الخميس، 25 سبتمبر 2025 03:52 م

معلومات الوزراء: 230.61 مليار دولار قيمة السوق العالمية للهيدروجين في عام 2024

معلومات الوزراء: 230.61 مليار دولار قيمة السوق العالمية للهيدروجين في عام 2024 مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار
الخميس، 25 سبتمبر 2025 10:55 ص
كتبت هند مختار
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً سلط من خلاله الضوء على دور الهيدروجين في تحول الطاقة العالمي، مستعرضاً أنواعه، وطرق إنتاجه، وحجم سوقه العالمية، بالإضافةً لدوره في التحول الطاقي والتحديات والفرص المرتبطة باستخدامه مستقبلًا، موضحاً أن الهيدروجين يؤدي دورًا رئيسًا في التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، من خلال استخدامه كبديل للوقود الأحفوري، بفضل قدرته على إزالة الكربون في العديد من الصناعات مثل النقل وتخزين الطاقة والصناعات الثقيلة؛ مما يجعل منه فرصة اقتصادية وتنموية كبرى، ولكن على الرغم من إمكاناته الهائلة، إلا أنه لا يزال يواجه تحديات فنية واقتصادية وتنظيمية تتطلب استجابات مبتكرة.
 
كشف التحليل أن قيمة السوق العالمية للهيدروجين بلغت قيمتها نحو 230.61 مليار دولار في عام 2024، ومن المتوقع ارتفاعها لتصل إلى نحو 1.66 تريليون دولار في عام 2050، وفيما يتعلق بالإنتاج العالمي منه، فقد شهد ارتفاعًا خلال الفترة (2020 - 2023)، إلى 97.3 مليون طن في عام 2023، مقارنةً بـ 90.2 مليون طن في عام 2020، بنسبة ارتفاع بلغت 7.9%، ومن المتوقع ارتفاع ذلك الحجم إلى 148.6 مليون طن في عام 2030.


 
أما على مستوى الطلب العالمي على الهيدروجين، فقد بلغ 97 مليون طن في عام 2023، بنسبة ارتفاع بلغت 2.5% مقارنة بعام 2022، وتركز بشكل أكبر في قطاعي التكرير والصناعات الكيميائية، ويعتمد بشكل رئيس على الهيدروجين المُنتج من الوقود الأحفوري.
 
وأوضح التحليل أن الهيدروجين يُعَد من أبسط وأكثر العناصر وفرة على الكرة الأرضية، ويمكن إنتاجه من مصادر متنوعة تشمل: الوقود الأحفوري، والطاقة النووية، والكتلة الحيوية، ومصادر الطاقة المتجددة، من خلال عدد من العمليات التكنولوجية المتنوعة. ويُستخدم الهيدروجين الناتج إما كوقود مباشر عبر الاحتراق، أو كناقل للطاقة في تطبيقات مختلفة، وهو ينقسم إلى أنواع مختلفة بناءً على طريقة الإنتاج ذاتها، ومستوى الانبعاثات المرتبطة به كما يلي:
 
-الهيدروجين الرمادي: والذي يُعَد من أكثر أنواع الهيدروجين استخدامًا، ويتم إنتاجه في الغالب من الغاز الطبيعي أو غاز الميثان عبر تقنية تُعرف باسم إصلاح البخار (steam reforming).
 
-الهيدروجين الأسود أو البني: ويستخدم الفحم الأسود (البيتوميني) أو البني (الليجنيت) في عملية صنع الهيدروجين، وهما الأكثر ضررًا بالبيئة؛ حيث لا يتم استعادة كل من ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون المتولد في أثناء عملية الإنتاج.
 
-الهيدروجين الأزرق: وهو الهيدروجين الناتج من تقنية (إصلاح البخار) عندما يتم احتجاز الكربون الناتج وتخزينه تحت الأرض باستخدام تقنيات التقاط وتخزين الكربون الصناعية (CCS). ويُعتبر هذا النوع من الأنواع المحايدة للكربون؛ بسبب عدم إطلاق الانبعاثات في الغلاف الجوي في أثناء الإنتاج. ومع ذلك، يرى البعض أن وصفه بـمصطلح (منخفض الكربون) هو تعبير أكثر دقة؛ إذ إن هناك نسبة تتراوح بين 10% و20% من الكربون الناتج خلال عملية الإنتاج لا يمكن احتجازها.
 
- الهيدروجين الأخضر: وهو الذي يُعَد من أبرز أنواع الهيدروجين التي يتم إنتاجها بطريقة محايدة مناخيًّا؛ مما يجعله عنصرًا مهمًّا في الوصول إلى الهدف العالمي المتعلق بصافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050؛ إذ يتم إنتاجه باستخدام الفائض من الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية أو الرياح، وذلك لفصل الماء إلى ذرات هيدروجين وأكسجين من خلال عملية التحليل الكهربائي.
 
- الهيدروجين الفيروزي: يتم إنتاجه عبر تقنية تُعرف بـ(التحلل الحراري لغاز الميثان)، والتي تنتج الكربون في صورته الصلبة، ويمكن استخدامه في مجالات مثل صناعة الإطارات وتحسين التربة، وما زال إنتاجه في طور التجريب والتطوير.
 
