة فى كل وزارة للعمل على تطبيق أسلوب البرامج والأداء بشكل صحيح، وألا يكون تطبيقا شكليا وإداريا فقط.

 

المقاومة من موظفى الجهاز الإدارى

وفى هذا السياق أكد الدكتور كريم سالم، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، على أن التحول لنظام البرامج والأداء فى إعداد الموازنة العامة للدولة ليس اختراعا جديدا، لافتًا إلى أنه من الطبيعى أن تواجه الفكرة مقاومة من بعض موظفى الجهاز الإدارى للدولة لترسيخها مبدأى المسائلة والشفافية.

 

وأوضح عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن أسلوب موازنة البرامج والأداء، حال تطبيقه بشكل سليم، إلى تشديد الرقابة على الإنفاق العام وسد منافذ الفساد المتمثل فيما يُطلق عليه "حرق الموازنة"، عبر الانتهاء من صرف المخصصات المالية للوزارات والمحافظات والوحدات المحلية فى نهاية السنة المالية.

 

الأمر نفسه أثارته الدكتورة نهال المغربل نائب وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، فى آخر اجتماع للجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، حيث أكدت على أن الوزارة واجهت صعاب كثيرة فى التواصل مع العديد من الجهات، وأن البعض تجاهل إرسال تقارير المتابعة عن تطبيق البرامج والأداء بموازنة العام المالى 2018\2017.

 

تعارضها مع الدستور

سبق للدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، أنه حذر من تقديم الموازنة العامة للدولة فى شكل برامج وأداء، مؤكدًا على أن ذلك يُخالف نص المادة 124 من الدستور المصرى، لافتًا إلى ضرورة أن تترجم الموازنة العامة للدولة عندما تتحول لموازنة برامج وأداء إلى شكل أبواب وبنود حتى لا تصطدم بأزمة عدم الدستورية، حيث إن الدستور ينص بشكل واضح على موازنة البنود والأبواب.

 

ويصطدم حلم التحول لموازنة البرامج والأداء بدستور 2014، والذى نصت المادة 124 منه على أن الموافقة على الموازنة تكون بالموافقة بابا بابا، وبالتالى لا يمكن التحول من موازنة الأرقام إلى موازنة البرامج، إلا بعد تعديلها، وهو ما أكده الدكتور على عبد العال رئيس البرلمان فى جلسات مناقشة موازنة العام المالى الحالى.

 

 

ولا تُعد تلك المادة عقبة أمام التحول بسبب شكل الموازنة فقط، فقد اقترح الدكتور حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة، أن يتم ترجمة البرامج والأداء إلى شكل أبواب وبنود حتى تتفق مع الدستور، إلا أن العقبة الحقيقية هى أن الدستور لم يُلزم أى وزارة أو جهة بتقديم موازنة البرامج والأداء، مما يُعد بابا خلفيا للتهرب من تلك الموازنة.


print