كتب- هاشم الفخراني
قالت الدكتورة نرمين صلاح القماح مدرس اللغة العبرية الحديثة بكلية الألسن بجامعة عين شمس إن ردود الفعل الإسرائيلية على حادثة سيدني تعكس نمطًا مألوفًا في الخطاب السياسي–الأمني الإسرائيلي إزاء أحداث العنف التي تُصنَّف بوصفها «إرهابية» وذات طابع معادٍ للسامية، حتى عندما تقع خارج المجال الجغرافي للصراع المباشر في الشرق الأوسط. فقد ساد في هذه الردود ميل واضح إلى إعادة تأطير الحدث بوصفه تهديد إرهابي عابر للحدود.
وأضافت "القماح" في تصريحات لـ"اليوم السابع" أنه من الناحية الخطابية، يمكن ملاحظة تركيز إسرائيلي على البعد الأيديولوجي للهجوم، ولا سيما توصيفه كجريمة كراهية ومعاداة للسامية، وهو توصيف ينسجم مع سياسة إسرائيل الخارجية في السنوات الأخيرة، التي تسعى إلى تدويل مفهوم معاداة السامية وربطه مباشرةً بقضايا الأمن القومي العالمي. ويؤدي هذا الربط وظيفة مزدوجة: فمن جهة، يُكسب الموقف الإسرائيلي بعدًا أخلاقيًا وإنسانيًا قائمًا على التضامن مع الضحايا، ومن جهة أخرى، يتيح توظيف الحادثة في تعزيز شرعية المقاربات الأمنية الصارمة التي تعتمدها إسرائيل داخليًا.
كما تُظهر هذه الردود نزعةً إلى إبراز الخبرة الإسرائيلية في مجال مكافحة الإرهاب، سواء بشكل صريح أو ضمني، عبر الإشادة بالتعاون الدولي أو التلميح إلى أهمية تبادل الخبرات الأمنية. ويعكس هذا التوجه رغبة إسرائيل في ترسيخ صورتها كفاعل مركزي في منظومات الأمن العالمي، مستفيدة من أحداث عنف تقع في دول مستقرة نسبيًا مثل أستراليا لإبراز هشاشة الأمن في المجتمعات المفتوحة.
وتابعت أن الخطاب الإسرائيلي في حالات مشابهة غالبًا ما يسعى إلى الربط الضمني بين دعم الحقوق الفلسطينية أو الاعتراف السياسي بها وبين تصاعد ما يُوصف بمعاداة السامية أو الإرهاب، لأنه يخلط بين مواقف سياسية مشروعة في إطار القانون الدولي، وبين أفعال عنف إجرامية تقع ضمن سياقات اجتماعية وأمنية محلية خاصة. وفي هذا الإطار، قد يُستثمر حادث سيدني لتعزيز سردية مفادها أن أي انفتاح سياسي على القضية الفلسطينية في الدول الغربية قد يفضي، بشكل غير مباشر، إلى تهديد السلم الاجتماعي أو أمن الجاليات اليهودية، رغم غياب أدلة حقيقية تثبت مثل هذه العلاقة السببية.
كما أن إدخال ملف الاعتراف بدولة فلسطين في تفسير الحادثة يعكس تسييسًا للأمن، حيث تتحول المأساة الإنسانية إلى أداة في الصراع على الشرعية الدولية. فبدل النظر إلى الهجوم في سياقه الأسترالي الداخلي—من حيث قضايا التطرف الفردي، والعنف المسلح، وسياسات السلاح—يجري نقله إلى ساحة الصراع الدولي، بما يخدم أجندات سياسية إسرائيلية.