- الهيدروجين الوردي: يشبه الهيدروجين الأخضر من حيث إنتاجه عبر التحليل الكهربائي للماء، لكن الفرق يكمن في أن الطاقة المستخدمة في هذه العملية مصدرها المفاعلات النووية بدلًا من مصادر الطاقة المتجددة، كما يمكن الاستفادة من درجات الحرارة العالية الناتجة عن المفاعلات النووية في عمليات أخرى لإنتاج الهيدروجين، مثل توليد البخار لتحسين كفاءة التحليل الكهربائي بشكل أكبر.
 
- الهيدروجين الأصفر: يُنتَج من خلال التحليل الكهربائي للمياه باستخدام الطاقة الشمسية.
 
- الهيدروجين من الكتلة الحيوية: يتم إنتاجه باستخدام الكتلة الحيوية، مثل النفايات العضوية أو الزراعية. وبناءً على نوع الكتلة الحيوية وتوافر تقنيات احتجاز الكربون، يمكن أن تكون انبعاثات هذا النوع أقل بشكل كبير من تلك الناتجة عن الهيدروجين الأسود أو البني أو الرمادي.
 
ولا يُعَد الهيدروجين مصدرًا مباشرًا للطاقة، بل هو ناقل مرن لها، ويمثل قوة دافعة غير مسبوقة نحو تسريع التحول في قطاع الطاقة، وتعود فكرة اعتماده كناقل للطاقة إلى أزمة النفط في السبعينيات من القرن العشرين، حينما ظهر كحل بديل وواعد للوقود التقليدي، ثم تراجع الاهتمام به لاحقًا نتيجة التحديات المرتبطة بإنتاجه ونقله، وقد عاد الاهتمام به مرة أخرى في تسعينيات القرن العشرين من خلال المشروعات اليابانية مثل برنامج World Energy Network""(WE-NET)، والذي يهدف إلى بناء شبكة طاقة عالمية لتوفير ونقل واستخدام الطاقة المتجددة باستخدام الهيدروجين بفعالية.
 
ثم شهد انتعاشًا جديدًا منذ بداية الألفية مدفوعًا بالتحركات العالمية نحو خفض الانبعاثات؛ حيث أعيد تقييم دور الهيدروجين مع التركيز بشكل أكبر على الاستدامة البيئية، واعتباره أداة لإزالة الكربون من أنظمة الطاقة.
 
ويُمكن للهيدروجين المتجدد أن يُسهم بشكل كبير في إزالة الكربون من القطاعات التي يصعب تحويلها إلى أنظمة تعتمد على الكهرباء، مثل الصناعات الثقيلة والنقل، كما أنه يلعب دورًا محوريًّا في معالجة تقطع الطاقة المتجددة من خلال التخزين على نطاق واسع، وإمكانية النقل لمسافات طويلة. وتتمثل مشتقاته فيما يلي:
 
-الأمونيا المتجددة: تُنتج من الهيدروجين الأخضر والنيتروجين المستخرج من الهواء، ويمكن استخدامها كوقود نظيف، أو كناقل للهيدروجين، أو كمادة أولية في صناعة الأسمدة.
 
-الميثانول المتجدد (الإلكتروني أو الأخضر): يُصنع من الهيدروجين المتجدد وثاني أكسيد الكربون المُستخلص من مصادر حيوية أو المُلتقط مباشرة من الهواء، ويُستخدم كمادة خام للكيماويات الصناعية، أو كوقود نظيف في النقل البحري، أو كأساس لإنتاج وقود الطائرات (مثل تحويل الميثانول إلى وقود طائرات).
 
-الوقود الاصطناعي أو الإلكتروني (Synfuels or e-fuels): يُنتج أيضًا من الهيدروجين المتجدد وثاني أكسيد الكربون، ويمكن استخدامه مباشرة في محركات الاحتراق الداخلي أو التوربينات.
 
وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى أنه رغم الأدوار العديدة التي يؤديها الهيدروجين النظيف في عملية تحول الطاقة، فإن تعزيز وتوسيع نطاق تطبيقاته يواجه عددًا من التحديات، في حين تتيح آفاق الاعتماد المتزايد عليه مستقبلًا فرصًا واعدة.
 
وقد استعرض التحليل أبرز التحديات على النحو التالي:
 
-تعقد سلاسل القيمة للهيدروجين، ووجود حالة من عدم اليقين بشأن احتمالية ظهور استخدامات جديدة قد تغير من التنبؤ بحجم الطلب المستقبلي على الهيدروجين.
 
-ارتفاع تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر مقارنةً بتكلفة إنتاج الهيدروجين الرمادي الذي يتم إنتاجه بالوقود الأحفوري؛ حيث يكلف إنتاج الهيدروجين الأخضر ما بين (4 - 5) دولارات أمريكية لكل كيلو جرام من الهيدروجين، وهو ما قد يعادل ما بين الضعف إلى ثلاثة أضعاف من تكلفة إنتاج الهيدروجين الرمادي أو الأزرق المنتج من الغاز الطبيعي والمدعوم بتقنية احتجاز الكربون وتخزينه.
 
