الخميس، 23 أكتوبر 2025 10:50 م

"معلومات الوزراء" يستعرض تقرير منظمة العمل الدولية حول تأثير الرقمنة والذكاء الاصطناعي على سوق العمل في الدول العربية

"معلومات الوزراء" يستعرض تقرير منظمة العمل الدولية حول تأثير الرقمنة والذكاء الاصطناعي على سوق العمل في الدول العربية مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء
الخميس، 23 أكتوبر 2025 12:00 م
 
سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الضوء على التقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية (ILO) بعنوان "مواكبة التحوّل الرقمي وثورة الذكاء الاصطناعي في أسواق العمل العربية: الاتجاهات والتحديات والفرص"، والذي أكد أن الرقمنة والذكاء الاصطناعي، المدعومان بالاستثمارات وتدابير السياسات الفعالة، لهما تأثير إيجابي على الوظائف والنمو في منطقة الدول العربية، كما أبرز التقرير ضرورة اعتماد البلدان لسياسات شاملة لا تترك أحدًا يتخلف عن الركب في الانتقال إلى الاقتصاد الرقمي.
 
أكد التقرير أيضاً أن ما يقرب من 14.6% من الوظائف بالمنطقة (ما يعادل حوالي 8 ملايين وظيفة) يمكن أن تستفيد من التعزيز الناتج عن الذكاء الاصطناعي، حيث تُعزّز التكنولوجيا العمل البشري بدلًا من أن تُحلّ محلّه.
 
في المقابل، يُحتمل أن تُصبح حوالي 2.2% من الوظائف (ما يقارب 1.2 مليون وظيفة) في جميع أنحاء المنطقة مُعرّضة لخطر الأتمتة نتيجة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
 
وبحسب تقرير منظمة العمل الدولية، تستفيد دول مجلس التعاون الخليجي من مرونة اقتصادية نسبية وارتفاع معدلات التوظيف، غير أن أسواق عملها تبقى مجزأة بفعل الاعتماد الكبير على العمالة الوافدة والنفط.
 
وفي هذا السياق، تسعى هذه الدول إلى تنويع اقتصاداتها نحو قطاعات غير نفطية مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والسياحة، والطاقة المتجددة، إلا أنّ الحاجة لا تزال قائمة لمزيد من الجهود لتوسيع الفرص أمام المواطنين وتسريع وتيرة التقدم.
 
وأبرز التقرير أن التحول الرقمي يمثّل فرصة كبرى يمكن أن تعزز التنويع الاقتصادي والابتكار وخلق فرص العمل، لكنه في الوقت نفسه ينطوي على مخاطر واضحة. فإذا أُدير بشكل شامل، فقد يفتح المجال أمام تمكين النساء والشباب والفئات الهشة، أما إذا غابت البنية التحتية القوية والمهارات والحوكمة، فإن الرقمنة قد تؤدي إلى تعميق التفاوتات وتجزئة أكبر لسوق العمل.
 
بيّن التقرير أن دول مجلس التعاون الخليجي أحرزت تقدمًا ملحوظًا في استغلال الرقمنة لتقليل الاعتماد على النفط، مستفيدة من استثمارات ضخمة في التكنولوجيا والبنية التحتية ومنظومات الابتكار. وتتمتع هذه الدول بانتشار شبه شامل للإنترنت، وأنظمة متقدمة للأمن السيبراني، واعتماد واسع للخدمات الحكومية الإلكترونية. وتدخل التقنيات الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، في مجالات التجارة الإلكترونية والرعاية الصحية والتعليم والتكنولوجيا المالية، فضلًا عن دعم الابتكار في المدن الذكية والتقنيات الخضراء. ومع ذلك، تختلف وتيرة التقدم بين دول المجلس.
 
وأشار التقرير إلى أنّ الدول غير الخليجية تنظر إلى الرقمنة باعتبارها محركًا محتملًا للنمو والإدماج، خصوصًا عبر دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال وتعزيز الاندماج في سلاسل القيمة الإقليمية والعالمية. غير أن هذه الدول تصطدم بعوائق كبيرة مثل ضعف البنية التحتية، والفجوات في الأمن السيبراني، والاضطرابات السياسية والاقتصادية، رغم وجود نماذج مشجعة في الأردن ولبنان في مجالات التجارة الإلكترونية والمدفوعات الرقمية والخدمات العامة الإلكترونية.
 
لفت التقرير الانتباه إلى أنّ التكنولوجيا أعادت صياغة التوظيف على مدى العقود، حيث خلقت وظائف جديدة وألغت أخرى. واليوم، يعجّل التحول الرقمي السريع المدفوع بتطورات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الذكاء التوليدي والنماذج اللغوية الكبيرة، هذه التحولات بشكل غير مسبوق.
 
كما يسلط التقرير الضوء على تفاوتات حادة بين الفئات الديموغرافية، حيث تشغل النساء أكثر من ثلاثة أضعاف نسبة الوظائف المعرضة لخطر الأتمتة بسبب الذكاء الاصطناعي التوليدي (5.3%) مقارنةً بالرجال (1.6%)، وهو ما يعكس تركيز النساء في الأدوار المكتبية الروتينية. ومع ذلك، يُتوقع أن تستفيد النساء أكثر من غيرهن من إمكانات التمكين الناتجة عن الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث يُحتمل أن تُحسّن تقنيات هذا الذكاء 22.7% من الوظائف التي تشغلها النساء مقارنةً بـ 13% من الوظائف التي يشغلها الرجال. والجدير بالذكر أنه حتى بعد مراعاة إمكانات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية في خلق فرص عمل جديدة، من المتوقع أن تواجه النساء فرص عمل أقل بحلول عام 2035 ما لم توضع سياسات مُصمّمة لمعالجة أوجه عدم المساواة بين الجنسين ولتعزيز توظيف المرأة بشكل فعّال.
 
أوضح التقرير أنه من المرجح كذلك أن يستفيد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا من اعتماد الذكاء الاصطناعي، لا سيما في المهن الجديدة المعتمدة على التكنولوجيا، بينما يواجه العمال الأكبر سنًا الذين تزيد أعمارهم عن 55 عامًا مخاطر إقصاء أكبر بسبب تحديات إعادة تأهيل المهارات، كما تواجه فئات أخرى، مثل العمال ذوي المهارات المحدودة والمهاجرين واللاجئين والأشخاص ذوي الإعاقة، خطر التخلف عن الركب ما لم يحصلوا على دعم مُستهدف.
 
وأوضح التقرير في ختامه مجموعة من التوصيات، من بينها: ضرورة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وبناء قوة عاملة ماهرة وتعزيز التعلم المستمر، وتطوير نظم حماية اجتماعية وخدمات توظيف فعالة، وتحسين نظم معلومات سوق العمل، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مسار الرقمنة، مع وضع أطر تشريعية وتنظيمية شاملة، وتعزيز الحوار الاجتماعي، وأخيرًا توسيع التعاون الإقليمي والدولي في مجال الرقمنة والذكاء الاصطناعي.

الأكثر قراءة



print