-تحديات تواجه المستثمرين، تتعلق بغياب الضمانات الكافية لضمان وجود مشترين فعليين وعلى استعداد لدفع أسعار مجزية مقابل المنتجات الخضراء، بالإضافة إلى صعوبة التمييز بين الهيدروجين الأخضر النظيف والهيدروجين الرمادي، نتيجة افتقار الأسواق إلى أنظمة معيارية وآليات موثوقة لإصدار الشهادات الخاصة بضمان الجودة والاستدامة البيئية؛ مما يعوق من عمليات التسويق، ويؤثر على الثقة لدى المستهلكين والمستثمرين على حدٍّ سواء.
 
-يُشكِّل الاعتماد على الهيدروجين المُنتَج من الوقود الأحفوري تناقضًا صارخًا مع الهدف العالمي لتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050؛ حيث لا يزال هذا النوع يُهيمن على الإنتاج العالمي؛ مما يؤدي إلى انبعاثات كربونية كبيرة. ففي عام 2023، بلغ إجمالي الإنتاج العالمي للهيدروجين نحو 97.3 مليون طن، كان منها 81.4 مليون طن (بنسبة 83.7%) مُنتجًا من الوقود الأحفوري دون استخدام تقنيات احتجاز الكربون، في حين جاء الهيدروجين الناتج كمنتج ثانوي في المرتبة الثانية بحجم إنتاج بلغ 15.3 مليون طن (15.7%)؛ مما يُظهر الحاجة الملحة إلى تسريع التحول نحو الهيدروجين الأخضر المعتمد على الطاقات المتجددة لضمان توافق صناعة الهيدروجين مع أهداف الحياد الكربوني.
 
كما استعرض التحليل أيضاً أبرز الفرص المستقبلية وهي على النحو التالي:
 
-التوجه العالمي المتزايد نحو تعزيز إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات: اتخذت الحكومات خطوات واسعة لتعزيز استخدام الهيدروجين منخفض الانبعاثات من خلال استراتيجيات واضحة. وحتى سبتمبر 2024 كان هناك 58 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، لديها استراتيجيات خاصة بالهيدروجين، وتستخدم معظم السياسات الحكومية الحالية أدوات تحفيزية في شكل منح وقروض وإعفاءات ضريبية، ووفقًا لما نشرته شركة الاستشارات الأمريكية (McKinsey & Company) بتاريخ 2 أكتوبر 2024، فقد تم الإعلان عن أكثر من 1400 مشروع هيدروجيني واسع النطاق على مستوى العالم، بقيمة 570 مليار دولار من الاستثمارات المباشرة، اعتبارًا من ديسمبر 2023.
 
-تزايد أهمية استخدام الهيدروجين المُنتج من مصادر الطاقة المتجددة في العديد من القطاعات لتحقيق الأهداف العالمية بصافي الانبعاثات: تتوقع شركة الاستشارات الأمريكية (McKinsey & Company)، أن يمثل الهيدروجين المُنتج من مصادر الطاقة المتجددة نسبة تتراوح بين 75% و90% من إجمالي الطلب العالمي على الهيدروجين بحلول عام 2050، كما تتوقع بأن تمثل صناعة الصلب القائمة على الهيدروجين ما يقرب من 20% من الانبعاثات التي يمكن تجنبها باستخدام الهيدروجين بحلول عام 2030، وأن يستحوذ قطاع الطيران على 15% من الطلب على الطاقة القائمة على الهيدروجين بحلول عام 2050.
 
-توقعات الوكالة الدولية للطاقة بشأن تغير هيكل الإنتاج العالمي للهيدروجين: وذلك بزيادة الكميات المنتجة من الهيدروجين المُنتج من مصادر الطاقة المتجددة؛ فمن المتوقع أن تنخفض نسبة الإنتاج العالمي من الهيدروجين المنتج من الوقود الأحفوري بدون تقنية احتجاز الكربون إلى 46.6% من إجمالي إنتاج الهيدروجين بمختلف مصادره في عام 2030، مقابل 83.7% من إجمالي الإنتاج في عام 2023، في حين يُتوقع زيادة نسبة الهيدروجين المنتج من الكهرباء والوقود الحيوي إلى 33.2% في عام 2030 مقارنةً بـ 0.1% في عام 2023.
 
وأشار مركز المعلومات ودعم القرار إلى أن الهيدروجين رغم التحديات الراهنة يظل أحد أركان تحول الطاقة العالمي، خاصةً مع تزايد أهمية استخدامه في العديد من القطاعات، لكن استمرار نجاحه يتطلب تعاونًا دوليًّا لوضع معايير مشتركة لضمان الجودة والاستدامة البيئية وتمويل المشروعات الدولية الكبرى، بالإضافة إلى تكثيف الاستثمار في البحث والتطوير لتحسين كفاءة التخزين والنقل.

الأكثر قراءة



print